الثلاثاء 04 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

الحكيم آختوي..أول من وجّه بإقامة منشآت دينية في مصر القديمة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
على مدار أيام الشهر الفضيل نصطحبكم فى رحلة عطرة، نغوص خلالها فى تاريخ الأسرات المصرية القديمة.. لنرصد كيف بدأت عبادة التوحيد، وكيف آمن الفراعنة بالإله الواحد، فالمراجع تعددت والكتب سُطرت فى إيمان الفراعنة، ولكن بين أيدينا وعلى مدار الشهر كتاب "قدماء المصريين أول الموحدين" للدكتور نديم السيار، والذى بحث ودقق ليصل إلى حقيقة ثابتة، وهى أن قدماء المصريين أول من قال "لا إله إلا الله". 
فى الحلقة السابقة رصدنا ما قاله فرانسوا دوماس فى معرض حديثه عن آداب عصر الدولة الوسطى بصفة عامة وفى قصص من أمثال "قصة الواحة"، أو قصة "سنوحى" بصفة خاصة، وأن هذه القصص لم تُستخدم الفقرات التى تُنسب إلى الحكم الأدبية تعابير أخرى غير لفظ الإله، إذن فكل النصوص التى ترجع إلى هذا العصر تنتمي إلى مذهب التوحيد.
عبادة التوحيد فى مصر كانت أقدم من عصر الدولة الوسطى، الذى يشمل الأسرات "١٣، ١٢، ١١"، وبالرجوع إلى العصر الذى سبقه وهو المعروف باسم العصر الوسيط الأول ويشمل الأسرات «١٠، ٩، ٨»، نجد أن عبادة التوحيد كانت راسخة فى ذلك العصر، ولنبدأ بالأسرة العاشرة، والتى يُعد الملك «آختوى الرابع» أحد أبرز ملوكها، ترك "آختوى" بردية تحتوى على مجموعة من المواعظ والنصائح لابنه «مرى كارع»، والتى يقول عنها الدكتور أحمد فخرى، فى كتاب مصر الفرعونية: «كانت أهم المصادر القديمة لدراسة الحالة الاجتماعية فى مصر فى أواخر أيام "آهناسيا"، تلك البردية التى تحتوى على النصائح التى وجهها الملك «آختوى الرابع» إلى ابنه الملك "مرى كارع" ويوصيه بالإكثار من إقامة المُنشآت الدينية، وأن يُرضى الله، فإن الله يعرف الذين يعملون من أجله، ويختم نصائحه بحثّ ابنه على طاعة الله، والخوف منه، فهو يعلم السر وما يخفى، ويذكره بألا ينسى آخرته، وأن يعمل لليوم الآخر، ويقول له بأن يذكر دائمًا نِعَم الله عليه". 
ويذكر الدكتور سليم حسن فى موسوعة "مصر القديمة"، فقرات من هذه المواعظ والنصائح، حيث يقول هذا الملك الحكيم: "إن الإله قد أحكم ما خلق من أرض وسماء، وهيأها حسب حاجة الأحياء، فجعل للظمأ الماء.. وللنفس الهواء، كما جعل من زرع الأرض وحيوانها.. ومن طير السماء.. ومن سمك البحار.. طِعامًا لهم، وسلط نقمته على العاصين".
ثم يقول عن صِلة الإنسان بربّه فى الدنيا والآخرة: «تمضى الأجيال جيلًا إثر جيل، مثلما يمضى الماء فى مجراه ليُفسح لغيره، وليس ثمة بحر ماء يقف جامدًا، بل هو ماضٍ فى سبيله مُكتسح ما يعترضه، والله وراء الأجيال مُحيط بأعمالهم، لا تُدركه أبصار الناس وهو يُدرك ما يعملون، فاعبد الله على ما رسم لك فى رفعتك وفى ضِعنك».
وعلى هذه الوصايا والحِكم يُعلّق الدكتور ثروت عكاشة بقوله: «هكذا نجد أن الوعى الدينى بـ«رب» معبود لا تراه العيون، مما انتهت إليه نظرة الحُكماء من قدماء المصريين منذ أربعة آلاف من السنين، بل لقد انتهى ذلك الحكيم الإهناسى فى وصف هذا الرب، إلى قريب مما جاءت به الأديان السماوية». ويُعلّق بريستد فى موسوعة «مصر القديمة» على هذه الحِكم بقوله: «نلاحظ زيادة الإمعان فى صوغ هذه التأملات بصبغة «التوحيد» فى الصورة الآتية التى صور فيها الحكيم الإهناسى الخالق الرءوف فى حاتمة تأملاته إذ يقول: «إن الله قد عنى عناية حسنة برعيته، فقد خلق السماوات والأرض».. ويقول د.سليم حسن: «لقد ختم الملك الحكيم كلامه بتأملات تدل على اعتقاده بـ«الوحدانية» ووصف خالقه المسيطر على العالم».. وهكذا كانت عقائد وأفكار قدماء المصريين من أهل ذلك الزمان، منذ ما يزيد على أربعة آلاف عام، كانت قمة الإيمان والتوحيد، إلا أن التوحيد فى مصر كان أقدم من ذلك العصر أيضًا، لنرجع إلى عصر سابق وزمان أبعد حيث الأسرة الثامنة لنتعرف على عبادة التوحيد حينها، ولكن هذا فى الحلقة القادمة.