السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

مكسيم جوركي.. منُظر الاشتركية في عالم الرواية

مكسيم جوركي
مكسيم جوركي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مكسيم جوركي، الذي تمر اليوم 18 يونيو، ذكرى وفاته، صاحب أشهر رواية تم استخدامها في كسب تعاطف الشباب مع الحركة الاشتراكية على مستوى العالم بشكل عام، وفي مصر والوطن العربي بشكل خاص، فكانت أول عمل أدبي يتم تقديمه للأعضاء الجدد في هذه الحركات أو المتعاطفين معها، حيث تقدم الرواية تاريخ الحياة الاجتماعية الاقتصادية التي عاشها الروس إبان الحكم القيصري، فحياة العمال كانت ضمن هذا الواقع. 
ولد جوركي في نجني نوفجراد (28 مارس 1868 - 18 يونيو 1936)، وأصبح يتيم الأب والأم وهو في التاسعة من عمره، فتولت جدته تربيته، وكان لهذه الجدة أسلوب قصصي ممتاز، مما أصقل مواهبه القصصية. وبعد وفاة جدته تأثر لذلك تأثرأ كبيرًا مما جعله يحاول الانتحار. وهو أديب وناشط سياسي ماركسي روسي، مؤسس مدرسة الواقعية الاشتراكية التي تجسد النظرة الماركسية للأدب حيث يرى أن الأدب مبني على النشاط الاقتصادي في نشأته ونموه وتطوره، وأنه يؤثر في المجتمع بقوته الخاصة، لذلك ينبغي توظيفه في خدمة المجتمع. كما تم ترشيحه 5 مرات للحصول على جائزة نوبل في الآداب.
وتتحدث الرواية عن الأم العجوز التي تعيش حالة خضوع لزوج سكير يهيج كالثور حين يريد السكر، يبيع كل مقتنيات البيت لتلبية رغبته، لانه عامل متواضع في مصنع تمتلكة البرجوازية ولا تعطي العمال سوى الفتات، أما الابن وصديقة هافل وفلاسوف شابان بدئا بالتخطيط لانقاذ العمال بعد ان تعرفا على الشقراء ساشا التي تأتي من المدينة لتحمل للشباب أخبار الثورة في المدن وتدير الثورة في القرية، لكن الام تخشى ان يموت ولدها فتحاول احتواء كل سلوكياته، فتخفي المنشورات السياسية، وتخفي السلاح، وتنشب معركة المصنع، يكون الاب ضحية لكنه من طرف المستغلين في المصنع، فيموت الاب ويسجن الابن، وتتبنى الأم فكر ابنها ليس لأنها تعرف شيء عن الثورة او مطالبها انما فقط لانها رغبة ابنها المسجون، فيقوم العمال بقيادة ساشا بتنظيم عملية اقتحام للسجن، وينجو السجناء، ويهاجمهم الجيش، فيقتل الكثير، وتحتضن الام ابنها المحرر، إلى أن يسقط الابن شهيد في حضن امه، وترفع الأم راية الثورة التي مات الابن من أجلها. فكانت الأم هي البطلة الحقيقية دون أن تعي أصلًا معنى الثورة.
وفي وصف جوركي للحياة الاجتماعية يقول: "لقد استهلك المصنع النهار بأسره، وامتصت آلاته من عضلاتهم ما تحتاجه من قوة، ويمر اليوم على هذا المنوال، دون أن يخلف آثرا، ويتقدم المرء خطوة جديدة في اتجاه لحده. ان التعب المتكدس خلال الأيام يفقد الشهية، فلينبهوها إذن بالشراب الغزير، ولينبهوا المعدة الكسول بلذغ الفودكا الحارق الملتهب".
قدم لنا جوركي حياة بؤس وشقاء، دون وجود أمل بنهاية سعيدة، فيندفعوا إلى الهرب منه بواسطة الفودكا، فهم أشبه بآلات، من هنا نجدهم يعاملون بعضهم البعض بقساوة وخشونة، وكأنهم يفرغون كبت الواقع بهذا الشكل. وقدم الزوجة كإحدى أوعية التفريغ الذي يوضع فيه اليأس والتعب والبؤس، فهي الكائن الأضعف في المجتمع المتخلف، من هنا نجدها تتحمل واقع المجتمع المتخلف، والزوج والعائلة معا، مما يجعلها أكثر جلدا وقدرة على التحمل، وإعطاء القدوة للآخرين لكي يتعايشوا مع واقعهم.
ويقوم جوركي من خلال عمله الابداعي هذا بالدعوة الصريحة للقيام بمحاولة التغير، التي هي السمة الرئيسة للكائن البشري، فالتغيير والتطوير هما الفعل الخلاق، والسكون يعني استمرار حالة العيش بطريقة الحيوانات، والتي تتمثل في الأكل والنوم والإنجاب، وهذه الأفعال تقوم بها الحيوانات فقط، أما الإنسان فأمامه أعمال أخرى، التغير والسعي نحو ما هو جديد وأفضل فيقول: "إن آلاف الناس قادرون على العيش أفضل مما يعيشون لو أرادوا ذلك، ولكنهم يستمرون يعيشون كالحيوانات، لا بل يرضون بذلك أيضا، أية حسنة في أن الإنسان يعمل ويأكل اليوم، ويعمل ويأكل غدا، وهكذا أيام حياته.. يقضيها في العمل والأكل، وهو يتدبر أمره أثناء ذلك كي ينجب أولادا يتسلى بهم حتى يبدأوا يطلبون الكثير من الطعام، وعندئذ يغضب، ويروح يلعنهم: هيا، عجلوا وأكبروا أيها الخنازير، فقد آن الوقت كي تجدوا لكم عملا، وانه ليود أن يجعل من أولاده حيوانات أليفة، ولكنهم يبدأون العمل في سبيل بطونهم الخاصة، وهم يقضون حياتهم دون سرور في النفس أو بهجة في القلب، الناس الذين يستحقون لقب الإنسان هم أولئك الذين ينذرون أنفسهم وحياتهم من اجل تحطيم القيود التي تغل عقل الإنسان".
فتقدم لنا الرواية معنى الثورة والنضال والعطاء، ليس هذا فقط بل تقدم ذلك الدعم الثقافي الذي قام به جوركي في دعم الحركة الشيوعية تلك التي ظلت منتشرة في روسيا وكثير من البلدان في أوقات سابقة.