«لو كان الفقر رجلًا لقتلته» عبارة نسب قولها للإمام علي بن أبي طالب، ولا تزال يرددها البعض في الكثير الأحيان، غير أن آخرين سلكوا طرقًا أخرى، للهروب من «الضنك والعوز»، فكان «الانتحار» شنقًا أو بالقفز من مبانٍ عالية سبيلهم للخلاص من حياة المعاناة التي طالما عاشوها.
شاب في مقتبل العمر بمنطقة الصف، يدعى، أبو النور. ع. م، انتحر شنقا ليهرب من الأزمات المالية والنفسية التي كان يمر بها، ليخلف وراءه، تفاصيل كثيرة عن الواقعة التي كشفتها أقوال والدته، خلال التحقيقات التي أجرتها نيابة الصف برئاسة المستشار محمد علي حمودة.
وروت السيدة قصة نجلها قائلة: "كان حاسس بالعجز على طول ومش عارف يعمل إيه، الضغط زاد عليه، والنفقات كانت كتير عليه" طول عمره منذ الصغر هو بيحب يساعد الكل في البيت وفي الشارع".
وتضيف الأم المكلومة: "كان بيحلم يكمل دراسته لكن الحظ لم يحالفه، وقرر أن يساعد الأسرة في النفقات، لذلك خرج للبحث عن عمل وبالفعل وجد شغل في بعض المحلات، استمر هكذا لشهور ولكن الراتب كان قليل، لا يكفي لشيء لذلك حاول إيجاد عمل إضافي وقد عثر عليه، ولكنه لم يتمكن من التوفيق بين الإثنين، فتركه وحاول أن يبذل مجهودا مضاعفا حتي يتمكن من توفير مبلغ مالي كبير خاصة بعدما أدرك أنني أعاني من بعض الأمراض المزمنة والصدرية، وكل هذا يحتاج لعلاج كثير بالإضافة إلى خضوعي لعملية جراحية بالقلب".
وتابعت الأم: "بدأت الضغوطات تزداد عليه ودخل في حالة نفسية سيئة، كل يوم كان يمر عليه يشعر فية بالعجز لعدم قدرته على توفير المال اللازم لشراء العلاج، حاول أن يطلب المساعدات المادية من بعض الأصدقاء والأقارب، ولكن دون جدوى، ففكر أخيرا في بيع قطعة أرض صغيرة "ملكنا"، ولكنه فشل في ذلك، لأنها صغيرة وثمنها قليل، مرت أيام وابني لا يتحدث مع أحد، حاولت التحدث معه لكن دون جدوى".
تسكت الأم للحظات وتكمل قائلة: "حتي جاء اليوم المشؤوم" يوم الواقعة "ترك المنزل وغادر قبل المغرب، اعتقدت أنه سيجلس مع أصدقائه، ومرت ساعات دون أن يعود، سألت عنه كثيرا فلم يدلني أحد على مكانه، حتي فوجئت بأن أحد أهالي المنطقة يخبرني بأنه عثروا على جثته منتحرا شنقا داخل منزل عمه تحت الإنشاء، فأسرعت إلى هناك فوجدته معلقا في سقف إحدى الغرف."
واستطردت: الأهالي قاموا بإنزاله وعثروا معه على رسالة موجهة لى تحمل بعض كلمات الاعتذار "سامحيني يا أمي.. وسامحوني كلكم.. ومحدش يعمل زي ما أنا عملت"، وعلقت قائلة "خسرت ابني ومكونتش اعرف أنه هيعمل كدة، ربنا يغفر له ويسامحه".
وجرى إبلاغ ضباط مباحث مركز الصف، ونقل الجثة للمشرحة، وقد أمرت النيابة بالتصريح بدفن الجثة عقب الانتهاء من تشريحها، وطالبت تحريات الأجهزة الأمنية حول الواقعة".
