الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الأمل يتحقق بالعمل

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
انتاب الكثيرون من أفراد شعبنا الطيب حالة من الغضب والإحباط، بعد إخفاق منتخبنا فى كأس العالم فى ساعاته الأولى، ربما أرادوا الخروج من حالة الضيق التى أصابتنا فى ثانى أيام عيد الفطر، بسبب موجة الغلاء الجديدة التى اكتوينا بها وأثقلت ظهورنا جميعًا، والتى فرضتها علينا الإصلاحات الاقتصادية التى يتحملها بكل أسف هذا الجيل وحده.. فوضعوا كل الآمال فى المنتخب الذى تأهل لأول مرة بعد ثمانية وعشرين عامًا للاشتراك فى بطولة كأس العالم!! وهو ما كنا نعتبره إنجازًا فى حد ذاته!!.
ورغم أن النتيجة لم تكن خارج المتوقع، لأن المقدمات لا تؤدى إلى نتائج مختلفة، ولكننا دائمًا نتعلق بالأمل حتى وإن كنا لا نمتلك الإمكانيات!!.. وبالطبع كان هناك العديد من الأسباب لإخفاق المنتخب، من أهمها عدم تأهله بشكل كافٍ، ومنها بالتأكيد الأسباب الإدارية التى تتسم بالعشوائية، والكثير من الممارسات التى شابها الفساد، ومحاولة استغلال حدث المشاركة بأقصى شكل ممكن، بمشاركة اللاعبين فى البرامج والإعلانات بشكل مفرط، ثم المتاجرة فى التذاكر المخصصة لأسر اللاعبين، وبيعها من داخل محل إقامتهم كما اتضح من خلال برنامج الإعلامية إيمان الحصري، وإحداث ضجة هائلة فى الفندق حيث يقيم اللاعبون، لالتقاط الصور معهم قبل المباراة بساعات قليلة، وبدعوى مساندة الفريق!!..وهو بالتأكيد ما أفقدهم التركيز، وعكس حالة عدم وجود الجدية الكافية للمشاركة فى مثل هذا الحدث.. ولكن رغم ذلك فهى مجرد مباريات للعبة كرة القدم، من المفترض ألا تأخذ كل هذا الحيز من الاهتمام وخاصة فى ظل ما نعانيه من مشكلات حيوية، وإخفاق فى ملفات أهم وأكبر، ولكننا كعادتنا نفتقد القدرة على ترتيب الأولويات!!.. عكس دولة صغيرة شاركت لأول مرة فى كأس العالم هذا العام، وهى أيسلندا والتى تداولت بعض الصحف معلومات عنها تدفعنا للتفكير والتأمل فى أوضاعنا، فهذه الدولة التى تبلغ مساحتها أقل من نصف مساحة سيناء، وتعداد سكانها حوالى ٣٣٠ ألف نسمة، إلا أن ترتيبها الرابع عشر فى الدول الأكثر تقدما، وتحتل المرتبة الرابعة عالميا فى مستوى إنتاجية الفرد، وتتمتع بجودة فائقة فى التعليم والصحة، والغريب أنهم استطاعوا المشاركة فى كأس العالم رغم أنهم لا يعتمدون على مدرب محترف أو لاعبين محترفين، فمدرب المنتخب هيمير هالجريمسون «طبيب أسنان» وسبق له وأن درب ٣ أندية للسيدات وناديًا للرجال قبل توليه مهمة تدريب المنتخب، أما اللاعبون فمنهم خمسة أطباء ومخرج سينمائى وعازف موسيقى ومحام وسمسار عقارات.. لذلك فهم جميعًا حققوا أنفسهم فى مجالاتهم الأصلية، بعد أن اجتازوا أرقى المراحل التعليمية، عكس أغلب اللاعبين لدينا، والذين لم ينهوا مراحل تعليمهم، وتشكل الكرة كل معارفهم واهتماماتهم، وهو ما نستشعره حين نسمع طريقة كلامهم التى تعكس تواضعًا شديدًا فى العلم والفكر، ورغم ذلك فهم يمثلون القدوة للأجيال الجديدة، التى ترى فيهم الأمل فى الشهرة والنجومية والثراء السريع وفى نفس الوقت ممارسة اللعبة المحببة للشعب المصري.. وهو ما نريده نحن كشعب وحكومة، نتجاهل المتفوقين والمبدعين فى الكثير من المجالات الأخرى ونصب كل الاهتمام على كرة القدم!!.. وقد قرأت تعليقًا للأستاذ الدكتور أسامة شوقى - أحد أهم أساتذة طب قصر العيني، وواحد من العلماء الذين حققوا نجاحات دولية دون أن يهاجر أو يترك جامعة القاهرة التى تعلم بها وأصبح يعمل بها - فكتب على صفحته على أحد مواقع التواصل الاجتماعي: «حزن المصريين وزعلهم على خسارة ماتش كأس العالم زى واحد مقهور إن عنده دور أنفلونزا ومش زعلان إن عنده ورم خبيث فى المخ».. وقارن بين إخفاق المنتخب فى المباراة وبين إخفاقنا كدولة فى التعليم، قائلًا: «بقى زعلانين ومقهورين على تراجعنا فى ماتش كورة، تعالوا شوفوا المصيبة اللى حتحدفنا برة المقصورة!..ناقوس الخطر يدق بشدة على ما هو أخطر وأعظم كارثة... استفيقوا أيها المصريون.. تعالوا شوفوا مفروض نحزن على إيه ؟ شوفوا مفروض الجماهير تستيقظ من سباتها وتهتم بإيه؟.. كارثة بشرية ستؤدى إلى فناء الشخصية المصرية! أصدر المنتدى الاقتصادى العالمى تقريره عن مؤشر التنافسية السنوى لعامى ٢٠١٥/٢٠١٦ فى مجال التعليم، واحتلت مصر المرتبة قبل الأخيرة لتسبق «غينيا»، على مستوى ١٤٠ دولة فى العالم!».
«تعالوا كمان وشوفوا الكارثة دي.. ترتيب الجامعات المصرية عالميًا فى ٢٠١٧.. لم تدخل أى من الجامعات المصرية ضمن قائمة المائة الأفضل فى أى تصنيف عالمي، فوفق آخر التقارير المنشورة فى العام ٢٠١٧، بين ١٢٥٠ مؤسسة أكاديمية احتلت جامعة القاهرة المرتبة ٤٥٠ عالميًا، وجاءت جامعة حلوان فى المرتبة ٦٣٤.. إذا لم نستيقظ فقول علينا السلام.. كفى جدالًا وضياعًا لمواردنا وطاقتنا فى أمور ثانوية ولنركز فى تنميتنا البشرية.. ولنجعل من إخفاق المنتخب بداية طريق للعمل وإعادة الأمل».