الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

بالصور.. كيف عاقب داعش "أبو عمر السنجاري"؟

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بعد حوالي أربع سنوات من اختطافه مع عائلته، خرج الصبي الإيزيدي برزان عيدو، بتصريحات كشف فيها الكثير عما واجهه على يد تنظيم "داعش" الإرهابي، والعقوبة القاسية، التي تلقاها، بسبب رفضه المشاركة في القتال بصفوف الإرهابيين.
ونقل موقع "السومرية نيوز" العراقي عن عيدو، قوله الخميس الموافق 17 مايو، أنه اختطف مع عائلته عندما كان في الثانية عشرة من عمره من قرية قابوسي جنوب جبل سنجار في غرب مدينة الموصل بمحافظة نينوي في شمال العراق، أثناء الهجوم، الذي شنه داعش في أغسطس 2014 على الإيزيديين في جبل سنجار.
وأضاف الصبي الإيزيدي "كنت وعائلتي نعمل مزارعين في أحد البساتين قرب قرية قابوسي، وعندما سيطر التنظيم على جبل سنجار بالكامل، اختبأنا بين الأشجار لمدة شهر، إلى أن قدم إلينا شخص يدعى إبراهيم عزيز، والذي شرب الشاي لديهم ليغادر ويأتي عناصر داعش الى المكان، حيث قاموا باختطافه وعائلته المكونة من سبعة أفراد"، موضحا أن مصير عائلته ما زال مجهولا حتى الآن.
وتابع "تم نقلي وعائلتي إلى قرية كوجو المجاورة وبقينا فيها ستة أيام ومن ثم تم نقلنا مع العديد من العوائل إلى مدينة تلعفر وبالتحديد في حي الخضراء الواقع غرب الموصل".
واستطرد "بقينا هناك ما يقارب من ستة أشهر، وبعد ذلك قاموا بفصل الأطفال عن عوائلهم كي يعلمونهم القرآن والصلاة والدين الإسلامي، وإدخالهم معسكر للتدريبات والذي فيه ما يقارب من (200) صبي إيزيدي تتراوح أعمارهم بين (9 – 17 سنة) من الذين تم اختطافهم مع عوائلهم".
وأضاف عيدو "بقيت في المعسكر سنة تقريبا وتم إعطائي الدروس الدينية مع آخرين، وأجبرونا على حفظ القرآن والصلاة وكل ما يتعلق بالدين الإسلامي، وبعد ذلك تم نقلي مع الغالبية من هؤلاء إلى مدينة الرقة في شمال سوريا بواسطة شاحنات نقل كبيرة".
وواصل "بعد وصولنا إلى الرقة، أدخلونا مرة أخرى إلى معسكر، والذي كان يسمى بمعسكر الصحراء لتعليم السلاح بكل أنواعه وفنون القتال وقطع الرؤوس ومشاهدة الأفلام وفيديوهات عناصر التنظيم، ومن ثم قاموا بتوزيع السلاح والملابس الأفغانية علينا، وقاموا بتغيير أسمائنا، وسموني بـ(أبو عمر السنجاري)".
وتابع "عناصر التنظيم أجبرونا على المشاركة في جبهات القتال جنبًا إلى جنب عناصره"، موضحا أن "بعض الأولاد كانوا يحملون أسلحة أكبر من وزنهم وطولهم.
واستطرد "عندما رفضت المشاركة في الجبهات والقتال في صفوفهم، تعرضت إلى الضرب والعقاب من قبل عناصر التنظيم، واحتجزوني في معسكر تعرض إلى ضربة من قبل طائرات، ما أدى إلى إصابتي بجروح تم نقلي إلى مستشفى في محافظة دير الزور في شرق سوريا، والذي يسمى بمشفى الخير".
وواصل عيدو سرد قصته مع داعش، قائلا:"حقنوني بإبرة في المستشفى وقاموا بقطع يدي اليمنى وركبوا قطعة معدنية في يدي اليسرى، وهنا بدأت أصرخ، ففي لحظات رأيت نفسي بيدٍ واحدةٍ، بسبب رفضي القتال في صفوف التنظيم الإرهابي المتطرف"، مضيفا "رأيت في المستشفى مختطفات إيزيديات وأخبرتهم أن يبلغوا أهلي إن كانوا أحياء كي يحرروني، واستمرت معاناتي في المستشفى إلى أن تعرفت على عائلة داعشية وطلبت منهم أن يأخذوني معهم، رغم علمي أنهم سيتاجرون بي".
وأشار إلى أن عائلة عمه عندما علمت بمكانه، قامت بشرائه بمبلغ 9000 دولار أمريكي من العائلة الداعشية، وتابع "رأيت أبشع أنواع التعذيب في قبضة داعش، وأتعذب الآن نفس التعذيب، بعد تحريري لأني بيدٍ واحدة، ويدي الأخرى تؤلمني كثيرًا، ولا أستطيع فعل أي شيء".
واختتم عيدو تصريحاته، قائلا:"عمري الآن 17 عاما،وأعيش حاليا في مخيم جم مشكو للنازحين الإيزيديين شمال غرب بلدة زاخو في إقليم كردستان العراق، وأفتقر لأبسط مقومات الحياة، وأطالب المنظمات الدولية والمحلية بمساعدتي".
وكان داعش سيطر مطلع أغسطس 2014 على جبل سنجار في غرب الموصل، ما اضطر الأغلبية الإيزيدية هناك إلى عملية نزوح كبيرة تقدر بنحو 50 ألف نازح، فيما ترددت تقارير عن عمليات قتل وخطف جماعي تعرض لها النساء والرجال الإيزيديين على يد عناصر التنظيم.
وفي 24 أكتوبر 2015، ذكرت شبكة "سي ان ان" الأمريكية أن داعش ينظر إلى أتباع الطائفة الايزيدية تحديدًا على أنهم "كفارا"، مستبيحا قتلهم وسبي نسائهم وأطفالهم.
مأساة زينب 
وبدورها، نشرت وكالة "سبوتنيك" الروسية في 3 نوفمبر 2016، تقريرا عن إيزيدية تدعى زينب، تعرضت للاختطاف على يد عنصر داعشي من الموصل يدعى أبو جعفر في أغسطس 2014.
وروت زينب وهي من قرية كوجو الإيزيدية التابعة لقضاء سنجار، في مقابلة مع مراسلة "سبوتنيك" في العراق، حقائق مروعة وأليمة عما تعرضت له الإيزيديات من متاجرة واغتصاب وبيع بين الدواعش في مناطق سيطرة التنظيم بين نينوى شمالا والأنبار غربا، والأراضي والسورية.
وبدأت زينب حديثها، قائلة "ما رأيناه وما حصل لنا على يد داعش لن ننساه أبدًا، الدواعش لم يتركوا شيئًا لم يفعلوه بنا، اختطفونا سوية أنا وثلاثة من شقيقاتي عدا اثنتين لأننا ست أخوات، وقريباتي ومنهن بنت عمي سيمون، وقعنا بيد داعش في العاشر من أغسطس 2014".
وتضيف زينب وهي من مواليد 1985 "نقلني تنظيم داعش إلى قضاء تلعفر في محافظة نينوي بشمال العراق، ثم إلى الموصل بالمحافظة ذاتها، والرقة بشمال سوريا، قبل العودة إلى قضائي هيت ورواة غربي الأنبار في غرب العراق". 
وتابعت " أخذني الداعشي أبو جعفر، وهو من مدينة الموصل، ونقلني من مقر لتنظيم داعش في أحد المواقع السياحية في الموصل بقيت فيه 40 يومًا، إلى معقل للتنظيم في منطقة المجموعة الثقافية شمال المدينة، وبعد ذلك، نقلت إلى سوريا لعدم رضوخي لطلبات هذا الداعشي".
واستطردت " هذا الداعشي هو الوحيد الذي اغتصبني، لأنني مرضت، وتصور الدواعش أنني مريضة بمرض خطير، ولم أتعرض للاغتصاب الجماعي مثل باقي المختطفات الإيزيديات".
وواصلت زينب قصتها، قائلة "باعني أبو جعفر، إلى قاض بتنظيم داعش، يدعى أبو علي الحربي يبلغ من العمر 35 سنة، أخبرني بأنني غالية جدًا، اشتراني بـ17 مليون دينار عراقي، ما يعادل نحو 13 ألف دولار أمريكي".
وأشارت إلى أنها "استفهمت من هذا القاضي الداعشي، الذي حصل على ترقية بالتنظيم ونال منصب والي، عن سبب غلائها، قائلة له:"لماذا هذا السعر، وباقي الإيزيديات تبيعونهن بينكم بأسعار 100 دولار وأكثر بقليل وأخريات يتم إهداؤهن مجانًا لأصدقائكم بلا سعر؟".
ونقلت زينب رد القاضي الداعشي لها"لأنك ِ تجيدين العربية، وحافظة للقرآن، وتستطيعين خدمتي"، موضحة أنها بقيت لديه لشهور نقلها معه إلى سوريا في أكتوبر 2015، وبعد ذلك، تم نقلها إلى هيت وراوة في غرب الأنبار غربي العراق، لأن الوالي الداعشي كان عمله في التنظيم هناك، حتى استطاع أحد أصدقاء أبيها التوصل لها وشراءها بـ20 ألف دولار أمريكي ونقلها إلى أهلها في شمال العراق، وأوضحت زينب أنها تقلت العلاج النفسي على يد إحدى المنظمات الإيزيدية.
وحسب تقرير نشرته قناة "الحرة" في 25 إبريل 2017، يوجد أكثر من 3200 امرأة وطفل أيزيدي لا يزالون تحت قبضة داعش، فيما تتحدث منظمات إنسانية، أن كثيرين من أبناء الإيزيديين لايستطيعون العودة إلى مناطقهم بسبب وجود داعش، أو عدم استتباب الأمن في مناطقهم المحررة.
وتشير إحصائيات جمعها ناشطون أيزيديون إلى أن الذين عادوا إلى منطقتي بعشيقة وبحزاني المحررتين في شمال شرقي الموصل، لا تتعدى نسبتهم 40 إلى 50 في المائة من إجمالي الإيزيديين، الذين كانوا يسكنون تلك المناطق.
وبعد تحرير سنجار من قبضة مسلحي داعش عثر على عشرات المقابر الجماعية التي ضمت رفات إيزيدين نفذ داعش إعداما جماعيا بحقهم.
وعبر برين سعيد، حفيد ما يدعى أمير الإيزيدية في العراق والعالم تحسين سعيد، في حديث لـ"موقع الحرة" عن مخاوفهم من مرحلة ما بعد تحرير مدينة الموصل، لعدم وضوح الرؤية ومصير الأقليات الموجودة في المحافظة.
وحول ضمان مستقبل آمن للأيزيديين وبقية الأقليات في محافظة الموصل، يقول سعيد إن لدى الأيزيديين مطالب يجب النظر فيها، منها "حماية دولية وتثبيت ما حدث من مجازر بحق الإيزيديين كعملية إبادة جماعية في محكمة لاهاي الدولية لضمان عدم تكرار المأساة".
وتابع " يجب النظر إلى موضوع مستقبل محافظة الموصل بجدية، نحن نرى بأنه يجب أن تتحول الموصل إلى محافظتين، الأولى محافظة سهل نينوى للإيزيديين والمسيحيين والشبك والكاكائيين ومحافظة سنجار للإيزيديين".
ومضى سعيد إلى أبعد مما هو سياسي، مطالبا بتعليم المجتمع الكردي والعربي أبناءه قبول الإيزيدي كواحد منهم، وقال:"يجب أن تكون هناك توعية في المدارس والجوامع والبيوت بقبول الإيزيدي، وليس النظر إليه كمجرد كافر، فهو يعبد الله مثل الآخرين".
من هم الإيزيديون؟
ويبدو أن هناك عقبات أمام تحقيق كافة مطالب برين سعيد، في ضوء الغموض الذي يحيط بأعدادهم الحقيقية، خاصة بعد الحرب التي شنها داعش ضدهم، بالإضافة إلى معتقداتهم الغريبة والسرية، التي تتسبب في مسافة بينهم، وبين الآخرين.
وينتشر الإيزيديون في مناطق متفرقة في شمال غربي العراق، وشمال غربي سوريا، والمناطق الواقعة جنوب غربي تركيا، وبالنظر إلى أن معتقداتهم تتسم بالسرية والغموض، فإنه هناك من يتهمهم بأنهم "عبدة الشيطان"، فيما تشير بعض الدراسات إلى أن اسم "الإيزيدية" مشتق من الكلمة الفارسية "إيزيد"، التي تعني الملاك أو الإله.
وحسب تقرير نشرته "بي بي سي" في 8 أغسطس 2014، فإن هناك تقارير متضاربة حول أعداد الإيزيديين، وتشير إحصائيات إلى أن عددهم يتراوح بين 400 و500 ألف نسمة، يقيم أغلبهم في سنجار ومناطق أخرى في محافظة الموصل، وتناقصت أعدادهم بصورة كبيرة على مدار القرن الماضي، حيث لا يعنتق ديانة الإيزيدية إلا من ولد بها، ولا يمكن اعتناقها دون ذلك.
وأشار التقرير إلى أن هذه الأقلية واجهت اضطهادا مستمرا في المنطقة، التي كانوا يعيشون فيها بجبال سنجار غرب الموصل، بسبب الفهم المغلوط لحقيقة تسميتهم، حيث يدعى البعض أن تسميتهم منسوبة إلى الخليفة الأموي يزيد بن معاوية " 64هـ"، إلا أن كثيرين شككوا في هذه الرواية، وعزا مؤرخو الأديان عقيدتهم إلى أصول غارقة في القدم مشتقة من يزد الفارسية، فيما أظهرت دراسة حديثة أن هذه التسمية لا علاقة لها بهذا الخليفة الأموي، أو حتى بمدينة يزد في فارس، بل هي مشتقة من الكلمة الفارسية "إيزيد"، والتي تعني الملاك أو الإله، ولذا فإن الإيزيديين يصفون أنفسهم بأنهم "عبدة الرب".
وتابع التقرير "نتيجة للسرية، التي تكتنف معتقداتهم، فإن هناك الكثير من المفاهيم الخاطئة بأن معتقد الإيزيدية له ارتباط بالديانة الزرادشتية المجوسية، بل وحتى عبادة الشمس، إلا أن دراسة حديثة أظهرت أنه وبالرغم من أن أضرحتهم غالبا ما تزين برمز الشمس، وأن مقابرهم تشير إلى جهة الشرق في اتجاه الشمس، إلا أنهم يستقون بعض شعائرهم الدينية من المسيحية والإسلام أيضا".
وتذهب رواية أخرى إلى الإيزيديين وهم من الأكراد يجمعون بين المتناقضات، فهم مسلمون ويعبدون الله، إلا أنهم يعبدون أيضا الشيطان، ولذا يطلق عليهم "عبدة الشيطان"، فهو بالنسبة لهم ملاك أو إله يطلقون عليه اسم "طاووس" ويحكم العالم، ويزعمون أنه الموحد الأول الذي لم ينس وصية الرب بعدم السجود لغيره، في حين نسيها الملائكة فسجدوا لآدم، ولذا فهو أول الموحدين، زاعمين أن الله كافأه على ذلك بأن جعله طاووس الملائكة، ورئيسا عليهم.
كما يزعم الإيزيديون أو اليزيديون بـ"الكردية"، حسب الرواية السابقة، أن إبليس لم يطرد من الجنة بل إنه نزل من أجل رعاية الطائفة الإيزيدية على وجه الأرض.
ويعتبر شخص يدعى عدي بن مسافر (1163م )الشخصية الأهم لدى اليزيديين ويحجون إلى قبره سنويًا في مغارةٍ تقع في جبل لالش في شمال مدينة الموصل، وهذا الشخص، حسب تقرير نشرته "الأهرام" في أغسطس 2014، يعتبر أحد أبناء البيت الأموى الذى يرى أحقيتهم فى الخلافة، وكان في مقدمة الهاربين من السلطة العباسية، ورحل من لبنان إلى كردستان، وتوفي وتوفي سنة 644هـ، بعد حياة مدتها تسعون سنة ودفن في لالش.
ولليزيديين، كتابان مقدسان: الجلوة لعدي بن مسافر، والمصحف الأسود -علي حد وصفهم- الذي يتحدث بلسان الشيطان، والدخول فى العقيدة اليزيدية يتم بنطق شهادة "أشهد واحد الله، سلطان يزيد حبيب الله"، أما الصلاة فقد اقتصروها على ليلة منتصف شعبان، ويزعمون أنها تعوضهم عن صلاة سنة كاملة، وصيامهم ثلاثة أيام من كل سنة في شهر ديسمبر، وهي تصادف عيد ميلاد يزيد بن معاوية، كما يعتقدون أن القيامة والحشر سيكون بين يدى الشيخ عدى فى قرية باطط في جبل سنجار، حيث توضع الموازين بين يديه لحساب الناس، وسوف يأخذ جماعته ويدخلهم الجنة.
ويتهم البعض الطائفة اليزيدية بأنه انحرفت عن الديانات السماوية، وانتقلت إلى تقديس عدي بن مسافر والشيطان معا، وأن معتقداتها الغريبة، جعلتهم عرضة للاضطهاد إلى مدى العصور، ما دفعهم للعيش في جبال الموصل، فيما يرى البعض الآخر، أنهم كغيرهم من الأقليات يواجهون التهميش، بينما تذهب وجهة نظر ثالثة إلى أن تهميشهم ليس مقصودا، وإنما جزء من الأزمات المتتالية، التي تواجهها الأمة العربية.