الثلاثاء 04 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

القرآن الكريم.. أثر القراءات في ثراء المعنى

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
اضطر الخليفة الراشد أن يجمع الناس على مصحف واحد ويحرق ما دون ذلك كى يوقف بدايات الفتنة والتشرذم التى قد تحدث بسبب خلاف الناس فى قراءة وكتابة النص القرآنى، ولقد جعل ذلك الفعل حدًا لكل محاولات الفتنة.
وثبتت بعض القراءات بعدما تم تدوينها وتوارثها بالإجازة عن العلماء والقراء، والاختلاف فى القراءات إنما هو اختلاف تنوع وثراء، لا اختلاف تناقض، ولقد انتقلت القراءات من مرحلة الرواية إلى مرحلة التدوين والتأليف، وأول من ينسب إليه مؤلف فى القراءات هو يحيى بن يعمر وهو رجل من قبيلة كنانة فقيه وعالم، جمعته بالحجاج بن يوسف الثقفى قصة عجيبة، فيروى أن الحجاج بن يوسف قال له: أتجدنى ألحن؟ فقال: الأمير أوضح من ذلك، فقال: عزمت عليك لتخبرنى أألحن؟ قال يحيى: نعم فقال له: فى أى شيء؟ فقال: فى كتاب الله فقال: ذلك أشنع، ففى أى شيء من كتاب الله؟ قال قرأت «قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِى سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ» فرفعت أحب وهو منصوب فقال له الحجاج: طول لحيتك أوقعك - وكان طويل اللحية - فقال رجل ممن حضر: أيها الأمير إن اللحية مخرجها من الدماغ فمن تفرط عليه لحيته فى طولها يخف دماغه، ومن خف دماغه قل عقله، ومن قل عقله كان أحمق، والأحمق لا يسمع منه. فقال الحجاج ليحيى: لا تساكنى ببلد أنا فيه ونفاه إلى خراسان.
ومن بعد يحى بن يعمر توالت المؤلفات فى تدوين القراءات، وكان ممن ألَّف فى هذا المجال ابان بن تغلب، ومقاتل بن سليمان، وزائدة بن قدامة الثقفى، وأبى عبيد القاسم بن سلاَّم الذى جعل القراء خمسة وعشرين قارئًا. 
وهكذا تتابعت المؤلفات فى هذا العلم حتى عصر ابن مجاهد فى القرن الرابع الهجرى الذى كان له الأثر الكبير فى توجيه الاهتمام والتأليف فى القراءات القرآنية.
ومن الأمثلة العظيمة التى تبرز مدى ثراء النص باختلاف القراءات، ففى قوله تعالى «لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ» فكلمة "مِّنْ أَنفُسِكُمْ" جاءت بضم الفاء، وهى صفةٌ لرسول الله وتعنى: من صميم العرب. وقرأ ابن عباس وأبو العالية والضحاك وابن محيصن ومحبوب عن أبى عمرو وعبد الله بن قُسَيْط المكى ويعقوب من بعض طرقه، بفتح الفاء، وتعنى: مِنْ أَشْرَفِكم