الأربعاء 01 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

المزايدة على أكباد المصريين

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
محاربة فيروس (سي) ومحاولة القضاء عليه هو الإنجاز الأكبر الذي حققه الرئيس السيسي في فترة حكمه الأولى، ولو لم يتحقق غير هذا الإنجاز في مجال الصحة فهو كاف من وجهة نظري للتدليل على أن الدولة جادة في الإهتمام بصحة المواطن، ربما يدرك أهمية هذا الإنجاز من عاشوا مثلي في الريف، حيث الفلاحين الذين تمكن المرض من أكبادهم وتوارثوا وجعه طوال عقود مضت، وحصد أرواح الملايين غير مفرق بين شاب وعجوز. مياه الصرف والتلوث وما سمعناه من أهالي الدلتا عن العلاج بحقن (الطراطير) في سبعينات القرن الماضي، كل هذا جعل مصر في صدارة الدول المصابة بفيروس (سي)حتى أن عدد المصابين في مصر وفقًا لإحصائية البنك الدولي وصل خمسة ملايين مصاب، وهو العدد الذي جعل الدولة تضع محاربة المرض في مقدمة أولوياتها، وكانت النتيجة علاج مليون و٨٨٠ ألف مريض، أغلب هؤلاء كتبت لهم الحياة من جديد عندما وفرت لهم الدولة العلاج مجانًا، اللهم إلا ٢٩٠ ألفًا تلقوا العلاج على نفقتهم الخاصة بإختيارهم،بعد أن أصبح هذا العلاج في متناول الجميع بأسعار وصلت إلى ٨٠ دولارًا بعد أن كانت ٨٠ ألفًا، ثم ٩٠٠ دولارًا، وبتصنيعه في مصر أصبح متاحًا للجميع، ولأن الدولة جادة في القضاء على هذا المرض.. أجرت وزارة الصحة الكشف على ما يقرب من سبعة ملايين مواطن في إطار خطة شاملة للقضاء على الفيروس نهائيًا في مصر بحلول عام ٢٠٢٢.
إنجاز وزارة الصحة لم يسلم من محاولات القفز عليه من قبل بعض العاملين في القطاع الخاص، وتحديدًا في تجارة أمراض الكبد، حيث رفع التجار شعار (مصر خالية من فيروس سي) وهو ما دفع وزير الصحة إلى التأكيد على أن المغرضين وأصحاب المصالح حاولوا الإستفادة من الشعار، كما أن بعض المتسلقين حاولوا السطو على إنجاز الحكومة في علاج فيروس سي.
إتهام وزير الصحة لتجار أمراض الكبد لم يأت من فراغ، ففي الفترة الأخيرة إنتشرت حملات التبرع لمرضى الكبد من خلال إحدى الجمعيات، ورفعت هذه الجمعية نفس شعار الحكومة (مصر خالية من فيروس سي) ولعل معلومات وصلت الوزير عن الميزانية الضخمة التي ترصدها هذه الجمعية سنويًا لحملة الإعلانات حتى تجمع أكبر كم من التبرعات، ولعل إتهام الوزير يأتي أيضًا بعد معلومات وصلت إليه بإنتشار تجارة السوفالدي المعالج لفيروس سي، فعلى الرغم من أن الوزارة وكبار أساتذة الكبد حذروا من صرف عقار السوفالدي لمريض الكبد إذا كانت حالته لا تسمح.. إلا أن تجار العقار لم يتوقفوا عن عمليات البيع، ولعل قضية تصنيع السوفالدي في مصنع غير مطابق للمواصفات والتي تم الكشف عنها منذ عامين، خير دليل على أن الوزارة تعرف جيدًا القائمون على تجارة أمراض الكبد، حتى لو تستروا خلف مناصب ظنوا أنها تحميهم.
ولأن أمراض الكبد حصدت أرواح أحباب لنا وأعزاء علينا..أصبحت متابعًا جيدًا لأحدث العلاجات، وعلى الرغم من أنني لا أنتمي لمحافظة الدقهلية..إلا أنني من أكثر المترددين عليها، حيث كنت مرافقًا لموجوعين بالكبد في مستشفيات جامعة المنصورة، وأدركت أنه يحسب لهذه الجامعة إثنين من أكبر الإنجازات الطبية في مصر، وهما مركز زراعة الكلى الذي أسسه الدكتور محمد غنيم، ومركز زراعة الكبد الذي أسسه الدكتور محمد عبد الوهاب، أما الأخير فهو أحد المهمومين بأمراض الكبد في مصر، ولديه خريطة بالمناطق المنتشر فيها المرض، وعلى نفقته الخاصة جاب وفريق كبير من تلامذته محافظات مصر، يعالج المرضى من خلال قوافل طبية مجانية، ومن خلاله دخل خزينة جامعة المنصورة أكثر من ٤٠ مليون جنية من خلال تبرعات من أشخاص يثقون فيه، ومن خلال مركز الزراعة الذي أسسه ويشرف عليه.. أجرى الدكتور محمد عبدالوهاب ٥٩٠ عملية زراعة كبد ليتخطى النسبة العالمية، بالإضافة إلى أبحاث مهمة نشرها في كبرى الدوريات العلمية، ومئات المؤتمرات التي مثل فيها مصر.
مثل غيره.. يتألم الدكتور محمد عبدالوهاب لألم المرضى الذين يحتاجون لزراعة الكبد، والذين لم يعد العلاج مجديًا معهم، لذلك هم بتقديم دراسة لتأسيس مركز كبير لزراعة الكبد يتبع جامعة المتصورة، وبعشرين مليون جنيه تبرع بها أحد رجال الآعمال بالدقهلية تم بناء جزء كبير من المستشفى الذي يحتاج مئة مليون جنيه للإنتهاء منه، وهو ما دفعنا للكتابة في هذا المكان الأسبوع الماضي عن فوضى التبرعات في شهر رمضان، والتي يذهب جزء كبير منها لغير المستحقين الذين حاولوا القفز على نجاح الحكومة في علاج أمراض الكبد.
مركز زراعة الكبد الذي شرعت جامعة المنصورة يحتاج إلى بعض من تبرعات المصريين، ولأن الجامعة دأبت على عدم الدعاية لما تقوم به تجاه المرضى من أنحاء الجمهورية.. طالبنا بتقنين التبرعات ليذهب بعضها لإستكمال هذا الصرح في جامعة المتصورة، ليكون بارقة أمل لمن تمكن السرطان من أكبادهم.