الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

"النور والظلام".. إطلالة إنسانية على حياة المكفوفين في مصر

المكفوفين
المكفوفين
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بين أنغام الفلوت وعزف الأنامل على الهارب والكمان، بين الطرقات وعلى المقاهى وفى الشارع وفى المدرسة، تجولت كاميرا الفنان مصطفى درويش مخرج الفيلم الوثائقى «النور والظلام» الذى تناول الحياة اليومية للمكفوفين فى مصر. يظهر الفيلم الحياة اليومية للمكفوفين، ونضالهم فى زحام العاصمة، بين وسائل النقل العام -التى هى صراع وتحدى للمُبصرين أيضًا- كما يتحدث عن مشاكلهم التعليمية وارتفاع تكلفة «كتب برايل» التى لا تزال تستخدم فى مصر، على الرغم من عدم استخدامها للمكفوفين فى العديد من البلدان، واستخدام أساليب حديثة أخرى مثل الكمبيوتر، مشيرا إلى نضال «المكفوفين» فى الجامعة، لا سيما عدم توافر الكتب الجامعية بطريقة برايل، واضطرارهم إلى طباعتها على نفقتهم الخاصة.
يظهر الفيلم الجوانب الإبداعية للمكفوفين، التى تتجلى فى أوركسترا النور والأمل للكفيفات، وهى الأوركسترا العالمية، التى ظهرت مؤخرًا فى حفل عيد الأم وحضرها الرئيس عبدالفتاح السيسي.
عن أصعب المواقف التى تعرض لها مصطفى درويش خلال تصوير الفيلم يقول لـ«البوابة»: «إن أصعب موقف مر به كان الإنتاج، حيث كانت ظروف إنتاج الفيلم صعبة جدًا، خاصة وأننى كنت فى ذلك الوقت أقوم بتأدية الخدمة العسكرية والأمور المادية كانت صعبة جدًا، لأن معظم الأفلام الوثائقية لا تستهوى المنتجين، وكنت أقوم بإلانتاج بنفسي».
متابعا: «يعتبر ذوى الإعاقة البصرية هم أول أناس أقوم بعمل قصة وثائقية عنهم، فجاءتنى الفكرة حينما كنت أعمل كإخصائى اجتماعي، وهذا كان له فضل كبير لأننى كنت أقوم بزيارات ميدانية إلى مراكز المكفوفين، وكنت أرى أن هذه الفئة تعانى بشكل كبير من التهميش، وقلة تسليط الضوء عليهم على المستوى الإعلامي، وأن ظهورهم فى السينما كان يُعد مسارًا للسخرية، أو يتم تصويرهم بصورة مضحكة، وكان فيلم أحمد آدم، «صباحو كدب»، أثار حفيظة ذوى الإعاقة البصرية بشكل كبير، وكنت أحاول من خلال فيلمى أن أنقل الصورة الحقيقة وصورة جيدة عن المكفوفين».
وأضاف «درويش» أنه كان مهتمًا بتسليط الضوء على أكثر من نموذج من ذوى الإعاقة البصرية، كأوركسترا النور والأمل، فعلى الرغم من الشهرة العالمية التى حققوها وسفرهم لأكثر من ٣٣ دولة أجنبية، إلا أنهم لم يكونوا معروفين مثل الآن، حيث قام بتصوير الفيلم فى عامى ٢٠١٣ و٢٠١٤ حتى خرج إلى النور.
متابعا: «كنت أتعامل مع المكفوفين وكأننى واحد منهم، كنت أحاول التقرب من كل شخص فى القصة وكأنه فرد من أفراد عائلتي، وكنت أسترجع دائمًا وقت دراستى الميدانية وأنا أقوم بالتصوير، فلم أجد أى صعوبة فى التعامل معهم بل على العكس كنت أجد السكينة والهدوء معهم».
وعن أهم المشكلات التى تقابل صناع «الأفلام الوثائقية» يشير «درويش» إلى أنها تتمثل فى عدم وجود جهات إنتاجية ترعى مثل هذه المشروعات التى تلقى الضوء على الفئات المهمشة، أو تسليط الضوء على مشكلاتهم، إضافة إلى أن بعض صناع الافلام الوثائقية وخاصة الشباب يعانون بشكل كبير فى التمكن من إيجاد منح إنتاجية، حيث يتقدم لهذه المنح الآلاف من الشباب، وهذا لا يعطى الفرصة الجيدة لعرض المشروعات بشكل جيد. مشيرا إلى أن الفترة الأخيرة وخاصة فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التى تمر بها البلاد، يجد صناع المادة البصرية والأفلام الوثائقية المستقلين صعوبة بالغة، والتى يأتى على رأسها التصاريح الأمنية والمتعلقة بالتصوير فى الشارع.
بقوله: «إحنا فنانين شباب ويا دوب بنحاول نوفر الكاميرات ولسنا جهات إنتاجية كبرى تقدر على دفع مبالغ إيجار الأماكن، مثل المترو أو أحد الفنادق أو الشوارع، وأن تصوير «شوت» فى الشارع، يحتاج إلى تصاريح ليس لها نهاية، كما أنها تستغرق وقتًا كبيرًا وتكاليف مادية أكبر من إمكانياتنا، وأننا يجب أن نكون تابعين لجهات مثل شركات الإنتاج السينمائى على سبيل المثال، أو إحدى القنوات الفضائية، كما أن الكثير من المخرجين المستقلين تعرضوا لمشاكل كبرى بسبب تلك التصاريح». وعلى الرغم من كل العقبات فقد تمكنت من التصوير بداخل عدد من المدارس وبعض الملاعب التى يتوافد عليها ذوى الإعاقة البصرية، وكانت أهم المشكلات التى تحدثوا عنها، هى مشكلة الدراسة الثانوية، حيث إنه لا يُسمح للمكفوفين بالتسجيل فى القسم العلمي، ويسمح لهم بدراسة القسم الأدبى كالتاريخ وغيره، كما يلقى الفيلم الضوء على لعبة «كرة الجرس» وكيف يمضى المكفوفون وقتهم داخل الملعب أو فى الشارع وعلى المقاهي.
والناحية الإيجابية التى يظهرها «النور والظلام» هى قدرة المكفوفين على العطاء والعمل مهما كانت صعوبة المهنة، ومهما استغرقت من تعب، وكيف أن المكفوفين قادرين على العمل فى وظائف صعبة مثل إصلاح أجهزة الكمبيوتر، وإتقان بعض المهن اليدوية كالنول وغيرها من المهن الحرفية، على الرغم من ذلك إلا أن المكفوفين لا يحق لهم التعيين فى مناصب أو وظائف كبيرة حتى إذا كانوا قادرين على القيام بالعمل فى الشركات أو المعاهد الحكومية.
ويُعين ٥٪ من الموظفين كمكفوفين كما تطلب الحكومة من المعاهد، وتدفع رواتبهم شهريا ويطلب من الموظفين المكفوفين عدم الذهاب إلى العمل لأنهم يعتقدون أنهم غير قادرين على القيام بأى عمل على الرغم من أن العديد من المكفوفين أثبتوا أنفسهم فى العديد من مجالات العمل.
أما الأماكن التى قام بالتصوير فيها، فهي بعض المراكز للمكفوفين مثل «مركز النور»، و«الأمل للمكفوفين» فى مصر الجديدة، و«المركز التجريبى للمكفوفين» فى جسر السويس بالقاهرة.
مصطفى درويش، صحفى «مالتى ميديا» مستقل، مهتم بتوثيق الحياة اليومية والقصص الإنسانية، وقام بعمل بعض القصص فى «مصر، السودان، الإمارات، ماليزيا، تركيا، السويد، ولاتفيا»، والتى امتازت جميعها بإلقاء الضوء على الحياة الإنسانية للأشخاص المهمشين.