الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

رسوم الـ"نعش" وحرب الشائعات

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كن حذرا فلن تُدفن وتستريح في تربتك إلا بدفع مبلغ 150 جنيها رسوما لخروجك إلى مثواك الأخير، ولن يُسمح بمواراة الثرى لجثمانك وحملك علي التابوت (النعش) إلا بسداد كامل القيمة.
وبعد دفنك لم يستطيع ورثتك تقسيم ميراثهم الذي نقص 150 جنيها لدفنك! لأن إستخراج شهادة الوفاة خرج من باب [المجانية] إلى بوابة [الكاش ماني] بـ 200 جنيه - موت وخراب ديار.
وقريبا فرض رسوم جديدة على نوع المقبرة وتُربتها من حيث هل هي مقابر صدقة أم عائلات؟ وسيكون مستوى تشطيب المقبرة معيارا في الدفع هل سوبر لوكس ولّا على المحارة؟ وسيدخل في سجل الرسوم نوع الزرعة التي ستغرس أمام مقبرتك هل صبار بشوكه ولّا فُل وياسمين؟ كما سيكون لدخول المقابر تذكرة بمقابل يصل إلى 5 جنيهات للمُشيع وبالمجان لمن دون العشر سنوات! كما ستُفرض ضريبة على عدد المشيعين لتسببهم في تهالك البنية التحتية للطرقات،والتكدس المروري المصاحب للطرق المارة بها الجنازة، وستُدفع ضريبة إضافية في حال امتلاكك أكثر من مقبرة وربما تُسحب منك مقبرة لعدم التزامك بسداد كامل المستحقات الضريبة.
فالصب في المصلحة ليس للأحياء فقط بل للأموات أيضا، فالجميع كأسنان المشط الواحد أمام فرض الرسوم وتحصيل الضرائب، فالدولة ترسخ مبدأ عدم التمييز فالكل أمام زيادة مواردها وخزانتها سواسية، هكذا قرروا فرض رسوم علي كل حياتنا ومماتنا، فلن تستريح حيا أو ميتا، مؤمنين بقوله تعالى "لقد خلقنا الإنسان في كبد".
تلك الرِسُوم والضرائب وقرارات الحكومة سالفة الذكر[خُزَعْبلية] وما هي إلا جزء من الشائعات اليومية التي تزداد يوما بعد يوم، ويتلقفها جمهور السوشيال ميديا باللف والدوان حول أضرحة[الخَرَفْ] التي دائما ما تلعب علي المتاعب الإقتصادية بغرض التذمّر ومن ثم الاحتجاجات والمظاهرات.
فالمجتمع المصري وطبقا لدراسة حديثة أشرفت عليها لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب،إستقبل خلال شهرين 53 ألف شائعة أغلبها أطلق من داخل البلاد،وأن بعض وسائل الإعلام نقلت 30% منها على أنها أخبار حقيقية.
إن أخطر ما فى الشائعة أنها تُصبح مُصدّقة ولو بعد حين،وهو ما يفرض على الدولة الانتباه لما يُدبّر لها بجدية، وعلى الإعلام والمثقفين والنُخبة وبقية الشعب مساندتها بدفن الشائعات للبقاء دولة وشعبا على قيد الحياة.
فالمتابع لعدد الشائعات التي ينفيها مركز معلومات مجلس الوزراء يبلغ متوسطها حوالي 4 شائعات إسبوعيا، وأن "612 شائعة" هي إجمالي عدد الشائعات التي نفاها المركز منذ أكتوبر 2014 وحتى منتصف فبراير الماضي.
الأرقام لا تكذب ولا تتجمل، وآلة الشائعات لا تُوقف إنتاج الحَطَبْ المُشتعل لإرباك الدولة والشعب، فمن يستطيع فصل التيار الكهربائي عن ماكينة المخاطر والتهديدات؟ إنه القانون الرادع للمُروج، والإعلام الواعي، والشعب المثقف، وشفافية الدولة مع مواطنيها.