الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

كعك العيد" و"العيدية .. طقوس وعادات من الموروث الثقافي المصري

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"كعك العيد".. ثقافة مصرية قديمة، منذ عصور الفراعنة، تصنع في اﻻعياد والمناسبات السعيدة، بأشكال زاهية ومختلفة، تعبر عن الفرح وتقدم للضيوف.
واستمرت هذه الثقافة بعد دخول اﻻسلام مصر قبل أكثر من 14 قرنا، وصار طبق "كعك العيد"، جزءا ﻻيتجزأ من مراسم وطقوس اﻻحتفال بهذه المناسبة السعيدة التي تبدأ عادة بصلاة العيد ثم كعك العيد..
وتلتقي القيم الروحية مع الموروث الثقافي، جنبا إلى جنب، في المناسبات السعيدة واﻻعياد، في مختلف ربوع ارض الكنانة؛ لتعبر عن طبيعة الشخصية المصرية المتفردة التي تتآلف داخلها مختلف الحضارات والثقافات.
وقد تميزت أعياد المسلمين عن غيرها من أعياد الجاهلية بأنها قربة وطاعة لله وفيها تعظيم الله وذكره كالتكبير في العيدين وحضور الصلاة في جماعة بعد توزيع زكاة الفطر مع إظهار الفرح والسرور على نعمة العيدين ونعمة إتمام الصيام في الفطر.
و من ابرز عادات وتقاليد المصريين فى عيد الفطر المبارك صلاة العيد فى مختلف مساجد الجمهورية، واعطاء العيدية للاطفال وتناول الكحك..
واﻻعياد مناسبة لتاكيد ثقافة "لم الشمل" التي يحبها المصريون، حيث تذهب الأسر كبارها مع صغارها إلى الأماكن المجهزة للصلاة، يرتدون ملابس جديدة زاهية، وبعد الانتهاء من الصلاة يهنئون بعضهم البعض وسط حالة من الفرحة العارمة بين جميع الناس، ثم تأتى وجبة الإفطار العائلية حيث يجتمع جميع أفراد العائلة مع بعضها بعد شهر كامل من الصيام، وبعدها يخرج الكل لزيارة الأقارب والأصدقاء للتهنئة بالعيد.
وفي العيد تتجلى الكثير من ثقافة الإسلام الاجتماعية والإنسانية، ففي العيد تتقارب القلوب على الود، ويجتمع الناس بعد افتراق، كما يذكرنا العيد بحق الضعفاء في المجتمع الإسلامي حتى تشمل الفرحة بالعيد كل بيت، وتعم النعمة كل أسرة، وهذا هو الهدف من تشريع "صدقة الفطر".
أما المعنى الإنساني في العيد، فهو أن يشترك أعدادٌ كبيرة من المسلمين بالفرح والسرور في وقت واحد فيظهر اتحادهم وتُعلم كثرتهم باجتماعهم، فإذا بالأمة تلتقي على الشعور المشترك، وفي ذلك تقوية للروابط الفكرية والروحية والاجتماعية.
وبسبب عشق المصريين للموروث الثقافي، تحولت العادات القديمة مثل "كعك العيد" إلى صناعة يعمل عليها اﻵﻻف في اﻻفران والمحلات الكبرى، واعتاد المصريون استقبال عيد الفطر بـ”صواني” الكحك البسكويت والبيتفور، وهي عادات قديمة يتوارثها الأجيال ولا يمكن الاستغناء عنها.
يذكر ان لكعك العيد أصول قديمة مرتبطة بموسم بذر البذور، إذ كان يصنع من الدقيق والسمن مع وضع كميات من العسل على شكل قرص وفي الوسط علامة حتب، وكان بعض القدماء يشكلون الكعك على هيئة أشكال هندسية أو زهور، وكانوا يحشونه بالتمر المجفف “عجوة”.
ولم يقتصر الأمر في صناعة كعك قدماء المصريين على الأعياد فقط، بل كان هناك نوع مخصص لزيارة المقابر ويطلق عليه حاليًا “الرحمة أو الفتوت".
و يذكر التاريخ ان كعك العيد ظهر لأول مرة منذ حوالي 5 آلاف عام، إذ اعتادت زوجات الملوك تقديمه للكهنة القائمة على حراسة هرم خوفو، وتفنن الخبازون في تصنيعه بأشكال متنوعة مثل المخروطي واللولبي والمستطيل والمستدير، وكان ينقش بما يقرب من 100 نقشة بأشكال مختلفة، وشهدت صناعته تطورًا كبيرًا على مر العصور.
و في عهد الدولة الطولونية، صنع القدماء الكعك في قوالب خاصة مكتوب عليها “كل واشكر”، وأصبح من أهم مظاهر الاحتفال بعيد الفطر خلال تلك الفترة، وفي عقد الدولة الإخشيدية، صنع أبو بكر محمد بن علي المادراني، وزير الدولة، كعكً في أحد الأعياد ووضع داخله دنادير ذهبية، وأطلق عليه حينذاك “كعكة انطونلة”، أما الدولة الفاطمية، فقد خصص الخليفة الفاطمي ما يقرب من 20 ألف دينار لصناعة كعك عيد الفطر، وتفرغت المصانع من منتصف شهر رجب لخبزه وملء مخازن السلطان به، والذي تولى عملية توزيعه.
وعن "العيدية" فهى واحدة من أهم طقوس وعادات الاحتفال بالعيد فى مصر وأكثرها انتشارا ورسوخا، ومن عادات وتقاليد العيدية أنها تختلف فى القيمة حسب السن، وكثيرا ما يحصل الصغار على العيدية من الأبوين والجدين والأعمام والعمّات والأخوال والخالات، ومن المعتاد أن تكون نقود العيدية جديدة وزاهية.
ويحرص المصريون على تجهيز مائدة تختلف كثيرًا عن موائد الأيام العادية، يكون ضيفها الأساسي هو سمك البوري المملح “الفسيخ”، وأيضا الرنجة المدخنة، والسردين المملح والبصل، ويعتبر المصريون أن تلك الأكلة هي التي تنظف أمعاءهم من الأطعمة الدسمة، التي تناولوها طيلة شهر رمضان.
فيما يختلف الاحتفال في ثاني وثالث أيام العيد، فيحرص الجميع على الذهاب إلى المتنزهات العامة للاحتفال بالعيد بعد قضاء اول ايامه مع الاهل والاقارب.
ومع اقتراب عيد الفطر يبدأ المغتربون التوافد على أماكن مولدهم حيث تعيش العائلة والأهل، لقضاء إجازة العيد مع أفراد عائلاتهم، فيما يكون العيد مناسبة فردية لتجميع كافة أبناء الأسر والعائلات على موائد واحدة.