الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

محمود حامد يكتب: في رثاء البحراوي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ما لهذا الزمان لا يريد أن يرحمنا؟ 
صاحب «فى مديح الألم» ارتاح أخيرًا من الألم.. ليترك فى نفوسنا ألما لا ينتهى.
الدكتور سيد البحراوى أستاذ الأدب العربى يرحل بعد رحلة معاناة طويلة مع المرض.
كم أنت معلم حقيقى لأجيال من الشباب فى كلية الآداب وكلية الإعلام وفى حلقات المثقفين المنتشرة بالقاهرة. 
كم أنت إنسان نادر.. دمث الخلق.. محب للبشر.. قابض على مبادئك النبيلة كالقابض على الجمر.
دائما فى مخيلتى ابتسامتك الجميلة التى تضىء المكان بمجرد دخولك.. دائما أرى صوتك وأنت تتحدث كمن يلقى قصيدة أو يفتتح ندوة أدبية.. تذكرتك (ولم أكن لأنساك أبدًا) منذ أيام ونحن جلوس على المقهى بعد إفطار الأربعاء الماضى، ودار حديث طويل عن نبلك وقيمتك وعظيم شأنك.
لا أدرى لماذا يصفك كثير من الصحفيين بـ«الناقد الأدبى» وينسون صفاتك الحقيقية إلى جانب تلك الصفة؟ فأنت المعلم الأمين والأب الحنون والمثقف الثورى والمناضل الجسور والأكاديمى المتميز.. وقبل كل ذلك الإنسان نادر الوجود. 
متفرد أنت دائمًا.. عبرت فى كل كتاباتك عن انحياز واضح لمنهج اجتماعى وثورى فى النقد الأدبى، ومن حقك أن تفخر بأنك بذلت كل ما تستطيع لتنحت لنا نظرية متكاملة ونموذجًا لمنهج علمى فى دراسة النص، وكان ذلك واضحًا وضوح الشمس فى «لؤلؤة المستحيل»، وذلك عبر تحليل مجموعة من النصوص الشعرية التى تمثل الانتقالات الأساسية فى تاريخ القصيدة العربية، كان الهدف مزدوجًا إذن، تقديم نموذج لمنهج التحليل، وتقديم التطورات الأساسية فى بنية القصيدة العربية على مرّ العصور، كما ذكرت فى كتابك.
جمعتنا سنوات من العمل المشترك فى إطار لجنة الدفاع عن الثقافة القومية ورأيت فيك المثقف الملتزم بقضايا وطنه وشعبه وأمته، وكنت دائمًا تمثل «مدفعية ثقيلة» دفاعًا عن ثوابت الأمة وعن قضايانا القومية، وما زلت أتذكرك وأنت تشارك معنا فى صياغة بيان «لا لمشاركة العدو الصهيونى فى معرض الكتاب»، فضلًا عن صياغتك للعديد من بيانات وإصدارات اللجنة.
وجمعتنا «سفرية» إلى جامعة جنوب الوادى بقنا، منذ سنوات طويلة، فكان لحضورك الجميل وروحك المرحة ما خفف عناء السفر.
لا أملك سوى التسليم بقضاء الله.. أعزى نفسى وأعزى زوجتك الفاضلة الدكتورة أمينة رشيد، وأقدم خالص العزاء لرفاقك وزملائك وتلاميذك وعارفى فضلك وهم كثير.
صديقى الإنسان الجميل «هتوحشنى فعلا».. فإلى لقاء.