الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

وزير الشئون الدينية بتونس في حوار لـ"البوابة نيوز": التوانسة استقوا مبدأ عدم تعدد الزوجات من القرآن.. ولدينا خطة لإعادة تأهيل العائدين.. وكل القرارات الخاصة بالمرأة منبعها الموروث الفكري

المستشار أحمد عظوم،
المستشار أحمد عظوم، وزير الشئون الدينية التونسى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
هدأ المشهد الدينى التونسى.. فكلما انتهى إلى تغيير يَمسُّ قضية شرعية حسمها جمع المسلمين فى السابق طرأ تغيير جديد؛ لذا أخذت المجتمعات الإسلامية تحفظاتها على الدولة التونسية، التى تتلخص أغلب تحركاتها فى المساواة بين الجنسين، حتى لو تطلب ذلك جواز تزويج المسلمة من غير المسلم، عكس الوارد شرعًا، والمعمول به فى كل المجتمعات الإسلامية، وإلغاء الفروق فى الميراث، التى يتفق أغلب المفسرين على ورودها صريحة فى القرآن الكريم.. التقت «البوابة نيوز»، المستشار أحمد عظوم، وزير الشئون الدينية التونسى للتعرف على المستجدات فى تونس، وكيفية مواجهة تنظيم داعش.
■ ما «القاعدة التاريخية»، التى تنطلق منها تونس فى قراراتها فيما يخص المرأة.. وتُعرف بـ«الصَّداق القيروانى»؟
- يعود تاريخ نشأة الصَّداق إلى ١٣٠٩ أعوام، عندما وصل مؤسس الدولة العباسية أبوجعفر المنصور إلى تونس فى ٧٠٩م، هربًا من ملاحقة الأمويين، فنزل عند رجل يُدعى منصور بن عبدالله الحميري، بمدينة القيروان (تبعد نحو ١٦٠ كيلومترًا عن العاصمة التونسية)، وكان للحميرى ابنة جميلة تُسمى «أروى»، أُعجب بها الخليفة، وطلب يدها للزواج فوافق الأب، إلا أنه أصرَّ على تدوين شرط فى عقد الزواج يُلزِم الزوج بعدم التزوُّج من أخرى، وإذا ما حدث ذلك يكون طلاقها بيدها.
«جرت عادة أهل القيروان على عدم تعدد الزوجات»، يقول الوزير، الذى يشرح سبب إصرار «الحميرى» على إلزام زوج ابنته بعدم التزوج من أخرى، بأنه «طالما ارتضى الخليفة العباسى أن يتزوج من القيروان، فوجب عليه الالتزام بما يسير عليه أهلها».
ويُعد عقد زواج أروى القيروانية من الخليفة أول وثيقة إسلامية رسمية تمنع تعدد الزوجات، وهذا العقد ليس به شبهة مخالفة للدين، فالتوانسة استقوا مبدأ عدم التعدد من القرآن، الذى ورد فى آية رقم (١٢٩) من سورة النساء، «ولَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا»، كإقرار باستحالة تمكن الرجل من المساواة بين الزوجات، وبما أن القرآن ربط تعدد الزوجات بشرط القدرة على العدل بينهن، ثم عاد وذكر أن العدل أمر غير وارد، فمبدأ التعدد لم يُقر من الأساس»، على حد قوله.
■ صدرت قرارات فى تونس فيما يخص المرأة.. اعتبرها البعض مخالفة للدين.. فما تعليقك؟
- كل القرارات التى تتخذها تونس فيما يخص المرأة، ويظن البعض أنها مخالفة للدين، منبعها الموروث الفكرى التونسي، ويمكن فهمها فى أن التوانسة دائمًا يجتهدون فى تقديم قراءة للنصوص الدينية؛ إلا أن هذا لا يعنى أنهم يتهاونون فى الدين.
فتونس دولة إسلامية، لغتها العربية، وحريصة على التمسك بالدين، وكل ما تسنُّه الدولة من قوانين له مرجعية شرعية، ونحن فى تونس نسعى لقراءة النصوص، بما يتوافق مع كل عصر.
■ إحصائية مؤسسة «صوفان جروب» الأمريكية المعنية بشئون الاستخبارات ومكافحة الإرهاب فى يناير ٢٠١٦ تقول إن نحو ٦ آلاف تونسى انضموا إلى داعش.. فما تعليقك؟
- هذه الأرقام غير رسمية، وكل دول العالم بلا استثناء صدَّرت للتنظيم إرهابيين، «داعش» برع فى استخدام الدين فى غفلة منَّا، واستغلال التكنولوجيا للوصول إلى شبابنا، لذا علينا أن نضع خطة تتضمن محورين أساسيين، هما: تجديد خطابنا الدينى، وكيفية استخدام التكنولوجيا فى التصدى لـ«داعش».
■ ما خطط الوقاية والاحتواء؟
- تبنت تونس خطة متكاملة موضوعة بمعرفة كل المؤسسات المعنية فى تونس بمواجهة الإرهاب، وكان لوزارة الشئون الدينية ضلع فيها، وتعتمد إلى جانب الحل الأمنى على الجهد الفكري؛ بحيث تجد مكتبة «داعش» الفكرية ما يرد عليها، ويفند مزاعمها، لكن ما زلنا فى بداية الطريق، ولم ننتج موادَّ فكريةً كثيرةً، لكننا فى الطريق الصحيح على ما أظن.
ومنذ عام ٢٠٠٢، اعتمدت تونس خطة لإعادة الكتاتيب (مدارس قرآنية عُرفت فى المجتمعات العربية، واختفت من تونس خلال فترة الاحتلال الفرنسى ١٩٥٦ – ١٨٨١) لمكافحة الإرهاب، حتى وصلت اليوم إلى ألف وستمائة كُتَّاب، تنتشر فى كل المدن التونسية.
وأنا تعلمت فى الكُتَّاب، وعرفت فيه صحيح الدين، لكننا عندما نقول كُتَّاب اليوم لا نقصد الصورة التقليدية؛ شيخ كفيف وحصير مفروش على الأرض.. إن تجربة الكُتَّاب التونسية الجديدة يتوافر فيها تعليم الأطفال الفهم الصحيح للقرآن، وتحفيظهم آياته، لاسيما تعليمهم اللغات والتكنولوجيا الحديثة.
وتعتمد تونس ضمن خطتها على ٥٧٠٠ خطيب، معروفة خلفياتهم الفكرية، يعتلون المنابر، ويخطبون بما يتوافق ورؤية الدولة التونسية، لا سيما الدور الصوفى الذى تعززه الدول المغاربية اليوم فى المجتمع لمواجهة الإرهاب.
فالتصوف فى تونس هو الأصل، والصوفية لا تحتاج إلى أن نستدعيها لمواجهة الإرهاب، إذ هى حاضرة طوال الوقت والمنهج الصوفى قادر على مناظرة التطرف فكرًا بفكر.
■ ولكن ماذا عن خطة استقبال العائدين من «داعش»؟
- حتى الآن لم تستقبل تونس أى عائد من أبنائها المنضمين إلى تنظيمات إرهابية، لكنها رغم ذلك وضعت خطة تشارك فيها كل المؤسسات لإعادة تأهيل العائد، أو على الأقل اتقاء شره. وغالبًا ما يُتهم القادمون من دول المغرب العربى إلى أوروبا بالإرهاب، حتى إنَّ أى عملية إرهابية تشهدها دولة أوروبية يبقى احتمال تورط مغاربى فيها، أو منحدر من أصول مغاربية قائمًا إلى أن يثبت العكس، فنقص التوعية الواصلة لهؤلاء المغاربة المقيمين فى أوروبا قد يدفعهم فى بعض الأحيان إلى القيام بعمليات إرهابية.