الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

صفحات من تاريخ العلوم في الحضارة الإسلامية.. ابن ملكا البغدادي وقوانين الحركة

هبة الله علي بن ملكا
هبة الله علي بن ملكا البغدادي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
واحد من رواد علم الميكانيكا في الحضارة الإسلامية، هو هبة الله علي بن ملكا البغدادي المعروف باسم "أوحد الزمان"، ولد يهوديا ثم اعتنق الإسلام في آخر عمره وعمل في خدمة المستنجد بالله العباسي.
ويقول ابن أبي أصيبعة عن إسلامه "قيل إن أوحد الزمان كان سبب اسلامه أنه دخل يوما إلى الخليفة السلجوقي محمود أبو القاسم بن محمد، فقام جميع من حضر إلا قاضي القضاة، فإنه كان حاضرا ولم ير أنه يقوم مع الجماعة لكونه ذميا، فقال: يا أمير المؤمنين، إن كان القاضي لم يوافق الجماعة لكونه يرى أني على غير ملته، فأنا أسلم بين يدي مولانا، ولا أتركه ينتقصني يهذا، وأسلم".
بينما يورد القفطي حكاية أخرى مفاداها أن ابن ملكا كان في صحبة السلطان محمود ببلاد الجبل، وكانت زوجته الخاتون بنت عم سنجر، واتفق ان مرضت، فجزع السلطان عليها، ولما كان ابن ملكا طبيبها، خاف على نفسه من القتل، فأسلم طلبا لسلامة نفسه".
وأيا كان سبب اسلامه ففي الأخير قد أسلم وترك لنا علما نافعا رغم ما لاقاه من صعوبات في حياته، وفقد بصره أواخر حياته، وقبل فقد بصره كان يقضي معظم وقته في البحث والتأليف في كافة العلوم وأتق الطب واعتنى بالطب النفسي وعالج الناس من حالاتهم المرضية بطرق أدهشت علماء اليوم، وله العديد من المؤلفات في النفس والعقل والتشريح والكواكب وغيرها، الا ان ما يوافق موضوعنا هو كتاب "المعتبر في الحكمة" وفيه شرح لمفاهيم ميكانيكية وهندسية ضمها كتاب "أعلام الفيزياء في الإسلام" للدكتور دفاع والدكتور شوقي منها: 
أنواع الحركة، حيث يقول ابن ملكا بنوعين للحركة: "فإن الحركة إما طبيعية، وإما قسرية، والقسرية تتقدمها الطبيعية، لأن المقسور إنما هو مقسور عن طبعه إلى طبع قاسره، فإذا لم يكن حركة بالطبع لم يكن حركة بالقسم، والطبيعية إنما تكون عن مباين بالطبع إلى مناسب بالطبع، أو إلى مناسب أنسب من مناسب" ويتابع ابن ملكا: "فبهذا يعلم أن لكل جسم طبيعي حيزا طبيعيا، قد يكون فيه بالطبع وإليه يتحرك القانون الأول للحركة، أو على وجه أصح قانون ابن سينا في الحركة والسكون".
وكتب ابن ملكا عن حركة التساقط الحر للجسم تحت تأثير قوة جذب الأرض له، وأشار إلى أن حركة الجسم تتزايد في السرعة كلما أمعن الجسم في هبوطه الحر، بحيث أن تأثيره يشتد مع طول المسافة المقطوعة.
وفهم هذا القانون يعد تقدم نوعي مهم في مسيرة الحضارة العلمية الإسلامية. أيقن ابن ملكا أنه لولا تعرض الأجسام الساقطة سقوطا حرا لمقاومة الهواء لتساقطت الأجسام المختلفة الثقل والهيئة بنفس السرعة، وهو بذلك يكون أول من نقض قول أرسطو بتناسب سرعة سقوط الأجسام مع أثقالها. ويكون قد سبق بهذه النظرية جاليليو بحوالي خمسة قرون.