الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

قدماء موحدون.. "قصة سنوحي" وثقت لعبادة الإله الواحد في الدولة الوسطى

قدماء موحدون - ارشيفية
قدماء موحدون - ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى الحلقة السابقة تحدثنا عن مدينة أون «عين شمس»، وأن جامعتها وكهنتها، وسكانها وجيمع قدماء المصريين فى كل أنحاء مصر فى عصر موسى كانوا يدينون بعقيدة التوحيد، وأشرنا إلى أن مصر القديمة، وأولئك القدماء المصريين، أول وأقدم المؤمنين الموحدين على وجه الأرض، أما فرعون موسى وآل فرعون فأولئك لم يكونوا من أهل مصر بالأساس، ولا علاقة لهم بقدماء المصريين سوى أنهم كانوا محتلين لبلادهم، وهذه حقيقة يجب أن نتذكرها دائمًا وتثبت فى الأذهان كحقيقة تاريخية لا جدال فيها، ولكن التوحيد فى مصر كان أقدم من عصر الهكسوس الذى شمل الأسرات «١٧، ١٦، ١٥، ففى موسوعة الفن المصرى الحديث، يذكر الدكتور ثروت عكاشة أن المصريين لم يتخلفوا مطلقًا عن دين التوحيد، أو حادوا عنه فى فترة من الفترات وبالتحديد فى أيام الدولة الوسطى، ففى وصاياهم جاء النهى عما يغضب الرب، مثل ما جاء فى بردية «تشستربيتى الرابعة» والتى تقول: «لا تعترض على الرب فإنه يغضب على من يعترض عليه، ولا ترفع صوتك فى المحراب، فإن الله يحب السكون»، ومن الملاحظ أن هذه المواعظ تشبه إلى حد كبير ما ورد فى القرآن الكريم من نصائح منسوبة إلى الحكيم المصرى القديم لقمان، «وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ.. يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ ۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِى الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ وَاقْصِدْ فِى مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ ۚ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ»، وفى موسوعة الحياة الاجتماعية فى مصر القديمة، ورد نفس المعنى عن الإنكارات التى يجب على المتوفى أن يتبرأ منها يوم حساب الآخرة حيث وردت فى كتاب الموتى جملة: «ولم أعترض على إرادة الله»، أى أنه كان فى حياته يصبر على ما يُصيبه من القدر الإلهى، أى أن نفس المواعظ والحكم كانت تردد فى مصر على ألسنة الحكماء منذ أقدم العصور؛ كما ينبغى الالتفات أيضًا إلى أن هذه البردية تتحدث عن الإله فى صيغة المفرد أى أنها تنتمى إلى مذهب التوحيد. لذلك يقول «فرانسوا دوماس عن بردية «تشستربيتى»، إن عالم المصريات البريطانى الكبير لم يتردد فى وصفها بأنها تنتمى إلى مذهب التوحيد».
كما يذكر فرانسوا دوماس فى معرض حديثه عن آداب عصر الدولة الوسطى بصفة عامة وفى قصص من أمثال «قصة الواحة»، أو قصة «سنوحى»، لا تُستخدم الفقرات التى تُنسب إلى الحكم الأدبية تعابير أخرى غير لفظ الإله، إذن فكل النصوص التى ترجع إلى هذا العصر تنتمى إلى مذهب التوحيد.
ولكن عبادة التوحيد فى مصر كانت أقدم أيضًا من عصر الدولة الوسطى، الذى يشمل الأسرات «١٣، ١٢، ١١»، فلنرجع إلى العصر الذى سبقه وهو المعروف باسم العصر الوسيط الأول ويشمل الأسرات «٣١، ٩، ٨»، ولنبدأ بالأسرة العاشرة، والتى يُعد الملك «أختوى الرابع» أحد أبرز ملوكها، والذى ترك لنا بردية تحتوى على مجموعة من المواعظ والنصائح لابنه «مرى كارع»، ولكن هذا فى الحلقة المقبلة.
«لا تعترض على الرب فإنه يغضب على من يعترض عليه، ولا ترفع صوتك فى المحراب، فإن الله يحب السكون»