حقي بدراعي.. "البوابة نيوز" ترصد وقائع قتل وسحل على الملأ.. وخبراء: الانحدار الثقافي والتفكك الأسري وراء انتشار البلطجة

في أحد شوارع منطقة صفط اللبن ببولاق الدكرور، أنهى 10 أشخاص حياة شاب يدعى "زين العابدين"، بعد قيامهم بسحله وقتله وتجريده من ملابسه والتمثيل بجثمانه أمام أعين المارة، بدافع الانتقام منه على خلفية مشاجرة نشبت بينهم، أصاب خلالها إحدى فتيات المتهمين بطلق خرطوش، ونجحت أجهزة الشرطة في القبض عليهم وتقديمهم للمحاكمة.

وفي نهاية عام 2017 شهدت إحدى قرى محافظة الشرقية واقعة سحل مواطن معاق أمام نجله، بطريقة بشعة، في الشارع أمام منزل الأخير، بعد قيام شخص بالتوجه إلى منزل المجنى عليه، والوقوف بباب منزله، والأخير يجلس على كرسيه المتحرك، ليحتدَّ بينهما الحوار، حتى قام بسحله من على كرسيه، إلى الشارع، وانهال عليه ضربًا، في محاولة من نجله الصغير للدفاع عنه، وخلال ثوانٍ معدودة تجمَّع الأهالى لنجدة الشخص المعاق.

تحوَّل قطار العنف والدم مسرعًا من محافظة الشرقية حتى وصل لمحافظة القليوبية، حيث شهدت منطقة الخانكة واقعة سحل وقتل زوجة على يد زوجها؛ لشكِّه في سلوك زوجته، ودلت تحريات الأجهزة الأمنية على أنه والمجني عليها تزوجا عرفيا منذ شهر تقريبًا، وحدثت بينهما العديد من الخلافات لشكِّه في سلوكها، ويوم الحادث قام بضربها ضربًا مبرحًا، إثر مشاجرة بينهما بسبب كثرة خروجها دون إذنه حيث لفظت أنفاسها الأخيرة بين يديه.

السحل والتعذيب كان عقاب "شابين" تم توثيقهما بالحِبال في أحد أعمدة الإنارة بشارع حاتم رشدي محافظة بني سويف في بداية يناير مطلع العام الحالى، بسبب اتهامهما بمحاولة سرقة «توكتوك».

وفي أحد شوارع العجوزة بالجيزة لقيت فتاة مصرعها، بعد قيام متهمين بسحلها وقتلها أثناء محاولتهما سرقتها بعد خطف حقيبتها عنوة، إلا أنها تشبثت بالحقيبة فقاموا بسحلها وجرِّها لمسافة 5 أمتار وضربوها بآلة حادة على رأسها، فسقطت على الأرض غارقة في دمائها، فاقدة الوعي، ونقلها الأهالي إلى المستشفى لإسعافها، إلا أنها فارقت الحياة متأثرة بإصابتها.

وفى إحدى مناطق القاهرة تعرضت مُدرسة للسحل على يد سائق أجرة، حيث كان بصحبتها طفلها الصغير في الشارع، حينما حاول سرقة حقيبة يدها بمنطقة البساتين، وتم ضبطه وتحرير محضر وإخطار النيابة.

وفي مركز المحلة بمحافظة الغربية، وتحديًدا في منطقة السبع بنات، قام الأهالي الغاضبون بسحل وتعذيب عاطل، بعد سماع صراخ طفلة بعد محاولته التحرش بها وخطفها أثناء عودتها من أحد مقارّ الدروس الخصوصية، والتحفظ عليه لحين وصول الأجهزة الأمنية. 

وفي منطقة تل العقارب التابعة لحى السيدة زينب بالقاهرة، تعرضت سيدة للسحل والتعذيب من قِبل ضابط شرطة، وكلف المحامي العام الأول وقتها بفتح تحقيق عاجل وموسع، للتأكد من صحة الواقعة، وأمر بالتحفظ على نسخة من مقطع الفيديو الذى تداوله رواد موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك».

من جانبه أكد الخبير القانوني رامي عبدالمنعم، أنه في حال اصطحب المتهم في المشاجرة حيوانا مفترسا أو وقعت من شخصين أو أكثر أو اصطحب خلالها المتهمون عصيا أو مواد حارقة يتم تشديد العقوبة إذا ارتكبت جناية الجرح أو الضرب، الذى يفضى إلى الموت، وإذا كانت مصحوبة بإصرار وترصد، تكون العقوبة السجن المؤبد أو المشدد وقد تصل إلى الإعدام.

وأضاف عبدالمنعم، في تصريح، لـ"البوابة نيوز"، أن العقوبات المقررة قانونًا للمتهمين بالبلطجة واستعراض القوة المنصوص عليها بالمادة 375 مكرر بقانون العقوبات قضت بمعاقبة المتهمين باستعراض القوة والتلويح بالعنف والبلطجة مدة لا تقل عن 3- 5 سنوات.

فيما علق الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، على ظاهرة انتشار وقائع التعدي على المواطنين وسحلهم في العديد من المناطق، حيث أكد أن الفن الهابط سبب رئيسي وراء انتشار البلطجة في الفترة الماضية، نظرًا لما تقدمه هذه الأعمال من مشاهد تحرض على العنف بالفضائيات.

وأضاف فرويز أن السبب ليس في الأفلام فقط، ولكن في انهيار الثقافة التي تميز بين عمل درامي وواقع، لذا يقلدون الأفلام والمسلسلات لعدم الوعي، ويمكن مواجهة ظاهرة انتشار العنف برفع مستوى الوعي والثقافة.

في السياق نفسه قال الدكتور طه أبو حسين، أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية: إن السبب وراء انتشار مثل تلك الجرائم يرجع إلى ما تعانيه الأسرة من التفكك نتيجة الخلافات الموجودة بداخلها، بجانب المؤمرات التي تستهدف الشباب المصري وتسهل عملية اصطياده مثل تلك الأفعال، والدراما التي تحرض على القتل والعنف عبر شاشات الفضائيات.

وأضاف أبو حسين، في تصريح خاص، لـ"البوابة نيوز"، أن الانفلات الأمني عقب ثورة 25 يناير أسهم بشكل كبير في ظهور البلطجية عقب هروبهم من السجون، وقيامهم بإنشاء ورش لتصنيع الأسلحة البيضاء والنارية، واعتقادهم بانشغال الأجهزة الأمنية عنهم فى حربها على الإرهاب.