الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

محمد علي باشا.. مؤسس مصر الحديثة

محمد علي باشا
محمد علي باشا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تحل اليوم الذكرى الـ212 لتولي محمد علي باشا، حكم مصر، بعد نجاحه في الإطاحة بكل الخصوم، ووضعه ملامح مشروع نهضة مصر الحديثة، فاهتم بالتعليم وإرسال البعثات التعليمية وإنشاء المدارس العليا في كل التخصصات، وإقامة المصانع التي تفي منتجاتها بسد احتياجات الدولة والجيش لتفادي الوقوع تحت رحمة الغرب.
هو محمد علي باشا المسعود بن إبراهيم آغا القوللي المولود في 4 مارس 1769، في مدينة قولة التابعة لمحافظة مقدونيا شمال اليونان، كان أبوه "إبراهيم آغا" رئيس الحرس المنوط بخفارة الطريق ببلده، وقيل إن جده كان تاجر تبغ كان لوالده سبعة عشر ولدًا لم يعش منهم سواه، وقد مات عنه أبوه وهو صغير السن، ثم لم تلبث أمه أن ماتت فصار يتيم الأبوين وهو في الرابعة عشرة من عمره فكفله عمه "طوسون"، الذي مات أيضًا، فكفله حاكم قولة وصديق والده "الشوربجي إسماعيل" الذي أدرجه في سلك الجندية، فأبدى شجاعة وحسن نظر، فقربه الحاكم وزوجه من امرأة غنية وجميلة تدعى "أمينة هانم"، كانت بمثابة طالع السعد عليه، وأنجبت له إبراهيم وطوسون وإسماعيل ومن الإناث أنجبت له ابنتين.
وحين قررت الدولة العثمانية إرسال جيش إلى مصر لانتزاعها من أيدي الفرنسيين كان هو نائب رئيس الكتيبة الألبانية والتي كان قوامها ثلاثمائة جندي، وكان رئيس الكتيبة هو ابن حاكم قولة الذي لم تكد تصل كتيبته ميناء أبو قير في مصر في ربيع عام 1801، حتى قرر أن يعود إلى بلده فأصبح هو قائد الكتيبة، ووفقًا لكثير ممن عاصروه، لم يكن يجيد سوى اللغة الألبانية، وإن كان قادرًا على التحدث بالتركية.
في 17 مايو من عام 1805، اصبح واليا علي مصر، قضي علي المماليك في معركة القلعة الشهيرة، وبعد معركة رشيد استقرت مصر سياسيا لأول مرة منذ عقود طويلة.
بدأ بتكوين أول جيش نظامي في مصر الحديثة، وكان بداية للعسكرية المصرية، أول مدرسة حربية في أسوان، في جنوب مصر، بعيدا عن الأنظار، ومما ساعده في تكوين هذا الجيش، أن أشرف عليه الخبراء الفرنسيون، بعد ما حل الجيش الفرنسي، في أعقاب هزيمة نابليون بونابرت، في واترلو بروسيا، تكن من أن يبني من مصر، دولة عصرية على النسق الأوروبي، واستعان في مشروعاته الاقتصادية والعلمية، بخبراء أوروبيين، ومنهم بصفة خاصة، الفرنسيون، الذين أمضوا في مصر بضع سنوات، في الثلاثينيات من القرن التاسع عشر. 
وكانت أهم دعائم دولة محمد علي العصرية، سياسته التعليمية والتثقيفية الحديثة، فقد آمن بأنه لن يستطيع أن ينشئ قوة عسكرية على الطراز الأوروبي المتقدم، ويزودها بكل التقنيات العصرية، وأن يقيم إدارة فعالة، واقتصاد مزدهر، يدعمها ويحميها، إلا بإيجاد تعليم عصري، يحل محل التعليم التقليدي.
اهتم محمد علي بالتعليم بكل درجاته، ولكنه بدأ أولًا بتأسيس المدارس العليا وإيفاد البعثات لها لكي يقوم المتخرجون من هذه المدارس بمسئولية التعليم في المراحل الدراسية الأدنى.
ووضع للحكومة نظامًا انطلاقًا من فكرة الدواوين الاستشارية التي أقامتها الحملة الفرنسية تمشيًا مع أفكاره في البناء والإصلاح، فكون الديوان العالي التي انحصرت مهامه في التداول مع أعضائه في الشئون المتعلقة بالحكومة قبل الشروع في تنفيذها، ولرئيس الديوان، نائب محمد علي، سلطة واسعة في جميع شئون الحكومة.
وفي عام 1837 ميلادية أصدر محمد علي القانون الأساسي لتنظيم العلاقات بين الدوائر الحكومية واختصاصاتها، وفي أواخر حكمه عام 1847 ميلادية ألف ثلاثة مجالس جديدة هي المجلس المخصوص للنظر في شئون الحكومة الكبرى وتشريع اللوائح والقوانين، والمجلس العمومي والجمعية العمومية للنظر في شئون الحكومة العمومية.
وكان أول من اختط أحياء شبرا وروض الفرج عندما شق شارع شبرا سنة 1808م ليربط بين القاهرة وقصره الذي بناه في شبرا الخيمة، وكذلك المصانع المنتشرة في شبرا الخيمة.
ومن أهم منشآت محمد علي المعمارية قصره الذي بناه بشبرا الخيمة سنة 1808 ميلادية، وقصري الجوهرة والحرم في القلعة، كما أنشأ محمد علي سبيلين، سبيل طوسون في حارة العقادين الذي بناه سنة 1820 م صدقة علي روح ابنه طوسون، وسبيل اسماعيل في النحاسين الذي بناه سنة 1828م صدقة علي روح ابنه اسماعيل الذي توفي في السودان، ومسجده الذي يعرف باسمه في القلعة والذي بناه علي الطراز التركي ويشبه مسجد السلطان أحمد باستانبول أقامه محمد علي سنة 1830 ميلادية.
طور زراعة القطن وصناعته، وقام بإنشاء مشروعات صناعية، حيث قام بإرسال البعثات التعليمية للخارج وقام بتعيين خبراء أجانب لتدريب الجيش المصري، وغيرها من المشاريع ذات الطابع الانفتاحي على العالم، وخاصة بعد العُزلة الطويلة التي عاشتها مصر في زمن العثمانيين والمماليك في عام 1831.
وبقى واليًا على مصر حتى اشتدت عليه الشيخوخة، وبحلول عام 1848 كان قد أصيب بالخرف وأصبح توليه عرش الدولة أمرًا مستحيلًا، فعزله أبناؤه وتولّى إبراهيم باشا إدارة الدولة، وتوفي في الثاني من أغسطس عام 1849.