الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

108 أعوام على إنشاء أول كنيسة لـ"الملكيين" في مصر الجديدة

 صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
108 أعوام هو عمر كنيسة الروم الكاثوليك بمصر الجديدة، والتى تم تدشينها فى 18 يونيو 1913، بيد البطريرك كيرلس الثامن جحا، بطريرك انطاكيا والإسكندرية للروم الكاثوليك، الكنيسة تم بناؤها لتستوعب وجود الأسر من أبناء الطائفة، بعد بناء منطقة مصر الجديدة على يد البارون أمبان، على مساحة 1226 مترًا مربعًا، وتم شراؤها بـ1226 جنيهًا، بواقع قرش صاغ لكل متر وربع.
يتزين مدخل الكنيسة بعمودين من الرخام، أحداهما البارون أمبان إلى الكنيسة أثناء إنشائها، كما يوضع الصليب ويوجد بداخل الكنيسة، وتحديدًا فى الهيكل الجنوبى صورة المسيح، الذى صلى أمامه البابا يوحنا بولس الثانى خلال زيارته إلى مصر عام 2000.
تم تجديد الكنيسة عدة مرات بعد تعرضها للتصدع، غير أنها حافظت على الشكل المعمارى الفريد الذى صممها أحد أبناء الطائفة من المهندسين المعروفين، والذى درس الهندسة فى أحد المعاهد الهندسية بباريس، ليعود ويشارك فى بناء الكنيسة، والمشاركة فى بناء منطقة مصر الجديدة.
وقال الأب رفيق جريش، راعى كنيسة القديس كيرلس للروم الملكيين الكاثوليك، لقد أنعم الله على أن أعين راعيًا لرعية القديس كيرلس بمصر الجديدة فى مايو ١٩٩٤، بعد أن كنت راعيًا لكنيسة سيدة البشارة بشبرا مدة سنتين، مستطردًا: فى البداية شعرت برهبة الموقف لأن هذه الرعية معروفة بتميزها، من خلال رعاتها العظام، والذين مكثوا مددًا طويلة فى خدمتهم، وكان لهم عليها فضل كبير منهم الأب كناكرى والأب سركيس النجار، وأيضًا أبناء الرعية لمحبتهم وغيرتهم الروحية على كنيستهم، فضلًا عن مستواهم العلمى والثقافى الاجتماعى المرتفع. 
وأضاف: فى قلب مصر الجديدة شيد أجدادنا كنيستنا، وكان لهم بعد نظر، فبرغم من أن المدينة كانت جديدة، ولم يسكنها إلا عدد قليل، فإنهم عقدوا العزم على بناء كنيسة لتكون كنيسة المستقبل، وقد كان لهم لتكون أول كنيسة مكرسة للصلاة فى مصر الجديدة، وتكون على اسم القديس كيرلس، هذا القديس العظيم بطل مجمع أفسس ٤٣١، وأيضًا تيمنًا بالبطريرك كيرلس جحا وهدية له فى يوبيلية الأسقفى.
وأضاف، منذ مائة عام ارتبطت الأجيال ببعضها رغم مواجهة العديد من الصعوبات، منها الهجرة والتأميم والحربان العالميتان الأولى والثانية وحروب ٤٨، و٦٧، و٧٣، كما شهدت تغيرات اجتماعية وسياسية خلال هذه الفترة، ورغم ذلك ظلت الكنيسة حاضرة وصامدة فى المجتمع، ونعمل على خدمة مجتمعنا المصرى دون تمييز لنساهم فى دعم مسيرة التقدم، مشيرًا إلى أن الكنيسة تضم حوالى مائتى عائلة بالمنطقة كلها شباب وأطفال، فشبابنا هم من سوف يقودون مسيرة جديدة فى مئوية جديدة ليكون خير خلف لكنيستنا.
1913 احتفل البطريرك بتدشين الكنيسة.. 2000 استقر الصليب فى حديقة الكنيسة 
بدأ توافد العائلات للسكن فى مدينة «رع» إله الشمس، والتى أصبحت مصر الجديدة بعد أن قام البارون أمبان، والذى لاحظ أن مدينة القاهرة تنتهى حاضرتها بمنطقة العباسية، والتى كانت تكتظ بالسكان، فكان الحلم بإنشاء مدينة مصر الجديدة «هليوبوليس»، وفى ١٩٠٥ وقع البارون عقد امتياز مع الحكومة المصرية لبناء هذه المدينة، وخصصت الحكومة مساحة ٥٩٥٢ فدانًا بواحات عين شمس بسعر جنيه واحد للفدان، وقد تمت إضافة مساحة جديدة قدرها ١١٨٩٩، وقد تم تصميم البناء على الطراز العربى وإنشاء قصر نوبار باشا والبارون أمبان وكنيسة البازليك وجامع جمال الدين الأفغانى.
وقد بلغ عد العائلات الذين يتبعون كنيسة الروم الكاثوليك، فى عام ١٩٢١ نحو ١٢٩ عائلة، ويأتى فى المركز الثالث بعد تجمع أبناء الطائفة فى شبرا والفجالة، ولذلك بدأ التفكير فى بناء كنيسة بمصر الجديدة، حيث أصدر النائب البطريركى طلبًا للبدء فى بناء الكنيسة، بالتزامن من الاحتفال باليوبيل الأسقفى الفضى للبطريرك كيرلس جحا الثامن. وعلى مساحة ١٦٢٢ مترًا مربعًا تم بناء الكنيسة على الأرض التى تم شراؤها، وتم تسجيل الأرض فى يونيو ١٩١١، وقد قام بتصميم طراز الكنيسة أبناء الطائفة المهندس حبيب عيروط، خريج معاهد باريس الهندسية، وشيدت الكنيسة بطول ٣١ مترًا، وفى مقدمتها أعمدة من الرخام كان هدية من البارون أمبان، وبلغ صحن الكنيسة ١١ مترًا عرضًا و١٦ مترًا ونصف المتر طولًا. 
وفى صباح الأحد ١٩١٣ احتفل البطريرك بتدشين الكنيسة، وفى نهاية العشرينات تضررت الكنيسة، لأن المعمار كان حتى ذلك الوقت على الرمال وطمى النيل، وتصدعت الكنيسة فتم تشكيل لجنة، وتم تصليح الأضرار والتى تكلفت وقتها ٦٠٠ جنيه، وذلك فى عام ١٩٣٠، كما تم ادخال الكهرباء فى الكنيسة.
وفى ١٩٩٢ بعد الزلزال، تضررت الكنيسة، وتم ترميمها مرة أخرى، وعقب اختيار الأب رفيق جريش فى اللجنة العليا لزيارة يوحنا بولس الثانى فى ٢٠ فبراير ٢٠٠٠ استقر الصليب الذى كان يعلو الهيكل الذى صلى أمامه البابا فى حديقة الكنيسة، ووضعت عليه أيقونة البابا يوحنا بولس السادس، وكما تم وضع الصورة التى صلى أمامها البابا فى الهيكل الجنوبى من الكنيسة، وبناء مغارتين الأولى للقديسة ريتا وللعذراء.
حبيب عيروط.. مهندس الكنيسة
تعود أصول عائلة عيروط إلى مدينة حلب، وأول سجل لهم فى الكنيسة عام ١٧٦٠، وذلك فى سجل الزواج للآباء الفرنسيسكان بالموسكى لفتاة دعيت لوسيا عيروط، وفى بداية القرن التاسع عشر فى مذكرات كتبها الراهب المارونى انطوان مارون عن خدمته فى مدينة دمياط، ذكر فى تعداده لأبناء الرعية الكاثوليكية عدة أسماء من هذه العائلة، أهمها جبرائيل عيوط قنصل النمسا فى دمياط ١٨٠٩ وأخوه جرجس عيروط شريكة فى التجارة وقنصل إنجلترا فى نفس المدينة، كما كان لطفى عيروط، أحد رواد حركة الاستقلال، من خلال جريدته التى أنشأها عام ١٩٢٥، وأطلق عليها الاستقلال المصرى.
درس حبيب فى مدارس الفرير بالقاهرة وانطلق إلى باريس ١٩٠٠، حيث نال شهادة من كلية الطرق والكبارى وعاد للقاهرة، حيث عمل فى مصلحة السكة الحديد، ومنها انتقل إلى مجال التشييد والعمارة مع البارون أمبان فى إطلاق مشروع مصر الجديدة تميزت عمارته بالفن والإطالة وظهر ذلك على ما تركه من تحف معمارية، وقد أسس أبناؤه بعد ذلك شركة أهم أعمالها كنيسة سانت فاتيما.
مكاريوس سابا
ولد فى حلب ١٨٧٣ والتحق بالإكليركية بعين تراز عام ١٨٨٦ ورسم كاهنًا ١٨٩٨، ورسم مطرانًا ونائبًا على القطر المصرى عام ١٩٠٣، وشغل منصبه ١٦ عاما، وبعدها تم نقله إلى إيبارشية حلب، وتوفى فى عام ١٩٤٣. كانت له اليد الكبرى فى تدشين كنيسة القديس كيرلس، واشترى من ماله الخاص أرضًا فى الزيتون لبناء كنيسة عليها، وساهم فى التفاوض مع راهبات البيزنسون لفتح مدرسة للبنات فى حى السكاكينى، كما افتتح عام ١٩١٦ مدرسة هليوبوليس للصغار، كما اهتم بوضع نظام داخلى للطائفة وتفعيله.