السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

مستقبل الاتفاق النووي.. خروج الشركات الأوروبية من السوق الإيرانية يعني إلغاءه.. الانسحابات تخدم روسيا والصين.. وطهران تحاول وقف الهروب الكبير

مستقبل الاتفاق النووى
مستقبل الاتفاق النووى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أدى التوصل إلى الاتفاقية النووية الإيرانية فى عام 2015 إلى حركة تدفق واسعة نسبيًا من قِبل الشركات الأجنبية، خاصة الأوروبية، إلى السوق الإيرانية.
من الواضح أن هذه الشركات الأوروبية كانت تعتقد أن الاتفاقية النووية والاستقرار الإقليمى والسياسى فى العلاقات ما بين الدول الغربية وإيران سيدوم لفترة طويلة، وإلا ما كانت لتغامر مغامرة اقتصادية خطرة كهذه باستثمارها فى السوق الإيرانية. ولم يكن عدد هذه الشركات قليلًا، بل كانت هناك شركات كبرى أوروبية من دول كألمانيا وفرنسا وبريطانيا وغيرهم. 

وتتخصص هذه الشركات الأوروبية فى مجالات مختلفة كالطاقة والآلات الثقيلة وغيرهما، وذلك كما يلي:
الشركات الأوروبية التى طورت نشاطها فى إيران منذ ٢٠١٥
فمنذ أن بدأت الولايات المتحدة الأمريكية فى عهد الرئيس السابق باراك أوباما رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران، بدأت الشركات الأوروبية فى محاولة غزو السوق الإيرانية، وكانت منها شركات النفط والغاز والسيارات والأدوية وغيرها، وحاولت السلطات الإيرانية تسهيل عمل هذه الشركات فى البداية؛ لحاجتها إلى ذلك، فأعلنت سماحها لعشرات الشركات من أكثر من ١٠ دول ببدء مشروعات للغاز والنفط فى الأراضى الإيرانية، وكذلك حاولت تسهيل هذه العمليات. وكان من بين هذه الشركات على سبيل المثال، «توتال» الفرنسية و«شل» للنفط، هذا إلى جانب شركات أخرى غير أوروبية مثل شركة «بتروناس» الماليزية، و«غازبروم» الروسية، وأخرى من اليابان وأستراليا والصين وغيرها. 
ونرصد أبرز الشركات الأوروبية العاملة فى إيران، خاصة منذ عام ٢٠١٥، على النحو التالي:
«توتال» الفرنسية
كانت أول شركة كبرى فى مجال النفط توقع اتفاقية تجارية فى نوفمبر ٢٠١٦. وحاولت الشركة خلال عملها فى إيران فى تلك الفترة أن تطور أكبر حقل للغاز فى العالم وهو حقل «بارس» الجنوبي. ويُعد هذا الاتفاق هو الأكبر من نوعه ما بين إيران وشركة غربية منذ رفع العقوبات فى يناير ٢٠١٦، إلا أن الشركة أعلنت مؤخرًا تعليق عملها فى إيران بعد خروج الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق النووى الشهر الماضي، مما دعا نائب وزير النفط الإيرانى أن يصرح قائلًا: «فى حالة خروج توتال من إيران فإن أسهمها ستؤول إلى الصين».

«بريتش بتروليوم» البريطانية
اضطرت إلى وقف أعمالها مع إيران وإيقاف العمل فى حقل غاز مشترك مع إيران بسبب فرض عقوبات أمريكية مجددًا على طهران من جانب واشنطن؛ وذلك تجنبًا لتحمل عقوبات شديدة تبعًا لذلك. كما أوقفت الشركة أنشطتها فى حقل غاز مشترك مع إيران هو «رام»، الذى يقع ببحر الشمال فى إسكتلندا.

«رويال داتش شل» النفطية
وقّعت اتفاقًا مؤقتًا فى ديسمبر ٢٠١٦، لتطوير حقول النفط والغاز الإيرانى فى آزاديجان الجنوبى وجزيرة كيش وحقل يادافاران. 
«أو إم فى» النمساوية 
تعمل فى مجال النفط، والتى وقعت فى مايو ٢٠١٦ مذكرة تفاهم مع شركة النفط الإيرانية الوطنية لبدء مشروعات نفطية فى مناطق زاجروس غربى إيران، وكذلك فى حقل بارس الجنوبي. وعلى النقيض من شركات أوروبية أخرى عاملة فى إيران، أعلنت «أو.إم. فى» النمساوية، استمرار عمل مشاريعها للطاقة فى إيران بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووى إلا أن الشركة، مع ذلك، لم تنفذ أى مشروعات تذكر فى إيران. 

«سايبم» الإيطالية 
كانت قد وقّعت اتفاقيات للتعاون حول مشاريع لمد أنابيب نفط وتطوير مصافى للنفط، وكذلك حقل غاز توس فى محافظة خراسان رضوى الشمالية.
«DNO» النرويجية
كانت ثانى شركة للطاقة، بعد توتال، توقع اتفاقًا مع السلطات الإيرانية لوضع دراسة جدوى لتطوير أحد حقول النفط غربى إيران. 
«آيرباص» الفرنسية
عقدت مع الحكومة الإيرانية اتفاقية بحوالى ٢٥ مليار دولار لشراء ١١٨ طائرة جديدة، على أن تصل أول دفعاتها فى عام ٢٠١٧ والباقية عام ٢٠٢٢. إلا أن خروج الولايات المتحدة من الاتفاقية النووية الشهر الماضي، قاد الشركة إلى تعليق تسليم الطائرات إلى إيران؛ خاصة بعد فرض عقوبات أمريكية جديدة. 

«بوينج» الأمريكية
وقّعت الخطوط الجوية الإيرانية مع «بوينج» صفقة فى ديسمبر ٢٠١٦ تقضى بتسليم ٨٠ طائرة تبلغ قيمتها ١٦.٦ مليار دولار. ووقعت خطوط «آسمان» الجوية الإيرانية عقدًا مع «بوينج» لبيع ٣٠ طائرة من طراز بوينج ماكس ٧٣٧، وذلك بقيمة تُقدر بحوالى ٣ مليارات دولار، وكان من المتوقع أن يتم تسليم أول ٣٠ طائرة من الصفقة بين عاميّ ٢٠٢٢ و٢٠٢٤. إلا أن شركة «بوينج»، وعقب الخروج الأمريكى من الاتفاق النووي، أعلنت نيتها عدم تسليم إيران أى طائرة.
«بيجو سيتروين» الفرنسية
عقدت صفقة بقيمة ٤٣٠ مليون دولار مع شركة «إيران خودرو»- إيران للسيارات- لإنتاج ٢٠٠ ألف سيارة فى العام بدءًا من عام ٢٠١٧. وبعد فرض حزمة جديدة من العقوبات الأمريكية على إيران، عقب خروج الأخيرة من الاتفاق النووي، علّقت بيجو سيتروين مشروعاتها المشتركة مع مجموعة «بى إس إيه» الفرنسية لصناعة السيارات فى إيران؛ وذلك لعدم التأثّر بفرض عقوبات أمريكية جديدة على إيران. 
«الستوم» الفرنسية للصناعات الثقيلة والطاقة
وقعت اتفاقًا مع الحكومة الإيرانية فى يوليو العام الماضى لإنتاج عربات المترو والقطارات. وكان المدير التنفيذى لشركة «الستوم» الفرنسية فى إيران، فينسنت دورت، قد قال أواخر العام الماضى، إن هناك خططًا لتوظيف مليار و٢٠٠ مليون يورو فى مجمع «بارس» بآراك لصناعة عربات القطارات.

مجموعة «رينو» الفرنسية لإنتاج السيارات
وقّعت اتفاقًا بقيمة ٦٦٠ مليون يورو مع الحكومة الإيرانية فى أكتوبر الماضي؛ لزيادة حجم إنتاجها فى إيران من ٢٠٠ ألف إلى ٣٥٠ ألف سيارة. 
«سيمنز» الألمانية
أبرمت الحكومة الإيرانية مع شركة «سيمنز» الألمانية اتفاقًا يقضى ببناء أول مصنع مشترك فى مجال إنتاج المعدات الكهربائية فى إيران، وكذلك البحث فى طرق نقل المعرفة وتكنولوجيا بناء معدات جديدة فى صناعة الطاقة. 
«فولكس فاجن» الألمانية 
كانت الشركة قد أعلنت العام الماضى استئناف عملها وإنتاجها لأنواع من السيارات وتصديرها إلى السوق الإيرانية بعد انقطاع دام ١٧ عامًا. وبحسب إعلان الشركة؛ فإنه قد كان فى خططها أن تضخ إنتاجها بدءًا من أغسطس الماضي، وكانت الشركة قد قررت فى بداية عودتها للسوق الإيرانية انتشارها من خلال ٨ مواقع بيع فى العاصمة الإيرانية طهران وفى عدد آخرَ من المدن المجاورة لها.

مستقبل الاتفاق النووى 
كانت الحكومة الإيرانية تهدف بشكل أساسى من إبرام الاتفاق النووى مع القوى الكبرى إلى التخلص من المشكلات الاقتصادية التى تعانيها، مما دفعها مجبرة إلى الدخول فى الاتفاق النووى عام ٢٠١٥. 
ومن جانبها، حققت الشركات الأجنبية، التى يغلب عليها العنصر الأوروبي، بعض الصفقات مع إيران، ولم تستطع أخرى إكمال ما كانت ترغب بتحقيقه داخل إيران، إلا أن جميع الشركات الأجنبية داخل إيران باتت تتفق على شيء واحد الآن، ألا وهو خطورة بقائها داخل السوق الإيرانية بعد خروج الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق النووى الشهر الماضي؛ وذلك تجنبًا لتأثرها بهذه العقوبات، كما سلف الذكر.
وتُعد مسألة خروج الشركات الأجنبية من الاتفاق النووى نقطة حساسة للغاية عند تعامل الساسة الإيرانيين مع تطورات الاتفاق النووي؛ ذلك لأن استمرار الاتفاق النووى فى ظل خروج هذه الشركات من إيران، والتى كانت تعمل على تنشيط الاقتصاد الإيرانى بعد الحالة التى شهدها على مدى عشرات السنين، يعنى بالنسبة للإيرانيين انتهاء الاتفاق النووى فعليًا وأنه أصبح لا شيء؛ حيث إن طهران تريد من الاتفاق دعم الاقتصاد، وإلا فالخروج من منه مكسب أكبر من البقاء فيه. 
ولذا، فإذا استمر خروج الشركات الإيرانية من السوق الأوروبية، فمن المتوقع ألا يتمسك الجانب الإيرانى كثيرًا به، فالاتفاق سيكون «فراغًا» لا جدوى له. ولهذا، يحاول الإيرانيون، ومن خلال زياراتهم المتعددة مؤخرًا إلى الدول الأوروبية، وقف انسحاب هذه الشركات من إيران؛ حتى لا تضطر الأخيرة لاحقًا إلى الخروج من الاتفاق النووي.