الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

المؤرخ محمد عزة.. للقومية العربية قادة

الكاتب محمد عزة دروزة
الكاتب محمد عزة دروزة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
المفكر والكاتب والمناضل القومي العربي المطالب بالوحدة العربية بين مصر وسوريا، محمد عزة دروزة ولد في نابلس بفلسطين في مثل هذا اليوم من العام 1887، إضافة إلى نضاله السياسي، كان أديبًا ومؤرخا وصحفيا ومترجما ومفسرا للقرآن؛ ويعد محمد عزة واحد من أهم مؤسسي الفكر القومي العربي إلى جانب ساطع الحصري وزكي الأرسوزي.
وتميز نضاله بالشكل الوحدوي والقومي متجاوزا ظروف التجزئة والحدود المصطنعة، وقد شارك في تاسيس العديد من الجمعيات والأحزاب العربية التي تنادي بالاستقلال والوحدة العربية في سورية الكبرى (قبل تقسيمها من قبل الاستعمار عام 1920)، مثل جمعية العربية الفتاة وحزب الاستقلال العربي وعارض سياسة التتريك. هو أحد أعضاء المؤتمر السوري العام (1919 م) وسكرتير الجمعية التأسيسية، وأحد واضعي الدستور السوري الأول. أعلن من على شرفة بلدية دمشق في ساحة المرجة استقلال سورية وتأسيس المملكة السورية العربية في 8 مارس عام 1920. وقاد العديد من الأنشطة المناهضة للانتداب البريطاني على فلسطين وسياسة تقسيم الأراضي العربية، ودعا إلى توحيد سورية ومصر في خمسينيات القرن العشرين. تعتبر سيرته الذاتية تأريخًا لمسيرة الحركة الوطنية النضالية والاستقلالية والوحدوية خلال القرن العشرين.
كانت البدايات الأولى له في الكتابة أثناء فترة عمله في دائرة البرق والبريد فاتصل بالصحافة، وشارك في تحرير جريدة الإخاء العثماني التي كان يصدرها في بيروت أحمد شاكر الطيبي، وكان يترجم لها فصولًا مما ينشر في الصحف التركية عن أخبار الدولة العثمانية وأحوال الحركة العربية. كان يكتب مقالًا أسبوعيًا يتناول موضوعًا اجتماعيًا أو وطنيًا في جريدة الحقيقة البيروتية، التي كان يصدرها كمال بن الشيخ عباس. كما نشر مقالات في جريدة فلسطين التي كان يصدرها عيسى داود العيسى في يافا، وجريدة الكرمل التي كان يصدرها نجيب نصار في حيفا.
في نضاله ضد التتريك، انتسب محمد عزة في بداية القرن العشرين إلى نادي جمعية الاتحاد والترقي في نابلس ولكنه سرعان ما انفصل عنه بعد أن تبين له أن القائمين عليه تنكروا لوعودهم، وكانوا يهدفون إلى تتريك الأمة العربية والقضاء على لغتها وتراثها. فسارع مع أصدقائه في مدينة نابلس إلى تأسيس فرع لحزب الائتلاف والحرية الذي تأسس في الأستانة ليكون معارضًا لأفكار جماعة الاتحاد والترقي، وتسلم دروزة سكريتيرية هذا الفرع الذي كان له دور ملحوظ في إحباط أحد المشاريع اليهودية الاستيطانية المبكرة في غور نابلس. أسس عام 1911 مع بعض رجالات نابلس الجمعية العلمية العربية وكان هدفها افتتاح مدارس عربية لمواجهة موجة التتريك التي كانت تقودها جمعية تركيا الفتاة. وفي سنة 1912 قام دروزة مع عدد من رفاقه من ذوي الميول القومية بتأسيس فرع لحزب اللامركزية الإدارية المؤسس في مصر والذي كان من جملة أهدافه الاستقلال المحلي عن التبعية العثمانية ومقاومة حملة تذويب العرب ولغتهم. تجمد نشاط هذا الفرع بعد تصاعد قمع السلطة للعرب في عهد جمال باشا السفاح وانضمام الدولة العثمانية إلى محور ألمانيا وإعلان الطوارئ وحالة الحرب. شارك دروزة في تأسيس معظم الجمعيات والأحزاب العربية الهادفة إلى تحقيق السيادة العربية واستعادة الوحدة السورية والعربية، مثل حركة المطالبة الإصلاحية عام 1912، والمؤتمر العربي الأول سنة 1913، وجمعية العربية الفتاة سنة 1916، والجمعية الإسلامية المسيحية سنة 1917، والنادي العربي.
وبعد هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى، سقطت سورية بيد الحلفاء، فانتقل دروزة إلى النضال ضد المستعمرين الفرنسيين والبريطانيين وقسمت بموجب اتفاقية سايكس بيكو. لعب دروزة دورًا مفصليًا في الدعوة إلى إعادة توحيد فلسطين وسورية. ففي يونيو عام 1919، وصلت لجنة كينج-كرين الممثلة للرئيس الأمريكي وودرو ويلسون للإطلاع على رغبات أهل فلسطين. قبل وصول اللجنة، قام دروزة وحافظ بيك كنعان بجهود مكثفة لإقناع بعض الشخصيات المفصلية في فلسطين بضرورة الوحدة مع سورية ورفض فصل فلسطين عنها. اجتمع الاثنان بالشيخ أمين الحسيني وأخيه كامل الحسيني من قادة حزب النادي العربي في القدس، فأعلن الأخيران تأييدهما الفوري للفكرة واقترحا بأن يجتمع النابلسيان بقيادات أخرى من الجيل القديم مثل راغب النشاشيبي وحسام الدين جار الله وعارف الدجاني. تم الاجتماع في بيت النشاشيبي، وعندما علم الحضور بموافقة موسى كاظم الحسيني، أهم قادة الجيل القديم، وافقوا فورًا على فكرة الوحدة السورية. وهكذا وصلت اللجنة إلى يافا وزارت القدس ونابلس وطولكرم وجنين والناصرة وحيفا وعكا وصفد وطبريا. كانت طلبات العرب هي الوحدة مع سورية بينما طلب اليهود فصل فلسطين وتنفيذ وعد بلفور. كتبت اللجنة في استنتاجاتها في 27 يونيو 1919، أنها تؤيد وحدة سورية- فلسطينية تحت الانتداب البريطاني. وهكذا لعب دروزة دورًا محوريًا في تهيئة الساحة السياسية الفلسطينية لاستعادة الوحدة مع سورية، ولكن الاستعمار الفرنسي والبريطاني لم يسمح بذلك. في أواسط الخمسينيات من القرن العشرين تم إقرار دستور مصري جديد اعتبر مصر جزءًا لا يتجزأ من الأمة العربية. عندئذ، اعتبر دروزة أن الظروف باتت مهيئة لوحدة بين مصر عبد الناصر وسورية، واعتبر أن وحدة كهذه ستجذب الأقطار العربية الأخرى إليها في مرحلة لاحقة. آمن دروزة أن مصر بمواردها البشرية والاقتصادية ستتمكن من لعب نفس الدور الذي لعبته بروسيا في الوحدة الألمانية وأن عبد الناصر سيكون بسمارك آخر. يقول دروزة عن عبد الناصر: "منذ الثورة العربية الكبرى، لم يوجد زعيم عربي على مستوى الأحداث سوى جمال عبد الناصر".
ألف دروزة عشرات الكتب، وبعضها بقي في مرحلة المخطوطات ولم يطبع أو ينشر. إضافة لأهميتها الفكرية، نبعت أهمية كتب دروزة، وخاصة مذكراته الشاملة، من توثيقها للتاريخ الشفهي العربي، والفلسطيني بالذات. 
توفي محمد عزة دروزة في حي الروضة في دمشق يوم الخميس 26 يوليو عام 1984