الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

التاريخ المفقود

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى بحث جدير بالقراءة يحدثنا الدكتور نزار الحيدرى عن أكثر من ١٨٣ سنة مفقودة من تاريخ الإسلام.. أين اختفت؟ إنه بحث موضوعى علمى تاريخى يطرح أسئلة، ويحتاج إلى الإجابات الواضحة التى لا تقبل الشك على قدر المطروح من أسئلة وعلامات استفهام غاية فى الأهمية.
الموضــــــوع هو أن السواد الأعظم من المسلمين يستند فى أحاديث الرسول (ص) إلى مراجع وكتب كصحيح مسلم والبخارى والترمذى وغيرها استنادا رئيسيا كاملا لا يقبل التشكيك وفق ما يعتقدونه.. فلننظر للحقائق التاريخية هذه..
انتقل النبى (ص) إلى جوار ربه سنة ١١ هجرية.
١- صحيح البخارى: مؤلفه هو محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبه الجعفى الملقب بالبخاري، وسمى بالبخارى نسبة لأصل ومكان مولده فى مدينة بخارى فى خراسان الكبرى «أوزباكستان حاليا»، ولد سنة ١٩٤ للهجرة وتوفى فى ٢٥٦ للهجرة «عمره ٦٢ سنة» … ولد بعد وفاة النبى بـ ١٨٣ سنة؟.
٢- صحيح مسلم: مؤلفه هو أبو الحسين مسلم بن الحجاج النيسابورى المولود فى مدينة نيسابور فى بلاد فارس سنة ٢٠٦ هجرية، وتوفى بها سنة ٢٦١ هجرية «عمره ٥٤ سنة» ولد بعد وفاة النبى بـ ١٩٥ سنة؟
٣- سنن النسائي: مؤلفه هو أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن على بن بحر بن سنان النسائي، المولود سنة ٢١٥ هجرية فى مدينة بنساء، وهى بلدة مشهورة بـ خراسان «أوزباكستان حاليا»، وتوفى فى مدينة الرملة بفلسطين سنة ٣٠٣ هجرية «عمره ٨٨ سنة» ولد بعد وفاة النبى بـ ٢٠٤ سنة؟
٤- الترمذي: مؤلفه هو محمد بن عيسى بن سَوْرة بن موسى بن الضحاك السلمى الترمذى الملقب بأبى عيسى الترمذي، المولود فى ترمذ وهى مدينة جنوب أوزباكستان المولود سنة ٢٠٩ هجرية والمتوفى سنة ٢٧٩ هجرية «عمره ٧٠ سنة»، ولد بعد وفاة النبى بـ ١٩٨ سنة؟
٥- ابن ماجه: مؤلفه هو عبدالله محمد بن يزيد بن ماجة الربعى القزوينى المولود فى بلاد فارس سنة ٢٠٩ هجرية وتوفى فى رمضان سنة ٢٧٣ هجرية «عمره ٦٤ سنة»، ولد بعد وفاة النبى بـ ١٩٨ سنة.
هؤلاء السادة من أهم مراجع أسس الحديث لدينا، وهم من يعتقد أنهم الأصدق نقلا وهم من أجمع عليهم كل علماء الأمة على حقيقة وصدق نقلهم وتوثيقهم لكل أحاديث الرسول (ص)، وجميعهم ليسوا عربا.
هل تستوعبون ماذا تعنى أرقام «١٨٣ و١٩٥ و٢٠٤ و١٩٨» من السنوات فى الحياة البشرية؟ فقد حدد علماء الأحياء الفترة الزمنية لـلجيل ب٣٣ سنة، بمعنى أن الفاصل بين وفاة النبى وظهور مؤلفى الأحاديث هؤلاء هو ٦ أجيال … فالزمن يتطور والبشر يتغيرون زائد التحولات الشخصية لرواة الحديث التى لا يمكن الوثوق فيها، ومن دوام اتزانها أو استمراريتها … بمعنى ربما يكون الراوى فى هذا اليوم عاقلا وغدا مجنونا أو اليوم فاسقا فاجرا وغدا ربما قد يتحول إلى إنسان ورع وتقى.. والأصل فى البشر أنهم مذنبون وخطاؤون يصيبون ويخطئون، يجمعون ما بين الخير والشر والصواب والخطأ والحسنات والسيئات وليسوا ملائكة معصومين منزهين.. إذن الموضوع وأصل الخلاف هو وجود أكثر من ٦ أجيال وسنوات، وهى حقبة زمنية مفقودة لا أحد يعلم عنها شيئا وغير ثابتة بالأدلة والبراهين العلمية التى لا تقبل الشك أو اللبس … إن البخارى ومسلم والنسائى والترمذى وابن ماجه، جميعهم لم يروا ولم يعرفوا ولم يعايشوا، بل لم يولدوا أصلا فى عهد الرسول أو فى عهد صحابته أو حتى فى عهد تابعيهم. البخارى ومسلم والنسائى والترمذى وابن ماجه، جميعهم لم يروا ولم يعرفوا ولم يعايشوا كل الخلفاء الراشدين وخلفاء المسلمين وولاة أمورهم!!! بل لم يولدوا بعد ولم يولدوا حتى فى الجزيرة العربية … إذن من أين جاؤا بأحاديث النبى الرسول؟ وما هى مصادرهم ومراجعهم؟ ومن هم شهودهم على كل حديث؟ وأين هى وثائقهم التى خطوها بأياديهم بأصلها؟ بمعنى أن تأتى بـ٢٠٠ أو ٣٠٠ أو ٥٠٠ حديث، فيجب أن يقابلها الرقم نفسه بمخطوطات أصلية، فأين هى تلك المخطوطات؟ إنه دين وعقيدة وشريعة وليس وجهات نظر نختار منها ما يحلو لنا ونترك منها ما لا تهواه قلوبنا؟
إن الرسالة المحمدية استمرت ٢١ سنة، وإذا افترضنا أنها فقط ١٠ سنوات نحسبها: الشهر فيه ٤ أسابيع فيه ٤ أيام جمعة × السنة ١٢ شهرا= ٤٨ × ١٠ سنوات= ٤٨٠ خطبة جمعة.. من المفترض أن تكون موجودة فى كتب البخارى ومسلم وغيرها، فأين تلك الخطب؟ فهل من المعقول أن كتب البخارى ومسلم وغيرهم جاءت بآلاف الأحاديث العامة والشخصية التى نسبت للنبى ولم تستطع أو ضعفت وعجزت عن سرد خطب الجمعة؟!!! ولا خطبة واحدة..!! إنه فعلا أمر غريب..!!
أيعقل أن أمة الإسلام من بعد وفاة الرسول (ص) بأكثر من ٦ أجيال، وبأكثر من ١٨٣ سنة وبعد أكثر من ٢٤ خليفة للمسلمين، أنه لم يوجد تجميع للأحاديث؟ حتى جاء مسلمون وغرباء عن ثقافة العرب وخصائصهم من خراسان وبلاد فارس حتى يعلموا المسلمين عن كل ما نقل عن الرسول وكأنه لم يوجد من آل البيت ولا الصحابة ولا الثقات ولا الكتبة.. وكأن أمة العرب التى خرج الإسلام من رحمها فى الجزيرة العربية كانوا كلهم أمواتا!!!
أفيدونا يا من يسمون أنفسهم بعلماء الأمة هل هناك مؤامرات وسرقات وخيانات تمت على الدين نفسه من أهل الإسلام أنفسهم؟.. لأننا ما قرأنا يوما أن الروم أو التتار أو المغول أو الفرس أو كائن من يكون قد غزا مكة أو المدينة واحتلهما احتلالا ولا حتى ليوم واحد..!! فى حين أن خلفاء مسلمين عرب دمروا الكعبة أكثر من مرة، واستباحوا المدينة المنورة بنسائها وأطفالها، وقتلوا الآلاف من صحابة الرسول وتابعيهم..!!
ويبقى السؤال الشرعى والمشروع دون إجابة: ماذا حدث فى الـ(١٨٣) سنة الغائبة؟!!!!!!!
كل عام وأنتم بخير.