الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

الروائي سيد الوكيل في حواره لـ"البوابة نيوز": الغرب استطاع سجننا داخل قوقعة التراث.. الواقعية السحرية خدمت سياسات العولمة.. ومفهوم المؤرخ المتخصص سيختفي.. الإبداع فاق طاقة كل نقد

سيد الوكيل في حواره
سيد الوكيل في حواره لـ البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
التقت «البوابة» الناقد والروائى سيد الوكيل الذى تدرّج فى العديد من المواقع الثقافية، حيث عمل مديرا لتحرير سلسلة «هوية مكان» ثم رئيسا لتحرير سلسلة «حروف» بالهيئة العامة لقصور الثقافة، ثم رئيسا لتحرير سلسلة «إبداعات قصصية» وله العديد من الأعمال النقدية والإبداعية، وقد تم تكريمه مؤخرا بالمركز الدولى للكتاب عن مجمل أعماله.
وتحدث الوكيل خلال اللقاء عن تجربته الأدبية فى الإبداع والنقد، بالإضافة إلى التغيرات الثقافية التى سيطرت على المشهد الفكرى عقب دخول العالم عصر العولمة والتكنولوجيا وعصر ما بعد الحداثة.
وإلى نص الحوار:


كيف كانت مرحلة النشأة والتشكل؟
أنا ابن ثقافة المدينة، ولدت في شبرا، فتنت بكنائسها، كنت أتأمل اللوحات والأيقونات على جدرانها الداخلية وأرسم مثلها، وأهرب من المدرسة لأقضي الوقت في سينمات الدرجة الثالثة، هكذا تربيت على ثقافة الصورة التي أصبحت لغة العصر الآن. تشكل وجداني بصريا منذ الطفولة، كل هذا شكل لي ثقافة بصرية جعلتني أحب الرسم، فبدأت حياتي الإبداعية كفنان تشكيلي، وممثل مسرحي، ثم تحولت إلى السرد في منتصف الثلاثينيات من العمر، ثم إلى النقدعلى كبر. هكذا أنا شخصية زجزاجية لا تمشي في خط مستقيم، أذكر بعد صدور مجموعتي القصصية الأولى (أيام هند) أن محمد مستجاب نصحني بالاستماع إلى الموسيقى لتصبح لغتي شعرية ذات إيقاع، ولكني لم أحاكي إيقاع الشعر، بل خلقت نوعا من الإيقاع البصري المشهدي، كما أني استفدت شيئا جديدا من نصيحة مستجاب، وقعت في غرام الطرب، والموسيقى، وامتلكت مهارة كبيرة في تمييز الأصوات والطبقات والمقامات الموسيقية. والآن أخصص يوما في الأسبوع للاستماع.
-كيف ترى عملية الجمع بين النقد والإبداع؟
كانوا ينصحوننا قديما ألا نقرأ النقد، أو الفلسفة حتى لا نفسد خيالنا، فقط نقرأ الإبداع ونهتم له، وهذا غير صحيح، فتلاقح المعارف والفنون داخل الذات المبدعة يثريها، ويجعلها مختلفة عن الآخرين، إنه نوع من التهجين كالذي عرفه الفلاحون مع الحيوانات والنباتات بالفطرة. وهذا هو الإبداع، أن تخلق شيئا على غير مثال. صحيح أن ممارسة النقد تأخذ من وقت الإبداع، ولكن كل منهما ينمي الآخر، وكان عليَ أن اختار بين الكم والكيف. وقد اخترت الكيف، أن أكتب ما أحبه واقع في غوايته، لا أن أرص عددا من الروايات، أنا في هذا استحضر روح صلاح جاهين، أن أكون نفسي، ألا أشبه أحدا لا في النقد ولا في الإبداع. 


- كتبت نصوصا حلَّقت خارج التصنيف التقليدي ألم تواجه أزمة بشأن ذلك؟
طبعا، ومازلت أواجه أزمة كبيرة مع أصحاب العقل التصنيفي، مثلا: أعمالي ترفض من لجان التحكيم في المسابقات بحجة أنها ليست روايات، شارع بسادة مثلا اعتبرت قصصا أو متتالية قصصية ـ إنها شيء مختلف فحسب. والحالة دايت اعتبرت سيرة ذاتية. الطريف أن نفس الأمر حدث مع كتابي ( عملية تذويب العالم) لأنه ليس نقدا صريحا. لكن ما أعاني منه أكثر، أن كثيرا من النقاد يرغبون في إزاحتى من المشهد الأدبي، بحجة أنني لست ناقدا متخصصا. والعكس صحيح، المبدعون يرغبون في وجودي ناقدا لأنهم يحبون كتاباتي النقدية، ويشعرون إنها الأكثر تفهمها لهم.. أنا لا يشغلني التصنيف، فقط السرد، وله طرائق وأساليب عديدة خارج صناديق الصنف. إذا كتبت كما يكتب الاخرون سأفقد وجودي، أو أتوه بينهم، بصراحة، أنا موجود لأني مختلف وليس لأني الأفضل، فهناك عشرات المبدعين الجيدين يملكون ناصية الكتابة، لكن المختلفين فقط، هم من يدهشونني وأشعر بالغيرة منهم، ولكنهم قلة. 
-كيف كانت تجربتك في الكتابة عن المثقفين في روايتي "فوق الحياة قليلا" و"الحالة دايت"؟
كان أول عمل تناول الكتابة عن المثقفين وذكرهم بأسمائهم رواية "فوق الحياة قليلا" بشكل ساخر وتفكيكي، وكنت قد قدمتها في إحدى سلاسل النشر، فقيل لي ساعتها: يا سيد، ألست صغيرا على الكتابة عن هؤلاء وعلى أن تسخر منهم؟ أنا لم أكتب سيرتهم الذاتية، أنا اعتمدت على بؤر صغيرة مليئة بالجزيئات الصغيرة، وهذه بُنى نلحظها في كتابات الآخرين فنأخذها ونطورها ونعمل عليها، أنا لا أؤمن بالسرقات إنما هي بنى نستمدها من آخرين ونطورها ونقدمها بشكل سردي، وآخرون يأخذونها منا وهكذا في حالة مستمرة. البعض يظن أن الحالة دايت سيرة ذاتية أو تراجم لبعض الكتاب، لكن كل ما ورد فيها هو محض خيال، وسرد فني باستثناء اسماء شخصيات الرواية، فكل ما فيها خيال فني.


-تعتز جدا بكتاب "عملية تذويب العالم" وخرجت به عن تصنيف النقد الأدبي لتسميه "ممارسات ثقافية" ماذا أردت أن تقول؟
عملية تذويب العالم كتاب يناقش التغيير الذي يحدث في العالم، والذي لم يعد يخص قوة معينة أو حزب معين أو زعيم بذاته، إنما التغيير آلية كوكبية "كوزموبوليتانية، تحدثت فيه عن التكنولوجيا وما بعد الحداثة والعولمة، دور التقنيات العصرية في توسيع الانفجار العلمي، والتحول من المعرفة إلى المعلوماتية، وانتصار الصورة على الكلمة المكتوبة، وارتباط الثقافة بالجسد الإنساني، فلاعب كرة مثل محمد صلاح يصبح أهم في نظر الجماهير من أي سياسي أو داعية أو مفكر أو أديب. إن المتغير العالمي لا يحدث عبر منهج علمي أو رؤية سياسية، لكن كظاهرة ثقافية وحضارية كبرى، تتشكل من ظواهر هامشية صغيرة " أي وليدة وقيد التشكل" ولكنها تنمو سريعا بفضل التكنولوجيا، وفي المقابل تزيح الكثير من أنماط الثقافة القديمة، والقيم التي ارتبطت بها التي من قبيل التفرد، والندرة، والأصالة. فعن أي أصالة يمكن أن نتحدث في عصر يصنع أساطيرة عبر الحواسيب والهواتف المحمولة، يفضي بنا إل عالم القرية الواحدة، ويحكمه مجموعة من المبرمجين والتقنيين. 
-كيف يمكن أن تؤثر أنماط التكنولوجيا في تشكيل وعي الإنسان؟
هناك واقع افتراضي تجده على الشاشات، وهناك أيضا واقع معزز، أي انتقال الواقع الافتراضي إلى الواقع الحقيقي، مثلا تستطيع أن تنقل متحف اللوفر بكامل تفاصيلة إلى أي مكان في العالم، ويتجول الزوار بين جنباته، عندئذ لا يمكننا أن نميز بين الحقيقي والافتراضي، أي أن الشيء الواحد تحصل منه على ملايين النسخ المطابقة، بحيث لا تعرف أيها هو الأصل. لهذا في أسئلة عاشت طويلا في عقولنا ستصبح مضحكة، مثلا سؤال الأصالة والمعاصرة الذي طالما شغل مفكرينا، كما أن سؤال الهوية سيصبح لا محل له من الإعراب في عالم القرية الواحدة. بل يبدو أن مفهوما مثل الواقع أو المجتمع سيندثر، فمواقع السوشيال ميديا، تشكل مجتمعا عالميا، يتعامل بقوانين افتراضية منقطعة عن الواقع المعيش. كما أن كل فرد يستطيع أن يكون مؤسسة متكاملة، يصنع صحيفته، وتلفزيونه الخاص، بل وقطاع أعماله العالمي وهو في بيته 
كما أن مفهوم التاريخ سيتعرض لتغير كبير، فمثلا، في الماضي كان الجبرتي يؤرخ معتمدا على مشاهداته، والمؤخ الحديث يرجع للكتب والوثائق، ولكن بعد مائة عام مثلا، سيرجع المؤرخ، ليجد ملايين الصور والفيديوهات عن الشيء الواحد، والكثير منها ممنتج، أو معالج بالفوتوشوب، كما أن كل إنسان في كل مكان لديه صفحته الخاصة على الفيسبوك ويستطيع أن يكتب تاريخا صادقا أو كاذبا أو مشوها أو مغرضا، وكل هذا يمتزج ليصبح في المستقبل هو المصدر الحقيقي لكتابة التاريخ، هكذا يتوزع التاريخ يتوزع بين ملايين الأفراد، ويختفي مفهوم المؤرخ المتخصص؟ وسيبقى هذا على فضاء الإنترنت وسيعمل الباحث بعد مدة من الزمن، على اتخاذ فضاء الإنترنت كمصدر لكتابته، وهذا يعزز سقوط معنى الزمن، ويدخلنا في حالة من السيولة مخيفة. حتى لا نعود قادرين على تحديد ما هو جاد وما هو غير جاد، ما هو ضار وما هو نافع، ما هو حقيقي وما هو مزيف.. بل يستطيع اي كاتب أن يخلق آلاف المعجبين، ويصبح نجما في بضعة أيام، هو لم يعد في حاجة إلى تاريخ طويل ليعرفة الناس. 


- ترى أن رواية الواقعية السحرية خدمت سياسات العولمة كيف كان ذلك؟
لقد فهم البعض رواية الواقعية السحرية أنها رواية مكان لكنها في الحقيقية رواية أنثربيولوجي تقتفي عادات وتقاليد وممارسات المجتمعات والأدوات ذات البعد التراثي، ولقد ظهرت جماعات "وتسمت باسم ماكوندا قرية ماركيز في مئة عام من العزلة" ترى أن الواقعية السحرية التي خطفت الأضواء العالمية كانت عملية لتسطيح مجموعة من التراثات العالمية المختلفة لخدمة سياسيات العولمة، وهذا اشار إليه مايكل دايننج في كتابة الثقافة في عصر العوالم الثلاثة والسؤال: كيف تنمط الواقعية السحرية التراث العالمي؟ أو كيف تخدم سياسات العولمة؟ الهدف من العولمة تنميط الذائقة، ومن ثم إمكانية السيطرة على المزاج السلعي أيضا، لتعمل شركات عابرة للقارات على تسوي سلعا تناسب الثقافات المختلفة، فالصين مثلا تعرف احتياجاتنا إلى فوانيس رمضان، ووساعات الحائط التي تؤذن، والمصليات ذات البوصلة التي تحدد القبلة.. وهكذا يتحول تراثنا إلى مجموعة من الطقوس يمكنهم التحكم فيها مع الوقت. 
-استطاع الغرب أن يسجنا داخل الفترة الزمنية التي تكون فيها التراث، أيضا ما هي أسباب الانحطاط الذي يتردى فيه العالم العربي اليوم؟
هذه مشكلة قديمة، لقد نجح المستشرقون في ربط هويتنا بكل ما هو ماضوي، عندما أشاروا إلى حضارتنا باعتبارها حضارة التطور الموقوف. فتنوا بتراثنا واعتبروا حاضرنا مجرد امتداد للماضي. أن تعيش سجينا لقيم ماضوية، معناها أن تطمس هويتك، لأن الهوية معنى ديناميكي متحرك، هو مفهوم ثقافي وليس ديني يؤكد قدرة المجتمع على التطور وفق مرتكزات أصيلة في ثقافته، والمقصود بأصيلة، هو قدرتها على البقاء والاستمرار والتطور، فسبوع المولود طقس مصري قديم جدا، عاش وتطور مع الزمن وناسب كل فئات المجتمع، لكن المتعلمين الذي سافروا إلى الخليج عادوا بطقس العقيقة متصورين أنه طقس ديني، المشكلة في أن التعليم عندنا مفصولا عن الثقافة، أما الفئات الشعبية، فهى تمارس عاداتها بلا أسئلة، لذلك فهى التي تحافظ على هويتها، بينما التعليم انتهى إلى تشوه وعينا، وانتهينا إلى مسوخ حائرة بين العقل العلمي والعاطفة الدينية. أنا مؤمن بالعقل العلمي، لكن ثقافتي تحميني من هذا التشوه، انا مثلا احرص على المشاركة في احتفالات مولد السيدة زينب "أم العواجز" والسيدة نفيسة العلوم، وعاطفتي الدينية لا تمنعنى من الانتصار للمرأة كمثقف عصري. 


-ماذا عن ثنائية الروح والجسد وحضور المرأة عبر التاريخ؟
نحن في عصر الصورة، والصورة كما يقولون بقوة ألف كلمة، وكلمات تصل لكل منطقة في العالم بسرعة كبيرة، فالصورة أكدت حضور الجسد الإنساني، وإن كانت النظرات الحديثة والثقافات المختلفة تحدثت عن ثورة الجسد، فإن الصورة عبرت عن ذلك بسياقات مختلفة. الرياضة نموذج واضح لزيادة اهتمام الناس بالجسد ورعياته، بالتدريبات الرياضية، اصبح هناك اهتمام بالرياضة، وظهرت منها أنواع جديدة، واصبح الجيم في كل شارع وحارة. هناك اهتمام بالرشافة، والقوة والجمال أيضا، فالنساء يهتممن بجراحات التجميل والأزياء التي تبرز مفاتنهن، وبرامج الطهي ونصائح الرجيم تلقى أكبر نسبة مشاهدة في العالم. ولقد حقق الوعي بجسدنا أن تدرك المرأة أن عليها تحرير جسدها وتحقيق ملكيته لها وحدها، فغيرت بذلك شكل العلاقة بينها وبين الرجل، وجردتها من المعنى الغريزي الذي كان يسيطر عليه.
لكن يجب أن نأخذ في بالنا، الظواهر السلبية التي واكبت ثقافة الجسد، وشغف الناس بها، فتجارة الأعضاء البشرية، والطب السياحي، وتجارة الرقيق الأبيض، وأفلام البرونو، كما أن طرائق الدعاية للسلع مثل العطور وأدوات المكياج اصبح الجسد فيها عاملا مهما لاستلاب وعي الناس إلى أنماط استهلاكية أكبر من طاقتهم. 
-كيف ترى حركة النقد الأدبي الحالية وهل هي مواكبة لحركة الإبداع المتزايدة؟
الإبداع الأدبي المتزايد اليوم أصبح فوق طاقة أي نقد، ولكن أود أن أشير إلى جيل النقاد في الستينات الذي، على الرغم من هيمنة الأفكار المؤدلجة عليه إلا أنهم شكلوا جيلا حقيقيا يمتاز بالتجاور بين الأكاديمي وغير الأكاديمي، فمثلا: أنورالمعداوي وسيد قطب كانا ناقدين لامعين، ولم يكونا أكاديميين، وكذلك رجاء النقاش وفاروق عبد القادر، وعبد الرحمن أبو عوف، وإبراهيم فتحي وهو ناقد مهم ومثقف كبير وله إلمحات خاصة ومعارضة للشائع في نظريات النقد ومناهجه التي حبس الأكاديميون أنفسهم فيها. وكان هناك نقاد ذوي مزاج إبداعي مثل شكري عياد وعبد الغفار مكاوي. الخلاصة أن التجاور بين المثقف العام والأكاديمي ضرورة كما يقول إدوارد سعيد في ( الدور العام للكتاب والمثقفين)، والتفاعل بينهما فعل ديناميكي للثقافة، لكن في عصرنا هذا لقد انعزل الأكاديميون داخل أسوار الأكاديميات، وأخلصوا للمقولات الجاهزة بلا إبداع، وراحوا يرددون كلمات عن عتبات النص، والراوي العليم، والتناص، وهي مجرد توصيف للنص، بينما النقد قراءة إبداعية موازية للنص، تتشابك مع معارف عديدة مثل الفلسفة وعلم النفس والأنثروبولجي بل والفيزياء الحديثة. في اعتقادي أن المشهد النقدي الآني بائس، وبدأ المبدعون يفقدون الثقة فيه، كما أن النقد الصحفي احتل هذا الفراغ، وكثير من المبدعين يكتفون بكلمتين حلوين في حفلات التوقيع، ويهتمون بالبست سيللر، ويتجاهلون النقاد.


-ناديت بالتجريب في الإبداع، ولكن ألا ترى أن هذه المحاولات تقف وحيدة ولا تنال تقديرها؟
هذا صحيح، الكتابات التجريبية تتعرض للقطيعة والعزلة، لكنها تلقى قدرها عبر التاريخ، صبري موسى عندما كتب "حادثة النصف متر" وكانت شكلا مخالفا لنمط الواقعية الاجتماعية آنذاك التي تتحدث عن الفقراء وأهل الأحياء الشعبية والإقطاع والظلم، واجه اعتراضات في زمنه، ونصحه أحدهم لماذا لا تكتب الرواية ذات الوحدة العضوية؟ لكنه اتجه لكتابة جديدة يشرح فيها التاريخ عبر روايته التي اختزل فيها الزمان والمكان وفجر عبرها الكثير من الأسئلة، فالتجريب يشبه فرق الاستطلاع الموجودة في الجيش والتي ترقب وتحلل ما هو قادم وتسبق الكل. صحيح أن الكتابات التجريبية لا تتمتع بمقرؤية كبيرة، لكن هناك قراء سريون، يهتمون بالكتابات غير التقليدية، فيعد أكثر من عشرين عاما على صدور روايتي فوق الحياة قليلا، جاء أكاديمي سوري يسأل عن كاتبها في مصر
-ما رأيك في فلسفة الجوائز بمصر؟
عندما يمنحونك جائزة فهذا اعتراف منهم أن كتاباتك جيدة وتستحق التقدير، لكن العجيب أن ترى معاييرا غير ذلك، لكن اتكلم عن التربيطات والمساومات مع الأشخاص أو دور النشر فليس لدي دليل عليها، ولكن هناك ظاهرة واضحة، يمنحون المبدع جائزة لأنه مريض، أو لأنه فقير وغلبان، أو هرم ويخشون أن يموت. هذا خطأ، والواقع أن زيادة عدد الجوائز قد تشجع على الإبداع، لكنها أيضا تحولة إلى سلعة، أصبح للجوائز سوق واسع في الوطن، وفيه تجار شاطرين، سواء من الكتاب، أو من المحكمين الذي يتنقلون بين اللجان المختلفة. ثم قد يصبح كاتبا هو الأهم بعد فوزه، رغم وجود أخرين أهم منه، ولكنهم لم يتقدموا للجائزة، هذه أساليب خاطئة تحتاج إلى مراجعة وتصحيح.
-برأيك ما هي أزمة الثقافة الجماهيرية حاليا؟ ولم كل هذه الصراعات الدائرة بينهم؟
الحقيقة مفهوم الثقافة الجماهيرية الآن يحتاج مراجعة، فكرة القدم والسينما والدراما التلفزيونية ومواقع السيوشال ميديا، اصبحت هى مصادر الثقافة الجماهيرية، وما تقدمههيئة قصور الثقافة لن يحظ باهتمام الناس، فقط النخب، لكن هناك مشاكل في أداء هيئة قصور الثقافة استفحلت بعد الثورة، فلا هي طالت الجماهير ولا خدمت النخب. يقال أن لديناحوالي 450 بيت وقصر ثقافة، ولكنها معزولة عن الناس، لأنها لا تقدم لهم ما يريدون مثلا لماذا اختفت نوادي السينما وتركنا الشباب نهبا لسينما رديئة؟ وإذا كان أكثر من تسعين في المائة من ميزانيات الهيئات الثقافية يذهب رواتب للموظين، فكيف يقدمون خدمة لأئقة وعصرية، في وقت أصبحت فيه الثقافة استثمار وتحتاج إنفاق كبير لتحصل على مردود مناسب منها.