الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

واحة الخميس السهام المارقة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قبل 67 كنا نتعامل مع إسرائيل باعتبارها مجموعة من العصابات المسلحة المدعومة من الغرب الأمبريالى أو الاستعمارى حسب تعبير ذلك الزمان، ولم يفكر أحد فى الدخول إلى البنية الاجتماعية الإسرائيلية ولا إلى فنهم ولا إلى أدبهم إذ كنا نظن أنهم لا يملكون شيئًا على الإطلاق وإنما هم مجموعة من اللصوص الذين احتلوا الأرض بخيراتها وهم يحاربون من أجل الاستمرار فيها ويعيشون داخل معسكرات أو مستوطنات، وأننا كعرب نستطيع إذا خلصت النوايا أن نلقيهم فى البحر فى ظرف ساعة، ولكن صدمة 67 جعلتنا نعيد التفكير فى هذا الكيان الذى يبدو أنه دولة منظمة ذات مؤسسات قوية، وأن لهذا الشعب أنشطته الاقتصادية والفنية والأدبية، ومن هنا قرر الرئيس جمال عبدالناصر إنشاء مراكز ووحدات لدراسة المجتمع الإسرائيلى وترجمة كتبهم ودورياتهم لمتابعة أنشطتهم، فأول طريق الانتصار هو فهم العدو، والحقيقة إننى لا أدرى لماذا تذكرت هذا كله وأنا أشاهد مسلسلا تليفزيونيًا يعرض على قناة أبو ظبى، عنوانه «السهام المارقة»، وللوهلة الأولى وبعيدًا عن تعصب كل منا لعمله فى هذا السباق الرمضانى، وبكل حيادية فقد وجدت نفسى أمام عمل جدير بالمشاهدة لما يطرحه من قضايا تحتاج للبحث والمناقشة، فكلنا يسمع عن تنظيم داعش وهو الاسم الإعلامى المختصر للدولة الإسلامية فى العراق والشام، هذا التنظيم الذى نظنه مجرد عصابات مدعومة من بعض الدول التى تريد إعادة تقسيم المنطقة على أساس دينى طائفى، وهذه العصابات تحارب بشكل همجى وبربرى بحت، وقد اكتفينا جميعًا بما لدينا من معلومات تناقلتها وكالات الأنباء عن هذا التنظيم، وتكاد الغالبية العظمى من أبناء وطنى لا تعرف اسمًا من قادة هذا التنظيم غير أبى بكر البغدادى الذى يُطلق عليه مسمى الخليفة، ولأننا نعيش بعيدًا عن تلك الديار التى تعانى ويلات الصراع فإننا لا نلقى بالًا بما يحدث هناك من أمور حياتية يومية، إذ كيف يعيش فى كنفهم سكان المدن والقرى التى احتلوها وبأى العملات يتعاملون، وكيف يتزوجون ويتعلمون ويسافرون ويعالجون، وكيف يحصل الموظف هناك على راتبه؟ هذه الأسئلة وغيرها وجدت جانبًا كبيرًا من الإجابة عليها فى هذا المسلسل التليفزيونى الذى أعد مادته العلمية الداعية الشاب معز مسعود وكتبه محمد وخالد وشيرين دياب وأخرجه باقتدار وبحرفية عالية محمود كامل وتألق فيه شريف سلامة وشيرى عادل ووليد فواز وعائشة بن أحمد وهانى عادل، وجميعهم يظهرون بشكل مختلف تمامًا، ويحسب ذلك بلا شك لقدرات المخرج الذى حافظ على إيقاع العمل فرغم صعوبة مثل هذه النوعية من الدراما إلا أنك لا تشعر بملل ولو لمشهد واحد وأعتقد أنه من الضرورى عرض هذا المسلسل المهم عبر القنوات المصرية، وختامًا لابد من توجيه الشكر لكل من معز مسعود ومحمد حفظى على تصديهما لإنتاج هذا المسلسل الذى أمتعنى كثيرًا لما فيه من فكر وفن.