الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

ماذا طلب "البغدادي" في اجتماع عاجل بقيادات داعش؟

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بعد فترة من الروايات المتضاربة حول مصيره، وإن كان لا يزال على قيد الحياة أم لا، ظهرت اعترافات مثيرة في الأيام الأخيرة، كشفت لغز اختباء زعيم تنظيم "داعش" الإرهابي أبو بكر البغدادي، ومخططاته لفترة ما بعد سقوط دولة الخلافة المزعومة في العراق وسوريا.

ففي تصريح بث على التليفزيون العراقي، كشف القيادي الداعشي البارز إسماعيل علوان العيثاوي، المكني بـ"أبي زيد العراقي"، الذي تم إلقاء القبض عليه مؤخرا، أن البغدادي لا يزال على قيد الحياة، وأنه اجتمع مع أقرب مساعدين، لطمأنتهم حول مستقبل التنظيم.
وأضاف العراقي، أن البغدادي دعا إلى اجتماع فيما سماها الظروف العصيبة، التي يمر بها التنظيم، حتى يطمئن قادته وعناصره على مستقبله.
وتابع العراقي أن عددا من القادة الدواعش الكبار حضروا اللقاء مع البغدادي، وهو ما يظهر أن للتنظيم استرايتجية بعيدة المدى لا تتأثر بخسائر طارئة على الأرض، حسب زعمه.
وفيما لم يكشف "العراقي" مكان، أو زمان هذا الاجتماع، نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أيضا تقريرا في 21 مايو، تناقلته وسائل إعلام عربية وأجنبية، نفت فيه اعتقال أو مقتل البغدادي، وأكدت، نقلا عن مصادر استخبارية أمريكية، أنه لا يزال على قيد الحياة، وأنه لا يزال في سوريا، في إحدى المناطق المتبقية، التي ما زالت بحوزة داعش.
وحسب المصادر ذاتها، فإنه استنادا إلى معلومات مخابراتية، وتحقيقات أجريت مع معتقلين من داعش، فإن البغدادي يدبر مخططا إرهابيا جهنميا جديدا، حيث أنه في ذروة خسائره بالعراق وسوريا، كان منشغلا بمسألة "استقطاب الجيل الجديد وبث الأفكار المتشددة في عقولهم".
وأضافت المصادر أن البغدادي يعتزم الانتقال من حالة "الخلافة"، التي تبسط سيطرتها على أراضٍ معروفة، إلى جماعات من المتشددين تنتشر في أماكن متفرقة، وتشن عمليات مباغتة، وتواصل نشاطها في استقطاب عناصر جديدة.


وتابعت"واشنطن بوست"، أن البغدادي وكبار معاونيه قرروا أيضا إعطاء الأولوية لغسيل دماغ الأطفال، سواء في العراق وسوريا أو في الخارج عن طريق الإنترنت، والتركيز على غرس الأفكار المتطرفة في عقول الجيل الجديد.
وأوضحت الصحيفة أن البغدادي وجه دعوة بشكل شخصي لعقد اجتماع بالقرب من مدينة دير الزور شرقي سوريا، لمناقشة إعادة كتابة المنهج التعليمي للتنظيم.
وتواصلت الصحيفة مع أحد عناصر داعش، حسبما أكدت، والذي قال إن البغدادي وكبار القادة قرروا إعطاء الأولوية لتلقين الأطفال الأفكار المتطرفة عبر الإنترنت، مضيفا أن "قيادة داعش مقتنعة بأنه طالما في الإمكان التأثير على الجيل القادم من خلال التعليم، ستستمر فكرة الخلافة حتى لو اختفت دولة الخلافة".


وقال نيكولاس راسموسن، وهو مدير سابق لمركز مكافحة الإرهاب الأمريكي، للصحيفة، إن داعش بعدما تم دحره من معاقله، غادر عناصره على شكل خلايا، لتنفيذ استراتيجية البغدادي الجديدة، ما أعطى انطباعا عن تراجع منظم، يستعد من خلاله البغدادي للتحول من "دولة الخلافة" إلى حركة إرهاب دولي.
وأضاف راسموسن "عندما كانوا يفقدون الموصل والرقة، كنا نرى مؤشرات تفيد أنهم يخططون للعمل من جديد كمنظمة سرية". وتابع "حينما كان يتم طردهم من مواقعهم، كانوا يتركون وراءهم ما يشبه نواة لخلية إرهابية جديدة".
ويبدو أن هناك مفاجآت أخرى لا تزال في الطريق، بعد أن كشفت الحكومة العراقية، الخميس الموافق 10 مايو، أسماء خمسة قيادات في تنظيم "داعش"، تم إلقاء القبض عليهم، منذ بداية 2018.
وجاء في بيان للحكومة العراقية، أن القيادات الداعشية الخمس، هم: إسماعيل علوان العيثاوي، أو "أبو زيد العراقي"، أحد مساعدي البغدادي، وصدام الجمل، وهو سوري، وكان يتولى منصب والي منطقة شرق الفرات في التنظيم الإرهابي.
وإلى جانب العيثاوي والجمل، تم اعتقال ثلاثة قادة دواعش ميدانيين، هم السوري محمد حسين القدير والعراقيان عمر شهاب الكربولي وعصام عبد القادر الزوبعي.


وفيما يتعلق بتفاصيل الإيقاع بهذه القيادات الداعشية، قال المستشار الأمني للحكومة العراقية، هشام الهاشمي، في 10 مايو، إن ضباطًا في الاستخبارات العراقية، استخدموا تطبيقا على هاتف أحد مساعدي البغدادي، للإيقاع بأربعة آخرين من كبار قادة التنظيم.
وتابع "السلطات التركية ألقت القبض على إسماعيل العيثاوي المعروف كذلك بكنيته أبو زيد العراقي في فبراير الماضي، وسلمته إلى مسئولين في الاستخبارات العراقية".
وأضاف "العيثاوي مساعد مباشر للبغدادي، وكان مسئولا عن التحويلات المالية إلى الحسابات المصرفية لفروع التنظيم الإرهابي في عدة دول".
ونقلت "رويترز" حينها عن الهاشمي، قوله أيضا، إن "ضباط الاستخبارات العراقية استخدموا تطبيق تليجرام للرسائل على هاتف العيثاوي للإيقاع بقادة آخرين من التنظيم، واستدراجهم لعبور الحدود من سوريا إلى العراق، حيث ألقي القبض عليهم".
وتابع "العملية تمت بالتعاون مع الاستخبارات الأمريكية، والاستخبارات التركية"، في إطار التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد "داعش" على جانبي الحدود السورية العراقية.
وأشار المسئول العراقي، إلى أن "من بين المقبوض عليهم، صدام الجمل، وهو سوري كان والي منطقة شرق الفرات في التنظيم الإرهابي"، واصفا العيثاوي والجمل بأنهما أبرز شخصيتين يتم اعتقالهما من داعش.
وتابع أن ضباط الاستخبارات العراقية والأمريكية تمكنوا، بعد القبض على العيثاوي، من الكشف عن الحسابات المصرفية للتنظيم، وجميع الشفرات التي كان يستخدمها.
وكان جهاز المخابرات العراقي، أعلن الأربعاء الموافق 9 مايو، إلقاء القبض على عدد من قيادات داعش، بعد استدراجهم من سوريا، إلا أنه لم يكشف تفاصيل أخرى.
وبالإضافة إلى اعتقال القيادات الداعشية الخمس، أعلن مكتب رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، أيضا في 19 إبريل الماضي عن تنفيذ سلاح الجو العراقي ضربات ضد مواقع تعود لتنظيم "داعش" في سوريا، قرب الحدود مع العراق.
وكشفت وزارة الداخلية العراقية، في 22 إبريل، أسماء بعض قيادات تنظيم "داعش"، الذين لقوا مصرعهم في الضربة الجوية داخل سوريا.
ونقل موقع "بغداد بوست" عن الوزارة، القول في بيان حينها، إن بين القتلى الدواعش الـ36 في الضربة الجوية، قياديون، هم "أبو إسلام – أبو طارق الحمداني – أبو مريم العكاوي – أبو حسين وهو مصاب مبتور الساق– أبو ياسر – أبو جعفر".
وأضافت الوزارة أن "القوة الجوية العراقية وجهت عبر طائرات إف - 16 ضربات ضد داعش داخل الأراضي السورية، أسفرت عن مقتل 36 إرهابيا".


الأطفال الدواعش 

ورغم النجاحات السابقة في مواجهة داعش، إلا أن هناك أمرين يرجحان استمرار خطر هذا التنظيم، الأول، "الأطفال الدواعش"، والثاني استمرار البغدادي على قيد الحياة.
فالحرب على الإرهاب ركزت على استهداف البنية القتالية للتنظيمات المتشددة، وأغفلت أمورا أخرى تغذى الإرهابيين، وتضمن استمرارهم لعقود، وهى الأفكار المتطرفة فى عقول الأطفال، ما جعل "الأطفال الدواعش"، قنبلة موقوتة قد تنفجر فى أية لحظة.
وفي تقرير نشرته وكالة "سبوتنيك" الروسية في مارس الماضي، كشفت أن "داعش" فى سوريا والعراق كان يتعمد تجنيد الأطفال فى المرحلة العمرية ما بين ١٣ و١٧ عاما، كما عمل على إغرائهم بالمال والهدايا، للالتحاق بدوراته للتدريب، وفى الوقت عينه، قام التنظيم بترهيب أسر أولئك الأطفال
وأضافت الوكالة، أن خطة داعش تقوم على إرسال الأطفال بعد انتهاء دوراتهم التدريبية لتنفيذ عمليات انتحارية، أو تركهم ينضجون لمرحلة مستقبلية، أو زرعهم كخلايا نائمة، تهدد بظهور جيل من الدواعش فى المستقبل، أكثر تطرفًا ودموية من الجيل الحالي
وفي ١٣ نوفمبر ٢٠١٧، نشرت شبكة "يورو نيوز" تقريرا للمركز الأوروبى لدراسات مكافحة الإرهاب، حول مشكلة المقاتلين الدواعش العائدين.
وأظهر التقرير أن هناك نقطة فى غاية الخطورة فى مشكلة العائدين، هى الأصعب بالنسبة للدول للتعامل معها، وهى شريحة الأطفال والمراهقين، الذين انضموا إلى "داعش" عبر الإنترنت، أو بعض الأطفال، ممن وُلدوا فى دولة الخلافة المزعومة، لأب أو أم يحملون جنسية إحدى الدول الأوروبية
وحسب التقرير، فإن التعامل مع هؤلاء الأطفال يتطلب، وبشكل عاجل، استحداث آليات للسلامة العقلية والدعم الاجتماعى؛ لأن بعضهم درب على حمل السلاح والقتل، وخلص إلى القول:"إن أحد أصعب الأمور هو إعادة تأهيل الأطفال، الذين جندتهم الجماعات المتطرفة، فولاؤهم شبه مطلق للإرهابيين".
وبدوره، قال عبدالشكور عامر، القيادى السابق فى الجماعة الإسلامية والباحث فى شئون الحركات الإسلامية، إن أطفال تنظيم داعش يشكلون خطرا أمنيا كبيرا على سوريا والعراق والبلدان التى من الممكن أن يتواجدوا فيها.
وأضاف عامر فى تصريحات لـ"البوابة نيوز"، أن أطفال داعش عبارة عن جيل ثانٍ من التنظيم، وإذا لم يتم التعامل معهم بشكل جيد سيصبحون أخطر من آبائهم.
وبجانب مشكلة الأطفال الدواعش، فإن إلقاء نظرة على السيرة الذاتية لزعيم داعش أبو بكر البغدادي تكشف بوضوح أن بقائه حيا، يعني استمرار هذا التنظيم الإرهابي لسنوات، وحتى عقود، بسبب دهائه وقدرته على الاختباء
وكانت وسائل الإعلام ذكرت على الأقل ست مرات منذ 2014 أن البغدادي قُتل أو أصيب إصابة خطيرة، فقد قيل ثلاث مرات إنه قُتل في غارات للطائرات الروسية أو الأمريكية، وروجت تقارير أخرى عديدة أنه اُعتقل في هجوم بالمدافع شنته القوات السورية، حيث أصيب ثم توفي مسموما.
وتسبب رفع الجائزة الأمريكية أواخر 2016 للقبض على البغدادي من عشرة ملايين دولار إلى 25 مليونا في ورود سيل من البلاغات المزعومة برؤيته.


من أستاذ جامعي لزعيم الإرهابيين 

ولد البغدادي، واسمه الحقيقي، عواد إبراهيم البدري، في مدينة سامراء بمحافظة صلاح الدين في شمال العراق عام 1971 لأسرة بسيطة وسنية، وعُرفت عائلته بتدينها، خاصة أنها تدعي أنها من نسل الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
ودخل البغدادي جامعة بغداد ودرس العلوم الإسلامية، وحصل على شهادة البكالوريوس في الدراسات الإسلامية من الجامعة عام 1996، ثم حصل علي شهادتي الماجستير والدكتوراه في الدراسات القرآنية من جامعة صدام حسين للدراسات الإسلامية عام 1999، وقضى البغدادي سنوات دراساته العليا في حي الطوبجي المتواجد في بغداد، مع زوجتين له، وستة من الأبناء.
وعرف عنه أنه كان محبا للغاية لكرة القدم، إذ أصبح نجما لفريق مسجد مديمة الطوبجي المتواجد في منطقته، إلا أنه سرعان ما انجذب إلى الأشخاص المتشددين، الذين يتبنون نهج العنف والقتل والخراب، وانضم إلى جماعات السلفية الجهادية، وأصبح تحت وصايتهم.
وفي 2003، وبعد الغزو الأمريكي للعراق، ساعد البغدادي في تأسيس جماعة باسم "جيش أهل السنة والجماعة"، وفي فبراير 2004، ألقت القوات الأمريكية القبض عليه، في مدينة الفلوجة، وظل بالسجن عشرة أشهر.
وحسب رواية أحد رفاقه في السجن، كان البغدادي قليل الكلام، لكنه كان ماهرا جدا في التنقل بين الفصائل المتنافسة داخل السجن، الذي كان يضم مزيجا من عناصر سابقة مقربة من الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وجهاديين.
واستغل البغدادي فترة سجنه في تحقيق أهدافه الإرهابية، إذ شكل تحالفات مع العديد من المعتقلين، وظل على اتصال بهم، حتى بعد الإفراج عنه.
واتصل البغدادي، بعد إطلاق سراحه، بأحد المتحدثين باسم تنظيم القاعدة الإرهابي في العراق، الذي كان يقوده حينها الأردني أبومصعب الزرقاوي، وحينها انضم للقاعدة.
لكن سرعان ما تغيرت الأمور، إذ قتل الزرقاوي عام 2006 في غارة جوية أمريكية، وحينها، خلفه أبو أيوب المصري.


وفي أكتوبر من نفس العام، قرر أبو أيوب المصري حل تنظيم القاعدة الإرهابي في العراق، وأسس تنظيما يُسمي بـ"الدولة الإسلامية "في العراق، وكان معهم في هذا التنظيم أبو بكر البغدادي وقام بالعديد من العمليات الإرهابية حينها، خاصة أنه كان لديه ميول إرهابية، كما تم تعيين البغدادي رئيسا للجنة الشريعة، وتم اختياره عضوا في مجلس الشورى للتنظيم، والذي كان يضم 11 عضوا.
وعام 2010، حدث تحول إرهابي كبير في تاريخ أبو بكر البغدادي، إذ تم تنصيبه قائدا لتنظيم القاعدة في العراق وأصبح أمير التنظيم، كما يقولون الإرهابيون، وحينها استطاع البغدادي بعقله الإرهابي أن يعيد بناء التنظيم.وعام 2011، استغل البغدادي الاضطرابات المتزايدة في سوريا، وأصدر أوامره لأحد النشطاء التابعين له بسوريا ليؤسس فرعا لتنظيم القاعدة في سوريا، والذي عُرف بـ" جبهة النصرة." 
وحينها حدثت خلافات كبيرة بينه، وبين محمد الجولاني زعيم جبهة النصرة، والسبب كان التعاون مع الجماعات السنية المعارضة التي تقاتل نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
وعام 2013، أعلن البغدادي أن جبهة النصرة هي جزء من تنظيم القاعدة في العراق، وحينها طلب أيمن الظواهري، زعيم التنظيم الأم، من البغدادي منح جبهة النصرة استقلالها وإعطائها الحرية الكاملة في قراراتها، لكن البغدادي رفض هذا الأمر، ودخل في صدام مع الظواهري، إذ أعلن انفصال تنظيمه عن التنظيم الأم.
وعقب ذلك، قام رجال البغدادي في العراق وسوريا بقتال عناصر جبهة النصرة، وحينها فرض البغدادي سيطرته وقبضته على شرق سوريا، ووضع مجموعة من القوانين والتشريعات الخاصة به.
وبعد أن عزز البغدادي مقاتليه في شرق سوريا، أمرهم بالتوسع في غرب البلاد، وفي يونيو 2014، أعلن البغدادي بشكل رسمي عن ولادة تنظيم "داعش" الإرهابي، وحينها سيطر بشكل كامل على مدينة الموصل في العراق، وعلى ما يقارب من ثلث مساحة بلاد الرافدين، كما أعلن سيطرته على أراض في سوريا، واتخذ الرقة معقلا له، إلا أنه في 2017، تعرض التنظيم لهزائم قاسية في العراق وسوريا، وقتل أيضا قادة كبار في صفوفه، بينهم الناطق باسمه، أبو محمد العدناني، الذي قتل في 30 أغسطس 2016 في حلب شمالي سوريا، وتضاربت الروايات حول كيفية مقتله، إذ أعلن التحالف الدولي لمحاربة داعش، مصرعه في غارة جوية، فيما زعمت وكالة أعماق التابعة للتنظيم، أنه قتل خلال متابعته لما سمتها العمليات العسكرية في حلب