الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

الفتاوى الدليفري.. معركة الـ"سوشيال ميديا" بين دار الإفتاء والسلفيين

المعزول محمد مرسي
المعزول محمد مرسي ومفتي الجمهورية شوقي علام ووجدي غنيم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يحتار الكثير من المسلمين فى أمور متعددة فيما يخص تعاملاتهم اليومية وتعاملاتهم مع الآخرين ومختلف جوانب حياتهم المعيشية، مما يدفعهم للجوء إلى طرح الفتاوى لحسم هذه الأمور كافة، وفقًا للشريعة الإسلامية، حيث تواجه المسلم أمور قد تُسبب لهم الخلط والحيرة ولا يستطيع التصرف تجاهها لما من شأنها أن تضعه فى إثم وذنب يُحاسب عليه فى الآخرة، وبالتالى يجدون أن الملاذ الوحيد للبعد عن ارتكاب الذنوب والمعاصى بقصد أو غير قصد هو الاستفسار عن الأمر الذى يريدونه من خلال طرح الأسئلة والحصول على الفتوى فيما يخص هذا الأمر، وذلك وفقًا للشريعة الإسلامية.
حسمت دار الإفتاء المصرية أزمة تضارب الفتاوى واختلافها من شيخ لآخر، باعتبارها أعرق المؤسسات الدينية فى مختلف دول العالم، وبخاصة الدول العربية والإسلامية، من خلال تحديد قائمة بالشيوخ المرشحين من دار الإفتاء لإصدار الفتاوى والرد على تساؤلات المواطنين المختلفة، ووضع مجموعة من الضوابط لإصدارها والظهور على الفضائيات ووسائل الإعلام المختلفة، منعًا لتضارب الفتاوى كما حدث خلال الفترة الأخيرة، وللحد من الفتاوى التى تسببت فى إثارة البلبلة والجدل فى الشارع المصري، وجاء هذا التضارب فى الأقوال والفتاوى واختلافها من شيخ لآخر نتيجة استيعاب الشيوخ للأمور الدينية لكل شخص على حدة، حسب ما أدركه وفهمه من الأحاديث النبوية والأساتذة، ووفقًا لتفسيره لمجريات الأمور من وجهة نظره فى أغلب المواقف.
يعتمد كثير من المواطنين فى الوقت الحالى على مواقع التواصل الاجتماعي، وبخاصة فئة الشباب، فى مختلف الأمور الحياتية والاجتماعية ولتلقى المعلومات من خلالها، والتى تتضمن الحصول على الفتاوى فى الأمور التى يريدون السؤال والاستفسار عنها من خلال هذه المواقع، مما استدعى دار الإفتاء المصرية لحل هذا الجانب بعمل صفحة رسمية لها على هذه المواقع والرد على أسئلة واستفسارات المواطنين المختلفة، ولكن هناك أزمة تُسبب استمرار هذا التضارب، ويحدث ذلك من خلال بعض الصفحات التى لا تنتمى للمؤسسة أو أى مؤسسة دينية رسمية، تقوم بطرح خدماتها للإجابة عن استفسارات المواطنين والرد على أسئلتهم المختلفة وإصدار الفتاوى من خلال عدد من الشيوخ من مختلف دول العالم العربى والإسلامي، مما قد يضع المواطنين أمام مذاهب وإجابات متعددة، تختلف من شيخ لآخر.
رصدت «البوابة»، إحدى الصفحات الموجودة على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك» باسم «قطوف من الـask»، يتواصل عليه مجموعة من الشيوخ مع المواطنين، الذين يقومون بتوجيه الأسئلة فى مختلف الأمور الحياتية، والتى قد تهم بعض المواطنين؛ فإن هذه الأسئلة قد تكون بسيطة فى مضمونها، إلا أنها وسيلة لإظهار «الفكر المتعدد» بين الشيوخ، وقامت الجريدة بطرح عدد من الأسئلة التى تريد إجابات عنها، وكانت كالتالي:


«حكم أخذ الابن أموالا من محفظة والده دون علمه»؟
- أجاب أحد الشيوخ على صفحة «قطوف من الـ ask»، قائلًا إنه لا يجوز للابن أن يأخذ من مال أبيه.
فيما قال الموقع الرسمى لدار الإفتاء: «إذا كانت نفقة الابن واجبة على الأب ويقوم بالإنفاق عليه بما يحلل له الكفاية من مأكل ومشرب وملبس ومسكن، فلا يجوز له أخذ المال من الأب بغير علمه، وإن قام بهذا الأمر يعد من السرقة المحرمة شرعًا، فيجب عليه التوبة والإقلاع عنه مع الندم الشديد وكثرة الاستغفار، والعزم على عدم العودة إليه مرة أخرى، ولكن مع ضرورة رد المال مرة أخرى للوالد».
«حكم ارتداء الملابس القصيرة فى المنزل أمام الأخ والأب»؟
- امتنع أحد الشيوخ على الصفحة من الرد عن هذا السؤال، بينما قال الموقع الرسمى لدار الإفتاء المصرية، إن الأب والأخ من المحارم، وعورة المرأة أمام محارمها غير الوجه واليدين إلى المرفقين والرجلين والركبتين، فيجوز للمرأة إظهار ما ذكرنا من هذه الأعضاء أمام محارمها، وأما ما سواها، فلا يجوز لها إظهار شيء منها أمام هؤلاء المحارم، مقدمًا شرح مفصل للمفاهيم التى تخص هذا الموضوع.
«ما حكم الاستماع للأغاني»؟
- رفض الشيوخ على صفحة «قطوف من الـ ask» الإجابة عن هذا السؤال، بينما رد «موقع دار الإفتاء»، قائلًا: «إباحة الموسيقى إن لم تشمل ما يحرك الغرائز، أو إلى ما يدعو إلى المحرم، وذهب أغلب الفقهاء إلى جواز الغناء بغير موسيقي، أو مع مصاحبة الدف، أما عن حكم الموسيقى شرعًا سواء كانت منفردة أو مصاحبة للغناء فهى مسألة خلافية، والذى عليه الفتوى إباحة الموسيقى إن لم تشمل الغرائز»، مستشهدًا ببعض الأحاديث النبوية الشريفة فى هذا الصدد.
«حكم التحدث مع زميل العمل على الإنترنت ليلًا»؟
- أجاب أحد الشيوخ على الصفحة: «تجنبوا ذلك، إلا لحاجة معينة»، فيما أوضح الموقع الرسمى لدار الإفتاء أنه جائز، قائلًا: «جائز إذا التزمنا الأدب والتعاليم الإسلامية، ولم يكن هناك خلوة محرمة أو أى مخالفة شرعية»، مستشهدًا بدليل من القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة.
فتاوى مثيرة للجدل خلال عامى ٢٠١٦/٢٠١٧
يعد إطلاق الفتاوى من الأمور المهمة التى ينبغى على مدعيها الحذر لما يمكن أن تسببه من أضرار جسيمة فى المجتمع وإحداث الفتن بين المواطنين سواء المسلمين أو المسيحيين، وهذا ما حدث قبل تقنين المؤسسات الدينية أوضاع الفتوى وتحديد عدد من العلماء لإصدارها، وشهدت السنوات الماضية منذ عام ٢٠١٦ وحتى بداية عام ٢٠١٨ حالة من الجدل وإثارة البلبلة فى المجتمع حول إطلاق بعض الفتاوى، حيث أعلنت دار الإفتاء أن عدد الفتاوى الصادرة عن الدار فى عام ٢٠١٦ أكثر من سبعمائة وعشرين ألف فتوى، وفى عام ٢٠١٧ بلغت أكثر ٥٨٢٢٢٥ فتوى متنوعة، ومن أبرز هذه الفتاوى على مدار ثلاث سنوات.


بيع السلع بأغلى من أسعارها
أصدر الطبيب السلفى ياسر برهامى، فتوى تجيز بيع السلع بأغلى من أسعارها إذا كان مكان البيع فى مكان مختلف، والذى تم اعتباره فى ذلك التوقيت تصريحا رسميا من الداعية السلفى لجشع التجار ورفع الأسعار على المواطنين.
عدم زواج الزانى من الزانية
ذهب برهامى لإصدار فتوى بعدم إجازة زواج الزانى من الزانية حال الحمل منه، الأمر الذى اعتبره البعض فتوى تبيح الفاحشة.



"تحطيم الآثار» و«تحريم الاحتفال بالمولد النبوي"
كما أطلق السلفى سامح عبدالحميد، فتوى تدعو لتحطيم الآثار والتماثيل فى الشوارع، معتبرًا أن تلك التماثيل تشبه عبادة الأصنام وطالب بتدميرها، فضلًا عن إصداره فتوى أخرى يؤكد فيها أنه لا يجوز للمحلات بيع أدوات المكياج للمرأة المتبرجة، كما حرم الاحتفال بالمولد النبوى الشريف، وشراء الحلوى وأكلها فى يوم المولد النبوي.



ممارسات داعش من الإسلام
أصدر الإخوانى الإرهابى وجدى غنيم، فتاوى باعتبار ممارسات داعش فى سوريا والعراق من الإسلام، وأن الخلاف معه ليس فى التكفير، أو طرق القتل ولكن فى هجومه على الإخوان.



الدفاع عن مرسى جزء من الشرع
خرجت هيئة تابعة لجماعة الإخوان الإرهابية تدعى «هيئة علماء الإخوان» لتصدر فتوى غريبة أثارت جدلًا واسعًا، حيث أفتت بأن الدفاع عن محمد مرسى واجب شرعي، بزعم أن مرسى تعرض لـ«مؤامرة على حد قولهم»، ولا بد من الدفاع عنه على حد مزاعم الجماعة.



خطأ صلاة الفجر والتحريض على العنف
كما لم تتوقف الفتاوى على السلفيين فقط، بل شملت أعضاء الجماعة الإرهابية والشيوخ التابعين لهم، حيث اعتبر مفتى الجماعة الإسلامية عبدالآخر حماد، أن موعد صلاة الفجر غير صحيح، وأن صلاة المسلمين فى الفجر غير صحيحة لأنها متأخرة نصف ساعة، وهو الأمر الذى نفته دار الإفتاء وهيئة المساحة، فضلًا عن تحريض بعضهم على العنف واعتباره جزءا من الإسلام، حيث أفتى سلامة عبدالقوى، الموالى للإخوان، بجواز قتل أفراد الشرطة على إحدى القنوات التابعة للإخوان.


الطلاق الشفهى لا يقع
أطلق الشيخ خالد الجندى، فتوى تقضى بعدم وقوع الطلاق إلا بالإشهاد الموثق أمام مأذون، مبررًا أن «الطلاق الشفهى قضية تمس كل أسرة وكل فتاة، والمرأة ظلمت كثيرًا بسبب ذلك الأمر وتم التقليل من مكانته". 
رؤية الخاطب لخطيبته وهى تستحم


رؤية المرأة التى ترغب فى الزواج منها وهي تستحم
أثارت فتوى الداعية أسامة القوصى، ردود فعل غاضبة على مواقع التواصل الاجتماعي، عقب قوله إنه «يجوز للرجل رؤية المرأة التى يرغب فى الزواج منها وهى تستحم»، مشيرًا إلى أنه يشترط على ذلك أن تكون نيته صادقة، ويرغب فى الزواج منها، مضيفًا أن الصحابى كان يختبئ للمرأة التى يخطبها ويراها وهى تغتسل من البئر للتأكد إن كانت فعلًا تصلح له زوجة، مشترطًا على هذا الفعل أن تكون نية الشخص صادقة بالزواج!



زكاة الفطر
حرم بعض القيادات السلفية بإصدار فتوى تمنع إخراج زكاة الفطر مالًا، ولكن رد كل من مؤسستى الأزهر ودار الإفتاء، تؤكدان فيه جواز إخراج زكاة الفطر مالًا، وكذلك جواز إخراجها حبوبًا، بل أكدوا أن إخراجها مالًا يعد الأفضل ليستطيع الفقراء شراء احتياجاتهم.



فتوى تحريم تحية العلم
حرم الداعية السلفى سامح عبدالحميد، بدء الفصل الدراسى بتحية العلم الوطني، قائلا: «لا يجوز للمسلم القيام إعظامًا لأى علم وطنى أو سلام وطنى، بل هو من البدع المنكرة التى لم تكن فى عهد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ولا فى عهد خلفائه الراشدين رضى الله عنهم". 



"دينية البرلمان": عقوبات رادعة لكل من يصدر فتوى من غير المتخصصين

قال شكرى الجندي، وكيل اللجنة الدينية بمجلس النواب، إن مشروع قانون تنظيم الفتوى يمنع إصدار الفتاوى من غير المتخصصين من المؤسسات الدينية الرسمية، موضحًا أن مشروع القانون الذى تقدم به النائب عمر حمروش تم الانتهاء منه، ولكنه لم يصدر حتى الآن.
وأضاف الجندي، لـ«البوابة»، لجنة «أمناء الفتوى» متخصصة ببحث بعض الفتاوى والموضوعات التى يتم عرضها عليهم، وهذه اللجنة يشملها قانون تنظيم العمل داخل دار الإفتاء المصرية، والتى يتولى مسئوليتها مفتى الجمهورية، مؤكدًا أن قانون تنظيم الفتوى سيعرض على الجلسة العامة للبرلمان قريبًا لإقراره وبدء العمل به.
وأوضح، أن القانون يتواجد حاليًا فى البرلمان قيد المناقشة فى الجلسة العامة، لافتًا إلى أنه خلال مناقشة القانون لم يحدث أى خلاف بين المؤسسات الدينية الرسمية واللجنة الدينية فى البرلمان، وتم الاتفاق على جميع مواد مشروع القانون دون تعارض على الإطلاق، وبخاصة فى العقوبات التى فرضها القانون، حيث فرض غرامات مالية تصل إلى ٢٠ ألف جنيه والحبس لمدة ٦ أشهر لكل من يصدر فتوى دون علم المؤسسات الدينية أو غير متخصص فى الشأن الدينى ضمن قائمة المتخصصين الذين يمتلكون رخصة رسمية للفتوى، مؤكدًا أن الجميع يعمل من أجل الصالح العام وإعلاء الكلمة الصحيحة للدين.


بينما أكد النائب عبدالحميد الشيخ، عضو مجلس النواب، أن مشروع قانون الفتوى ضرورى لمواجهة فوضى الفتاوى التى حدثت خلال الآونة الأخيرة فى وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، موضحًا أن هذا القانون سيحد من إصدار الفتاوى لغير المتخصصين، بحيث تكون مقصورة فقط على المؤسسات الدينية الرسمية دون غيرها.
وتابع الشيخ لـ«البوابة»، أن المفتى هو المنوط بأمور الفتوى، مؤكدًا أن الإفتاء فى مسائل الدين أمر مهم وخطير إذا تُرك لغير المتخصصين يتحدثون عنه ويصدرون الفتوى للمجتمع، مشددًا على ضرورة وجود متخصصين لإصدار الفتوى منعًا لإثارة البلبلة والجدال داخل المجتمع فى مختلف الأمور الدينية.



مستشار المفتي: نتصدى للفتاوى الشاذة المثيرة للجدل

قال الدكتور مجدى عاشور، مستشار مفتى الجمهورية، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، إن المؤسسات الدينية ترحب بالمقترحات كافة والقوانين التى تحد من فوضى الفتاوى فى مصر، التى انتشرت خلال الفترة الماضية، مشيرًا إلى أن الفتاوى لا يمكن إصدارها إلا من قبل المتخصصين، حيث عملت المؤسسات الدينية «دار الإفتاء المصرية ومشيخة الأزهر الشريف وهيئة كبار العلماء» بالتعاون مع اللجنة الدينية فى البرلمان على تحديد أسباب فوضى الفتاوى فى البلاد والعالم العربى والإسلامي.
وأكد عاشور لـ«البوابة»، أن المؤسسات المختلفة تبذل جهودا ضخمة فى التصدى لأزمة الفتاوى الشاذة المثيرة للجدل داخل المجتمع، والفوضى التى شهدتها خلال الفترات الماضية من خلال الظهور على الفضائيات، بالإضافة إلى مواقع التواصل الاجتماعى والإنترنت، موضحًا أن المؤسسات تتصدى لهذه الأزمة من خلال ترسيخ المرجعية الخاصة بهم وإنشاء مراصد باللغات المختلفة لتحليل الفتاوى والرد الشرعى الدينى عليها.



ومن ناحيته قال الدكتور هاشم بحرى، رئيس قسم الطب النفسى بكلية الطب جامعة الأزهر: «المصريون بيصدقوا كل ما يقال لهم، فإذا ارتدى فلان جلبابا قالوا له يا شيخ، وإذا ادعت سيدة ترتدى النقاب أنها داعية إسلامية يصدقونها»، موضحًا أن المواطنين يمتلكون رغبة فى التصديق لكل ما يُقال دون السعى وراء المصداقية، مما جعل مواقع التواصل الاجتماعى وسيلة لنشر المزيد من الشائعات والأكاذيب التى يصدقها البعض.
وتابع بحرى لـ«البوابة»، أن الفكر النقدى يكاد يكون اختفى من ثقافة المصريين، وذلك عن طريق الاستماع الجيد والتفكير فى كل ما يُقال، وبخاصة فى الأمور الدينية وإصدار الفتاوى وإطاعة المواطنين لها دون تفكير فى مدى صحتها أو خطئها، مشيرًا إلى أن الاعتماد على التكنولوجيا والإنترنت حاليًا شيء أساسى وضرورى فى حياة كل فرد، للحصول على المعلومات، وبالتالى يجب على المؤسسات الدينية أخذ هذا الأمر فى الاعتبار وتوفير وسيلة دائمة للتواصل مع المواطنين فى مختلف الأوقات.
واقترح أستاذ الطب النفسي، أن يتم عمل جهاز يقوم بتسجيل الأسئلة والإجابات للرد عليها، لافتًا إلى أنه بالرغم من ارتفاع سعر هذا الجهاز إلا أنه سيوفر الكثير من المتاعب على المؤسسات الدينية، وسيدفع المواطنين للجوء إلى الصفحات الدينية الرسمية دون الأخرى غير معلومة المصدر للحصول على الفتوى.