الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

خلافات إيرانية روسية حول الأزمة السورية.. ومفاوضات سرية بين "موسكو وتل أبيب" حول توسيع نطاق سيطرة حكومة دمشق

الأزمة السورية
الأزمة السورية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى ظل ما أطلقته موسكو مؤخرًا من تصريحات بضرورة خروج كل القوات الأجنبية من الأراضى السورية، من بينها القوات الإيرانية أو المدعومة من إيران، سلّطت وسائل الإعلام الإيرانية الضوء كثيرًا على هذه القضية. حيث انتقدت هذه الوسائل، التى من بينها الصحف الصادرة باللغة الفارسية، التصريحات الروسية مستشهدة بما قاله مسئولون عسكريون إيرانيون من بقاء القوات الإيرانية داخل الأراضى السورية «طالما كانت بطلب من الحكومة والشعب السوري!». 
الكاتب الإيرانى «شهاب شهسوارى» كتب مقال فى صحيفة الاعتماد الإيرانية، لا ينتقد فيه التصريحات الروسية فحسب، بل يضيف إلى ذلك فحوى تعاون بين موسكو ودول وكيانات أخرى لمحاولة استعادة دور الجيش السورى داخل أراضيه والتأثير على النفوذ الإيرانى داخل الأراضى السورية، وهذا هو ما جاء بالمقال: 
أعلن المسئولون الروس خلال الأسبوعين الماضيين رغبتهم فى انسحاب كل القوات الأجنبية الخارجية من الأراضى السورية فى الجنوب والجنوب الغربى للبلاد. وقادت هذه التصريحات من جانب آخر إلى إثارة القلاقل المختلفة حول تطورات الأوضاع على الحدود السورية الأردنية، وكذلك فى الأراضى الفلسطينية المحتلة ومنطقة الجولان، وكذلك حول قضية خروج القوات الأمريكية من الأراضى السورية وكذلك المدعومة من إيران. 
وأعلنت موسكو سعيها لتهيئة الأوضاع من أجل استعادة الجيش السورى سيطرته على الحدود مع الأردن والأراضى الفلسطينية المحتلة، وكذلك مد سيطرة الجيش السورى على الأراضى الواقعة فى جنوب وجنوب غربى البلاد بالتزامن مع إيقاف الدعم الخارجى للجماعات المسلحة. وكانت الولايات المتحدة الأمريكية والأردن وروسيا قد أعلنوا اتفاق العام الماضى يقضى بتحويل مناطق القنيطرة ودرعا والسويداء، التى تقع فى أقصى الجنوب السورى، إلى مناطق «خفض التصعيد». 
وطبقًا لهذا الاتفاق، الذى أعلنت نتائجه المثمرة قبيل بدء عملية أستانة بين تركيا وإيران وروسيا بوصفه راعيًا لوقف إطلاق النار فى مناطق بسوريا، فإن الأردن والولايات المتحدة وروسيا باتوا ضامنين لعملية وقف إطلاق النار فى هذه المناطق الثلاث المذكورة. وتُعد مدينة القنيطرة، التى تشكل مرتفعات الجولان المحتلة الجزء الأكبر منها، أهمية خاصة للاحتلال الإسرائيلى من الناحية الاستراتيجية. 
ولهذا السبب، عبّر الإسرائيليون أكثر من مرة، فى تصريحاتهم العلنية ومفاوضاتهم غير المعلنة، عن قلقهم من اقتراب القوات المدعومة من إيران وحزب الله اللبنانى من المناطق القريبة من مرتفعات الجولان المحتلة على الحدود السورية. حتى إن الإسرائيليين طرحوا أكثر من مرة هذه القضية فى محادثاتهم مع المسئولين الروس، والتى كان من بينها إبعاد القوات والعناصر المدعومة إيرانيًا من المناطق التى تقع تحت الاحتلال الإسرائيلي. وكانت هذه القضية من بين القضايا التى تحدث عنها رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو خلال زيارته إلى موسكو خلال الشهر الماضي.
وتقول وسائل الإعلام الإخبارية إن روسيا قَبِلت هذا الطلب الإسرائيلى فى مفاوضاتها غير المعلنة. وتقول إحدى الوسائل الإعلامية الإسرائيلية إن وزير الدفاع الروسى، سيرجى شويجو، ونظيره الإسرائيلى، أفيجدور ليبرمان، قد توصلوا إلى اتفاق نهائى حول عقد صفقة تقبل بحضور وسيطرة قوات الجيش السورى على المناطق المحاذية للاحتلال الإسرائيلى ولكن بشرط ضمان خروج كل القوى الإيرانية من هذه المنطقة. 


انسحاب الولايات المتحدة
أشارت صحيفة الشرق الأوسط فى عددها الصادر يوم الأحد قبل الماضى إلى احتمالية انسحاب موافقة القوات العسكرية الأمريكية على الانسحاب من قاعدة التنف الواقعة فى جنوب شرقى سوريا. وطبقًا لما ذكرته الصحيفة، فإن نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكى، ديفيد ساترفيلد، يعمل، طبقًا لاقتراح تقدم، على انسحاب كل القوات الأجنبية من مسافة تتراوح ما بين ٢٠ و٢٥ كيلومترًا على الحدود مع الأردن. 
وبناءً على ذلك، سوف يتم فتح المعابر الحدودية ما بين الأردن وإسرائيل فى هذه التى يقع ٧٠٪ منها فى الوقت الحالى تحت سيطرة المجموعات المسلحة. وينص هذا المقترح كذلك على تنفيذ عملية إخلاء محافظة درعا من الميليشيات المسلحة من قِبل القوات الأمريكية ونقلهم الآمن إلى إدلب فى شمال سوريا والذى سيتم طبقًا له، كما كتبت صحيفة الشرق الأوسط، فإنه من الممكن كذلك أن يتم إخلاء القاعدة الأمريكية المثيرة للجدل فى الصحراء الواقعة ما على الحدود العراقية الأردنية. 
وأضافت جريدة الشرق الأوسط أن إعداد هذا الاقتراح هو واحد من آخر الأعمال التى يتولاها ساترفيلد قبل تغييره وإرساله إلى تركيا سفيرًا لبلاده فيها. 
لقد انتقدت موسكو عدة مرات الحضور العسكرى الأمريكى فى قاعدة التنسف السورية إلى أن قال وزير الخارجية الروسى، سيرجى لافروف، «من وجهة نظرى، ليس هناك أى مبرر منطقى لبقاء القوات الأمريكية فى قاعدة التنف». لقد تحولت قاعدة التنف، التى تأسست فى البداية مركزًا لتدريب الجماعات المسلحة المعارضة على يد القوات الأمريكية، خلال العام الماضى إلى نقطة استراتيجية فى خطة الولايات المتحدة الأمريكية للسيطرة على نفوذ إيران فى سوريا. 
كتبت صحيفة واشنطن بوست منذ أسبوعين فى تقرير لها أن هذه القاعدة العسكرية هى «مقياس تصميم الولايات المتحدة لمواجهة النفوذ الإيرانى فى سوريا» ووصفتها بأنها أهم قاعدة استراتيجية للتصدى لدعم إيران للقوات الموالية لها فى سوريا. ومن ناحيتها، تقول واشنطن إنها ترغب من خلال الحفاظ على هذه القاعدة العسكرية فى أن تسيطر على عملية عبور وتمرير الأسلحة إلى القوات الموالية لإيران فى سوريا عن طريق الأراضى العراقية. 

الجنوب بعد العاصمة 
بعد الانتهاء من عمليات تحرير الغوطة الشرقية فى دمشق من أيدى المسلحين وبعد طرد ما تبقّى من عناصر تنظيم «داعش» الإرهابى من جنوبى العاصمة دمشق، باتت المحافظات الجنوبية فى سوريا هى الهدف القادم للحكومة السورية من أجل استعادة وإحياء السيطرة المركزية على الأراضى السورية. 
فخلال الأيام الماضية، تحدّثت وسائل إعلام المعارضة السورية عن تأهّب الجيش السورى من أجل بدء عملياته فى محافظة درعا. وطبقًا للوسائل الإعلامية السورية، فإن طائرات الجيش قد قامت بإلقاء منشورات على أهالى المدن السورية الجنوبية تحذّرهم من التعاون مع الجماعات المسلحة وتعدهم باقتراب تحرير هذه المناطق. 
ولفت هذه التطورات من جانب آخر أنظار الولايات المتحدة الأمريكية التى قالت المتحدثة باسم وزارة خارجيتها بلهجة تحذيرية الأسبوع الماضى: «إن الولايات المتحدة الأمريكية ستتخذ ردًا حاسمًا ومناسبًا فى حالة انتهاك وقف إطلاق النار من جانب الجيش السورى، وذلك بصفتها الضامن الأساسى له فى منطقة خفض التصعيد». 
ومن ناحية أخرى، أبرزت تقارير جديدة أنه فى حالة الاتفاق النهائى ما بين الولايات المتحدة الأمريكية والأردن وروسيا وإسرائيل فإن احتمالية تحرير هذه المناطق المذكورة من الجماعات المسلحة بدون اللجوء إلى الحرب باتت أمرًا واردًا. ومن ناحية أخرى، قال موقع «المصادر» الإخبارى إن الأردن بوصفه واحدًا من مضيفى اللاجئين السوريين، الذى تضرر اقتصاده بسبب التكلفة الكبيرة المنفقة على اللاجئين السوريين، وكذلك بسبب غلق المعابر التجارية مع سوريا، قد رحّب باستعادة الحكومة السورية للسيطرة على الحدود. 
وأخيرًا، يبعث اندلاع معاركَ متجددة يمكن أن تتسبب فى نزوح اللاجئين القلق مرة أخرى لدى عمان. وهو ما صرح به ميخائيل بوجدانوف، نائب وزير الخارجية الروسى منذ أيام 
حين أعلن أن بلاده ترحّب بعقد لقاء ثلاثى بين الأردن وروسيا والولايات المتحدة لبحث الموقف المستقبلى للأوضاع على الحدود السورية الأردنية.