الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

رئيس المركز القومي للسينما لـ"البوابة نيوز": "الشركة القابضة" حلم طال انتظاره.. "عبدالجليل": هدفنا تحويل "الثقافة" لوزارة تضيف للدخل القومي بالإنتاج الإبداعي

الدكتور خالد عبدالجليل
الدكتور خالد عبدالجليل في حواره لـ البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أثار ظهور الشركة القابضة للاستثمار فى المجالات الثقافية والسينمائية للنور منذ أيام مضت، ترحيبًا كبيرًا من المثقفين حول هذه الخطوة التى تأخرت كثيرًا، ولكن ظهر عدد كبير من التفسيرات والتأويلات لبعض المثقفين والمتخصصين حول طبيعة عمل الشركة ودورها وأهدافها وغير ذلك مما يتعلق بها من أمور أخرى.
وهو ما دفعنا لإجراء هذا الحوار مع الدكتور خالد عبدالجليل، رئيس المركز القومى للسينما ومستشار وزير الثقافة لشئون السينما، والذى قطع شوطًا كبيرًا لإنشاء هذا الكيان الجديد، إلى أن جاءت الدكتورة إيناس عبدالدايم، وزيرة الثقافة، وعبر خطوة جريئة تردد فى اتخاذها كثير من وزراء الثقافة السابقين؛ حققت حلم الكثير من العاملين فى الحقل الثقافى بهذه الشركة، التى ستحلق فى فضاء جديد تمامًا يمكن أن يغير شكل الوزارة خلال الفترة المقبلة؛ فإلى نص الحوار..



■ ما طبيعة عمل الشركة القابضة للصناعات الثقافية والسينما؟ 
- فى البداية يهمنى أن أوضح بعض الأمور المهمة التى قد تكون غابت عن كثير من المتابعين حول هذه القضية، ويبدو أن بعض المثقفين والسينمائيين وقعوا فى خلط بين الشركة القابضة للصناعات الثقافية، وشركة السينما، لذا دعنى أوضح أن الشركة القابضة للصناعات الثقافية هى شركة رئيسية يندرج تحتها مجموعة من الشركات التابعة لها، ستبدأ بشركتين، واحدة للسينما وثانية للصناعات والحرف التقليدية، ومن المقرر أن تضم شركة السينما كل أصول السينما التى كافح السينمائيون سنوات طويلة لاستعادتها من وزارة الاستثمار، وستتعدد مجالاتها ما بين الإنتاج والتوزيع وغيرها.
والجديد فى الأمر أن الدكتورة إيناس عبدالدايم، وزير الثقافة، أصدرت قرارًا وزاريًا رقم ٣٩٣ لسنة ٢٠١٨ بإصدار لائحة النظام الأساسى للشركة القابضة، وتم نشر القرار الوزارى بالوقائع المصرية بالعدد رقم ١٣٣ تابع بتاريخ ١٠ يونيو سنة ٢٠١٨.


■ وكيف ترى هذه الخطوة؟
- هذه الخطوة حلم كبير للسينمائيين، وهى من وجهة نظرى نقلة نوعية وتاريخية أقدمت عليها الوزيرة، فيما يتعلق بمفهوم وطبيعة عمل الوزارة، فقد ظلت عدة جهات تنتج أعمالًا ثقافية، وتصل إلى المتلقى مباشرة بشكل خدمى وبدائى لا يتخذ شكلًا احترافيًا فى صناعة الثقافة.
ولذا طرحنا على أنفسنا سؤالًا حول كيفية تحويل المنتج الثقافى إلى منتج تجارى واقتصادى فى نفس الوقت، بحيث نستطيع أن نستفيد من هذا الشكل سواء كان الفيلم أو المسرحية أو اللوحة أو الكتاب، وكذلك الأصول الثابتة مثل المسارح والسينمات والبلاتوهات، وكل ما تملكه وزارة الثقافة من أصول وما تنتجه من منتجات، عليها أن تخرج من فكرة المنتَج الذى يصل للمتلقى، إلى منتَج يدخل فى عمليات اقتصادية عبر عملية احترافية مثل طريقة التصنيع والتسويق والعرض والنشر، ليتحول إلى منتج اقتصادى وتجارى يدر ربحًا وفيرًا، كما يحدث فى كثير من دول العالم.
وستتحول وزارة الثقافة من وزارة خدمية إلى وزارة تضيف للدخل القومى، خاصة أن المنتج المصرى ثرى جدًا حتى على مستوى تراثه السينمائى أو المسرحى أو الأدبى يمكن أن يدخل فى منظومة اقتصادات التراث، وسط آليات تجارية معينة وبأساليب تسويق معينة.


■ ما الخلل الذى ستعالجه الشركة الجديدة؟
- لدينا فلسفة واستراتيجية كاملة تم وضعها قبل إنشاء الشركة، مثل توفير فائض مالى لإعادة هيكلة البنية التحتية للوزارة وإصلاحها، بدلًا من انتظار موازنة الدولة، كذلك الاستفادة مما تملكه الدولة من أصول، فكيف يمكن لمؤسسات الوزارة التى تضيع حوالى ٩٠٪ من ميزانيتها فى رواتب للموظفين أن تستفيد من أصولها بشكل كافٍ، لأن أغلب الأصول تظل بعض شهور العام دون استغلال لعدم توفير موازنة كافية للإنتاج، فالمسارح مثلًا كانت تتوقف عدة أشهر لعدم وجود موارد للإنتاج، وبالتالى يمكن أن تدخل الدولة فى شراكة مع بعض القنوات الفضائية التى تشترى مواسم مسرحية كاملة مقابل ضخ موارد كافية لإنتاج مزيد من الأعمال المسرحية التى تذاع عليها، ما يحقق للوزارة انتشارًا أكثر، وتكون عروضها الراقية فى مواجهة بعض العروض الهابطة التى تملأ الحياة ليل نهار.
وكذلك كيف يمكن أن تتحول مطابع هيئة الكتاب إلى مطابع تجارية يمكن أن تحقق أرباحًا كبيرة للهيئة بالشراكة والطباعة للقطاع الخاص، وهى مطابع لا مثيل لها فى مصر، وكل هذه الأمثلة لتبسيط دور وأهداف الشركة والجانب الذى سوف تقوم بمعالجته. 


■ هناك تخوف من أن تتجه الوزارة إلى البحث عن الأرباح بدلًا من دورها الثقافى المعهود؟
- هذا السؤال يطلقه بعض أصحاب الفكر التقليدى والمقولب، فهناك من يربط بين الربح بالإسفاف، والخسارة بالقيمة، فتحقيق الربح ليس معناه أن تقدم منتجًا هابطًا، فالربح معناه كيف تجيد تسويق منتجك الجيد بحيث يصل إلى أكبر عدد من الجمهور المتاح، وبالتالى تستفيد منه وتربح.
وسأضرب مثالًا مما كنا نعانى منه سينمائيًا، ففيما مضى، إذا عرض علينا فيلمًا جيدًا، لم نكن نستطيع أن نساعده إلا بتقديم جزء من الدعم له، ثم يعانى المخرج لمدة تقترب من ٣ أعوام لإيجاد منتج مشارك، وإذا وجده لا يستطيع إيجاد موزع، وإذا وجد الموزع لا يستطيع المنافسة فى السوق بسبب آليات التوزيع، أما الآن فلدينا الشركة التى تستطيع دعم الأفلام لوجيستيًا من خلال ما تملكه من بلاتوهات وأصول ودور عرض وكاميرات تصوير ومونتاج وغيره إلى أن يتم فرضه بين دور العرض من خلال ما نملكه من سينمات.
وحتى لو تم الاتفاق على إدارة القطاع الخاص لبعض الأصول مما سبق ذكره، فإننا سنضع بنودًا تمكننا من الاستفادة من الأفلام الجيدة، ومن هنا نستطيع أن نساند الفن الجيد ومساندة الأعمال المحترمة، وهذا المثال ينطبق على الحرف التراثية والمسرح والطباعة، فآلاف الكتب المخزنة فى المخازن لو وجدت آليات تسويق جيدة لما ظلت هكذا، ومن هنا تأتى أهمية هذه الشركة المعنية بتسويق المنتجات الثقافية.


■ أين مدينة السينما من مشروع الشركة القابضة؟
- هذا مشروع، والشركة القابضة مشروع آخر، فأنا عملت مستشارًا للسينما منذ ٢٠١٤، وكنت أعمل على ملفات كثيرة، منها ملف الشركة القابضة، وملف مدينة السينما، وملف إعادة هيكلة المركز، وملف إعادة الأصول بشكل عام، وملف إعادة هيكلة الرقابة.
والدكتورة إيناس عبدالدايم فتحت كل هذه الملفات، وفى أقل من ٦ شهور، وأصبحنا على بعد أمتار من إعلان قطاع السينما، وعلى بعد أمتار من افتتاح المبنى الجديد للرقابة على المصنفات الفنية وإعادة هيكلتها.
وأن يظهر النظام الأساسى للشركة القابضة، فأنا أشعر فى حركة وزيرة الثقافة فى ملف السينما والتى تديره فى صمت وحماس، وكأنها تعزف مقطوعة موسيقية، لأنها فجأة تسأل عن مشروع المركز وتحيله للمستشار القانونى لاستكمال الإجراءات، والملف الآن متوقف على اعتماد جهاز التنظيم والإدارة، والرقابة ضخت بها ٣ ملايين جنيه، لنعيد المبنى ونقوم بإنشاء مبنى جديد، وقريبًا سيكون منتهى، والقوات المسلحة تعمل به منذ ٤ أشهر وواصلت العمل خلال شهر رمضان، وبدأنا نفصل ميزانية الرقابة عن الديوان العام، ونحاول أن نصنع من الرقابة وحدة خاصة لنرتقى بالمستوى المعيشى للرقباء، لأنهم يبذلون مجهودًا خرافيًا ومستواهم متميز وعددهم قليل جدًا.


■ وماذا عن مستوى الحفاظ على التراث السينمائي؟
- فى الأيام المقبلة، وفما يخص ملف الحفاظ على التراث سوف نبدأ إنشاء «السينما تك»، وهناك خطوات شديدة القوة وشديدة الجرأة والحماس اتخذتها وزيرة الثقافة خلال الأيام الماضية وستعلن قريبًا.
ومشروع مدينة السينما والذى ندفع من خلاله فى جميع الاتجاهات والمؤسسات، للحفاظ على التراث، والحفاظ على التراث سيكون تحت مظلة المركز القومى للسينما، مثل أى مكان فى العالم.


■ ألا يمكن أن يكون هناك خلط بين المركز القومى للسينما والشركة القابضة للسينما؟
- الشركة، هى شركة استثمارية تجارية بالمعنى الأنيق، والتى يتم من خلالها عمل ترويج تجارى واقتصادى لقيم ثقافية ومنتجات ثقافية حقيقية، وليست منتجات هابطة، وبالتالى ننظر لها من منظور استثمارى، وننظر للمنتجات الثقافية من خلالها منظور آخر حول كيف نسوقها ونقدمها للبيع ونحقق منها الربح.
أما المركز فهو مظلة السينما لكل ما له علاقة بالدولة، وهذا المركز الذى تحول على مدى سنوات إلى كيان كرتونى لا عمل له، بدأنا الآن فى تحويله فى هيكله الجديد إلى لاعب رئيسى، بحيث يكون مسئولًا عن توزيع الدعم فى الهيكل الجديد للمركز، مثل جميع دول العالم.
وسنقلل من فكرة الدعم المجانى لندخل إلى دعم الإنتاج والإنتاج المشترك، لأن الشركة ستنتج أفلامًا، وسندخل بفلسفة الدعم إلى منطقة جديدة، فمشاكل صناعة السينما التى يتحدث عنها صُناع السينما طوال الوقت إذا حصرناها، سنجدها فى الدعم والتصاريح وحماية الفيلم المصرى والمهرجانات، والمشكلة هنا أنه لا يوجد مركز سينمائى حقيقى، لأن أى مركز سينمائى حقيقى فى العالم كل هذه الأمور تابعة له، وبالتالى مجالس إدارة مراكز السينما حينما تكون قطاع سينما، أو جهاز سينما أو مؤسسة قوية على الأرض، تضع استراتيجياتها، أما أمور السينما حينما تكون لقيطة مثل أن تجد الدعم فى مكتب الوزير، وأخرى من الصندوق، مرة لجنة عليا للمهرجانات، فتجد نفسك فى سياق عشوائى، لأنك ليس لديك مؤسسة حقيقية، تقوم بالتوازنات بين الدولة والصناعة فى كل ما يتعلق بالسينما، وبالتالى بدأنا فى إجراءات إنشاء قطاع للسينما.


■ وما آخر الخطوات فى هذا الاتجاه؟
- آخر خطاب منذ أيام قليلة صدر من مكتب الوزيرة إلى رئيس هيئة التنظيم والإدارة، ينص على الهيكل المعدل طبقًا لآخر تعديل لإدارة التنظيم، وينص على «دعم الخدمات الإنتاجية وتصوير الأفلام ودعم التواصل الدولى والمهرجانات ومراقبة الجودة، والتراث السينمائى، ومتحف السينما، والأرشيف، والسينما تك».
إذن، إذا كنا فى الحوارات السابقة نتحدث عن أحلام كانت مجمدة، فنحن فى أقل من ٦ شهور مع وزيرة الثقافة حركنا كل الملفات على الأرض، فخلال الأسبوع الماضى ظهرت الشركة القابضة، وخلال أسبوعين على الأكثر سنجد أكثر من ملف منها قطاع السينما، والحفاظ على التراث، والرقابة، وحتى فيما يتعلق بالسينما، ووحدة تنمية صناعة السينما، ستكون تحت القطاع الجديد للسينما، وسنجد هنا خطابًا صدر من وزيرة الثقافة لوزير المالية لطلب ٥٠ مليونًا لدعم صندوق السينما، وأود أن تشيرا فى الحوار إلى أنكما اطلعتما على هذا الخطاب على مكتبى بالفعل.


■ هل دخلت السينما المصرية مرحلة جديدة بإنشاء الشركة القابضة وقطاع السينما الجديد؟
- لدينا أربعة روافد، هى إنشاء الشركة القابضة، وتحويل المركز إلى قطاع مثل أى مركز سينمائى فى العالم، وإعادة هيكلة الرقابة، ومشروع مدينة السينما، وهذه الملفات الأربعة تنقل صناعة السينما فى منطقة أخرى بعلاقتها بوزارة الثقافة، بالإضافة إلى أن إنشاء الشركة القابضة للصناعات الثقافية بشكل عام يطور من مفهوم العمل داخل وزارة الثقافة، فمفهوم العمل نفسه سيتغير، فأنت تنقل الوزارة نقلة من كونها مجرد وزارة تُقدم خدمات بأليات فقيرة إلى تغيير آليات الصناعة وتطوير المنتج وتقديمه والوصول إلى جودته، وفى حالة جودته سيصل للمواطن المستهدف بسهولة، وهذه مرحلة أخرى، وكأنها طور جديد من أطوار الصناعة الثقافية والسينمائية فى مصر.


■ وما الخطوة المقبلة بخصوص الشركة؟
- من المتوقع أن تنهى وزيرة الثقافة إجراءات تشكيل الجمعية العمومية ومجلس الإدارة للشركة القابضة، ثم تجتمع الجمعية العمومية للشركة القابضة، وتعتمد مجلس الإدارة، ومن ثم يجتمع المجلس ليُعين الجمعيات العمومية للشركتين التابعتين ومجالس إدارتهم، ثم تبدأ الشركات فى ممارسة عملها.