الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

طاهر أبو فاشا.. العازف بالكلمات

طاهر أبو فاشا
طاهر أبو فاشا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تنوعت أشعاره بين العامية والعربية الفصحى، وتميزت العامية منها ببساطتها ودقة تعبيرها، والفصحى بلغة عربية سليمة وسحر خاص في إبلاغ المواطن الجمالية المختلفة، إنه الشاعر الراحل طاهر أبو فاشا الذي كتب أشعاره العامية في حب بلده دمياط والتي لحنها وغناها "سيد مكاوي"، ومنها: قالوا منين البلد أنا قلت دمياطي / وأبو المعاطي نزيل أرضي ودمياطي / بلد تجلي عليها المنعم العاطي / وأولادها عمال لهم آمال صنايعيــــة / وأسطوات يا ولد ما يحطوهاش واطي.
ولد طاهر أبو فاشا في دمياط في 22 ديسمبر 1908، وتخرج في كلية دار العلوم عام 1939، وبعدها بدأ الانضمام للنوادي والمجالس الأدبية التي كانت منتشرة في مصر في ذلك الوقت، ولطالما أثرت الحياة الأدبية في مصر، ومن بينها ندوة القاياتي والتي تنسب إلى الشاعر المنياوي أحمد القاياتي، وضمت زمرة من كبار المثقفين من الأدباء والشعراء منهم حافظ إبراهيم وعبد العزيز البشري، وكامل كيلاني وزكي مبارك، وكانت مقرًا للحركة الوطنية أثناء الثورة العرابية.
اشتهر طاهر أبو فاشا بنحو 800 حلقة كتبها من "ألف ليلة وليلة"، والتي أذيعت على موجات إذاعة البرنامج العام، ولاقت شهرة وإقبالا جماهيريا منقطع النظير.. وقال أبو فاشا في إحدى حواراته الصحفية عن ألف ليلة وليلة "أن الثمانمائة حلقة التي أذيعت ليست كلها من الكتاب لأن كل ما أخذناه من الكتاب هو 50 إلى 60 حلقة فقط انتهى بعدها الكتاب، وبدأت أنا أصنع حلقات جديدة من خيالي أو أصنعها من الحواديت التي أسمعها من جداتنا وما غير ذلك، أما لماذا لم نستكمل الحلقات إلى ألف ليلة فكان لذلك أسبابه إضافة إلى أننا أردنا إسدال الستار والناس يصفقون على أن نستمر وقد استنفدت الحلقات أغراضها".
أصدر الشاعر 6 دواوين، هي "صورة الشباب، القيثارة السارية، الليالي، دموع لا تجف، الأشواك"، وقال الشاعر الكبير مطران خليل مطران في مقدمته عن أبو فاشا: "هو شاعر لا ريب فيه، ومجدد من طراز الذين لا تعوزهم قوة الديباجة وجمال العبارة"، ومن دواوينه أيضًا "راهب الليل" والذي حوي مجموعة القصائد التي غنتها أم كلثوم في فيلم رابعة العدوية.
ولأبو فاشا عدة كتب أدبية تعد وجبة أدبية ثرية وعالية القيمة، منها "هز القحوف في شرح قصيدة أبى شادوف"، "الذين أدركتهم حُرفة الأدب"، "تحقيق مقامات بيرم التونسي"، "العشق الإلهي".
وفي أدب رحلات كتب "وراء تمثال الحرية"، والذي كتبه أثناء رحلته إلى أمريكا لزيارة ابنته عزة، وكذلك كتابه 20 يومًا في روما.
وله العديد من الكتب ذات الموضوعات مختلفة وبعضها سياسي، ومنها: أيام وأحداث، الجمهورية العربية المتحدة، في معركة المصير العربي، قصة الســـد العالـــي، الجلاء مــن الألف إلى الياء، قصة ميناء دمياط".
وبعد وفاة زوجته نازلي المهدي عام 1979 عانى حزنًا شديدًا، وحاول التغلب عليه باستكمال إصدار دواوينه حتى كان ديوان "دموع لا تجف" عام 1987، والذي أهداه إلى ورح زوجته، وعبر فيه عن مدى الحزن والألم الذي ظل مسيطرًا عليه بعد فراقها ومن أشعار رثائها التي كتبها في هذا الديوان قصيدة بعنوان الكأس، مطلعها: 
قلت للكأس والليالي غريمي 
أين يا كأس كــرمتي ونعيمــي
جمعَ الليلُ شاربيــــها فمـا لي
لا أرى بين شاربيــها نديــمي
كما سيطر عليه شديد الألم بعد وفاة ابنه الأكبر فيصل بفترة قصيرة من وفاة زوجته ومن رثائه له:
كم ذا ألاقي من الأيـــــام يا ولـدي
ولا أراك إذا يومـــــــــــــًا مددتُ يدي
خوفي عليكَ وخوفي منك يملؤني رعبــا 
من اليوم موصولًا برعْبِ غدي
هذا الذي كنتُ أرجوه ليحمــــلَني
فصرت أحملهُ شيــــخا بلا جَـــــــــــلَدِ
ومما قاله من أشعار وصف فيها حاله قبل رحيله:
غال الزمان زماني ثم خلفني.. لعبرة الدهر تبكيني وتضحكني
تناكدتني أيامي على كبر.. وأنكرتني الليالي وهي تعرفني
وزاد من وحشة الدنيا وقسوتها.. فقد الذين هم أهلي وسكني
يا طول ليلي وقد نام الظلام به.. وأستيقظ الألم الطاغي وأرقني.
وتوفي طاهر أبو فاشا في مثل هذا اليوم 12 مايو من عام 1989 عن عمر ناهز 81 عامًا بعد معاناة الأسى والوحشة بعد رحيل زوجته وابنه الأكبر، لتعود ابنته المهاجرة إلى أمريكا "عزة" لتراه، وأودعته إلى مثواه الأخير.