الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

بار لاجركفيست.. وجائزة نوبل في الآداب

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يرى أندريه جيد أن مقياس نجاح الاديب السويدي الحائز على جائزة نوبلبار فابيان لاجركفيست أنه تمكن بمهارة من أن يحافظ على توازنه، فوق حبل دقيق يمتد عبر الهاوية المظلمة الواقعة بين عالم الواقع وعالم الإيمان، وتظل الجملة الختامية لكتابه "بارباس" (عمدًا بدون شك) ملتبسة: "حين شعر بالموت يقترب، الموت الذي ظل يخافه دائمًا، هتف بالظلام، كأنه يخاطبه: "إليك أسلم روحي"
ويقول أندريه جيد: "إن هذا الالتباس وارد أيضًا في النص الأصلي، إن اللغة السويدية أعطتنا، ولا تزال تعطينا، أعمالًا فائقة القيمة، حتى إن معرفة هذه اللغة ستشكل سريعًا، بعضًا من عدة من يدعو نفسه جيد الثقافة".
وقد احتل « بار فابيان لاجركفيست » الذي تمر اليوم ذكرى ميلاده (23 مايو 1891 - 21 يوليو 1974 ) مكانة مهمة لدى أبناء وطنه في السويد وبلاد اسكندنافيا، رغم أن كثيرين حول العالم لا يعرفون إنتاج هذا الرجل الذي فاز بجائزة نوبل عام 1951، فيما عدا بضع قصص قصيرة ورواية «القزم»، فلا يعرف جمهور القراء شيئًا عن الكاتب، ومع ذلك فإن الناقد لوسيان موري يشير إلى عدة خصائص في كتابات الرجل، منها "نبل في النبرة، والأسلوب، إخلاص متفانٍ لاستقلال التفكير، وحرفية لا تضاهى، ضمنت له طوال نصف قرن السمعة التي يستحقها."
وقد كتب بار فابيان لاجركفيست الشعر والقصص والمسرحيات والروايات والقصص القصيرة. وكان لكتاباته قوة تعبير وتأثير كبيرين، منذ بواكير عشرينات حياته وحتى أواخر سبعيناته. وبين موضوعاته المركزية كان السؤال الجوهري عن الخير والشر، والذي إختبره عبر شخصيات، مثل ذلك الذي أطلق سراحه بدلا من المسيح، باراباس واليهودي الطواف آهاسويروس.
وكرجل مدافع عن الفضيلة، إستخدم مواضيع وشخصيات من التعاليم المسيحية، دون أن يتبع تعاليم الكنيسة.
ولد لاجركفيست في مدينة فكسشو في منطقة سمولاند، وتلقى تعليما دينيا تقليديا، أثر بقوة على جميع أعماله. لكن عاطفته للدين نضجت وصقلت في أعوامه التالية، تحت تأثير الأفكار العلمية الحديثة، والتي قادته أخيرا ليقطع الصلة بدين أجداده.
في أعوامه المبكرة ساند لاجركفيست آراء الجذريين والمجددين كما أنه تأثر أيضا بالإشتراكية. ومر إنتاج "لاجركفيست" بعدة مراحل قادته إلى نتائج جريئة بدت واضحة في سردياته ومسرحياته مثل: "الرجل الذي عاش مرة ثانية القزم الرجل عديم الروح الجلاد انتصار في الظلام حجر الفلاسفة، وهنا يرى لوسيان مروي أن هذه الأعمال علامات في رحلة "لاجركفيست" ومثلت انتصارات حققها في معارك النضال الدائب بغية الوصول إلى تلك الممالك، ممالك الفكر، حيث تجد الروح تحققها، لو كتب بار لاجركفيست بلغة يسهل على القراء الغربيين أمرها لبلغ بدون شك منزلة أحد قادة عصرنا، هو رجل نادر من تلك القلة الضرورية التي ترفع المشعل لتقود خطانا خلال عتمة عالمنا المطبقة".
لقد عاش لاغركفيست طفولة متأملة مسكونة في وقت مبكر بهواجس غريبة وبتطلع ما بعد الموت، حيث كتب مبكرًا تلك المقالات والقصائد المتواترة، المفعمة بحرقة ميتافيزيقية، لقد كانت صيحته عالية من الألم إلى السكينة، إلى ذلك الفرح الداخلي المنتصر على كل يأس، من التمرد إلى القبول الذي لم يكن رضوخًا، مع أنه لم يكن في الغالب خارج نوبة من الشغف، من الحس بالعقل إلى إيمان بوجود مبدأ كامن في منبع كل مصير بشري.
"باراباس" عمل لاجركفيست الأساسي يبرهن على أنه ظل متصلًا بمأساة فكرنا المعاصر، وعلى أنه بالرغم من فلسفته عارف الرعب الفادح لمشكلاتنا، فقد واجه في هذه الرواية اللغز المستعصي لمحنة الإنسان، مع رعب العمى الذي قدر لنا أن نواجه به مشكلة الكون وأنفسنا، في «باراباس» استجابة أكيدة لتحرك الذهن البشري، وترى فيه التطور النهائي لفن بلغ غاية الإيجاز والتقشف، فهو المرحلة الأخيرة في عملية فكرية، مضت أبعد من الأدب المحض، المرحلة الأخيرة حسبما يرى لوسيان موري لفن يجسد برصانته المحببة، المناخ العاطفي لزماننا.