الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

"رمضان" فى "عيون مسيحية"

أندرو ميشيل
أندرو ميشيل
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أندرو ميشيل.. «منشد مسيحي» فى ليالى الشهر الكريم
عم جميل.. صاحب فكرة مائدة «الوحدة الوطنية» فى شبرا

خلال شهر رمضان الكريم، تبدو الأجواء فى مصر، مختلفة عن باقى شهور العام، حيث تظهر وتتجلى روح الألفة واللُحمة بين المصريين، مسيحيين ومسلمين، الكل يمثل لهم الشهر الكريم، حالة خاصة من المحبة والروحانيات، تعكس روح الأخوة والوطنية الدفينة بينهم، التى لا تظهر إلا فى الأوقات العصيبة أو المناسبات.
خلال هذا الشهر، يغزل نسيج الأمة و«جناحيها» سيمفونية رائعة من التناغم، لا تجدها فى أى مكان فى العالم، سوى فى مصر، موائد رحمن، ووجبات جاهزة للمسافرين والعابرين، ينظمها مسلمون ومسيحيون، دون الكشف عن هويتهم، وعشرات ومئات صور المحبة والتآخى والألفة، ترصدها «البوابة» خلال التقرير التالى، لأهم ملامح محبة «جناحى الأمة».
لست دخيلًا على التراث الإسلامى و«رمضان لكل الناس».. و«الحلاج» أقرب المتصوفين إلى قلبي
أندرو ميشيل، مهندس مدنى، 25 عامًا، مرت عبر حنجرته مئات الأناشيد الصوفية، حيث تتمايل رأسه، حينما يضع يده بجوار أذنه، وهو يُطرب السامعين، هو ذاك المسيحى الذى اقتحم مجالًا متعارفًا عليه بأنه حكر للمسلمين، لكنه يميل للتراث الإسلامى خاصة فن الموشحات والابتهالات.
يري «ميشيل» أن الإنشاد، ليس له علاقة من الأساس بدين محدد، فهو ليس مقتصرًا على الإسلام فقط، ولا يحوى بين طياته التعاليم المسيحية فقط، فالإنشاد الصوفى، أوالتصوف بشكل عام، هو ركيزة ونهج بجميع الأديان، سماوية كانت أو غير ذلك، وحتى غير المتدينين، يوجد بينهم متصوفون يتبعون نهجهم وتعاليمهم الخاصة، فالمتصوفون عادة تجمعهم ديانات مختلفة، مثل جلال الدين الرومى، والحلاج، ومار إسحق السريانى، وأيضا «هنام أوشو» الذى يعتبر أحد المتصوفين الملحدين.
يوضح «ميشيل» أن هدفه من الإنشاد هو عمل إنسانى بحت، وأن ينشد بكلمات تكون روحه مائلة لها، تصنع حالة بينه وبين الله، وتكسر الحواجز والسدود فى علاقته بخالق الكون، موضحًا أنه دومًا ما يبحث عن كلمات ذات صلة بروحه، ويمكن لحنجرته أن ترسل عبرها للمستمعين رسالة، مع اختلاف لون الكلام، أو نوع المستمعين.
وعن ارتباط الإنشاد الصوفى بشهر رمضان، يقول: «إن الإنشاد به من روح شهر رمضان الكثير، وأنا أعتبره فى الأساس أجواء رمضانية، خاصة أن رمضان ليس شهر عبادة مقتصرًا على المسلمين فقط، وإنما رمضان «بتاع كل الناس»، ويظهر ويتجلى ذلك فى روح التعامل والمودة بين الجميع، حيث يتجلى الجزء الإنسانى فينا بذاك الشهر، بعيدًا عن أطروحات الوحدة الوطنية والشعارات التى ترفع، فشهر رمضان يبدد كل الأقوال غير المناسبة لنا فى الحقيقة».
مستطردًا، شهر رمضان يجمع كم ممارسات حضارية وتراثية، تجعل ذلك الشهر حالة نغم، تسرى فى الشوارع، وهو الأمر الذى أراه شبيهًا جدًا بالأنشودة التى أنشدها، مشيرًا إلى أنه يقوم بالعديد من حفلات الإنشاد خلال ذلك الشهر.
مشددًا على أنه غير دخيل على التراث الإسلامى، وإن كونه مسيحيًا أمر لم يعقه قطعًا على الإنشاد، وأنه كونه مسيحيًا جعله يتعرض لجميع أنواع ردود الأفعال خلال تجلياته الإنشادية، بقوله: «قابلت اللى مستغرب، واللى بيشجع، واللى بيشتم، واللى عادى واللى منبهر، لكنى مستمر فى فعل ما أحبه، لأن أهدافى الإنسانية تدفعنى لذلك».
مضيفًا: سأحيى العديد من حفلات الإنشاد، خلال العديد من مناسبات الإفطار بشهر رمضان، وهو أمر محبب لقلبى جدًا، لأننى أمارس بشغف ما أحب، وحتى ولو كان بشكل غير احترافى، ولم أستطع تحويل مسار حياتى من مهندس مدنى إلى منشد وأمتهن ذلك، وذلك لعدة اعتبارات خارجة عن إرادتى.
يمارس أندرو ميشيل، الإنشاد الصوفى منذ أغسطس 2013 وحتى الآن، حيث أقام داخل مصر حوالى 30 سهرة إنشاد، وغرد بحنجرته أيضًا خارج مصر، ببولندا وألمانيا وتونس، ويعتبر «الحلاج» هو أقرب المتصوفين إلى قلبه، ومن أحب كلماته له هى «يا نسيم الروح قولى للرشـا، لم يزدنى الـورْد إلا عطشًـا، لى حبيبٌ حبّه وسط الحشـا، إن يشا يمشى على خدّى مشا، روحه روحى وروحى روحه، إن يشا شئتُ وإن شئتُ يشـا».
يحتفل بالعام الـ37 لاستمرارها.. «جميل»: كل ما الأسعار بتزيد نصمم على الاستمرار.. علشان الناس اللى مش قادرة والغلابة
عم جميل.. «بركة شبرا» الذى يعكس اسمه معنى روحه الداخلية، فذاك الرجل المسيحى، يذيع صيته بشوارع حى شبرا الشهير، بشكل مدوٍ كلما اقترب شهر رمضان، حيث يقترن اسمه دومًا بمائدة «الوحدة الوطنية» تلك المائدة التى يقيمها كل عام بمنطقة سكنه، ليفطر خلالها أبناء المنطقة الشعبية الشهيرة فى جو من المشاركة، كما يحب أن يطلق عليها الرجل السبعينى.
تواصلت «البوابة» مع الرجل الطيب «عم جميل» كما يطلق عليه محبوه وجيرانه، الذين التفوا حوله أيضًا، فى جو من الألفة والسعادة لم يخلُ من الهزار المتعارف عن المصريين، حيث داعبه أحد جيرانه، قائلًا: «هتعمل مائدة رحمن ياعم جميل والأسعار ولعت السنة دي» ليرد جميل: «ما عشان ولعت يبقى لازم نعملها للى مش قادر».
تتميز منطقة شبرا مصر، تلك المنطقة الشعبية، بروج متفردة عن باقى مناطق وأحياء مصر، فهنا تجد صورة «العذراء» معلقة بالمحال التجارية، بجوارها صورة الفاتحة، وهنا لا تجد الحديث يتطرق للتصنيف أو التمييز بين مسلم ومسيحى، هنا أيضًا تجد الجميع يقدم للكل، ما يمكنه من مساعدته بروح بها شهامة متناهية، لذلك يظهر أمثال عم جميل وغيره كثيرون.
يقول «جميل» أطلقت على «مائدة الرحمن» التى أقيمها «مائدة الوحدة الوطنية» وذلك مع أول إشهار لها عام 1981، أى أن مائدة العام ستحمل رقم 37، موضحًا أنه ليس القائم الوحيد عليها، فهناك العديد من شباب المنطقة يقومون بإعداد وجبات الإفطار، كبيرًا وصغيرًا ونساء وأطفالًا، يساعدون فى تجهيز الطعام، وهناك أشخاص يقدمون الدعم لوجه الله، للمساعدة فى إنجاح هذه المائدة، ودائمًا نقدم وجبات حسب طلبات الصائمين لإعدادها لهم فى اليوم التالى، مبتكرًا فكرة جديدة لتقديم وجبات الإفطار بتجهيز «عمود أطباق» يسلم لكل شخص متردد على المائدة للحصول على طعام، على أن يسلمه فى نهاية الشهر الكريم من خلال إثبات شخصيته.
مضيفًا: أن الأمر له مردود إيجابى جدًا على الجميع، فمن يشارك بالمساهمة فى المائدة، يشعر بالمشاركة والعطاء، ومن يحصل على الإفطار من المؤكد أنه يشعر بأن الله يهتم به، ناهيك عن شعور المحبة والألفة، التى تسرى بين الجميع، مشددًا على أنه رغم زيادة الأسعار فإن الله لا يترك المحتاجين.
الاستعدادات للإفطار الوطني
يضيف العم جميل: «نخصص سنويًا قطعة أرض، ونفرش بيها سرادق وطاولات وكراسى للطعام، وأيضًا نخصص أماكن للطبخ، ولدينا معدات تناسب الكميات والإعداد، ومن يستطيع أن يقدم أى مساعدة دومًا لا يتأخر، وغالبًا لا نحتاج شيئًا، من شدة تعاون أبناء شبرا، فمنطقة شبرا دائمًا حلوة بكل حاجة فيها خاصة أنها لا تعرف أن تفرق بين القبطى والمسلم».
وبسؤاله عن فكر «العمود»، يقول الرجل السبعيني: «الهدف من فكرة العمود هو منع إحراج البعض من تناول الطعام فى الشارع، فهناك محتاجون يوجعهم ذلك الإحساس، مشددًا على أن كل من يحصل على عمود، يستطيع أن يحضره اليوم التالى قبل موعد الإفطار، ويتم تجهيزه على توقيت المدفع، أو قبله بفترة زمنية».
خاتمًا قوله: «مائدة الوحدة الوطنية، ستقام كل عام، ولن تنقطع تلك العادة، وسيتولاها أبناؤنا فى المستقبل، وهم من الآن يتواجدون معنا، ويعدون الوجبات للصائمين، حيث يشاركوننا بالتفاصيل الصغيرة، شراء المستلزمات، تقطيع الخضراوات، إعداد العواميد، تجهيز المائدة والتنظيف، وذلك ما يؤكد أن الروح التى ورثناها عن أجدادنا، نقوم الآن بتوريثها لأبنائنا».
الكنائس هذا العام..
وعن معاودة إقامة مائدة الإفطار الوطنى، من قبل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، قال القس بولس حليم فى تصريحات خاصة لـ«البوابة»: إنه حتى اللحظة، لا يوجد حفل إفطار يتم الإعداد له خلال شهر رمضان، لكنه لم ينفِ إقامة الحفل، فيما علمت «البوابة» أن الكنيسة الإنجيلية ستقيم إفطارها السنوى خلال الشهر، ومن المتوقع أن يكون إفطارًا عبر كنيسة «قصر الدوبارة» بالتحرير.