الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

أنواع الشرور "2"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ذكرنا أن الشر – كما رأى "ليبنتز" – يتجلى على ثلاثة أوجه، وتحدثنا عن الشر الميتافيزيقى، ونستكمل حديثنا هنا.
• الشر الطبيعى (أو الفيزيائى): هو الشر الناتج عن النقص الميتافيزيقى أو هو أثر من آثار الخطيئة التى تستوجب المحاسبة والجزاء. وقد تكون الآلام والكوارث الطبيعية وسيلة لتحقيق أعظم خير، وبخاصةٍ عند الذين يعتبرون السماح بالشر انتقاصًا من عدل الله وخيره. وعلى حد قول "ليبنتز": "ألا يعلم هؤلاء، أن قليلًا من الحموضة أو المرارة أفضل – فى كثير من الأحيان – من السكر، وأن الظلال تعلى من قيمة الألوان؛ وأن وضع النشاز – فى الموضع الصحيح – يبرز جمال المقطوعة الموسيقية؟.. ألا يجب أن يوجد القليل من الشر حتى نصبح أكثر حساسية بالخير؟. ولعل هذا ما ذهب إليه القديس "توما الاكوينى" T. Aquinas (1225 – 1274) حيث رأى أن وجود الأشياء الفاسدة فى الكون – مضافة إلى الأشياء التى لم يطرأ عليها الفساد إنما يؤدى إلى ازدياد الجمال والكمال.
• الشر الأخلاقى: هو الشر الذى يُرَد إلى الإرادة الإنسانية، أو هو سوء استخدام الحرية عندما ينبذ الإنسان الخير الدائم – أى الخير الأزلى – المتمثل فى إطاعة الأوامر الإلهية، والانصياع إلى وصايا الكتاب المقدس؛ ليجرى وراء خير زائل وعابر. ولقد حدث أن استخدم الإنسان إرادته استخدامًا سيئًا عندما وقع فى الخطيئة الأولى، فهو لأنه مزود بإرادة حرة وقادرة، فإنه قد تمرد وعصى. وعلى حد قول القديس "أوغسطين" St. Augustine (354 – 430): "سعيت بكل جهدى كى أفهم الرأى القائل أن حرية الإرادة هى علة الشر فى العالم، ولكنى لم أتوصل إلى إدراك ذلك بوضوح. ولما تيقنت بأن حياتى وإرادتى سواسية، ارتفعت قليلًا إلى نورك؛ وعليه فحين كنت أريد شيئًا أو لا أريده كنت واثقًا من أننى أنا أريد (أو لا أريد)، لا شخصًا آخر. ومنذ ذلك الحين، أدركت أن أصل الشر كامن فىّ". لكن السؤال هو: كيف وهبنا الله حرية تخطئ؟ هل معنى هذا أن الله هو سبب الخطيئة؟ إن الله لا يريد الشر (أو الخطيئة) – كما رأى "ليبنتز" – لكنه سمح به لأن يدخل فى إطار مبدأ الأفضل، أى أن أفضل عالم ممكن لابد وأن يحتوى على ضروب عارضة من الشر. وإذا ساهم الله – على نحو ما – فى وقوع الشر الأخلاقى (أى الخطيئة)، فإنه يوجهه بحكمته نحو الخير.