الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

طبول الحرب تدق في "إدلب"

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لبضعة أيام، أنصتت إدلب (شمالى غرب سوريا) لصوت محركات الحافلات، بعضها سلكها طريقًا للخروج من المدينة، وبعضها الآخر كان متجهًا إليها.
الأحد ٦ مايو ٢٠١٨، تعالت أصوات أخرى بخلاف صوت الحافلات، قالت الأبواق الإعلاميَّة التابعة للتنظيمات الإرهابيَّة عنها، إنها لعمليات حفر بدأتها الجماعات المسلحة الموجودة داخل المدينة؛ استعدادًا لأى هجوم قد يشنه الجيش السورى بالتعاون مع الحليف الروسي. وفى حديث إلى شبكة «إباء الإخبارية»، إحدى النوافذ الإعلاميَّة الإرهابيَّة بسوريا، شرح شخص يُدعى «أبومحمد»، وصفته الشبكة بأنه من بين المشاركين فى حفر الخنادق، أسباب إقدامهم على عمليات الحفر؛ إذ قال إنهم واثقون من أن «إدلب والأرياف المحيطة بها ستبقى شوكة فى حلوق الأعداء، وستكون محرقة روسيا وإيران، إذا فكرتا فى الدخول إليها».
قاعدة حميميم الروسيَّة بدورها نشرت السبت الماضي، عبر قناتها على «تليجرام» مهددة: «ستكون مقاطعة إدلب السوريَّة على موعد مع التطهير العسكرى من الإرهاب، فى حال استمر وجود المجموعات المتطرفة المتمثلة بتنظيم جبهة النصرة الإرهابية».
مسلحو إدلب يستبقون النظام بـ«حفر الخنادق»
تبدأ القصة من ٢٣ مارس الماضي، عندما أذاع التليفزيون السورى خبرًا، مفاده أن اتفاقًا تم بمعرفة الطرف الروسى بين النظام السورى والفصائل المسلحة المسيطرة على مناطق جوبر وبلدات عين ترما وزملكا وعربين، ويسمح بمقتضاه للمسلحين وعوائلهم بالانتقال إلى مدينة إدلب القريبة من الحدود التركيَّة السوريَّة، باعتبارها ذات أغلبية سُنِّية، مقابل تسليمهم للمناطق المسيطرين عليها.
منذ ذلك التاريخ، عرفت الحافلات الطريق إلى الشمال الغربى السوري؛ حيث مدينة إدلب لتقل الإرهابيين، إلا أن الوضع تغير نسبيًّا فى نهاية أبريل الماضي؛ إذ توصل النظام السورى -وبرعاية روسية أيضًا- إلى اتفاق جديد مع المسلحين يُفيد بعدم تعرض النظام لعناصر ما يُدعى «هيئة تحرير الشام» (أكبر التكتلات الإرهابيَّة فى المشهد السوري) الموجودين فى مخيم اليرموك (جنوبى دمشق)، والسماح لهم بالانضمام إلى مسلحى إدلب، مقابل السماح بإخراج الأهالى المحاصرين فى البلدتين الشيعيتين بريف إدلب كفريا والفوعة، وإفراج «تحرير الشام» عن مختطفى اشتبرق (أفراد خطفتهم ما كانت تُعرف بـ«جبهة النصرة»، أثناء اقتحامها لاشتبرق قبل ثلاث سنوات).
ورغم نجاح أطراف الاتفاق حتى الآن فى تنفيذ بنوده -إذ بدأت عمليات نقل الإرهابيين وأهالى كفريا والفوعة من وإلى إدلب منذ الأول من مايو الحالي- فإن تخوفات لدى الإرهابيين فى إدلب من أن يكون النظام عازمًا على محاصرتهم فى المدينة الشماليَّة، استعدادًا للقضاء عليهم.
ويدعم هذه التخوفات ما نقلته القناة الرسميَّة لقاعدة حميميم، واشتراطها إخراج أفراد «هيئة تحرير الشام» التى تُسيطر على نحو ٦٠٪ من إدلب، حتى لا تُضرب المدينة.
وفى ظل رائحة الحرب التى تُسيطر على الأجواء، حذرت الأمم المتحدة على لسان مستشارها للشئون الإنسانيَّة فى سوريا، يان إيغلاند، من أى حرب محتملة فى إدلب، بدعوى أن المدينة لا تضم مسلحين إسلامويين فقط، بل يوجد بها أيضًا مدنيون فرُّوا إلى إدلب من محافظات أخرى.
وأوضح فى تصريحات قالها للصحفيين، الخميس ٣ مايو ٢٠١٨، أن أى حرب على المدينة بغرض استهداف المسلحين سيطال بالضرورة المدنيين.
وتابع: «لا يمكن أن تكون لدينا حرب فى إدلب»، مكررًا: «أواصل قول ذلك الآن لروسيا ولإيران ولتركيا وللولايات المتحدة، ولأى طرف قد يكون له تأثير».
وتُعد تركيا طرفًا فاعلًا فى الأزمة بإدلب بحكم القرب الجغرافى؛ إذ أعلنت الحكومة التركيَّة -لأكثر من مرة- أنها تفكر جديًّا فى سبل إعادة اللاجئين السوريين الموجودين لديها إلى بلدهم بسبب التكلفة الماديَّة، وفى حال هجوم النظام السورى وتمكنه من السيطرة على المدينة، فسيكون مصير مَنْ فى إدلب هو الفرار نحو الحدود التركيَّة؛ ما يعنى ارتفاعًا فى أعداد اللاجئين الفارين نحو تركيا.
فى ظل هذه الترجيحات، نقلت الوكالة الرسميَّة التركيَّة «الأناضول» عن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، السبت، قوله: إن إدلب هى المحطة القادمة بعد مدينة عفرين التى سيطرت عليها القوات التركية فى ١٨ مارس ٢٠١٨، ضمن عملية عرفت بـ«غصن الزيتون».
يُشار إلى أن الكثافة السكانيَّة المرتفعة فى مدينة إدلب تزيد من خطورة المشهد، وبحكم عمليات النزوح التى قام بها المدنيون والإرهابيون إلى إدلب، منذ بداية العام الحالي، ارتفع عدد سكان المدينة -وفقًا لتقديرات ميدانية- إلى ٢ مليون نسمة؛ ما يزيد من خطورة نشوب أى حرب، إلا أن ذلك لا ينفى أن المدينة الآن هى آخر معاقل الإرهابيين فى سوريا، وتجميعهم فى مدينة واحدة قد يسهل فعلًا من عملية التخلص منهم.