الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

سياسة

من "البنا" إلى "بديع".. "الإخوان" تتحايل بـ"كارت المصالحة"

مؤسس الإخوان، حسن
مؤسس الإخوان، حسن البنّا والمرشد محمد بديع
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عمدت جماعة «الإخوان» منذ تأسيسها، عام ١٩٢٨، إلى المراوغة لحفظ وجودها والإبقاء على هيكلها، مهما كلَّفها ذلك من تنازلات عن مبادئ وأسس قامت عليها أصلًا، والعام ١٩٤٨ شاهد على ذلك، إذ وقع فيه ما سُميَّ بأحداث «المحنة الأولى للجماعة»، حين سَعَى مؤسس الإخوان، حسن البنّا، لتسوية الأمور بخطاب تخلى فيه عمن كان يلقبهم بـ«رهبان الليل وفرسان النهار».
وبعد ٧٠ عامًا من «المحنة الأولى»، وفى عهد المرشد الثامن محمد بديع، تجددت الدعوات مرة أخرى لإبرام مصالحة مع الدولة عبر بعض الوسطاء، للترويج لرغبة الجماعة التى لا تريد الإفصاح عنها، لكنها تصدرها عبر منصات إعلامية ووسطاء غير رسميين، منهم الدكتور سعد الدين إبراهيم، مدير مركز «ابن خلدون للدراسات الإنمائية».
وقبل أيام، جدد كمال الهلباوي، الإخوانى المنشق، والمتحدث السابق باسم التنظيم الدولى للإخوان، مبادرته التى طرحها من قبل لإبرام مصالحة بين جماعة «الإخوان» والدولة، من خلال تأسيس مجلس حكماء يجمع شخصيات عربية وعالمية لحل الأزمة التى تمر بها الجماعة.

الخروج من المحنة الأولى
تقرر حل الجماعة بواسطة فهمى النقراشى باشا، رئيس الوزراء المصري، عام ١٩٤٨، عقب تورط أعضاء النظام الخاص فى اغتيال القاضى المصرى أحمد الخازندار، فسارع مؤسس الجماعة حسن البنّا إلى مقابلة رئيس الديوان الملكي، إبراهيم عبدالهادى باشا؛ لطلب إذن بتمكينه من إذاعة بيان أعدّه «البنّا» لإلقائه على «الإخوان» يناشدهم خلاله التزام الهدوء، وأن يتركوا له أمر التفاهم مع الحكومة، الأمر الذى رفضه النقراشى باشا، قائلًا: «إخلاد الإخوان إلى الهدوء والسكينة من شأن الحكومة، وليس من شأن حسن البنّا».
ووثّق مؤرخ الجماعة، محمود عبدالحليم، سَعى «البنّا» للتصالح مع الدولة فى واقعة يغض «الإخوان» الطرف عنها، منذ أربعينيات القرن الماضي؛ إذ قال فى الجزء الثانى من كتابه «الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ» إن البنّا كان دائم الإلحاح على الحكومة فى كل اجتماع على أن تتيح له فرصة الالتقاء بقيادات «الإخوان»، إما بالإفراج عنهم أو بالسماح بزيارتهم فى المعتقل، ليستعين بهم لتهدئة الحال، وكانت الحكومة دائمة الرفض، ثم وافقت فجأة، وأبلغوا «البنّا» قبل اغتياله بأنها ستسمح له بزيارتهم وتسوية الأمور.
وأورد «عبدالحليم» أن المرشد كان مستعدًّا لأن يتعاون مع الحكومة تعاونًا صادقًا، وأصرَّ على زيارة أعضاء مكتب الإرشاد المعتقلين فى السجون المصرية، لسؤالهم عن أماكن الأسلحة التى يملكها «الإخوان».
ولفت إلى أن «البنّا» اضطر إلى كتابة بيانه الشهير «ليسوا إخوانًا وليسوا مسلمين»، للتبرؤ من قتلة «الخازندار»، وتهدئة الوضع مع الملك.

وساطة سعودية لتسوية الأزمة
فى العام ١٩٥٤ اشتد الصراع بين «الإخوان» وثورة ١٩٥٢ التى أنهت النظام الملكى فى مصر، ودأب الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، على إنهاء الصراع الذى أعلنته الجماعة على الثورة، بعد مطالبتهم بتعيين عدد من القيادات فى التشكيل الوزاري، وإلزام «عبدالناصر» بأخذ الرأى منهم فى قراراته، فيما يشبه «المرجع الشرعى».
بعد رفض «عبدالناصر» تدَخّل «الإخوان» فى إدارة شئون الدولة، فأخذوا يروِّجون للثورة باعتبارها «انقلابًا عسكريًّا»، رغم مباركتهم لها فى البداية، فاستدعى الرئيس أحد قيادات الرعيل الأول المدعو محمد فرغلي، للحدِّ من الخلافات القائمة بين أعضاء مجلس الثورة و«الإخوان»، عن طريق وضع ميثاق يحدد علاقة كل طرف بالآخر.

صفقات الإخوان مع «السادات»
شهدت حقبة الرئيس الراحل محمد أنور السادات، اتصالات سرية بينه، قبل توليه السلطة، وبين «الإخوان» بتكليف من جمال عبدالناصر، إذ قال محمود جامع، صديق السادات، فى كتابه «عرفت السادات»، إن الرئيس حاول تحقيق مصالحة تاريخية مع «الإخوان»، وأبلغه بأنه أخبر عبدالناصر بما سيقوم به من اتصالات.
ومع العام الأول لتولى «السادات» رئاسة الجمهورية (١٩٧١)، استعان بـ«الإخوان» لمواجهة الحركة الطلابية الشيوعية المعارضة له، فأفرج عن المرشد الثانى حسن الهضيبى وعدد من القيادات والرموز البارزة فى الجماعة، لمساعدته فى تحجيم العناصر اليسارية التى توغلت فى الجامعات حينئذٍ.
كما جرت تفاهمات مع الجماعة لعدم تصعيد أحد من رجال النظام الخاص (نظام سرى عسكري) لتولى منصب المرشد بعد وفاة «الهضيبي»، وبالفعل تم تنصيب عمر التلمسانى المعروف باعتداله، الذى استطاع إقناع جيل الشباب بالابتعاد عن فكرة العنف، واستبدالها بفكرة تقويض المجتمع المدنى عبر السيطرة الكاملة على مؤسساته، وفى مقدمتها النقابات والأحزاب والبرلمان.