الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

زعيم "طالبان" باكستان.. من قاتل التلاميذ إلى "الملا راديو"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
رغم أن حركة طالبان باكستان تلقت العديد من الضربات منذ 2009، إثر مقتل مؤسسها بيت الله محسود، إلا أن الغارة الأخيرة التي استهدفت الحركة، وأسفرت عن مصرع زعيمها الحالي فضل الله، تعتبر الأقسى من نوعها، خاصة بعد تلقيها سلسلة من الهزائم المتلاحقة على أيدي القوات الحكومية في منطقة القبائل في شمال غربي باكستان منذ بداية العام الحالي.


ويزيد من وطأة الضربة، التي أسفرت عن مقتل فضل الله، أنها جاءت أيضا بعد شهور قليلة، من مقتل خالد محسود، أو"خان سعيد ساجنا"، نائب رئيس الحركة، والذي كان يعرف أيضا بالأكثر تشددا، ولعب دورا كبيرا في مواصلة الهجمات، ليس فقط ضد الأهداف العسكرية في جنوب إقليم وزيرستان القبلي في شمال غرب باكستان على الحدود مع أفغانستان، وإنما أيضا ضد أهداف في عمق باكستان.
ويبدو أن مقتل فضل الله يحرج أيضا إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي فرضت عقوبات على باكستان بزعم عدم التعاون مع محاربة الإرهاب، رغم أن استهداف زعيم طالبان باكستان داخل الأراضي الأفغانية، يثبت أن إسلام آباد لا تتساهل مع المتشددين، وأن ضرباتها المتواصلة ضدهم أجبرت حتى قياداتهم على الفرار خارج أراضيها.
ويبدو أن تداعيات مقتل فضل الله لن تقتصر أيضا على الداخل الباكستاني، لأنه تزامن أيضا مع إعلان حكومة كابول وحركة طالبان الأفغانية عن وقف لإطلاق النار في عيد الفطر، ولذا يرجح البعض أن تعيد الحركة الأفغانية حساباتها وتبحث بجدية عرض الحكومة الأفغانية للحوار ووقف دائم لإطلاق النار، لتجنب مصير نظيرتها الباكستانية
وكانت غارة أمريكية شنت بالتنسيق مع القوات الأفغانية استهدفت الخميس الموافق 14 يونيو عددا من قيادات حركة طالبان باكستان في ولاية كونار شرقي أفغانستان على الحدود مع باكستان، حيث يتنقل عناصر طالبان الأفغانية وطالبان الباكستانية، عبر الحدود المشتركة بين البلدين.


وكشف متحدث باسم وزارة الدفاع الأفغانية، لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، الجمعة الموافق 15 يونيو، تفاصيل مقتل الملا فضل الله، الذي كان يدير أنشطته من داخل الأراضي الأفغانية، قائلا إنه قتل هو وأربعة من مساعديه في غارة جوية باستخدام طائرات دون طيار.
ويبدو أن طالبان باكستان تعرضت لضربة موجعة، لأن فضل الله هو ثالث زعيم للحركة ولقي مصير سابقيه بيت الله محسود وحكيم الله محسود، إذ قتلوا جميعا في غارات أمريكية، هذا بالإضافة إلى أن فضل الله الذي تولى زعامة الحركة في 2013، عرف بالأكثر تشددا وكان يستهدف فرض الشريعة بالقوة في باكستان، وارتكب مجازر ضد المدنيين الباكستانيين، وهو أكبر متشدد مطلوب في باكستان.
وفي مارس الماضي، أعلنت الولايات المتحدة مكافأة قدرها خمسة ملايين دولار مقابل الحصول على معلومات عن فضل الله، الذي عرف أيضا بالملا "راديو" نظرا لخطبه وأحاديثه الغاضبة، التي كانت إذاعة (صوت الوادي) تبثها في باكستان.
وفي 16 ديسمبر 2014، أشرف فضل الله على الهجوم الذي نفذه مسلحون على مدرسة يديرها الجيش الباكستاني، في مدينة بيشاور، شمال غرب البلاد، ما أسفر حينها عن سقوط 145 قتيلا، منهم 132 تلميذا، بالإضافة إلى 182 جريحا.
وأشارت تقارير باكستانية حينها إلى أن نحو 700 تلميذ، تتراوح أعمارهم بين سن 12 إلى 16 عاما، كانوا داخل مدرسة "الجيش العامة"، التي هاجمها ستة مسلحين من طالبان باكستان بالأسلحة والمتفجرات. وتبنت الحركة حينها مسئولية الهجوم، وزعمت أنه رد انتقامي على عمليات عسكرية للجيش في منطقة القبائل.
وتعتبر واشنطن منطقة القبائل الباكستانية بؤرة لعدم الاستقرار، ومكان لاختباء قادة تنظيم القاعدة ومقاتلي حركة طالبان، الذين يهاجمون القوات الأمريكية في أفغانستان.
وتكونت حركة طالبان في الأساس من طلبة المدارس الدينية في باكستان، وظهرت حركة طالبان أولا في أفغانستان على يد الملا الراحل محمد عمر، وبدأت تظهر بوضوح منذ 1992، وبعد الغزو الأمريكي لأفغانستان، بدأ يتردد اسم طالبان باكستان.
وشكل 13 فصيلا يتركزون في مناطق مختلفة في شمال غربي باكستان جماعة أطلقوا عليها حركة طالبان باكستان بزعامة بيت الله محسود، الذي يتخذ من جنوب إقليم وزيرستان القبلي في شمال غربي البلاد على الحدود مع أفغانستان مقرا له، وأعلنت إرسال مقاتلين إلى أفغانستان للمساعدة في طرد القوات الأجنبية.


ومنذ بداية ظهورها، دبت خلافات بين فصائل طالبان باكستان بشأن مقاتلة القوات الباكستانية، حيث عارض بعضها العنف الذي يستهدف القوات الباكستانية، ورأى أن الحركة ينبغي أن تركز جهودها القتالية في أفغانستان، لكن المجموعة التي كان يرأسها بيت الله محسود وفضل الله، كانت تروج أن مقاتلة القوات الباكستانية مبرر بسبب مساندتها للمجهود الحربي، الذي تقوده الولايات المتحدة في أفغانستان ضد القاعدة وطالبان أفغانستان.
ومعظم مقاتلي حركة طالبان باكستان ينتمون إلى عرقية الباشتون الذين يتركزون في مناطق شمال غربي باكستان المحاذية للحدود مع أفغانستان، ويطلق على الحركة باللغة الأردية المحلية "تحريك طالبان".
وبدأ اسم الحركة في الانتشار عندما اتهم مسئولون باكستانيون زعيمها بيت الله محسود بتزعم سلسلة من الهجمات الانتحارية في مناطق مختلفة من باكستان منذ اقتحام الجيش الباكستاني للمسجد الأحمر في إسلام آباد في يوليو 2007 بهدف سحق جماعة متشددة كانت تقيم في المسجد المذكور.
كما أشار المسئولون الحكوميون بأصابع الاتهام إلى محسود بأنه المشتبه الرئيسي وراء تدبير اغتيال رئيسة الوزراء السابقة، وزعيمة حزب الشعب، بنظير بوتو، في هجوم بالأسلحة والقنابل على موكبها في مدينة روالبيندي في ديسمبر 2007 ".
وقتل بيت الله محسود في غارة أمريكية استهدفت عام 2009 منزل صهره في جنوب إقليم وزيرستان في شمال غربي البلاد، فيما قتل خليفته حكيم الله محسود، في ضربة جوية نفذتها طائرة أمريكية بلا طيار على موكبه في مطلع نوفمبر 2013 في إقليم شمال وزيرستان الواقع شمال غربي باكستان.
وفي 12 فبراير 2018، قتل خالد محسود، أو"خان سعيد ساجنا"، نائب رئيس الحركة في هجوم شنته طائرة أمريكية بلا طيار تابعة في منطقة شمال إقليم وزيرستان، قرب الحدود مع أفغانستان، فيما قتل ثالث زعيم للحركة الملا فضل الله في 14 يونيو 2018 في غارة أمريكية شرقي أفغانستان.
وبالنظر إلى الضعف المتزايد في صفوف الحركة على إثر سقوط قياداتها الواحد تلو الآخر، وهزائمها المتلاحقة أمام الجيش الباكستاني، فإنها قد تعيد حساباتها، وتعلن التخلي عن السلاح في مواجهة حكومة إسلام آباد، خاصة في حال موافقة طالبان أفغانستان على الدخول في حوار مع حكومة كابول.