الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

الأخبار

"دراسة أزهرية" تكشف نسبة التراجع في العمليات الإرهابية بسوريا والعراق

 العمليات الإرهابية
العمليات الإرهابية بسوريا والعراق
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في إطار تفعيل لدورها الفكري في مواجهة الإرهاب، أبرزت المراصد التابعة للأزهر والإفتاء، تقريرين حول الأداة الإعلامية لداعش، ومدي التراجع الذي شهده العامين الأخيرين، مؤكدة ضعف دور الإعلام الداعشي، وانخفاض كمية ونوعية المنشورات التي يروجها التنظيم.
وأوضح مرصد الأزهر، في أحدث دراسة له، بعنوان " هل ترنحت الآلة الإعلامية لداعش"، أن التنظيم ليس إطارًا مؤسسيًا أو نظامَ حكم، إنما هو نموذج لظاهرة أيديولوجية واقعية كانت موجودة قبل قرون، هذه الظاهرة تمثلت في «الخوارج»، وما تركوه من فكر منحرف ورثه الدواعش وأخواتهم، ولذلك لا يمكن الاحتفال بهزيمة هذا التنظيم قبل اقتلاع جذوره وتجفيف منابعه الفكرية.
وقدم المرصد من خلال الدراسة قراءة تحليلية حول منظومة داعش الإعلامية التي مرت بمراحل مختلفة من القوة والضعف والتراجع، تسبب فيه فقدان التنظيم عددًا كبيرًا من موارده ومعظم الأراضي الواقعة تحت سيطرته حيث تم توجيه عدد من الضربات العسكرية له عامي 2016 و2017، وحتى تسطير هذه الدراسة، مما أدى إلى انخفاض تدريجي كبير، الأمر الذي أثّر على آلة داعش الإعلامية كمًا وكيفًا.
ولفت إلي إن بداية العمل البحثي في هذه الدراسة كان منصبًا على ضرورة معرفة العلاقة بين داعش والإعلام، ومدى تأثير الأخير في إقناع الآلاف المقاتلين بالانضمام إلى هذا التنظيم الدموي، ونقصد بالإعلام -هنا- تلك الترسانة الإعلامية الضخمة والمنظمة التي فوجئ العالم بأن الدواعش يمتلكونها، مشددًا أن داعش لم يشبه منذ ظهوره نظراءه من التنظيمات الإرهابية المتطرفة التي سبقته؛ بل أخذ منحىً آخرَ بداية من طرق القتل المتوحشة والاغتصاب والانتهاكات غير الآدمية، وصولًا إلى تفرده بترسانة إعلامية ضخمة ومنظمة نجحت في استقطاب المقاتلين من الشرق والغرب على السواء، مما جعل هذا التنظيم الإرهابي الأولَ –على مدار التاريخ- الذي اتخذ من التسويق سلاحه الأقوى، ومن الأعلام السوداء والسجناء ذوي الرداء البرتقالي علامة تجارية معروفة تظهر في المقاطع المصورة التي ينتجها التنظيم.
وتابع، ركزت استراتيجية داعش الإعلامية في المقام الأول على الترويج لأفكاره وإقناع الناس بها والدفاع عن سمعته، إضافة إلى خلق صورة ذات تأثير مزدوج قادرة على الجذب والإرهاب في الوقت ذاته، وقد وجدنا أن المستهدف الأول لـ«آلة داعش الإعلامية» هم الشباب، الذي يسعى التنظيم إلى استقطابه وضمِّه إلى صفوفه القتالية، بجانب جذب مزيد من الأتباع، أما المستهدف الثاني فهم عامة الجمهور ممن يهدف التنظيم إلى إثارة شعور واسع النطاق بالخوف وانعدام الأمن لديهم، فهذا دون شك يصب في مصلحة الدواعش أيضًا.
وأوضح عملت الدعاية الإعلامية الداعشية على تحسين صورة التنظيم وتبرير جرائمه الوحشية، وتصويره على أنه حامل لواء الخلافة، فضلًا عن تأكيدها الدائم بأن التنظيم «دولة قائمة بذاتها»، تملك جهازًا إعلاميًا ضخمًا يعتمد عليه كأحد أقوى أسلحته، الأمر الذي دفع العديد من الخبراء المعنيين بالحركات الإرهابية لمناقشة قضية الدعاية الإعلامية لداعش منذ نشأته حتى إنهم أكدوا على أن التنظيم سوف يتبع أساليب جديدة ليستجمع قواه مرة أخرى بعد سقوطه في العراق وأجزاء كبيرة في سوريا.
وشددت الدراسة علي أن داعش منذ ظهوره عام 2014، وإعلانه دولة الخلافة المزعومة، نجح من خلال استراتيجية إعلامية مدروسة في الترويج لأفكاره، واستقطاب الآلاف المقاتلين، معتمدًا في هذا على إنتاج مقاطع فيديو عالية الجودة ومواكبة لأحدث التقنيات الإعلامية العالمية، إضافة إلى طباعته لعدد من المجلات، ونجاحه في اختراق مواقع التواصل الاجتماعي واتخاذها نافذة للوصول إلى أكبر عدد ممكن من مستخدمي هذه المواقع، موضحًا أنه لوحظ انخفاض كبير في حجم المحتوى الداعشي المنشور، إضافة إلى رداءة جودته - خاصة في جودة الفيديوهات والصور، غلبة النغمة الدفاعية على الإصدارات الأخيرة، وتأخر التنظيم في إصدار البيانات التي يتبنى فيها مسؤوليته عن الهجمات التي يُنفذها، إلي جانب المبالغة في الأسلوب وعدم الدقة في عرض المعلومة، مثلما كان يحدث في الماضي، وارتكاب سقطات في الترجمة؛ خاصة في الترجمة من العربية إلى اللغات الأجنبية.
وعن دور المواجهة العسكرية شددت الدراسة علي أنها ساهمت في فقدان داعش الأراضي التي كان يسيطر عليها في سوريا والعراق، وهو ما أدى إلى انخفاض التواجد الإعلامي للتنظيم، وتغير رسالته الترويجية وفقًا للمتغيرات التي طرأت في المدن التي يسيطر عليها، إلي جانب مقتل العديد من قياداته البارزين في هذا المجال وهم " أبو محمد العدناني، وكان يشغل منصب وزير الإعلام، وائل عادل حسن سلمان الفياض، المعروف بـأبو محمد الفرقان، وشغل منصب وزير الإعلام بتنظيم داعش في العراق والشام، أحمد أبو سمرة، ويعرف أيضًا باسم أبو سليمان الشامي، وهو فرنسي المولد وأمريكي النشأة؛ احتفظ بالجنسية الأمريكية والسورية.
بينما سجل مرصد الافتاء في تقرير له العديد من المفارقات والتحولات عند دراسة العمليات الإرهابية للتنظيم خلال شهر رمضان في عامَي2017 / 2018، حيث كان التنظيم في رمضان 2017 قد استهدف عدة مناطق على رأسها (إنجلترا، العراق، سوريا، إسرائيل، مصر، أفغانستان، الفلبين، إندونيسيا، الجزائر، الصومال، إيران، تونس، اليمن،أستراليا) بينما استهدف في رمضان 2018 خريطة أخرى شملت (بلجيكا، فرنسا، روسيا، كشمير، باكستان، العراق، سوريا، اليمن، ليبيا، نيجيريا، الصومال، إندونيسيا، تونس، مصر، الفلبين).
ولفت التقرير إلى توجه التنظيم لتبني نهج جديد يعتمد على كثافة العمليات الانتحارية في جبهات مفتوحة خارج سوريا والعراق وتأسيس خريطة جديدة للإرهاب تعمل على تشتيت الجهود الدولية وتعويض خسائره في الشرق الأوسط، وهو ما نتج عنه تراجع العمليات الإرهابية في العراق بنسبة 55% وفي سوريا بنسبة 80%. كما شهدت الفلبين تراجع العمليات الإرهابية من 21 عملية إرهابية في 2017 إلى هجومين في 2018. كما شهدت مصر في ظل العملية سيناء تراجعًا أكبر في العمليات الإرهابية خلال رمضان 2018.
وبينما زعم تنظيم داعش تبنيه تنفيذ هجمات منسقة كبيرة في المملكة المتحدة وإسرائيل وإيران في العام الماضي، لم تدَّعِ المجموعة وقوع مثل هذه الهجمات غير التقليدية في رمضان الماضي.
واختتم بالإشارة إلي أن التنظيم بحث عن طوق نجاة جديد بعد خسائره الفادحة في العراق وسوريا إلى محاولة تكوين طوق جغرافي جديد لفروعه ونشاطاته في مناطق وأقاليم متباعدة، وتعتمد استراتيجيته في التوسع على محورين أساسيين؛ هما التوسع في مناطق الاضطرابات والصراعات الأهلية وعلى رأسها أفغانستان والصومال، وتكثيف الهجمات العشوائية في المناطق الآمنة والمستقرة بغية تهديد الأمن والسِّلْم بها ومحاولة تجنيد عناصر جديدة له في تلك المناطق.