يعد البطيخ من المحاصيل التى يقبل عليها المستهلك أيًا كان مستواه المادي، فهي عالية التسويق فى الأسواق المحلية، كما أنها تأخذ نصيبًا كبيرًا فى الناحية التصديرية، خاصة فى الأسواق العربية وبعض الدول الأوروبية، لأنها من أكثر الثمار تحملًا للشحن والتخزين. وللبطيخ تاريخ طويل يعود إلى عهد الفراعنة، والذين تؤكد رسومات معابدهم معرفتهم وتناولهم له، ولأنه رخيص الثمن، وتكفى الثمرة الواحدة منه عائلة كبيرة، وهو الفاكهة الوحيدة التى لها سوق مستقلة عن باقى الخضراوات والفاكهة، تحمل اسمه، وهى سوق البطيخ بمنطقة «الزهراء»، وهى سوق لا تهدأ ولا تعرف سوى الحركة الدائمة للبيع والشراء طوال فترات العام، وأشدها موسم الصيف الذى يزداد فيه الإقبال على تلك الفاكهة.
وسط نداءات كثيرة لتحديد سعر البطيخ فى سوق «الزهراء»، رصدت عدسة «البوابة» رص البطيخ على هيئة أهرامات، والسبب كما يقول الحاج منصور عبدالحميد أحمد، تاجر بسوق البطيخ، إن ذلك هو الشكل الأمثل للحفاظ عليه من الكسر، كما يمنحه جاذبية أثناء عرضه للبيع من خلال المزادات اليومية. وتبدأ مراحل عملية المزاد بمجيء سيارات النقل المحملة بالبطيخ من المزارع، حيث يبدأ كل تاجر فى تحديد السعر الذى يبدأ به المزاد حسب المناخ العام للسوق، بعدها يبدأ مساعدو التجار فى طرح السعر للمشترين من تجار القطاعى بصوت عالٍ، وأحيانًا يباع بالثمرة الواحدة للزبون، الذى قلما يلجأ إلى سوق الجملة هربًا من جشع التجار وانخفاض سعره.
ويقول أحد التجار: إن البطيخ الشتوى يأتى من أسوان، ولكنه لا يضاهى البطيخ الصيفى فى المذاق، ولكنه بنفس السعر، ولا يقبل عليه أحد إلا محلات العصير، التى تشتريه طوال السنة بسعر يتراوح بين ٧ و٩ جنيهات للثمرة الواحدة، وتختار الحجم الصغير منه.
يقول «الحاج منصور» تاجر، إن بطيخ «الجيزة»، يعتبر أفضل وأرقى أنواع البطيخ المصرى، فهو ذو عرش كبير يغطى الثمار أثناء عملية النمو، ما يقيها أشعة الشمس، ويستطيع الزبون التعرف عليه من شكله الخارجى، فثماره مستديرة ولونها أخضر لامع مع وجود تعريق رفيع بلون أخضر داكن، ويصل متوسط وزن الثمرة من ٥-٨ كم.
ويمتاز «جيزة» بلونه الأحمر الداكن، بالإضافة إلى نسبة السكر المرتفعة به، ولذلك هو أغلى أنواع البطيخ سعرًا، ويصنف أيضًا البطيخ طبقًا لحجمه إلى خمسة أنواع تبدأ من رقم «زيرو»، الذى يعنى أكثرها جودة وتنتهى عند الرقم ٥ الذى يعنى أقلها جودة، ويمكن معرفة ما إذا كانت البطيخة حمراء أم لا، من خلال عملية الطرق تلك، فإذا كان الصوت مكتومًا يعنى ذلك أن البطيخة حمراء، أما إذا رن الصوت أو كان له صدى فيستنتج من ذلك أن البطيخة من داخلها بيضاء لا طعم لها «قرعة».
ويقول محمد أحمد على، تاجر بطيخ، إن أغلب زبائنه الذى يلجأون إلى الشراء من سوق الجملة السيدات، ويتميزن بمعرفة البطيخة الحمراء، ويفضلن دائما الفصال، ما يجعلنا نتعب من البيع لهن، وسوق البطيخ يعمل يوميًا منذ أذان الفجر حتى بعد العشاء، ولا يخلو من الحراسة لاحتوائه على بضائع بمبالغ طائلة يمتلكها كبار التجار، منوهًا بأن الترويج للمزاد اليومى لا يخلو من عبارات السجع لشد تجار التجزئة للسعر الأقل والمناسب.
ويتابع وهو يستند إلى عربته «الكارو» المليئة بالبطيخ، تحت مظلة تحميه من أشعة الشمس الحارقة، وتبدأ أسعار البطيخ من ٤ جنيهات للصغيرة حتى ٢٠ جنيها للحجم الكبير، أو يُباع بـ١.٥ للكيلو، وهناك بطيخ شتوى يأتى من حلايب وشلاتين، ويباع بأسعار مرتفعة فى فصل الشتاء، ولا يزرع بكثرة لقلة الإقبال عليه، ولا يقارن بالبطيخ الصيفى الذى يفضله المواطنون لاحمراره الشديد من الداخل ومذاقه الطيب، ويصنف منه عدة أنواع منها: «الاسكاته»، و«النمس»، و«الجيزة»، و«عياش»، و«شلين»، و«حورس»، و«طاووس». يضيف «أحمد» أحد التجار: تعرف البطيخة إذا كانت «حمراء» أو «قرعة»، من خلال ضيق عنقها وشدة خضار قشرتها الخارجية، وانتظام شكلها الدائرى، وشهد موسم البطيخ الصيفى العام الماضى ركودًا واضحًا فى حركة البيع والشراء، لأن المزارعين استخدموا الكيماويات بكثرة لزيادة حجم البطيخة وسرعة نموها، ما أصاب الزبائن بنزلات حادة معوية وتسمم.
ويؤكد خبراء التغذية أن فاكهة البطيخ الموجودة بالسوق المصرية آمنة تماما وصالحة للاستهلاك، ولا تسبب أى أضرار بالصحة، على عكس الموسم الماضى، الذى شهد حقن الثمرة بالمبيدات الحشرية والكيماويات التى أصابت بعض الحالات بالتسمم. ونوهوا إلى أن تناول البطيخ فى شهر رمضان يعطى الجسم السوائل الكافية لتحمل ارتفاع الحرارة أثناء الصيام، مشيرين إلى أن للبطيخ فوائد كثيرة لمرضى السكر، من حيث إنه ينظم مستويات السكر فى الدم لاحتوائه على نسبة قليلة من الكربوهيدرات والسكريات الطبيعية، وعلى سعرات حرارية منخفضة.
-حنفية البطيخ
هل سمعت عن عصير البطيخ قبل ذلك؟ لعلك سمعت أو لم تسمع، لكن هنا تجربة عملية لذلك، وعليك فقط اتباع الخطوات التالية لتحصل على ذلك العصير دون خلاط، اقطع البطيخة من فوق على شكل غطاء، ثم ابدأ فى تفريغها من الداخل، وعمل تجويف يشبه جوف الإناء، صفَّ ما استخرجته فى عصارة البرتقال، وعاود صبه فى تجويف البطيخة، أحضر حنفية وضعها أسفل البطيخة ثم افتحها، واملأ كأسك واشرب «عصير بطيخ نقيا».
-خبراء التغذية: مفيد لمرضى السكر والكلى.. ويفضل تناوله فى رمضان لمواجهة العطش
يقول الدكتور رضا عبدالعظيم، أستاذ بالمعهد القومى للأغذية: إن الشقوق التى تظهر داخل ثمرة البطيخ، تعود لتخزينها بشكل غير صحيح، ولا يوجد به أى ضرر إطلاقًا، فهى ليست محقونة بالمبيدات، ومن العلامات التى تدل على أن البطيخ سام أو غير صالح، لون اللب حيث يكون أصفر ولامعًا، وشريحة البطيخة نفسها يكون لونها أورجوانيًا ورائحتها حامضة، وشكلها الخارجى الدائرى غير المنتظم، وينتج كل هذا عن بعض المزارعين، الذين يلجأون لحقن البطيخ بمادة «التينيك» من أجل تسريع نضجه، وجعلها أكثر حجمًا، لكنها تتسبب فى مخاطر صحية ضخمة، فإذا تعرض أحد لأى تسمم، لا بد أن يلجأ إلى مركز السموم لسرعة إسعافه، لأنه لا يوجد له علاج بالمنزل، ويعد البطيخ من الثمار اللازمة فى شهر رمضان، حيث إنه يحتوى على ٩٢٪ من الماء، ما يجعله يعمل على ترطيب خلايا الجسم ويقضى على الجفاف.
وأشار الدكتور على زكى، أستاذ التغذية، إلى أن البطيخ يلعب دورًا مهمًا فى علاج العديد من الالتهابات فى الجسم خاصة التهابات المفاصل، وذلك بفضل احتوائه على فيتامينات عديدة ومواد مضادة للأكسدة، كما أن احتواءه على فيتامين «سي»، يجعل منه وسيلة فعالة فى تعزيز مناعة الجسم، ويحتوى على المنجنيز والبوتاسيوم، اللذين يخفضان معدلات الضغط، كما أنّه يحتوى على مادة «الكاروتينات» التى تمنع تصلب الشرايين، وتُخفض ضغط الدم، كما أنه يُنشط الجسم، ويمنحه الطاقة، ويحمى البشرة من التجاعيد، ويزيد نعومتها ونضارتها؛ لاحتوائه على نسبة عالية من الماء، والأحماض الأمينيّة، و«الأرجنين» الذي يُخلِّص الجسم من الأمونيا السامة.
وأكد «زكي» أن البطيخ مفيد لمرضى السكر لاحتوائه على نسبة قليلة من الكربوهيدرات والسكريات الطبيعية، وعلى سعرات حرارية منخفضة تساعد فى تنظيم مستويات السكر فى الدم، كما أنه يحتوى على فيتامين «أ» الذى يحافظ على صحة العينين والشبكيّة، التى تتضرر بسبب ارتفاع معدلات السكر.
وقال الدكتور سعيد شلبى، أستاذ التغذية، إن البطيخ يفيد فى علاج ترسبات وحصوات الكلى؛ لاحتوائه على «البوتاسيوم»، وذلك بتقليله تركيز حمض «البولينا» فى الدم، كما أنّه يحتوى على الماء الذى يدر البول، ويُنظف الكلى، ويحدّ من انتشار الخلايا والجذور الحرة لمرض السرطان لاحتوائه مضادات أكسدة تُسمى «الليكوبين».
وأضاف «شلبي» أن هناك عدة طرق للتعرف على البطيخ الجيد والناضج، وهى أنها تتميز باللون الأحمر الغامق، وهو دليل على النضج الجيد، والذى يتوافق مع حجم البطيخة، فضلًا عن حلاوة المذاق، حيث إنه كلما كانت حلوة المذاق فهو تأكيد على جودة البطيخة وعدم معاملتها بطرق غير صحية خلال مراحل الإنتاج الزراعى، بالإضافة إلى أن خشونة ملمس الجسم الداخلى للبطيخة يعد دليلًا على نضجها جيدًا.
-الفنانون والبطيخ
كان لفاكهة البطيخ دور كبير فى أغلب الأعمال الفنية، حيث ظهر بعض الفنانين وهم يتناولون البطيخ خلال أعمالهم، وقد سبقتهم الفنانة نادية لطفي، إلى ذلك فى صورة خاصة من داخل بيتها وهى تفترش الأرض وتقوم بتناول البطيخ، الفاكهة المحببة إليها. الفنان «عادل إمام» كان له مشهد شهير فى فيلم سلام يا صاحبى مع الفنان «سعيد صالح»، وهما فى سوق البطيخ ويناديان عليه بـ«اتنين ونص تعالى بص». الفنانة لبلبة، والفنان محمد هنيدي، كان لهما مشهد كامل لتناول البطيخ فى فيلم «وش إجرام»، حيث جسد المشهد شكل الأسرة المصرية العادية وهى تتناول البطيخ. كما ظهرت الفنانة مريم فخر الدين فى صورة نادرة لها وهى تأكل ثمرة البطيخ. الفنان حكيم، قام بتمثيل مشهد الموظف الحكومى العادى الذى يقوم بشراء البطيخ بعد انتهائه من عمله اليومي، فى فيديو كليب أغنيته «السلام عليكم».
وظهرت نانسى عجرم كبائعة بطيخ، فى أغنية «ما تيجى هنا»، والتى كانت بشكل مختلف عن طبيعة كليباتها الأخيرة، وقد حظى الكليب بنسبة نجاح كبيرة.
