الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

"الأميرة ديانا" في مرمى "داعش"

الأميرة ديانا في
"الأميرة ديانا" في مرمى "داعش"
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم تقتصر جرائم "داعش"، على الدمار، الذي خلفه في كل من العراق وسوريا، وإنما نسف أيضا إنجازات عالمية تحققت في الفترات السابقة، فيما يتعلق بمواجهة كابوس الألغام الأرضية.
وقالت صحيفة "الجارديان" البريطانية في مطلع يونيو، إن الحملة الدولية ضد استخدام الألغام الأرضية، والتي أطلقتها أميرة ويلز الراحلة ديانا، وحققت حينها نجاحات كبيرة، تعرضت لانتكاسة كبيرة مؤخرا، بسبب ارتفاع وتيرة استخدام العبوات الناسفة، في سوريا والعراق من قبل داعش.
ونقلت الصحيفة عن مدير مكتب إزالة الأسلحة في وزارة الخارجية الأمريكية، ستان براون، قوله، إن "عدد الخسائر البشرية جراء الألغام سبق أن انخفض من تسعة آلاف شخص (88% منهم مدنيون) إلى أربعة آلاف سنويا منذ إطلاق حملة الأميرة ديانا في أواخر التسعينيات، لكن هذا المعدل ارتفع من جديد إلى ستة آلاف في عام 2016، بسبب داعش"
وتابع "حملة إزالة الألغام عاجزة عن التعامل مع الألغام يدوية الصنع من إنتاج داعش في الشرق الأوسط، لأن الألغام من الجيل الجديد تحتوي على كميات من المواد المتفجرة أكبر بكثير من الألغام العادية، وتم زرع الآلاف منها بالأماكن التي سيطر عليها التنظيم في العراق وسوريا، خاصة في الفلوجة العراقية".
وأشار براون إلى أن إبطال مفعول هذه العبوات، بالرغم من أنها صُنعت يدويا، يتطلب جهودا وموارد أكبر من الألغام العادية، ما يشكل تحديا هائلا أمام حملة إزالة الألغام، خاصة في ظل المساحات الكبيرة، التي كان داعش يسيطر عليها، قبل القضاء عليه عسكريا في سوريا والعراق".
ويبدو أن الوقائع على الأرض، ترجح صحة ما ذكره براون، لأن العراق يعلن بشكل شبه يومي عن ضبط العشرات من العبوات الناسفة، التي زرعها داعش في أماكن متفرقة من البلاد، خاصة في مدينة الموصل بمحافظة نينوي في شمال البلاد.
وفي مطلع يونيو، أعلن مركز الإعلام الأمني، التابع لوزارة الداخلية العراقية عن ضبط معمل لصناعة العبوات الناسفة من مخلفات داعش جنوب الموصل.
ونقل موقع "السومرية نيوز" العراقي عن الناطق باسم المركز العميد يحيى رسول، قوله في بيان، إنه "بجهود متميزة، فإن مديرية الاستخبارات العسكرية في الفرقة 20 وضمن مهامها في البحث عن مخابيء ومستودعات ومعامل أسلحة عصابات داعش الإرهابية وبعملية نوعية نفذت استنادا إلى معلومات استخبارية دقيقة، تمكنت من الوصول إلى أحد معامل تصنيع العبوات الناسفة من مخلفات داعش في منطقة الملوثة بناحية العبور جنوب الموصل".
وأضاف رسول، أن "المعمل الداعشي كان يحتوي على 1223 قنبرة هاون عيار ١٢٠ملم و243 قنبرة هاون عيار ٨٢ ملم و93 قذيفة مدفعية مختلفة و38 إطلاقة مدفع من عيار ٥٧ملم و35 قنبرة هاون عيار ٦٠ملم و9 عبوات ناسفة مسلكة و6 قذائف مدفع جهنم".
ويبدو أن الأسوأ لم يقع بعد، لأنه لا تزال هناك عبوات ناسفة كثيرة لم يتم إزالتها من تحت المباني المهدمة في الأماكن، التي تواجد فيها داعش، بالإضافة إلى أن بعض عناصر التنظيم فروا إلى أماكن أخرى خارج سوريا والعراق، ما يعني استمرار كارثة الألغام، والقضاء على نجاحات تحققت بالفعل لمواجهتها، عندما قامت الأميرة ديانا بزيارة أنجولا عام 1997، في إطار حملتها لنزع الألغام.
وحسب تقرير صادر عن المنظمة الدولية ضد الألغام الأرضية في جنيف في 18 ديسمبر 2017، فإن الألغام قتلت 2089 شخصًا في 2016، كما أن أكثر من 6500 رجل وامرأة وطفل أصيبوا بهذه المتفجرات الخبيثة، مضيفة أن معظم ضحايا سنة 2016، كانوا في دول: أفغانستان، وليبيا، وأوكرانيا، واليمن، و42% من الضحايا المدنيين كانوا من القصر.
وأشار التقرير إلى أن الصراعات في سوريا والعراق وميانمار أدت إلى بؤر توتر جديدة لعبت فيها الألغام الأرضية دورا محزنا. 
وتفرض معاهدة أوتاوا الموقعة سنة 1997 في كندا من قبل 123 دولة، حظرا شاملا على الألغام المضادة للأفراد، وتقضي بتدميرها سواء أكانت مخزنة أم مزروعة في الأرض.
ولعل إلقاء نظرة على الأسلحة التي يمتلكها داعش، يكشف أيضا حجم الخطر المحدق بالعالم، فقد نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية في 14 ديسمبر 2017 عن مسئولين غربيين تحذيرهم من أن داعش حقق تقدما كبيرا في صناعة الأسلحة، وإن أفراد التنظيم الإرهابي، بعد نجاح الضربات المتتالية لطردهم من بعض المناطق في سوريا والعراق، انتقلوا إلى بلدان أخرى، ما يشكل خطرا جديدا.
ونقلت الصحيفة عن أرنست باراخاس، الذي عمل كفني إزالة ذخائر متفجرة في البحرية الأمريكية، والذي شارك مع منظمات نزع الذخائر في المناطق التي تم طرد داعش منها، قوله:"إن الدواعش ذاهبون إلى الفلبين، وهم موجودون في إفريقيا، إن الأسلحة بحوزتهم سوف تنمو وتنتشر بمرور الوقت".
وأضاف باراخاس أن داعش عندما سيطر على مساحات واسعة من الأراضي في مدن عراقية كبرى عام 2014، استولى على المتاجر والمصانع ومسابك الحدادة والآلات العاملة بالكمبيوتر، واحتل إحدى الكليات التقنية ومختبرا بإحدى الجامعات، وبسبب توفر هذه البنية التحتية الأساسية، تمكن التنظيم من الوصول إلى مرحلة إنتاج أسلحة متنوعة بكميات كبيرة.
وتابع أنه من بين الأسلحة الداعشية، التي عثرت عليها القوات العراقية في الموصل، 3 قذائف صاروخية لم يكتمل تصنيعها، وتبين عند فحص هذه القذائف أنها ذات ميزة غير عادية، تتمثل في سائل ثقيل داخل رؤوسها الحربية، وكشفت الاختبارات في وقت لاحق أن تلك الرؤوس الحربية تحتوي على أحد مشتقات النفط الخام يشبه خردل الكبريت، وهو سلاح كيمياوي محظور يحرق جلد الضحية وجهازها التنفسي.
وبدوره، قال سولومان بلاك، المسئول في وزارة الخارجية الأمريكية والمختص بمتابعة وتحليل الأسلحة، إن "داعش حقق نتائج لم يسبق أن رأيناها في أي وقت مضى من قوة غير تابعة لدولة. 
وأضاف بلاك أن داعش تخطى مرحلة العبوات المتفجرة البدائية الصنع، التي أطلق عليها اسم "أم الشيطان" وتم استخدامها في تفجيرات بروكسل في مارس 2016، والتي أدت لمقتل ما لا يقل عن 31 شخصا وإصابة 270 آخرين، موضحا أن خطورة "أم الشيطان" تكمن في أنه يمكن تصنيعها بالمنازل بمواد تباع على الأرفف بمحال السوبر ماركت.
وأدلى عمال إزالة الألغام وفنيون في مجال إزالة الذخائر ومحللو الأسلحة، عملوا في المناطق التي تم طرد تنظيم داعش منها، بشهادات لصحيفة "نيويورك تايمز"، مدعمة بالعشرات من التقارير والصور والرسومات التي تصف الأسلحة التي طورها التنظيم الإرهابي منذ عام 2014.
وتظهر تلك الشهادات الموثقة كيفية عمل العقل الإرهابي، حيث تم وضع نظام لإنتاج الأسلحة يجمع بين البحث والتطوير والإنتاج الضخم والتوزيع المنظم لتوسيع قدرة التنظيم المسلح على التحمل والانتقام بأسلوب غادر من مدنيين عزل أبرياء.
وقد قام داعش بتعديل دفايات كهربائية، وتحويلها إلى قنابل ارتجالية، يمكن أن تنطلق بطرق متعددة، بغرض قتل الأسر العائدة إلى ديارها.
كما استخدم داعش أسلحة متنوعة بشكل عشوائي ضد خصومه على جبهات عديدة وضد المدنيين المعارضين لسيطرته على أراضيهم، تتنوع ما بين المألوفة والمستحدثة وفي بعض الأحيان كانت بالغة الضراوة.
وأشار أحد التقارير إلى أنه قبل طرد داعش من الرمادي غربي العراق، دفن مقاتلو داعش عبوة ناسفة هائلة تحت مجموعة من المنازل وتم توصيلها إلى نظام الإنارة الكهربائي في أحد المباني، اعتقد العائدون إلى بلدتهم أن المنازل آمنة، ولكن عندما قام أفراد أحد العائلات العائدة بتشغيل مولد الكهرباء، حدث انفجار هائل في منزلهم، ما أودى بحياة جميع أفراد تلك الأسرة.
ونقلت "العربية" أيضا عن كريغ ماكينالي، مدير العمليات في "المنظمة النرويجية لإزالة الألغام"، قوله إن الأسلحة العشوائية، التي زرعها داعش في أماكن متفرقة اشتملت على دفايات كهربائية، تبدو وكأنها مهجورة، ومولد كهرباء بالقرب من الموصل شمالي العراق.
وأوضح ماكينالي أن أجهزة التدفئة والمولد الكهربائي، "هي أشياء تعد مغرية للاستخدام من جانب المدنيينن، لكنها كانت مليئة بالمتفجرات المخبأة بعناية، ومعدة بحيث تنفجر فور اقتراب شخص ما منها أو إذا حاول نقلها من مكانها.