الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

ننشر تفاصيل محادثة الداعشي "بنجامين" وامرأة بلجيكية

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تواصلت المفاجآت حول حادثة إطلاق النار، التي شهدتها مدينة "لييج" جنوبي بلجيكا الثلاثاء 29 مايو، وسقط فيها أربعة قتلى، بينهم المهاجم.

ونقلت "فرانس برس" عن القاضي الاتحادي البليجيكي إريك فان دير سيبت، قوله في 31 مايو، إن منفذ الهجوم استخدم وسائل إرهابية ينشرها تنظيم "داعش"،عبر شبكة الإنترنت، بينها "الاعتداء على رجال الأمن بسكين، لسلبهم سلاحهم، ثم إطلاق النار لقتل أكبر عدد من الأشخاص".

وأضاف القاضي البلجيكي، أن "الجاني كان يصرخ الله أكبر خلال مهاجمته الضحايا، وأنه كان يخطط لقتل المزيد"، موضحا أن اسمه ورد في تقارير أجهزة الأمن بين 2016 ومطلع 2017، على خلفية "اتصالات مع متشددين"، لكنه لم يصنف في لوائح المتشددين.

وتابع أن الجاني بنجامين هيرمان (36 عاما) سجن أكثر من مرة منذ كان شابًا، في ملفات عنف ومخدرات، وكان يقضي عقوبة في سجن "مارش إين فامين" جنوبي البلاد، لكنه حصل على إجازة يوم ارتكابه الجريمة، على أن يعود إلى السجن مساء اليوم التالي، إذ يجيز القانون الجنائي البلجيكي منح السجناء الذين اقتربوا من إنهاء محكومتيهم، تراخيص وإجازات موقتة، تمهيدًا لاندماجهم في المجتمع.

وبدورها، قالت عاملة في مدرسة هاجمها الجاني لوسائل الإعلام البلجيكية، إن بنجامين فاجأها، قائلا:"لا تخافي، لن أؤذيك إذا فعلت ما آمرك به". وأوضحت أنها شرعت بالبكاء، فقال لها:"توقفي عن البكاء، فكري في إخوتك الفلسطينيين والسوريين".

وأضافت أنها أبلغته بوجود مخرج آخر للمدرسة إذا شاء الفرار، فردّ بأنه "يريد طبخ رجال الأمن"، وهي عبارة تعني أنه كان يخطط لمجزرة.

وفيما أعلن تنظيم "داعش" الإرهابي، في بيان على "التليجرام"، مسئوليته عن هجوم "ليبج"، كشفت وكالة الأنباء البلجيكية "بلجا"، الأربعاء الموافق 30 مايو، هوية منفذ الهجوم، وقالت إنه بلجيكي يدعى بنجامين هيرمان (36 عاما)، وهو صاحب سوابق أودع بسببها السجن مرات عدة، منذ 2003، حيث ارتكب جرائم سرقة، وضرب، وإيذاء، واتجار بالمخدرات.

وأضافت الوكالة، أنه "أثناء وجود هيرمان في السجن، رصدت الشرطة تقربه من سجناء متطرفين اعتنق على يد أحدهم الفكر المتطرف".

ونقلت الوكالة عن وزير العدل البلجيكي كوين غينز قوله، إن"المهاجم خرج من السجن بموجب إذن خروج لفترة وجيزة، وكان يفترض به أن يعود أليه كما سبق، وأن فعل مرارا".

وأوضح الوزير أن هيرمان سبق وأن حصل على 20 إذن خروج من السجن، وكان في كل مرة يعود بعدها إلى سجنه من دون حدوث أي مشاكل.

وأعرب الوزير عن أسفه لجرائم ارتكبها سجين حظي بإجازة، قائلا:"أشعر بالمسئولية فيما جرى"، وأكد أن ما ارتكبه بنجامين ليس له علاقة بالإسلام.

وحسب وسائل الإعلام البلجيكية، فإن شخصا يحمل بسلاح أبيض عبر صباح الثلاثاء الموافق 29 مايو شارعا رئيسًا وسط مدينة "ليبج" جنوبي البلاد، وسار خلف الشرطيتين " ثرية بلقاسمي (45 سنة) ولوسيل غارسيا (54 سنة)"، قبل أن يباغتهما من الخلف بطعنات عدة، ثم يستولي على سلاحهما، ويجهز عليهما بواسطته، أمام مقهى "دي آغوستينس" في شارع "إفروا" وسط مدينة لييج.

وواصل الجاني مساره الدموي، فدخل المقهى بحثًا عن مدنيين، ولم يوفق، ثم توجه نحو سيارة مركونة وأطلق النار على الطالب سيريل فان غريكين "22 سنة"، فقتله.

وواصل الجاني سيره وهو يصرخ "الله أكبر"، حتى دخل مدرسة ثانوية على بعد نحو 200 متر من المقهى، واحتجز عاملة فيها رهينة، في حين تم إخراج التلامذة من الخلف، ولم يصب أي منهم بأذى.

ولدى وصول قوات الأمن إلى المدرسة، خرج الجاني وراح يطلق النار، فأصاب أربعة شرطيين بجروح، قبل قتله برصاص قوات الأمن.

وخلال مؤتمر صحفي عقده بعد الحادثة، قال قائد شرطة لييج كريستيان بوبير إنه "من الواضح أن هدف المجرم كان مهاجمة الشرطة"، مشددا على أن هدفه لم يكن قتل أحد في المدرسة بل "إلحاق الأذى بقوات الأمن والمؤسسات والدولة البلجيكية.

وأضاف بونبير أن معظم إصابات الشرطيين الأربعة، الذين جرحوا خلال تبادل إطلاق النار مع المهاجم في المدرسة كانت في الساق أو اليد، وأحدهم أصيب في الشريان الفخذي وكانت حياته في خطر، لكنه خضع لعملية جراحية، ويبدو أن الخطر زال عنه.

وأضاف "تمت معالجة أحد الشرطيين الأربعة وخرج من المستشفى، في حين أن الثلاثة الباقين لا يزالون في المستشفى، أما تلامذة المدرسة الثانوية التي احتمى فيها المهاجم قبل أن تقتله الشرطة، فهم جميعا بخير".

وبدوره، وصف القضاء البلجيكي الاعتداء الذي أوقع ثلاثة قتلى في لييج، بينهم شرطيتان بأنه "جريمة قتل إرهابية ومحاولة قتل إرهابية".

وأعلنت ناطقة باسم النيابة العامة الفيدرالية البلجيكية وينكي روغن للصحافة أن "عناصر التحقيق الأولية تشير إلى أنه قد يكون اعتداء إرهابيا"، مشيرة إلى أن التحقيق "يتركز حاليا لمعرفة إن كان (المنفذ) تحرك بمفرده".

ومن جانبها، نقلت "الحياة" اللندنية عن جهات أمنية بلجيكية ترجيحها أن يكون بنجامين هيرمان ارتكب جريمة قتل أخرى عشية اعتداء لييج، في بلدة "أون" القريبة، ويعتقد أن الضحية كان شارك هيرمان زنزانته في إحدى محكومياته.

وتقع لييج في جنوب بلجيكا على بعد 100 كيلومتر من العاصمة بروكسل، وهي أكبر مدينة في منطقة والونيا الناطقة بالفرنسية في بلجيكا، وكانت شهدت حادث إطلاق نار عشوائي عام 2011 عندما قتل مسلح أربعة أشخاص بالرصاص وأصاب أكثر من مائة آخرين، قبل أن يقتل نفسه بالرصاص.

هجمات بروكسل

ورغم أن بلجيكا في حالة استنفار قصوى منذ تفكيك خلية إرهابية في بلدة فيرفييه في يناير 2015، كانت تخطط لشن هجوم على قوات الشرطة، إلا أن هذا لم يمنع وقوع هجمات بأراضيها.

وخلية فيرفييه مرتبطة أيضا بعبد الحميد أباعود العقل المدبر لاعتداءات نوفمبر 2015 التي راح ضحيتها 130 شخصا في باريس، وتبناها داعش.

وفي 22 مارس 2016، شهدت العاصمة البلجيكية بروكسل أسوأ الهجمات بتاريخها، إذ قتل 34 شخصًا، وأصيب 135 آخرون في تفجيرين وقعا في مطار بروكسل، وآخرين استهدفا محطتين للمترو، وتبنى "داعش" حينها هذه الهجمات.

وذكرت "رويترز" حينها أن انفجارين وقعا قرب مكتب خطوط طيران أميركان إيرلاينز في مطار بروكسل، وبعد أقل من ساعة، هز انفجار آخر محطة قطارات قرب مبنى للاتحاد الأوروبي في العاصمة البلجيكية، كما وقع تفجير رابع في محطة مالبيك المجاورة حيث مقرات الاتحاد الأوروبي.

وفي 6 أغسطس 2016، هاجم جزائري مقيم في بلجيكا بالساطور شرطيتين أمام مركز الشرطة في شارلروا جنوب البلاد، وهو يصرخ "الله أكبر" وأصابهما بجروح في الوجه والعنق قبل أن تقتله قوات الأمن، وأعلن تنظيم داعش تبنيه للهجوم في اليوم التالي.

وفي سبتمبر 2016، تعرض شرطيان لهجوم بالسكين دون أن يصابا بجروح في حي مولنبيك في العاصمة، حيث كانا يرتديان سترات واقية.

وفي 25 أغسطس 2017، وقع هجوم آخر صنف "إرهابيا"، عندما هاجم رجل من أصل صومالي جنودا بالسكين وأصاب أحدهم بجروح طفيفة وهو يهتف "الله أكبر" في قلب بروكسل، قبل أن يقتل برصاص قوات الأمن.

وسارعت بلجيكا في أعقاب الهجمات السابقة لتشديد الإجراءات الأمنية وتسريع تبادل المعلومات مع الدول الأوروبية الأخرى، كما أعلنت في 13 مايو 2017، البدء بتطبيق نظام تحذيري من الهجمات الإرهابية من خلال رسائل مكتوبة أو مسموعة عبر الهاتف، ودعت المواطنين إلى التسجيل المجاني في النظام الجديد.

وفي تغريدة على "تويتر"، قال وزير الداخلية البلجيكي جان جامبون حينها، إن الحكومة تريد تحذير المواطنين من الهجمات الإرهابية، أو الحرائق الكبيرة، التي تقع في مناطق مختلفة من البلاد، لكنها تحتاج إلى تسجيل المواطنين أرقام الهاتف مجانا على موقع حكومي مخصص لهذا الغرض.

ويوجد في مركز إدارة الأزمات التابع لوزارة الداخلية نظام مشابه للتحذير من الحرائق الكبيرة في مناطق مختلفة من البلاد، وذلك من خلال الهاتف عبر إرسال رسالة صوتية أو رسالة قصيرة مكتوبة، ولكن السلطات البلجيكية لاحظت أن أعداد الأشخاص المسجلين في هذا النظام ضئيل، كما أن كل المدن والقرى ليست مشتركة في هذا النظام، ولهذا قررت السلطات الحكومية إطلاق حملة توعية لتشجيع المواطنين على الاشتراك بالتسجيل في هذه الخدمة المجانية.

وكان نظام التحذير من الكوارث مثل الحرائق الكبرى أو الأحوال الجوية السيئة أو تسرب غازات أو مواد سامة، قد بدأ في أعقاب حادث درامي في أحد الاحتفالات الكبرى عام 2011، وجرى تطويره في عام 2014، ولكن لم تعلن سوى 33 بلدية فقط عن الاشتراك في هذه الخدمة، وعندما وقعت تفجيرات بروكسل في مارس 2016، لم تكن البلديات التي وقعت بها التفجيرات مشتركة في هذه الخدمة، وإلا كان من الممكن إرسال رسائل تحذيرية للمواطنين، حسب ما جاء حينها في تقرير لصحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية.

ويرى خبراء أن فرنسا وبلجيكا أصبحتا في مرمى ذئاب داعش، وأن هناك حاجة لإجراءات غير معتادة للتصدي للخطر الإرهابي، الذي يحدق بالدولتين.

وقال خالد الزعفراني، الإخواني المنشق والباحث في شئون الحركات الإسلامية، إن بلجيكا من أكبر بلدان قارة أوروبا، التي انضم منها عدد كبير لتنظيم "داعش" الإرهابي في سوريا والعراق.

وأضاف الزعفراني في تصريحات لـ" البوابة نيوز"، أن المئات من الشباب البلجيكي عادوا إلى بلادهم عقب خسارة "داعش" معاقله في سوريا والعراق، وهم يشكلون خطرا كبيرا.

وتابع أن فرنسا من أكثر البلدان الأوروبية استهدافًا من قبل داعش، لأن بها أكبر جالية عربية إسلامية، فعدد المسلمين فى فرنسا يتجاوز الـ٦ ملايين، فيما استطاع عدد من الإرهابيين خلال الفترة السابقة اختراق الجاليات المسلمة، وقاموا بتجنيد عدد منها.

وأشار الزعفراني إلى أن هناك نحو ١٠٠٠ فرنسى مسلم انضموا إلى داعش خلال الفترة السابقة، وعدد كبير منهم عاد إلى فرنسا عقب خسارة التنظيم معاقله فى سوريا والعراق.

واستطرد "توجد أيضا نسبة بطالة كبيرة منتشرة بين الأوساط الإسلامية المتواجدة فى فرنسا، حيث وصلت نسبة البطالة فى فرنسا نحو ٤٠٪، وأغلب العاطلين عن العمل انضموا إلى الجماعات الإرهابية، وأصبحوا أكثر تطرفا".

وختم الزعفرانى تصريحاته بالتأكيد على أن السجون من أسباب انتشار التطرف في أوروبا، لأن التنظيمات المتشددة تستغل وجود عدد من عناصرها داخل هذه السجون لنشر أفكارها المتطرفة، ونتيجة لهذا الأمر خرج منها عدد من الإرهابيين، ونفذوا العديد من الهجمات في فرنسا وبلجيكا.

 

إرشادات إرهابية

ولعل إلقاء نظرة على الإرشادات التي نشرها داعش على "التليجرام" منذ بداية 2018، ترجح أن الدول الأوروبية في خطر كبير، فقد نشر التنظيم الإرهابي كتيبا بعنوان "إرشادات الأمن والسلامة للمجاهدين الفرادى والخلايا الصغيرة"، لشخص يدعى "أبو عبيدة عبد الله العادم"، ويحتوى على ٦٢ صفحة، وتمت ترجمته إلى لغات عدة كالفرنسية والانجليزية، وتضمن نصائح لعناصره في فرنسا وأوروبا، والذين يتواصل معهم عبر المنتديات الجهادية، ومواقع التواصل الاجتماعي، بشأن كيفية تنفيذ عمليات إرهابية جديدة ناجحة.

ويعد الذئب المنفرد السلاح الأقوى لـ"داعش"، الأمر الذى دفع التنظيم الإرهابى إلى نشر كتيبات عدة تتعلق بتأمين سلامتهم فى تنفيذ عملياتهم الإرهابية، وكيفية تنفيذها بنجاح.

وتضمن كتيب "إرشادات الأمن والسلامة للمجاهدين الفرادى والخلايا الصغيرة"، العديد من الإرشادات لتعليم الذئاب المنفردة فى فرنسا وأوروبا وأمريكا، كيفية التخفى من الحكومات لضمان عدم اكتشافهم قبل القيام بعملياتهم الإرهابية.

وجاء فى مقدمة الكتاب "لا شك أن اليوم، فى حقبة الذئاب المنفردة، يحتاج الإخوة فى الغرب أن يعرفوا بعض الأمور المهمة حول الأمن من أجل ضمان النجاح فى عملياتهم، اعتقدنا أن كثيرا من الإخوة الذين لا يتحدثون العربية سيجدونه مثيرا للانتباه وربما يطبقونه فى عملياتهم المباركة".

ومن بين الإرشادات التى كثف التنظيم الإرهابى على عناصره اتباعها للتمويه، ارتداء الموضات الغربية التى يصعب من خلالها الاشتباه بانتماء هذا الشخص للتنظيم، كارتداء الساعة ولبس الخواتم، وجاء فى الكتيب "إذا كنت ترتدى ساعة، لا ترتديها فى يدك اليمنى، فهذه علامة على أنك متدين، وإذا كان لديك خاتم خطوبة أو شيء من هذا القبيل، فمن الأفضل أن ترتدى واحدا ذهبيا أو الأفضل من ذلك، لا ترتدى أى خاتم على الإطلاق، فخاتم الفضة يمكن أن يشير إلى أنك متدين، حيث يحرم الإسلام على الرجال لبس خواتم الذهب".

وحرض الكتيب الداعشى أيضا الذئاب المنفردة على شن الهجمات بالأماكن التى تكثر فيها الأعداد من أجل زيادة عدد القتلى، خاصة الملاهى الليلية، المليئة بالموسيقى الصاخبة والسكارى، والأندية الرياضية فى المباريات الكبيرة، والأسواق الكبيرة، التى يعتبرها داعش الأماكن الأفضل لعملياته، وفيها يمكن تنفيذ العمليات الإرهابية فى ظل التواجد الأمنى الضعيف، ما يزيد من عدد الضحايا، ودون أن يتمكن أحد من اكتشاف المنفذ.

وقدم الكتيب الداعشى أيضا لائحة كاملة ببرامج التشفير، التى يمكن للخلايا النائمة أن يستخدموها لتشفير محتويات الهواتف المحمولة ورسائل البريد الإلكتروني، كما عرض الكتيب قسما خاصا حول سبل مراقبة الأماكن، التى يحاول الذئب المنفرد تنفيذ عمليته بها.

ونوه الكتيب إلى ضرورة عدم ظهور الذئب المنفرد فى المساجد والصلاة بها، من أجل أن يتجنب أى اشتباه به من قبل الأجهزة الأمنية، بالإضافة إلى عدم الحديث بالألفاظ الإسلامية، التى يمكن من خلالها التعرف عليه، مثل "السلام عليكم" و"بارك الله فيك"، من أجل عدم القبض عليه قبل تنفيذ عمليته.