الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

د. خالد كمال يكتب: صلاح ليس مجرد لاعب

د. خالد كمال
د. خالد كمال
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يأبي الله سبحانه وتعالى على هذا الشعب المسكين المكافح منذ بداية التاريخ أن يعيش بلا أمل،  فكلما ضاقت الأمور وازداد القنوط واستبد بنا الخوف من المستقبل، ظهر لنا النور في نهاية النفق ليطلق العنان لأحلامنا وأمانينا ويجدد روح الأمل فينا، فقد يتحقق الأمل في إشراق قلب في ليلة القدر ورجائه أن يتحقق دعاءه فيعيش الإنسان أملا في تحقيق أمنياته في العام التالي. وقد يكون الأمل في أخذ البركة من قبس تجلي العذراء في عيدها..
المهم أننا تفننا في التحايل على اليأس والبحث دائما عن الرجاء إما في رحاب الله وما أوسعها رحابا، وإما في رحاب المجتمع في حدود ما يسمح.
لكن أن يظهر لنا جميعا في لحظة تاريخية هذا النموذج الملهم والأمل المشرق الذي اجتاح حياتنا شيئا فشيئا خلال الأعوام القليلة الماضية، هذه البهجة الأخاذة والسعادة المحيطة التي تتنامي مع ما يحققه هذا اللاعب الأسطوري المسمّى محمد صلاح فهذه ليست صدفة بل هي هدية وعطيّة إلهية بامتياز، فهذه الطاقة النورانية المنبعثة من ابتساماته وحركاته ونظراته المستكينة المسالمة والتي قد لا يعلم عنها شيئا فهو في كثير من الأحيان تشعره متفاجئا بشعبيته الجارفة مثلنا.
قد يقول البعض توقف ما هو إلا لاعب كرة قدم، أقول لك: أنت لا تفهم ما يحدث في العالم ولا تستوعبه؛ لأن هذه اللعبة الساحرة ملكت أفئدة الناس فهي أكثر شيء تتفق عليه شعوب الأرض قاطبة، ما هو الحدث الذي يشاهده ثلاثة مليارات نفس حول العالم؟
إنها مباراة كرة قدم لفريقي كرة قدم 
أنت تستطيع أن تقابل كثيرًا من رؤساء الدول بسهولة ومجانا عبر الطرق المعروفة لذلك، لكنك لا تستطيع أن تقابل لاعب كرة قدم معروفًا ونجمًا مثل رونالدو البرتغالي وميسي الأرجنتيني وغيرهم إلا بمواعيد وتنسيق مسبق وشروط ومبالغ مالية طائلة...
فإما إنك محدود الثقافة أو إنك نصف مثقف متعالٍ، وقد يقول البعض ما زالت مجرد لعبة،  وصلاح مجرد لاعب، مثلما فعل الإعلامي مفيد فوزي، أقول لك مرة أخرى: هذه عقول قد عفا عليها الزمن تنتمي لحقبة تاريخية سابقة لا تستطيع ولن تستطيع أن تستوعب ما يحدث، وقد يقول البعض إنك متحيز لأنه مصري، أقول لك: راجع الديلي ميل والميرور والفرانس فوتبول ومئات المواقع عبر العالم وتصريحات كبار اللاعبين حول العالم.
الأهم راجع كلام المشجعين الإنجليز الصادق والذي وصفوه بأروع الكلمات فلقد قال أحدهم
ألم تكتفِ بعد؟
أما آن لك أن تتوقف عما تفعله احتراما لتاريخ من سبقوك؟
أما يكفيك أن تقضي على العنصرية ضد العرب؟
أتظن أن أقدامك على الأرض تزلزل قلوب المدافعين وحراس المرمى وحدهم؟
الأمر ليس هكذا يا فتي.
أنت تعصف بكيان دولة كاملة 
تغنوا باسمك في موسمك الأول ولم تكتفِ
حملوا الأعلام المصرية فلم تتوقف..
رسموا ابتسامتك البريئة على جدران منازلهم فما رضيت..
والآن إلى أين أنت ذاهب بهم ؟
ألا تعلم أنك أقوى إعصار عاطفي مر على أمة ليفربول؟
أتظن أنه من السهل أن تعبث بالأرقام التي نقشت على قلاع الإنفيلد الحصينة؟
قلتها مرة وسأكررها أنت قررت أن تعاقب بريطانيا لأنها احتلت بلادك فنجحت أنت وحدك أن تحتل دولة كاملة وحدك..
وليتك استعمرت أراضيهم 
أنت استعمرت قلوبهم وعقولهم وحناجرهم التي تهتف لك ولم تكتفِ..
واعلم أنك لن تكتفي حتى ترى دموع أصحاب الأرقام التي تحطمها بعينيك..
فيا صاحب الابتسامة الطفولية..
يا صاحب الأخلاق الرفيعة..
أنت خدعت الجميع لكنك لا تستطيع أن تخدعني فلقد أخبرتهم وأنذرتهم ولكنهم تجاهلوني قلت لهم: إن الألماني لم يتعاقد مع لاعب كرة قدم بل تعاقد مع خلوق محترف اسمه محمد صلاح.
وها هو مدربه الألماني الكبير والعالمي يقول (إن صلاح سفير مثالي للعرب والمسلمين، لقد علّمَنا الوضوء فنحن ننتظره دقيقتين قبل كل مباراة حتى يتوضأ ولم أسمع لاعبًا يتذمر ويقول لماذا نفعل ذلك..
وقال ذات مرة: لقد داعبت اللاعبين قبل إحدى المباريات قائلا: لو نزلنا الملعب عُراة لن يلتفتوا إلينا بل سيبحثون عن صلاح.. ونحن نعلم عن الألمان دقتهم وموضوعيتهم فهل يجاملنا هذا الرجل؟
نعم يا سادة افرحوا واستبشروا ولا تسمعوا للمحبطين وعواجيز الفرح الذين فقدوا قدرتهم على السعادة يقتاتون على النقض والنقد..
لقد سمعنا الجمهور يهتف في الملعب صلاه صلاه، نعم لأن صلاح عندما ينطقها الأجانب تنطق صلاه، فهل هذه صدفة هذه التجليات التي نزلت على هذا الشاب واندفاعه المجنون لعمل الخير وكأنه يوفي نذرًا عليه. وانبهار وكالات الأنباء بهذه الأعمال الخيرية وتتبعها، فها هي الديلي ميل تورد مقالا عن أعمال صلاح الخيرية وتعنونه (لم ينس صلاح من أين جاء)؛ في إشارة لكثير من اللاعبين الأفارقة الذين يعيشون في أوروبا كما لو كانوا ملوكًا لا يتذكرون بلادهم الفقيرة..
هو صلاه تلهمنا الأمل في التحقق والقدرة على الوصول لأبعد مما نتصور، بل الهم من حوله من الثقافات الأخرى..
صلاح أحرج كثيرًا من اللاعبين الكبار الأغنياء من غير المسلمين فبدءوا يراجعون مديري أعمالهم ليبحثوا عن أوجه الخير التي يمكن أن يساعدوا فيها بلادهم.
صلاح أو صلاه يعلمنا عدم الغش حتى في اللعب فهو لا يمثل السقوط للحصول على ضربات حرة ولم يصب لاعبًا متعمدًا ولم يسئ للاعب ولو حتى بنظرة هو يمشي في الأرض هونًا..
تراه يأكل في مطاعم العاديين، ويتحدث إلى الناس في الشارع في ليفربول دون كبر أو محاولة لاستغلال طبيعة المجتمع المادية بحيث يستفيد ماديا من كل شيء كما يفعل غيره..
صلاح أصبح علامة تجارية (براند) شُيدت المحالّ باسمه وأنشئت قنوات تليفزيونية باسمه (دون إذنه).
اسمه وصورته على صفحات الجرائد والمجلات تزيد المبيعات اسمه في برامج التليفزيون يزيد نسبة المشاهدة..
ثم هو محبوب العرب بلا منازع شاهدت مباراته الأخيرة مع روما في أحد الكافيهات بإحدى دول الخليج لأني موجود هناك، كان مكتظا بأهل البلد قبل المصريين للفرجة على صلاح، وحين يحرز الهدف جميعنا نقفز من الفرحة حالة رائعة من البهجة والسعادة والفخر شعرنا بها جميعا عندما لعب بمستوى رائع أمام روما. 
ولقد فاجأَنا بقدرة هائلة على ضبط النفس والتحكم فيها فلم يظهر فرحة عند إحرازه الأهداف؛ لأن روما كان فريقه السابق، يا بني هذه لعبة احترافية لا مكان فيها لهذه المشاعر افرح انطلق..
لا تعلموا أن تعيدوا معاني الوفاء الجميلة وصون العشرة إلى حياتكم الجديدة؛ حياة ما بعد صلاح..
أرجو أن يحفظه الله من القلوب البغيضة داخل مصر وخارجها غير القادرة على الحب والعطاء.