يظل شهر رمضان المنبع الكبير الذى يلهم كثير من الكتاب للكتابة عن تلك المظاهر الشعبية، التى يتمتع بها الشهر الكريم، فهناك الاحتفالات وزينة الشوارع، وطقس المسحراتى، وسهرة المقرئين فى بيوت الأثرياء لإحياء ليالى الشهر الكريم، كل ذلك شكل عالما منفردا ليالى رمضان المباركة.
ويمكن القول إن هناك كُتابًا برعوا فى التصوير، لدرجة أننا أحببنا ما صوروه بلغتهم أكثر مما هو فى الواقع، وربما ظل تصويرهم وتعبيرهم راسخًا فى القلوب والذاكرة أكثر من ذكرياتنا الحقيقية، التى عشناها مع أحداث كتبوا عنها بدقة متناهية وصوروها فخلدوها، وهذا ما حدث مع كتاب وأدباء كبار، حيث وثقوا لبعض الطقوس الرمضانية الخاصة من خلال رواياتهم، ومن هؤلاء الكتاب الذين لا ينساهم القراء على مر التاريخ الكاتب الكبير إحسان عبدالقدوس فى روايته «فى بيتنا رجل»
وتعد هذه الرواية من الروايات الوطنية التى حرص إحسان عبدالقدوس فيها على إدخال شهر رمضان عنصرا من العناصر الهامة فى الرواية؛ كى يوضح الحالة الوجدانية الوطنية، بل إن عبدالقدوس وصف حالة خلو شوارع القاهرة من الناس بشكل طبيعى فى موعد الإفطار؛ وذلك ليهرب بطل الرواية «إبراهيم حمدى» الذى تلاحقه قوى الأمن التى كانت تعمل لصالح الاحتلال فى ذلك الوقت.
ويسرد لنا الكاتب إحسان عبدالقدوس فى روايته «فى بيتنا رجل» حال العائلة المصرية فى شهر رمضان الكريم وسلوكياتهم فى الإفطار، فالأولاد الصغار يسرعون إلى الإفطار بمجرد سماع مدفع الإفطار ورب الأسرة يحث أبنائه على أن لا يأكلوا حتى يسمعوا صوت المؤذن، والبنات يجهزن الطعام، أما الأم فهى تتقلد شخصية القائد الذى يعطى الأوامر ويشبهها عبدالقدوس «بأنها القائد الماهر الذى يدير معركة حياة أو موت» فهى دائما ما تنصح أبنائها خلال وجبة الإفطار، فدائما تقول «يا ابنى ما تاكلش عيش كتير»، «متفطروش على المخلل»، «السنة يا ولاد إننا نفطر على البلح»، كما أن الأم دائما ما تسأل عن موعد الإفطار.
أما الوالد فهو يحب أن يصلى المغرب قبل الإفطار وفى بداية إفطاره يتمتم بـ«اللهم إنى لك صمت وعلى رزقك أفطرت».
