يعد عيد الفطر من المناسبات ذات القيمة التاريخية الكبرى لدى كافة الشعوب والبلدان الإسلامية قاطبة، فهو يتلو أيام شهر رمضان بكل ما فيه من عادات دينية واجتماعية تختلف من بلد لآخر، ليبدو وكأنه امتداد ديني واجتماعي يلف الأجواء بروحانية ذات لون خاص، وكما تختلف عادات الاحتفال والاحتفاء برمضان، كذلك تختلف عادات الاحتفاء بقدوم عيد الفطر من دولة إسلامية إلى أُخرى.
يحل العيد في اليمن كإحدى المناسبات التي يبرز فيها مدى الترابط والتواصل داخل الأسرة والمجتمع اليمني المتمسك بأصالته وعاداته المستلهمة والمستمدة من الدين الإسلامي، ويحرص اليمنيون على العودة إلى جذورهم في العيد، فالمسافر خارج الدولة يعود إليها، ومن يسكنون في المدن من أبناء الريف يعودون إلى قراهم لتمضية عطلة العيد، ويعود ذلك بالقطع إلى الترابط الأسري القوي الذي شكَّل عامل البعث والحركة الأول للعادات اليمنية التي تبدو واضحة خاصة في فترة الأعياد، فعندما يلتقي الطفل جده في العيد فإنه يقبل جبهته وركبته، في إشارة إلى احترام الصغير للكبير اللا نهائي، والحرص على تواصل الأجيال الذي لا ينقطع.
ولا تختلف عادات الاحتفال بالعيد في اليمن عن بقية الدول الإسلامية بشكل كبير، غير أن اليمنيين يحرصون على ابراز الجانب الاجتماعي في مراسم الاحتفال بالعيد، فيعودون المرضى ويتبادلون الزيارات للتهنئة بحلول العيد في أعقاب الصلاة حيث يبدأون بزيارة أكبر افراد العائلة سنًا انتهاءً بأصغرهم، كما تزداد وتتضاعف في فترة العيد حفلات الزفاف والأفراح، وربما يكون الطعام اليمني هو ما يميِّز اليمن بشكل كبير في احتفالات العيد، ففي الإفطار يختلف اليمنيون في عادة تناول اللحم، حيث يتناولون الكعك الذي يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالعيد.
أما وجبة الغداء اليمنية في العيد فتشتمل على "الزربيان"، وهو طبق من اللحم والأرز، وقد يضاف إليه الزبيب والبطاطا، وأيضًا هناك "السبايا"، وهي خليط من الدقيق والبيض والسمن يطهى في الفرن ويمزج بالعسل اليمني الشهير الذي يعتبر من أجود انواع العسل في العالم، بالإضافة إلى "السلتة" التي تطهى من الحلبة والكراث مع كمية قليلة من الأرز ومزيج التوابل المذابة في الخل والماء، ويتم تقديمها مع نوع خاص من الخبز يسمى بـ"الملوج"، وجميعها من الأكلات التي ارتبطت بالعيد.
