الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

من أين نبدأ "8".. الإصلاح الديني لن يتم إلا بفتح باب الاجتهاد على مصراعيه

 الشيخ عبد المتعال
الشيخ عبد المتعال الصعيدى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تأليف: عبدالمتعال الصعيدى
الأستاذ بكلية اللغة العربية من كليات الجامع الأزهر

قليلون هم الذين يعرفون أن كتاب «من أين نبدأ؟» لمؤلفه العالم الأزهرى الفذ الشيخ عبد المتعال الصعيدى «توفى عام 1966» كان «طرفا ثالثًا» فى المعركة التى دارت عام 1950 بين الأستاذ خالد محمد خالد والشيخ محمد الغزالى، الذى كتب «من هنا نعلم» ردا على كتاب خالد محمد خالد «من هنا نبدأ». 
أهمية كتاب الصعيدى ليست مجرد أهمية تاريخية هدفها معرفة طرف مجهول فى معركة فكرية شهيرة، بل تكمن أهمية هذا الكتاب بالأساس فى قيمته الفكرية والتجديدية. 
ولن نكون مبالغين إذا قلنا لو أن الدولة أو مختلف الأنظمة السياسية التى تعاقبت على مصر منذ 1950 وحتى الآن قد تنبهت لخطورة الطرح الذى يقدمه «من أين نبدأ؟» عبر تدريسه للطلاب ونشره فى مختلف وسائل الإعلام، لما كنا وصلنا إلى ما وصلنا إليه من إرهاب وعنف ونشر لأفكار من عينة: نظامنا غير إسلامى.. أو: الذى يحكمنا هو القانون الفرنسى وليست الشريعة.. أو: الخلافة الإسلامية هى النظام الإسلامى للحكم. 

تظهر قيمة «من أين نبدأ؟» التجديدية التى نحن فى مسيس الحاجة إلى نشرها وإذاعتها، وهذه مجرد أمثلة لأفكار قال بها عالم أزهرى بارز فى مساجلته مع الغزالى وخالد محمد خالد:
أولا: القانون المصرى متوافق مع الشريعة الإسلامية، إن لم يكن نصًا، فهو متفق بالتأويل، والنص الوحيد الذى كان مناقضًا للشريعة هو قانون إباحة البغاء فى أربعينيات القرن الماضى، وعندما احتج شيوخ أزهريون ضده تم إلغاؤه، ماعدا ذلك الدساتير المصرية المختلفة لا تناقض الشريعة.
ثانيا: الخلافة ليست هى النظام الإسلامى الوحيد، فكل حكم عادل هو حكم إسلامى، والدولة العثمانية التى كانت تسمى نفسها خلافة- برأى عبد المتعال الصعيدى- لم تكن تتفق مع مبادئ الإسلام.
ثالثا: جنسية المسلم هى وطنه الذى يعيش فيه، وهناك رابطة قلبية تجمع بينه وبينه المسلمين فى مختلف أنحاء العالم. النقاط السابقة مجرد أمثلة لأفكار تجديدية قدمها وعرضها الصعيدى فى «من أين نبدأ؟» الذى تنشره البوابة على حلقات طوال شهر رمضان المبارك، آملين أن ينتبه القائمون على المناهج التعليمية إلى أهمية ما يقدمه من أفكار عصرية ومن ثم يصبح مقررا دراسيا فى مختلف مراحل التعليم- بعد صياغته تربويا- فبالتعليم- التعليم فقط- يمكننا محاصرة الإرهاب الدينى الذى بات للأسف تهمة تلاحق الإسلام والمسلمين.
متى نطالب بالحكومة الدينية؟
ولكن متى نطالب بالحكومة الدينية؟ هل نطالب بها ونحن نفهم ديننا فهما معكوسا، حتى انقلبت فينا أوضاع الدين، وصار الحق فيه باطلا، وصار الباطل فيه حقا، وهو فى عقول الرجعيين الغالبين على أمره جمود لا نهوض، وتأخر لا تقدم، وانحطاط لا علو، فإذا قامت الحكومة الدينية قامت على أساس هذه الرجعية الدينية، فكانت حكومة دينية كتلك الحكومات الدينية القديمة التى استبدت بالمسلمين، واستغلت الدين أسوأ استغلال، وكانت حجة عليه لا حجة له، فلا يشرف الإسلام بها، ولا ينهض بقيامها، بل يزداد انحطاطا وتأخرا.
كلا لا يصح أن نطالب بالحكومة الدينية ونحن على هذا الحال من الجمود والرجعية، بل يجب أولا أن نطالب بالإصلاح الديني، لنقضى على هذا الجمود وهذه الرجعية، ونمضى فى السبيل الذى مضى فيه المصلحان العظيمان: جمال الدين الأفغانى والشيخ محمد عبده. 
فقد جاهدا فى طلب الإصلاح ما جاهدا، وكان لجهادهما أثر محمود فى يقظة المسلمين فى عصرنا، ولولا العقبات التى أقامهما أهل الجمود والرجعية فى سبيلهما لكان أثر جهادهما فينا أروع أثر، ولكان نجاحهما فيه أتم نجاح، فلما ذهبا إلى رحمة الله لم يقم بعدهما من يحمل لواء الجهاد فى طلب الإصلاح، فحصلت هذه النكسة المؤلمة. 
ووقفنا فى وسط الطريق حائرين مترددين، فتطاولت أعناق أهل الرجعية والجمود، ووقفوا بالمرصاد لكل من يحاول المضى فى طلب الإصلاح، يحاربونه فى رزقه وماله، ويطعنون فى عقيدته ودينه، وينفرون الناس من الاستماع له.
فإذا أراد المسلمون فى عصرنا أن ينجح سعيهم فى النهوض بدينهم، فليبدءوا أولا بطلب الإصلاح الديني، وهذا لا يكون إلا بفتح باب الاجتهاد فى الدين على مصراعيه، ليدخل فيه أهل الاجتهاد وهم آمنون على أنفسهم وأموالهم، ويمكنهم تطهير «الإسلام» مما ألصقه به أهل الرجعية والجمود، ويقينى أنه بفتح باب الاجتهاد يمكننا التوفيق بين الحكم الدينى والحكم القومي، لأنه لا يلزم أن يكون هناك خلاف بينهما، لأن كل حكم صحيح رائدة تحقيق العدل، وهذا أمر لا ينكره الحكم الدينى ولا الحكم القومي، ومتى اتفقت الغاية أمكن الاتفاق فى الوسيلة، وبهذا يمكننا أن نصل إلى حكم عادل يرضى عنه المطالبون بحكومة دينية، ويطمئن إليه المطالبون بحكومة قومية، من مسلمين وغير مسلمين، كما يطمئنون إلى الحكم القائم الآن.
وبعد فإن «الإسلام» ينظر إلى أبناء الوطن الواحد من مسلمين وغير مسلمين على هذا الأساس -لهم ما لنا وعليم ما علينا- وفى هذا الأساس تجتمع الحكومة الإسلامية والحكومة القومية، ويمكن أن يدخل فيه ما هو قائم الآن فى حكمنا القومى المصري، من عدم التفريق فيه بين المسلمين وغيرهم من الحقوق والواجبات، وهو ما يظن الرجعيون أنه مخالف للإسلام، ويظن الشيخ خالد مع أولئك الرجعيين أنه إنما يتحقق فى الحكومة الإسلامية، ويظن ذلك معه الشيخ الغزالي، ثم يخفف من أمره بأن الحكومة الإسلامية إذا قامت فإنها لا تكون من أصحاب اللحى الموفورة، والعمائم الكبيرة، وكل هذه ظنون خاطئة، لأنها تقوم على أساس أن الحكومة الإسلامية حكومة طائفية، والحق أنها حكومة إنسانية بكل ما تحمله هذه الكلمة من معني، وقد بلغ من أمرها أنها لا تلزم غير المسلمين بما يخالف شرائعهم من أحكامها، بل تترك لهم الخيار فى ذلك، لتكمل إنسانيتها معهم، ولا يكبون فيها شيء من الحرج عليهم.
قضية المرأة المصرية
قال الشيخ خالد فى موضوع -الرئة المعطلة-: لقد آن للمفصدات عندنا أن ينطلقن، وآن للرئة المعطلة أن تؤدى دورها، ليتنشق المجتمع بها أنفاس الحياة، وهذا حديث نسوقه عن قضية المرأة المصرية، ولا نسوقه لنطالب بحقها فى الثقافة والعلم، فقد كسبت هذا الحق لنفسها بفضل أولئك الغر الخالدين: قاسم أمين، ومحمد عبده، وسعد زغلول، وهدى شعراوي.
وإنما سنتحدث حديثا مباشرا عن حقوق المرأة السياسية التى يتساءل بعض الناس عن قيمتها وفائدتها لمجتمع لم يحسن رجاله حتى اليوم ممارسة حقهم الانتخابي، كما يتساءلون عن إمكان تحقيق ذلك، وللمجتمع دينه وتقاليده اللذان يقفان دون تمرس هذه الحقوق، وكما يتساءلون -وما أكثر تساؤلهم!- عن وظيفة المرأة التى خلقها الله لها، وهى رعاية البيت، وتربية الأولاد: من سيقوم بها بعد أن تصبح هى ناخبا، ونائبا، ووزيرا؟ وقد كان التحرش بحقوق المرأة ونهضتها فى الزمن الأول يأتى من أدنى لا من فوق، أى من بعض طوائف الشعب من الجاهلين والمتزمتين والجامدين من رجال الدين، أما اليوم فقد بدأ يجيء من فوق، أى من بعض وزراء الدولة وكبار رجالها المسئولين، إذ يصدر بعض وزراء المعارف أمره بحرمان الفتاة المصرية من السفر فى بعثة علمية إلى خارج البلاد، ويقف بعض وزراء الزراعة من خريجات عالمات يحملن من المؤهلات مثل ما يحمل موقفا ينطوى على كثير من الانتكاس وسوء التقدير، فأى عبث حكومى هذا الذى يتخذ من قضية المرأة غرضه وميدانه، فبجرة قلم يركلها وزير إلى الوراء مائة عام، وأى قانون ذلك القانون المتناقض الذى كان منذ زمن قريب يمنح بعض المصريات بطاقات يمارسن بها الدعارة والبغاء، ثم يحرم المصريات المثقفات من بطاقات يمارسن بها حقا مشروعا هو حق الانتخاب، والذى أباح للمرأة أن تكون محامية، وحرم عليها أن تكون قاضية، رغم إفتاء شيخ إسلام سابق هو الأستاذ الأكبر الإمام المراغى بجواز ذلك شرعا، والذى أباح لها أن تكون أستاذة وناظرة ومفتشة، ثم استكثر عليها أن تكون نائبا أو شيخا بالبرلمان، والذى يؤاخذ الزوجة على اعتدائها على زوجها بالضرب، ولا يؤاخذ زوجها إذا اعتدى عليها فضربها، والذى يؤاخذ المرأة المتزوجة إذا زنت بالحبس مدة لا تزيد على سنتين، ولا يؤاخذ الزوج بالحبس إلا إذا زنى فى منزل الزوجة، ويؤاخذه فى هذه الحالة بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر. 
ولقد كان لهذا أثره فى قيام المرأة فى مطالبتها بحقها السياسي، لترفع الإصر والأغلال التى عليها، وتقضى على هذه الفوارق الظالمة بينها وبين الرجل.
ثم ذكر أن الذين يعارضون فى هذا الحقوق يستندون فى معارضتهم إلى الدين، مع أن الدين فى جانب هذه الحقوق، فقد عارضت امرأة عمر حين خطب فأراد تخفيض المهور وتحديدها، فقامت امرأة وردت عليه بآية من القرآن، فعدل عن رأيه وقال: أصابت امرأة وأخطأ عمر، وقال هذا وقف المسلمون دون تنفيذ صلح الحديبية، فدخل الرسول -صلى الله عليه وسلم- على زوجه أم سلمة غضبان أسفا، فأمدته برأى جعل المسلمين يستجيبون له، فقال لها «حبّذا أنت يا أم سلمة، لقد نجا المسلمون بك اليوم من عذاب أليم» ولا يصح مع هذا أن يقول المعارضون لهذه الحقوق: إذا كانت أموركم إلى نسائكم فبطن الأرض خير لكم من ظهرها. فإن فى النساء من أنقذت عمر من إمضاء قانون مجحف، وفيهن من حسمت فتنة عاصفة وأنجت المسلمين من عذاب أليم.
ثم ذكر أنهم يقولون: ليس للمرأة حقوق سياسية، لأن الله يقول «الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ» ومعنى هذا أنها دون الرجال فى البيت وفى المجتمع وفى الدولة، ثم أجاب بأن هذا تأويل لا يقدر عليه سواهم، لأن معنى الآية واضح جلي، فهى لا تعدو أن تكون تزكية لسلطة الرجل فى الأسرة، ولا تتجاوز هذا إلى المجتمع والدولة، بدليل قوله فيها «بِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ».
ثم ذكر أن تصورهم أن ممارسة المرأة حقوقها الدستورية ستحول بينها وبين رعاية المنزل والحياة الزوجية تصور مضحك، كأنما حسبوا أن كل امرأة من نسائنا سوف تصبح عضو برلمان، وأن مجرد مباشرتها هذه الحقوق سيسلب منها خصائصها، فلا تصلح بعدها أن تكون زوجا لبعل، أو أما لولد، أو ربة لبيت.
وقد رد الأستاذ الغزالى على هذا تحت عنوان -المرأة والمجتمع- فقال: إنه قبل أن يبسط فيه وجهة نظر الدين يجب أن يذكر أن صاحب كتاب -من هنا نبدأ- حشا كلامه فى هذا الموضوع بعبارات نابية، كقوله لمن يعارض فى حقوق المرأة -وقد سماهم الطابور الرجعي-: إذن لا تقولوا: إذا كانت أموركم إلى نسائكم فبطن الأرض خير لكم من ظهرها، فهذه الجملة التى ينهاهم عن النطق بها جزء من حديث للنبى -صلى الله عليه وسلم- «إذا كانت امراؤكم خياركم، وأغنياؤكم سمحاءكم، وأموركم شورى بينكم، فظهر الأرض خير لكم من بطنها، وإذا كانت امراؤكم شراركم، وأغنياؤكم بخلاءكم، وأموركم إلى نسائكم، فبطن الأرض خير لكم من ظرها» والحديث يشير إلى أن النظام الاستبدادى الذى تطغى فيه شخصية الفرد على شخصية الأمة كثيرا ما تلعب النساء دورا خفيا فى إدارة أموره، مما يجعل مصلحة الجماهير موضع عبث وطيش، ونحن وإن كنا من أنصار تدعيم المجتمع بالمرأة المثقفة لا نرى أن تكون مقاليد الحكم بيدها، فهذا خروج بالأشياء عن طبيعتها، والدول التى أعلنت المساواة التامة بين الرجل والمرأة فى كل شيء لم يصل شأن المرأة فيها إلى هذا الحد، كدولة روسيا وغيرها.
ثم ذكر أنه ربما يتوهم من هذا النقاش أننا أعداء المرأة، نريد شل نشاطها وتعطيل مواهبها وقتل إنسانيتها، والحقيقة أنا ننظر فنجد أن الكلام فى قضية المرأة يتذبذب إلى أقصى اليمين أو أقصى اليسار، ولا يستقر عند الحد الذى طلبه «الإسلام»، فقوم يجنحون بها إلى تقاليد الشرق، من انتقاص مكانها وجعل الرجل مطلقا أفضل منها، وحصر وظيفتها فى المتعة المادية والاستيلاد الحيواني، وقوم يجنحون بها إلى تقاليد الغرب من التسوية المطلقة بينها وبين الرجل وإقامة المجتمع على الاختلاط العام وترك المرأة تتقلب فيه كما تشاء، والإسلام وسط بين هذا وذاك، وليس بصحيح أنه يعد المرأة لأنها أنثى دون الرجل لأنه ذكر، فرب امرأة أفضل من رجل، لأنها أرقى منه عقلا وأسمى خلقا، وقد سوى الله بين الرجال والنساء فى ميادين التقوى والاستقامة، فقال تعالى «فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ، بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ» نعم بعضكم من بعض لا فرق بين ذكر وأنثي، ولا يغض من فضل المرأة أن الله جعل للأسرة نظاما خاصا يكون الرجل فيه سيد البيت، فإن الترتيب الحيوى له شأن آخر، والرجل فى الأسرة يحمل الجانب الأشق من أعبائها، ولهذا جُعل قواما على المرأة مع تساويهما ابتداء فى الحقوق والواجبات. 

وهذا ترتيب مادى بحت فى الدنيا، أما حقيقة الفضل النفسانى والامتياز عند الله فمردهما إلى حسن الإيمان والعمل، وكذلك ليس بصحيح أن «الإسلام» يعد المرأة لمتاع البيت، فيسجنها فيه لهذا المتاع، لأنه أباح لها الخروج منه لحاجاتها الدينية والدنيوية، وكان أناس من المتزمتين فى الدين يضيقون بذلك قديما كما يضيقون به فى عصرنا، فقد حدث الرواة عن عبدالله بن عمر أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم «إذا استأذنت أحدكم امرأته إلى المسجد فلا يمنعها» فقال ابنه بلال: والله لنمنعهن. فأقبل عليه أبوه فسبه سبا ما سمع مثله قط. 
وقال: أحدثك عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتقول: والله لنمنعهن! ولكن «الإسلام» لما كان يرى أن عمل المرأة فى بيتها كبير المؤونة لم يؤكد لها سنة الجماعة، بل جعل صلاتها فى بيتها أفضل، مع الاحتفاظ بحقها فى التردد إلى الجماعة كلما شاءت.
ثم تكلم بعد هذا على حق المرأة فى التعليم وغيره، وختمه بقوله: إننا لا نريد أن نعلم المرأة لتكون كاتبة فى مصلحة أو رئيسة لقسم أو وزيرة فى حكومة، وإنما نريد لها العلم لذاته أولا، ثم نريد لها بعد أن تخدم فى الميدان الرحيب الهائل الذى تأخر الشرق قرونا إلى الوراء بسبب قلة العاملين به، وهو ميدان التربية والتعليم، ميدان الأسرة المتداعية والروابط المنهارة، وقد تكون للمرأة أعمال أخرى رسمية وشعبية تخدم بها قومها، وتساهم بها مع الرجال فى أداء الرسالة العظيمة التى كلفوا بها، ولا عليها أن تلتفت لذلك إذا شاءت، والإسلام ظهير الصالحات فى كل عصر ومصر، وكل ما نريد التنبيه إلى جلاله وخطره أن وظيفة المرأة فى بناء الأسرة وبالتالى فى بناء الأمة تحتاج إلى جهد يتصل فيه عمل الليل والنهار، والمؤلفات العلمية فى ذلك تستغرق فى دراستها سنين فكيف بتطبيقها؟.