الخميس 09 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

منى السايح تحكي.. رحلة العمر إلى "الأقصى" في رمضان

منى السايح
منى السايح
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
* سلطات الاحتلال تسمح للأهالي من خارج القدس بزيارة الأقصى فى رمضان.. وتمنعها معظم أيام العام 
* ليلة زيارة الأقصى تشبه فرحة انتظار العيد لدى الأطفال الصغار
* ساحات الأقصى تمتلئ بآلاف البشر.. والموائد يُرص عليها كعك القدس الشهي
* لجان شبابية تتولى التنظيم.. والجمعيات الخيرية توزع وجبات الإفطار على الزوار

تبدأ منى فى التجيهز لرحلة تعادل أهميتها لديها، أهمية زيارة زوجها المريض الأسير فى سجون الاحتلال «بسام السايح»، فالمناسبة غالية وهى زيارة المسجد الأقصى، وهى زيارة لا تقوم بها منى إلا 5 مرات فقط فى رمضان، وتحديدا كل يوم جمعة منه وليلة القدر، حيث تمنع سلطات الاحتلال على الأهالى خارج القدس الزيارة فى معظم أيام العام، وفقط تسمح بها فى رمضان.

طقوس خاصة 

تستعد منى للزيارة بطقوس خاصة، فتستغرق وقتا فى تجهيز جلبابها الذى ستزور به المسجد الأقصى، وكذلك تلميع حذائها وإعداد نفسها، يستمر ذلك طوال يوم الخميس محاولة قطع الوقت ليمر سريعا حتى يهل المساء.
تصف منى «ليلة الجمعة» تلك فى حديثها لـ «البوابة» بأنها صعبة، حيث تأرجح منى فيها بين مرارة الانتظار، وحلاوة الشوق، وذكريات رمضان الذى مضى، تستكمل قائلة: «ليلة لا مثيل لجمالها تحتوينى خلالها مشاعر وأحاسيس تشبه فرحة انتظار العيد لدى الأطفال الصغار، ومن فرحتى يطير النوم من عيني، فلا أستطيع النوم، وأستمر بمراقبة الساعة، منتظرة اقتراب أذان الفجر، وهو ميعاد الخروج والبدء بالرحلة».
تخرج منى من منزلها مع أذان الفجر فى سيارتها ومعها صديقاتها رفقاء «رحلة العمر» يتجهن جميعا إلى موقف الباصات فى نابلس «مدينة منى» لتبدأ فى رحلتها برفقة أصدقائها متجهات إلى حاجز «قلنديا» فى مدينة رام الله، خلال ذلك تشاهد المئات من الفلسطينيين القاصدين لنفس الرحلة باتجاه المجمع بالطريق، فهم أيضا ينتظرون مرور باص يكون فيه فرصة الركوب لرام الله.
يركب الجميع الباصات، ومع بداية التحرك يتلو الجميع آيات من القرآن الكريم بشكل جماعى مع ترديد الأذكار، بعدها ينشغل كل منهم بما يريد، البعض بالأحاديث الجانبية، فيما يسرح آخرون ويتخيلون كيف ستكون الرحلة، والبعض الآخر يستغل تلك الساعات فى النوم.
تصل منى ورفيقاتها إلى الحاجز وتصفه قائلة: «حينما نصل هناك نرى المئات من الوافدين الذين لا ينقطعون حتى ولو لثوان معدودة، فالباصات لا تنتهى وتحمل مئات ممن يحلمون بيوم يزورون فيه الأقصي، يلتقى الجميع ويتبادلون السلام، خلال ذلك نعبر حاجز «قلنديا»، وبعده حاجز إسرائيلى يعج بجنود ومجندات الاحتلال، بعدها نركب فى باص آخر للوصول إلى مدينة القدس.

الشوق للأقصى 

تصف منى لحظات الوصول بأنها الأصعب فى وصف جمالها، وتقول: «تبدأ ضربات القلب بالازدياد، وتكون فى أوجها عند رؤية بريق قبة الصخرة المباركة، فتجد الجميع يحمد الله أننا وصلنا إلى هناك فترتاح نفسيا ونحن ننزل عند أبواب المسجد الأقصى».
تصف منى مشهد الدخول وكأنه الدخول إلى جنة من جنان الأرض تقول: «هناك يكون المشهد رائعا من توافد الجميع لبوابات المسجد الأقصى بأعداد كبيرة، عند الدخول هناك قصة عشق أخرى، وشعور أكثر من رائع، بصدق فى كل مرة أدخل إلى مدينة القدس، أكون كالذى لا يصدق أنه استطاع تحقيق حلمه بدخولها».
«لا أصدق أننا فى المسجد الأقصى»، تلك الكلمات تقولها منى لا إراديا لنفسها ولأصدقائها ولكل من حولها من شدة فرحتها، حين تشم رائحة المكان والشوارع، تلك التى شهدت أعتابها رحيل فلسطينيين كثر وتشوق مسلمين فى أرجاء الأرض لتلك الأعتاب، أملا فى غفران الله ونيل الشهادة»٪
تبدأ منى بالتجول فى باحات المسجد والتقاط الصور التذكارية التى تحفظ بها ذكريات هذا اليوم، الذى لن يتكرر إلا فى رمضان المقبل، وتبدأ فى التجهيز للصلاة داخل المسجد، والإكثار من التسبيح حتى يحين موعد الإفطار.

توزيع وجبات الإفطار 

بوقت الإفطار تجد ساحات قبة الصخرة وجميع ساحات المسجد الأقصى مليئة بالحلقات البشرية بصورة رائعة، تجتمع فيها العائلات والأحباب مع بعضهم البعض، وتجد أكثر ما يوضع بتلك الموائد المتواضعة كعك القدس والفلافل، وأيضا هناك العديد من الجمعيات الخيرية والمؤسسات الإنسانية توزع الوجبات الإفطار لكل من يحب أن يأخذ، وهناك وقبيل الأذان تجد الجميع يوزع التمر من هنا والعصائر من هناك والبعض يوزع بعض المأكولات، فتجد العطاء بأجمل حالاته.
أما حين يرفع أذان المغرب، تجد الجميع يبدأ بالتمر والماء والعصائر بسبب الحر والعطش، ومن بعده أكل بعض اللقيمات بشكل سريع حتى نسمع الإقامة للصلاة، وبعد صلاة المغرب يكمل الجميع الإفطار، وبعده تجد العديد من الناس تبدأ بتوزيع القهوة، وتجد الجميع يبدأ بالتنظيف للتجهيز لصلاة العشاء والتراويح.

لجان شبابية تتولى التنظيم 

وإلى أن تبدأ صلاة العشاء تتجول منى فى البلدة للتنزه فى شوارعها حتى يؤذن العشاء، وهناك تجد لجنة النظام فى ساحات الأقصى من الشباب، يطلبون من الرجال النزول من ساحة قبة الصخرة لأنها مخصصة للنساء فقط، والنزول للمسجد القبلى؛ حيث يكون الإمام والرجال فى ساحاته، وهنا تبدأ جموع المصلين بالاصطفاف والتجهز للصلاة.
تبدأ صلاة العشاء ومن ثم التراويح، وحينها وعلى حد وصف منى، تشعر بسمو الروح بمنظر مهيب؛ حيث تجد المصلين على امتداد البصر، وبعد صلاة التراويح يبدأ الناس بالعودة إلى منازلهم، ويبقى من أحب إكمال القيام للفجر، فتجد العباد والعشاق ينتشرون فى ساحاته بقراءة القرآن أو الصلاة أو الذكر، وهناك من يرتاح قليلا ليقوم قبل الفجر للتجهيز للسحور ولصلاة الفجر، وهناك جنود الأقصى وخدّامه من لجان النظام، المكونة من مجموعات شبابية تقوم على خدمة وتنظيم زوار الأقصى.
ولأهل القدس دور فى هذه الرحلة، كما أحبت منى أن تذكر فتقول: «هم يقومون بفتح بيوتهم لأجل الوضوء واستخدام حماماتهم، لتبدأ رحلة المغادرة على نفس الطريق الذى جاءوا منه وجو الحزن، يخيم على الجميع لانتهاء الفترة المسموحة لهم، فكما تقول منى «نذهب بالفرح الشديد ونعود بالحزن» إلى أن نلتقى مرة أخرى فى الجمعة التى تليها حتى انتهاء رمضان.