الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

ملوك ورؤساء أرض الكنانة.. تنصيب "فرعون" بارتداء التاجين.. فؤاد أول حاكم بعد والده السلطان.. والشعب يردد القسم مع محمد نجيب.. والسادات كسب ثقة الشعب بنسبة 99.9%

ملوك ورؤساء أرض الكنانة
ملوك ورؤساء أرض الكنانة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عرفت مصر خلال التاريخ القديم والمعاصر أداء اليمين الدستورية من قبل الحاكم، ملكا كان أو رئيسا، واختلف أداء هذا القسم وما صاحبه من مظاهر احتفالية حسب الظروف السياسية التي مرت بها البلاد، لنصل إلى يومنا هذا الذي يشهد حلف اليمين وتنصيب الرئيس "عبد الفتاح السيسى".

"فرعون" حاكم مصر
كان يؤدي الحاكم المصري القديم اليمين أو القسم في بداية حكمه بطريقته الخاصة، فلم يعتمد على "الديباجة" أو القسم الجمهوري أو اليمين الدستورية، وإنما كان هناك ما يعرف "بالمرسوم"، حيث إنه يؤرخ ليمين الملوك قبل 3200 عام تقريب، كان يحتوي على عبارات منها "فليحيا حورس، الثور القوي، أنا العدالة، جميع أرباب طيبة سعداء، والتاسوع فرح، لأن الخزائن ممتلئة بالفضة والذهب، ومصر قلبها سعيد وتطلق صيحات الفرح لأن الناس آمنون والبلد محمي".
وتعد هذه العبارات بمثابة عهد يقطعه الملك على نفسه بأن يسعد مصر وأهلها وأن يحقق الأمن والأمان ويحافظ على اقتصادها منتعشًا، وتنصيب الملك كان بروتوكولا مصريًا متبعًا في العهد القديم، فكان الحفل يقام في المكان الذي سيحكم منه الملك، فمنها ما كان يقام في "منف بميت رهينة" في صعيد مصر، وأخرى كانت في الفيوم التي حكم الملوك منها مصر لفترة طويلة، وكان تنصيب الملك يتم بارتداء التاجين الأبيض والأحمر، ويرمزان إلى أنه أصبح ملك مصر العليا والدنيا.
ومن الأمور المرتبطة بالحكم عند قدماء المصريين هو أن الملك في لحظة تتويجه يلقب بـ"فرعا"، والكلمة في الهيروغليفية تعني "القصر"، وهي ذاتها كلمة "فرعون"، وكان يقال في عصر المصريين القدماء "الفرعون" يصدر قرارات، أي أن قصر الحكم يصدر قرارات، وعلى هذا يصبح الملك فرعونا في اللحظة التي يتم تنصيبه فيها.

"فؤاد" أول ملك للبلاد بعد والده السلطان.
ولم يؤد الملك "فؤاد" الذي يعد أول ملك للبلاد والذي خلف والده السلطان حسين كامل، اليمين الدستورية أمام الجمعية التشريعية التي كانت تمثل البرلمان آنذاك، لأنها كانت معطلة منذ قيام الحرب العالمية الأولى في عام 1914، ولكن تم الاحتفال بتنصيبه يوم 11 أكتوبر سنة 1917، حيث انتقل موكبه من قصر البستان بوسط القاهرة إلى سراي عابدين لاستقبال المهنئين.

فاروق ملكًا
لم تشهد مصر احتفالات صاخبة عند تولي أي من ملوكها ورؤسائها سلطاته الدستورية قدر الاحتفال بتنصيب الملك "فاروق" والذي توج ملكا رسميا يوم 29 يوليو 1937 بأدائه اليمين، بعد انتهاء فترة الوصاية حيث كان قاصرًا، وبدأت الاحتفالات قبل وصوله إلى مصر من رحلته الدراسية بعدة أيام، حيث تبارت كل مؤسسات مصر وهيئاتها ومديرياتها ومدنها، في تنفيذ برامج خاصة لاستقبال الملك من خلال تعليق الزينات والأنوار، وكان من ضمن المحتفلين جمعية الإخوان المسلمين.
وكان اليوم الذي حلف فيه الملك "فاروق" اليمين الدستورية أمام مجلس النواب يوما أسطوريا حافلا، وارتدى الحضور ملابس السهرة والأوسمة، ودخل الموكب الملكي إلى حديقة سراي البرلمان من الباب الخارجي الشرقي في شارع مجلس النواب، متجها إلى الباب الملكي بالجهة الغربية لبناء المجلس.
وتولى رئيس مجلس الشيوخ رئاسة الاجتماع، ثم ألقى رئيس مجلس الوزراء، مصطفى النحاس باشا كلمة قال فيها إن اليوم قد أتم جلالة الملك بحمد الله 18 عاما هجريا من عمره المديد السعيد، ففى هذا اليوم الباسل تحتفل مصر من أقصاها إلى أقصاها بمباشرة جلالته لسلطته الدستورية، وتفتح عهدا جديدا آيته اليمن والهناء وطابعه السعد والرخاء.
ووقف الملك "فاروق" وأقسم اليمين الدستورية، وكان نصها: «أحلف بالله العظيم أني أحترم الدستور وقوانين الأمة المصرية، وأحافظ على استقلال الوطن وسلامة أراضيه».
وهتف رئيس مجلس الشيوخ «يعيش الملك» ثلاث مرات، وردد الأعضاء الهتاف خلفه ليدوي صوتهم في أرجاء البرلمان، وانتهت الجلسة، وعاد الملك إلى قصر عابدين وسط مظاهرات الشعب وابتهاجه.

نجيب أول رئيس
وبعد قيام ثورة يوليو 1952، تم إعلان الجمهورية في 18 يونيو 1953 وإلغاء الملكية، واختار الضباط الأحرار "محمد نجيب" رئيسًا للجمهورية، وقام بالقسم على الولاء للجمهورية في الفناء الداخلي للقصر الجمهوري بعابدين في 23 يونيو 1953 وكان ذلك أمام الوزراء ومجلس قيادة الثورة، وخرج إلى شرفة قصر عابدين، ليشهد الاحتفال الذي أقيم بهذه المناسبة.
وفي هذا الاحتفال أمسك "جمال عبد الناصر" بالميكروفون وطلب من الجماهير التي احتشدت أمام القصر أن تردد وراءه يمين الولاء والمبايعة "لنجيب"، ثم ردد القسم والجماهير تردد وراءه: «اللهم إنا نشهدك وأنت السميع العليم أننا قد بايعنا اللواء أركان حرب "محمد نجيب" قائدا للثورة، ورئيسا لجمهورية مصر، كما أننا نقسم أن نحمى الجمهورية، بكل ما نملك من قوة وعزم، وأن نحرر الوطن بأرواحنا وأموالنا، وأن يكون شعارنا دائما، الاتحاد والنظام والعمل والله على ما نقول شهيد والله أكبر وتحيا الجمهورية والله أكبر والعزة لمصر"، ثم توجه الرئيس "نجيب" بعد ذلك إلى الإذاعة وألقى خطابا على الشعب.

عبد الناصر يحلف لمصر وسوريا
في ١٧ أبريل ١٩٥٤ تولى "جمال عبد الناصر" رئاسة مجلس الوزراء واقتصر "محمد نجيب" على رئاسة الجمهورية، وقرر مجلس قيادة الثورة في ١٤ نوفمبر ١٩٥٤ إعفاء "نجيب" من جميع مناصبه على أن يبقى منصب رئيس الجمهورية شاغرًا، وأن يستمر مجلس قيادة الثورة في تولى كل سلطاته بقيادة "جمال عبد الناصر"، وفي ٢٤ يونيو ١٩٥٦ انتخب "جمال عبد الناصر" رئيسًا للجمهورية بالاستفتاء الشعبي وفقًا لدستور 1956 وحصل على 99.784% من أصوات المشاركين في الاستفتاء.
وبعد انعقاد مجلس الأمة في سنة 1957 والذي يعد أول مجلس بعد ثورة يوليو ورأسه الرئيس "السادات"، حلف "عبد الناصر" اليمين الدستورية أمام هذا المجلس يوم 23 يوليو في الذكرى الخامسة للثورة، ثم ألقى بيانًا قال خلاله إنه كان يتطلع لأن يلتقى بنواب الشعب مع قيام الثورة، وأضاف أن التجربة أثبتت أن الأمر لم يكن بسيطا، وأن الطريق كان مليئا بالصعاب.
وقد أعيد اختيار "عبد الناصر" ولكن كرئيس للجمهورية العربية المتحدة بعد وحدة مصر وسوريا، وذلك في استفتاء شعبي بين مواطني الشعبين المصري والسوري في فبراير 1958 وبلغت نسبة الموافقين على رئاسة عبد الناصر 99.994%، حيث لم يصوت ضده سوى 452 شخصًا.
وفي مارس 1965، اختير "ناصر" لمرة ثالثة كرئيس للجمهورية، في استفتاء جديد صوت 99.99% من المشاركين فيه بالموافقة، وحلف اليمين الدستورية أمام مجلس الأمة.

أيام السادات
وبعد أن توفى الرئيس "جمال عبدالناصر" في 28 سبتمبر عام 1970، عين "أنور السادات"، نائب الرئيس كـرئيس مؤقت للبلاد، وفى 7 أكتوبر عام 1970 وافق مجلس الأمة على ترشيحه رئيسا للجمهورية خلفا للرئيس الراحل "عبدالناصر"، وأجرى استفتاء شعبي على ترشيح السادات يوم 15 أكتوبر من نفس العام، ووافق الشعب على انتخاب "السادات" لرئاسة الجمهورية بنسبة 90%.
وفى 17 أكتوبر أدى الرئيس أنور السادات أمام ممثلي الشعب في مجلس الأمة في تمام السادسة والنصف مساء اليمين الدستورية التي ينص عليها الدستور وكان نصه: "أقسم بالله العظيم، أن أحافظ مخلصًا على النظام الجمهوري، وأن أحترم الدستور والقانون، وأن أرعى مصالح الشعب رعاية كاملة، وأن أحافظ على استقلال الوطن وسلامة أراضيه".
وفي أكتوبر 1976 تم اختيار "السادات" لرئاسة الجمهورية للمرة الثانية والأخيرة بعد حصوله على نسبة 99.9% وحلف اليمين أمام مجلس الشعب بعد أن تغير اسمه في دستور 1971.

فترات مبارك
ولم يمهل القدر "السادات" ليتولى فترة رئاسية جديدة، بعد أن تم تعديل الدستور عام 1980 الذي أطلق مدد الرئاسة بعد أن كانت مقيدة بمدتين، وذلك بعد أن اغتالته يد الغدر في 6 أكتوبر 1981 يوم ذكرى نصر أكتوبر المجيد، وتولى الدكتور "صوفي أبوطالب"، رئيس مجلس الشعب رئاسة الجمهورية لحين انتخاب الرئيس الجديد، كما ينص الدستور، ورشح مجلس الشعب نائب الرئيس "محمد حسني مبارك" لرئاسة الجمهورية، وتم إجراء استفتاء شعبي على "مبارك" رئيسًا للجمهورية يوم 13 أكتوبر 1981، وحصل فيه على 98.46%.
وفي يوم 14 أكتوبر حلف مبارك اليمين الدستورية في مجلس الشعب، وكانت البلاد في هذه الفترة تعيش حالة من القلق والترقب بعد الرحيل المفاجئ والدرامي للرئيس "أنور السادات".
ثم توالت فترات مبارك التي وصلت إلى خمس فترات استمرت قرابة ثلاثين عامًا، ليحلف اليمين أمام مجلس الشعب في 5 أكتوبر 1987 ثم 12 أكتوبر 1993 و26 سبتمبر 1999 وكانت كلها عقب استفتاءات، وأخيرا في 28 سبتمبر 2005 بعد أول انتخابات رئاسية تنافسية أجريت بعد تعديل المادة 76 من الدستور.

سنة المعزول
بعد أن قامت ثورة يناير 2011، وتمت الإطاحة "بمبارك"، وتولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شئون البلاد في 11 فبراير بعد 18 يومًا من قيام الثورة، إلى أن جاءت الانتخابات الرئاسية لعام 2012 وفاز بها "محمد مرسي" رئيس حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للإخوان.
ويعتبر "مرسي" هو الرئيس الوحيد الذي أقسم ثلاث مرات، فقبل أن يقسم أمام المحكمة الدستورية العليا في 30 يونيو 2012، أقسم أمام الجماهير بميدان "التحرير" قبلها بيوم واحد، كما كرر القسم مرة ثالثة في جامعة القاهرة في احتفالية تنصيبه بقاعة الاحتفالات الكبرى بالجامعة.

الرئيس عدلي منصور
وبعد عام واحد من حكم "مرسي"، ثار الشعب عليه، ليتمسك بالسلطة كما جاء في خطابه بميدان "التحرير"، إلى أن انحاز الجيش إلى ثورة 30 يونيو 2013، وأعلن خريطة الطريق في 3 يوليو والتي عزلت "مرسي" عن رئاسة الجمهورية.
وفي 4 يوليو 2013، أدى الرئيس المؤقت المنتهية فترة ولايته المستشار "عدلي منصور" اليمين الدستورية أمام أعضاء الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية، وقام المستشار "عدلي منصور" بتلاوة القسم، وكان قد أدى يمينًا أخرى قبلها بدقائق لرئاسة المحكمة الدستورية العليا، حيث كان قد صدر له قرار برئاستها في آخر أيام الرئيس المعزول.

تنصيب السيسي 
وفي حفل رسمي كبير تم تنصيب الرئيس "عبدالفتاح السيسي" رئيسًا لجمهورية مصر العربية، وبحضور رؤساء وزعماء وملوك من الدول العربية والأفريقية والأوروبية، وممثلين عن رؤساء الدول الكبرى بقصر القبة في عام 2014، وكان له معان سياسية عديدة، أولها بداية تعافي الدولة المصرية.
وفي دورة رئاسية ثانية يؤدي الرئيس "عبدالفتاح السيسي" المرشح الفائز في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، خلال أيام، اليمين الدستوري لتولي مهام إدارة شئون البلاد لفترة رئاسية ثانية، بعدما أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات رسميًا فوزه باستحقاق 2018 على منافسه "موسى مصطفى موسى" رئيس حزب الغد.