الأربعاء 08 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

سوريا بين مطرقة إسرائيل وسندان إيران "1"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قبل عدة أيام وجهت إسرائيل عدة ضربات صاروخية قوية على مواقع وقواعد إيرانية فى داخل الأراضى السورية وأزالتها. وتوقع البعض ردًا انتقاميًا سريعًا يثبت ويؤكد جدية إيران فى مواجهتها لإسرائيل. خاصة أن لدى إيران صواريخ تصل لداخل إسرائيل من نوع «نمرود» وموجهة بأشعة الليزر، ولكن ما حدث أن إيران اكتفت بتسريبات هنا وهناك. تتحدث عن التخطيط لشن هجوم صاروخى على شمال إسرائيل حيث ردت إسرائيل على تلك التسريبات بتهديد أن الرئيس السورى بشار الأسد سوف يكون أول مَنْ يدفع الثمن إذا حدث ذلك، حيث جاء ذلك على لسان وزير الطاقة الإسرائيلى يوفال شتاينتز إن إسرائيل قد تنهى حكم الرئيس بشار الأسد إذا سمح لقوات إيرانية باستخدام أراضى سورية لشن هجمات ضد إسرائيل.. وقال: على الأسد أن يعلم أن هذه هى نهايته ونهاية نظامه. 
والمنطق يقول إنه لا يمكن لسوريا المجازفة باحتمالات وقوع حرب فى الوقت الحالى، ولا يمكن أن تنطلق منها الصواريخ الإيرانية، كما أن إيران التى تلقت عدة ضربات إسرائيلية قبل ذلك فى صمت وتجاهل لن تغامر أيضًا بدخول مواجهة عسكرية مع إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية معًا، فالمواجهة مع إسرائيل قد تكون متكافئة فيها خسائر من الطرفين وفيها تضحيات كبيرة، ولكن المواجهة مع الولايات المتحدة الأمريكية فيها نوع من الانتحار لن تُقدم عليه إيران. 
لذلك فكل ما يُثار عن حرب جديدة فى الشرق الأوسط هو نوع من الاجتهادات فالحرب الشاملة مستبعدة لفداحة خسائرها على الجميع لامتلاك كل الأطراف أسلحة قادرة على الوصول لأى مكان رغم وجود منظومة الصواريخ الدفاعية وأقمار التوجيه الصناعية ولن تقع الحرب إلا بحادث عن طريق قرار خاطئ أرعن. يدفع بالجميع إلى أتون المعركة. رغمًا عن إرادتهم. وقد يكون هناك السيناريو المعد لذلك.. وقد تكون هى الحرب المحتملة لإعادة تشكيل واقع جديد فى المنطقة. لم تتضح أبعاده بعد. 
وإذا نظرنا إلى خرائط تقاسم النفوذ الداخلى فى سوريا نجد أن القوتين المؤثرتين الآن على الساحة السورية، بخلاف نظام بشار الأسد وحلفائه من حزب الله، وإيران، وروسيا، هما: 
القوة الأولي، قوات سوريا الديمقراطية الكردية المدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية، والتى باتت تسيطر على مناطق شرق نهر الفرات التى تُشكل نحو ثلث مساحة الأراضى السورية. وترجع أهمية هذه المنطقة إلى أنها تضم نحو ٩٠٪ من إنتاج النفط، إضافة إلى ٤٥٪ من إنتاج الغاز السوري. 
أما القوة الأخرى، فتتمثل فى هيئة تحرير الشام - جبهة النصرة سابقًا - والتى لا تزال تسيطر على ٦٠٪ من مدينة إدلب فى الشمال السوري، وتمكنت من عقد تفاهمات مع بعض القوى الإقليمية، وعلى رأسها تركيا لتجنب الصدام معها، كما أنها لا تزال تستفيد من شبكة التمويل المعقدة للتنظيمات المرتبطة بتنظيم القاعدة، مما أتاح لها القدرة على الاستمرار والتسلح. 
أضف لذلك، فقد تمكنت هيئة تحرير الشام من استغلال المخاوف التركية من القوة الكردية المتنامية فى الشمال السورى وعقدت ما يشبه التفاهم مع تركيا، بحيث سمحت لقوات الاستطلاع التركية باستغلال المناطق الواقعة تحت نفوذها لمراقبة التحركات وأماكن الوجود الكردية، مقابل عدم التضييق على الهيئة أو تحدى سيطرتها على إدلب ومحيطها. 
أما بالنسبة للتنافس بين القوى الدولية، خاصة الولايات المتحدة وروسيا وحلفائها على مناطق تقاسم النفوذ ذات الأهمية الجيوستراتيجية، حيث عمل الجيش الأمريكى على إنشاء عدد من القواعد العسكرية، خاصة فى مدينة عين العرب كوباني، والتى بات يسيطر عليها حلفاء واشنطن، فيما حاولت روسيا وحلفاؤها تقاسم هذه النفوذ من خلال محاولات للسيطرة على شركات النفط وخطوط إنتاجها، وفيما يلى محاور تقاسم النفوذ الدولى داخل سوريا. 
المحور الأول- نظام الأسد وحلفاؤه (إيران، وحزب الله، وروسيا): فمع سيطرة قوات النظام السورى إلى جانب روسيا على الغوطة، يكون هذا المحور قد سيطر على نصف مساحة سوريا، وأكثر من ٦٥٪ من السوريين الباقين فى البلاد وشرايين الطرق الرئيسية والمدن الكبرى بعد استعادة شرق حلب نهاية ٢٠١٦، ووسط حمص فى ٢٠١٤، إضافة إلى مدينتى حماة وتدمر وسط البلاد، ودير الزور على نهر الفرات. لكن الأهم هو تأسيس قاعدتين عسكريتين روسيتين، ونشر منظومة صواريخ إس - ٤٠٠، وتجريب نحو ٢٠٠ سلاح جديد. وفى الوسط السوري، بقى ريف حمص تحت سيطرة فصائل معارضة، ويخضع لاتفاق خفض التصعيد برعاية روسية، وسط أسئلة عن مستقبله مقابل وجود تصميم روسى على السيطرة على شرايين الطرق الرئيسية. 
وظهر هذا التصميم من خلال محاولات روسيا وحلفائها فى تقاسم نفوذ الولايات المتحدة داخل سوريا عبر السيطرة على شركات النفط وخطوط إنتاجها، حيث قصف الطيران الروسى مواقع تابعة لقوات سوريا الديمقراطية، كما هاجم عدد من قوات مجموعة فاجنر الموالية لروسيا حقل كونوكو الذى يُعد أكبر حقل نفطى لحلفاء واشنطن، وهو ردت عليه الأخيرة بقصف مضاد، الأمر الذى يشير إلى استمرار واشنطن للدفاع عن مناطق نفوذ حلفائها شرق نهر الفرات. 
المحور الثاني- الولايات المتحدة وحلفاؤها من قوى المعارضة، ويتضمن الوجود الأمريكى فى سوريا، أربع مناطق أساسية، وهي: المنطقة الأولى فى شرق الفرات، وذلك وفقًا للاستراتيجية الأمريكية التى أعلنها وزير الخارجية السابق ريكس تيلرسون بالبقاء إلى أجل غير مسمى بهذه المنطقة لتحقيق عدد من المصالح، منها منع عودة ظهور مقاتلى تنظيم داعش، وتقليص النفوذ الإيراني، وقطع التواصل بين إيران وحزب الله عبر الحدود السورية - العراقية، والضغط على موسكو ودمشق وطهران لتحقيق انتقال سياسى فى سوريا، وعودة اللاجئين والنازحين، ومنع استخدام السلاح الكيماوي. 
نستكمل الأسبوع القادم بمشيئة الله إن كان فى العمر بقية. 
حفظ الله مصر وشعبها وجيشها.