الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

قدماء موحدون.. إبراهيم الخليل الداعي للتوحيد في مصر

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
على مدار أيام الشهر الفضيل نصطحبكم فى رحلة عطرة، نغوص خلالها فى تاريخ الأسرات المصرية القديمة.. لنرصد كيف بدأت عبادة التوحيد، وكيف آمن الفراعنة بالإله الواحد، فالمراجع تعددت والكتب سُطرت فى إيمان الفراعنة، ولكن بين أيدينا وعلى مدار الشهر كتاب «قدماء المصريين أول الموحدين» للدكتور نديم السيار، والذى بحث ودقق ليصل إلى حقيقة ثابتة، وهى أن قدماء المصريين أول من قال «لا إله إلا الله». 
نبى الله إبراهيم، من الأنبياء الساميين، ونسبه القريب يرجع إلى القبائل الآرامية، ويقول الدكتور أحمد سوسة فى كتاب «ملامح من التاريخ القديم ليهود العراق» إن التوراة ذكرت نبى الله يعقوب حفيد إبراهيم الخليل والذى يصف نفسه بالآرامى التائه، وكانت اللغة الآرامية هى اللغة التى يتحدث بها إبراهيم وجميع القبائل الآرامية فى عهده.
نشأ نبى الله إبراهيم فى مدينة «أور» بجنوب العراق فى بلاد بابل، وكانت بيئته التى نشأ فيها عاصمة الكفر وعبادة الأوثان، فكان كل من حوله من القبائل الآرامية أو القبائل البدوية الآخرى من المشركين عبدة الأوثان، وكان والد إبراهيم عليه السلام من عُباد الأصنام، وكانت حرفته صناعة الأصنام والتجارة بها، وهو ما ذكره الدكتور أحمد شلبى فى الجزء الأول من كتابه مقارنة الأديان.
ووسط ظلام الكفر، وضلال الوثنية وعبادة الأصنام، بدأ إبراهيم فى التدبر فى ملكوت السموات والأرض، ودارت فى عقله آلاف الأسئلة، عن خالق السموات والأرض، الإله الواحد، إلى أن أتاه الله رشده وهداه إلى اليقين.
كان «إلهام الله» لذلك الشاب الآرامى البدوى للتوحيد بمثابة قطرة نور نزلت من السماء فمرت قلبه وأضاءت عقله وطهرته من الكفر والشرك ودنس الوثنية، فبدأ إبراهيم فى دعوة قومه إلى عبادة الإله الواحد، وكان أول ما بدأ به فى دعوته والده، فنهاه عن الشرك وعبادة الأوثان، فيقول سبحانه فى سورة الأنبياء: «وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ (٥١) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَٰذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِى أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ (٥٢) قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ (٥٣) قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِى ضَلَالٍ مُّبِينٍ»، إلا أن أحدًا من قومه لم يؤمن به، وهذا يدل على على مدى تأصل الكفر والوثنية والشرك فى نفوس البدو الآراميين، إلا أن قومه لم يكتفوا بعد الاستجابة لدعوته، ولكن قرروا التخلص منه بقتله حرقًا، فنجاه الله، وفر منهم إلى مدينة حرّان بأقصى شمال سوريا، والتى كانت يسكنها البدو الآراميون أيضًا، ولكنهم كانوا يعبدون الكواكب، ويقول ابن كثير: «حرّان هى أرض الكلدانيين الآراميين، وكانوا يعبدون الكواكب»، ومن حرّان تزوج إبراهيم بـ«سارة» الآرامية، وعاش وسط أهل حرّان الوثنيين المشركين حتى بلغ من العمر ٧٥ عامًا، ورغم الإقامة الطويلة لإبراهيم فى حرّان والتى تصل إلى النصف قرن إلا أن أحدًا من أهلها لم يستجب لدعوة التوحيد، ولم يؤمن به سوى اثنين فقط هما زوجته سارة وابن أخيه لوط عليهما السلام، وهذه دلالة جديدة على تأصل الكفر وعبادة الوثنية والشرك فى نفوس الآراميين فى حرّان وغيرها من بلاد البدو فى ذلك الزمان.
انتقل إبراهيم من حرّان إلى فلسطين، غير أنه لم يمكث بها طويلًا، ثم اعتزم الهجرة إلى مصر، وفى هذا الوقت الذى وقعت فى كل الأحداث لإبراهيم عليه السلام، كان هناك على الجانب الآخر، أمر جسيم على وشك الوقوع، إذ كان زعماء قبائل البدو من الآراميين والأعراب وغيرهم من الكفرة والمشركين عُباد الأصنام يتشاورون ويتآمرون ويعدون عدتهم للانقضاض على مصر، حتى تكون منهم ذلك التحالف القَبَلى الذى عُرف باسم «الهكسوس»، ولكن تدبير الله كان أسبق لمكيدتهم، ففى الوقت الذى بدأ فيه الهكسوس غزو مصر، شد إبراهيم الرحال إلى مصر، فيقول الشيخ عبدالوهاب النجار فى موسوعة قصص الأنبياء: «انتقل إبراهيم إلى مصر، وذلك فى عهد ملوك الرعاة، والذين أسماهم الرومان بالهكسوس»، وكان منهم الملك الذى أكرم مثوى إبراهيم وأعطاه الأموال الكثيرة»، ولكن أهل مصر عرفوا التوحيد قبل إبراهيم عليه السلام ورسالته كانت للبدو الآراميين من الهكسوس وهذا ما سنتعرف عليه فى الحلقة القادمة.