الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

كتب رمضان.. "شحّات المعنى" "1 - 30"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تُعد رواية "الشحاذ"، الصادرة عام 1960، قمة ما بلغه المشروع الفلسفي والأدبي للكاتب الراحل نجيب محفوظ، حيث عكست الأسئلة الفلسفية الأكثر جوهريةً، والتي يحيا معظم البشر حيواتهم دون أن يجدوا إجابات نهائية لها، وذلك في قالب أدبي متماسك وممتع.
تسرد الرواية قصّة عمر الحمزاوي، ذلك المحامي الناجح الذي جاءته الدنيا صاغرةً عند قدميه، كما يحلم بذلك كثيرون، فقد جمع الأموال، وحقق النجاح المهني، وتزوَّج من الفتاة التي أحبها، على الرغم من اختلاف دينه عن دينها، وأنجب منها إبنتين جميلتين، لينعم بحياة أسرية مستقرة. وفجأة، ينقلب الحال بين عشية وضحاها، وتقتحم الأسئلة عالمه دفعة واحدة، تلك الأسئلة التي كان قد خلّف عالمها منذ أمد بعيد.
ففي أحد المشاهد، يجلس عمر في مكتبه، يحادث أحد موكليه بخصوص القضية التي قصده من أجلها، ويخبره أنه حتى لو استطاع أن يكسب القضية، وتصبح قطعة الأرض في حيازة موكله، فإنها قد تذهب لصالح الدولة، وذلك بفعل قانون "التأميم"، وطبيعة الدولة الاشتراكية آنذاك، فيجيبه موكله تلك الإجابة التي ستقلب حياة عمر رأسًا على عقب: 
ليس مهمًا.. المهم أن نكسبها، ألسنا سنعيش حياتنا ونحن نعلم أن الله سيأخذها؟
كانت هذه الإجابة بمثابة نقطة التحول الكبرى بالنسبة لعمر الحمزاوي، فدفعته لمجابهة الأسئلة التي قضى عمره في جمع المال والنجاح، ليتفادى مواجهتها. هنا يبدأ الجزء الدرامي في الرواية، الجزء الذي يشعر معه القاريء غالبا بأنه يشارك البطل فيه، فلا بد أن كل منّا عرف في وقت من الأوقات ذلك الضجر الذي يستولي عليه في صباح ما، فلا يتركه إلّا يائسًا، يجتر السؤال تلو الآخر عن جدوى الاستيقاظ، وجدوى التفكير، وجدوى العمل، قبل أن يتركه بلا إجابة، وبلا عزاء.
يُصاب عمر بحالة فتور وعزوف عام يبعده عن العمل، ويحرمه من القدرة على استهلاك الحياة، فيمضي باحثًا عن الدهشة في بعض التجارب الحسيّة العابرة، وبعض التجارب الصوفية الاستبطانية، قبل أن يسقط في النهاية بلا أمل في خلاص.