الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

دراسة أكاديمية تكشف: "الصحافة الغربية" تدعم الإرهاب

 الدكتور شريف درويش
الدكتور شريف درويش اللبان رئيس وحدة الدراسات الإعلامية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
السيف والقنبلة والجلباب واللحية رموز الإسلام السياسى فى «الكاريكاتير الغربى»

استمرارا لسياسة التعاون بين جريدة «البوابة نيوز» والمركز العربي للبحوث والدراسات ننشر اليوم دراسة للدكتور شريف درويش اللبان رئيس وحدة الدراسات الإعلامية بالمركز العربى للبحوث والدراسات.

ناقشت كلية الإعلام جامعة القاهرة رسالة دكتوراه للباحثة إكرام محمود سيد عبدالرازق المدرس المساعد بالمعهد العالى للإعلام وفنون الاتصال بعنوان «صورة الإسلام السياسى فى مصر فى الصحافة الغربية قبل ثورة ٣٠ يونيو وبعدها: دراسة تطبيقية على الصحافتين الأمريكية والبريطانية».
وطرحت الدراسة عددا من التساؤلات المهمة منها: فى أى إطار تقدم الصحف الأمريكية والبريطانية صورة الإسلام السياسى قبل ثورة الثلاثين من يونيو وبعدها؟ وما مدى استيعابها لمجريات الأحداث بعد ما سُمى عام حُكم الجماعة حتى بعد عام من تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى حكم مصر؟ وكيف تحدد هذه العلاقة بين استخدام وسائل الإعلام لهذه الدول كنافذة لنقل الصورة والعوامل المؤثرة فيها؟.
وسعت الدراسة إلى تحقيق هدف رئيسى وهو التعرف على الصورة المقدمة للإسلام السياسى فى مصر فى الفترة من الثلاثين من يونيو ٢٠١٢ حتى الثلاثين من يونيو ٢٠١٥ فى كلٍ من الصحف البريطانية والأمريكية طبقًا لمدارس تحليل الخطاب اللغوى والسيميولوجى والثقافى.

وشملت عينة الدراسة عددًا من الصحف الأمريكية (واشنطن بوست– نيويورك بوست– تايم)، وعددًا من الصحف البريطانية (ديلى تليجراف– جارديان– إيكونوميست). 
الإطار العام لصورة الإسلام السياسي
وكشفت نتائج الدراسة أن صورة الإسلام السياسى فى مصر جاءت فى إطار من الصراع، بمعنى أن القضايا التى ثارت حولها صورة الإسلام السياسى فى مصر جاءت فى إطار من الديمقراطية تارة، والاحتجاجات والعنف المتبادل بين مؤيدين ومعارضين لوجود الإسلام السياسى وخصوصًا جماعة «الإخوان» تارةً أخري، وبين رؤى دولية أمريكية وبريطانية داعمة لجماعة «الإخوان» ودعم شرعية الرئيس المعزول محمد مرسى ضمن أبعاد دولية عملت على تحسين استراتيجياتها تجاه مصر بوضع جماعة «الإخوان» كمنظمة إرهابية بعد أن دعمتها فى بادئ الأمر، وبعد أن رأت أن من مصالحها الأمنية دعم مصر فى مكافحاتها للإرهاب بعد أن اتضح لكلٍ من الإدارتيْن الأمريكية والبريطانية أن هجمات الإرهاب الراديكالى التى يشهدها الشارع الأوروبى خلال السنوات الثلاث الماضية يجب أن يتم التعامل معها بالقوة، وهذا ما عكسته السياسة التحريرية للصحف عينة الدراسة والتى تأثرت فى تناولها لصورة الإسلام السياسى فى مصر بصانع القرار السياسى فى دولها الحاكمة لها.

قضايا تناولتها الدراسة 
وأكدت نتائج الدراسة أن القضايا المطروحة بالصحف عينة الدراسة عن الإسلام السياسى فى مصر جاءت بما يتلاءم مع توافق سياسى وثقافة اجتماعية ورؤى سياسية وسياسة تحريرية من خلال رصدها لأجندة الموضوعات المطروحة بصحافتها واتجاهاتها إزاء الواقع الفعلى للإسلام السياسى فى مصر؛ وبذلك يمكن القول إن للصحافة الغربية الأمريكية والبريطانية عينة الدراسة دورٌ كبير فى نقل صورة الإسلام السياسى على نحو ما كشفت عنه المعايير الدولية والتحريرية.
الإسلام السياسى فى مدارس التحليل اللغوى:
كما اتفقت نتائج الدراسة مع ما أكده فردينان دى سوسير، على أن اللغة بوصفها صانعة ومؤثرة ومتأثرة بالظروف الخارجية التى تحيط بها، من خلال تراكيب ووحدات عبر جوانب تأويل الخطاب المقدم من خلاله صورة الإسلام السياسى فى مصر، فقد استخدمت الصحافة الغربية الأمريكية والبريطانية عينة الدراسة الاستعارات، كما استخدمت مسارات البرهنة كالبرهنة الهجومية واللغوية المنطقية فى دلالة على أن الخطاب المصاحب لصورة الإسلام السياسى فى مصر قد استخدم جماليات اللغة من استعارات ومسارات برهنة للتدليل والتأويل طبقًا لسياسة تحريرية اتبعتها الصحف عينة الدراسة.
خاصة وأن النظام اللغوى ما هو إلا نظام ذو معانٍ فى ضوء علاقات متبادلة بين الدال والمدلول، وهذا ما اتفقت معه نتائج هذه الدراسة بأن الصحف عينة الدراسة قد استخدمت دلالات وإيحاءات تضع صورة الإسلام السياسى فى مصر إيجابيةً تارةً وسلبيةً تارةً أخري. 
مما سبق تتشكل الآليات المحددة للخطاب المصاحب لصورة الإسلام السياسى ومخاوف تأثيره طبقًا لتصنيف فوكو فيما يلي: إجراءات خارجية تأتى فى إطار المنع المرتبط بموضوعات سياسية مرتبطة بالسلطة أو تقديم خطابات وهمية غير حقيقية وهذا ما فعلته الصحافة البريطانية عينة الدراسة بتقديمها صورة مغايرة عن الإسلام السياسى فى مصر، وخصوصًا صحيفة «الجارديان» البريطانية، حيث قدمت خطاباتها طبقًا لثقافة معينة.
إجراءات الاستخدام والتوظيف التى شملت المنظور الدلالى للخطابات المصاحبة لصورة الإسلام السياسى فى مصر بصحف عينة الدراسة.
وأشارت نتائج الدراسة إلى أن بعض رسوم الدراسة الكاريكاتيرية جمعت فى أفكارها صورًا رمزية شملها الرسم الكاريكاتيرى الواحد حول العنف، والإرهاب، والسيف والجلباب، واللحية، و«الإخوان»، والانتخابات، وعلاقة «الإخوان» بالمؤسسة العسكرية وثورات الربيع العربي.
واتفقت نتائج الدراسة مع تأكيد مفهوم الصورة عند «ريجيس دوبري» بأن لها قوة ساحرة ومؤثرة على مشاهديها وصانعيها؛ لما لها من تأثير على الرأى العام، وتوجيهه أو تضليله؛ لأنها وسيلة فعالة ومؤثرة فى التحول الذهني، حيث إنها تستخدم لتثبيت وتكريس واقع معين، أو من أجل التمرد على واقع مكرس؛ فالعصر الذى نعيشه الآن أصبحت فيه السيادة للصورة التى يتم استهلاكها من الآخر لخلق صورة مضادة؛ لذلك فإن هناك ارتباطا وثيق الصلة بين توظيف الصحافة للصورة وبين رصدها لصورة الإسلام السياسى فى إطار بث رسائل للقراء بصورة فعالة ومؤثرة وسريعة ومقنعة فى ضوء جذب الانتباه وإثارة الاهتمام لدى القارئ، فالصورة تخفف من ثقل المادة التحريرية وتضفى عنصر الصدق على المادة التحريرية المقدمة. 
وأشارت نتائج الدراسة إلى البعد الرمزى لرسوم الكاريكاتير فى إطار تأويل الصورة كما يعرفها دوبرى بأن للصورة علامة تمثل خاصية كونها قابلة للتأويل، فالصورة ترتبط بعنصر دال ومدلول ومؤول وفق منظور خاص من المتلقي، وهذا ما أشارت إليه نتائج الدراسة باستخدام بعض الرموز الدالة على الإسلام واتجاهات الغرب منه، ويرتبط هذا النسق بخصائص الصورة ضمن تدليل وتأويل يفسر قراءة الصورة ودلالاتها بطريقة محددة سلفًا لدى ثقافة منتجها وصانعها.

المدرسة الثقافية لتحليل صورة الإسلام السياسي: 
واتفقت نتائج الدراسة مع ما أشار إليه «فيركلاو» Fariclough و«جوفمان» Goffman حول تحليل الجوانب الموجهة نحو استقبال الجمهور للقصة، والتى يتم فيها التعبير عن التوتر بين الطبيعة العامة للناتج الإعلامى والظروف الخاصة لاستقبال الإعلام، فى ظل تفاعلات معقدة يلعب الإعلام فيها دورًا بارزًا، على الجانب الآخر نجد أن أبعاد السلطة المتحكمة فى إنتاج الأشكال الصحفية ومواد الرأى ورسوم الكاريكاتير تتوقف على الأبعاد الثقافية الإيحائية والتقريرية، واتفقت نتائج الدراسة مع أن الخلفية الثقافية للمجتمعين البريطانى والأمريكى حول مفهوم الإسلام السياسى جاءت فى إطار الإرهاب والعنف والصراع السياسى وارتباطه بالحفاظ على السياسة الأمنية.
تفسير نتائج الدراسة فى ضوء نتائجها
وتشير نتائج الدراسة إلى أن معايير السياسة الدولية والتحريرية أثرت على طبيعة تناول القضايا حول صورة الإسلام السياسى فى مصر قبل وبعد ثورة الثلاثين من يونيو بالصحافة الأمريكية عينة الدراسة وللقضايا الأخرى بنسبة ٦٥.٦٪ والتى شملت (الإرهاب – الإسلام الراديكالى – إعادة هيكلة العلاقات مع مصر بعد ثورة الثلاثين من يونيو – إسقاط مرسي) مقابل نسبة ٣٥٪ ممثلة للقضايا الأخرى فى الصحافة البريطانية ممثلة فى (قمع جماعة الإخوان– رؤية الغرب للرئيس الأسبق محمد مرسى وعلاقته بالخارج – فرض أيديولوجية الإخوان– المصالح السياسية الأمريكية والتعامل مع الإخوان قبل وبعد الثلاثين من يونيو – أخطاء مرسى – محاربة الإسلام الراديكالى – معاناة الإخوان بعد ثورة ٣٠ يونيو). 
وتعاطف الصحافة البريطانية مع جماعة «الإخوان» لأنها قدمتها كإرهابيين بنسبة ٢١٪ بالصحافة البريطانية، مقابل ٩.٥٪ للصحافة الأمريكية فقط، وقدمت صورة الإسلام السياسى فى مصر فى إطار ارتباطه بدور القوات المسلحة فى الحياة السياسية بنسبة ١٤٪ بالصحافة البريطانية، مقابل ١٢.٥٪ بالصحافة الأمريكية. ويرجع هذا إلى الصورة السلبية التى اعتمدت عليها الصحافة البريطانية فى تقديمها لصورة الإسلام السياسى فى مصر، كما أنها ركزت على ردور الفعل الدولية المتعاطفة مع جماعة «الإخوان».
انعكاس السياسة التحريرية على طبيعة المضامين المقدمة عن الإسلام السياسى فى مصر:
مارست الأنظمة الدولية الغربية الأمريكية والبريطانية تأثيرًا على الرؤى التحريرية للمؤسسات الصحفية عينة الدراسة فى تناولها لصورة الإسلام السياسى فى مصر، حيث قدمت رؤية مؤيدة للإسلام السياسى فى مصر بنسبة ٥٤٪ بالصحافة البريطانية، مقابل ١٢٪ بالصحافة الأمريكية، تليها رؤية معارضة للإسلام السياسى فى مصر بنسبة ٤١٪ بالصحافة الأمريكية، مقابل ٢٨٪ بالصحافة البريطانية.
كما قدمت رؤية متوازنة بنسبة ٤٧٪ بالصحافة الأمريكية، مقابل ١٨٪ بالصحافة البريطانية؛ حيث ركزت الصحافة البريطانية على أعمال مواجهة ارهاب جماعة «الإخوان» فى مصر لإثارة الرأى العام العالمى ضد الدولة المصرية، وذلك بهدف التعاطف مع جماعة «الإخوان».
الشفرات المستخدمة لوصف صورة الإسلام السياسى فى رسوم الكاريكاتير:
وأكدت نتائج الدراسة أن بعض رسوم الدراسة الكاريكاتيرية جمعت فى أفكارها صورًا رمزية كدلالة على أن الإسلام يرمز إليه فى إطار من العنف والإرهاب، وهو رمز للسيف والقنبلة والجلباب واللحية، وحول موضوع الدراسة الحالية شملت بعض الرسوم رموزًا لها علاقة بالانتخابات و»الإخوان» فى مصر، وتولى الإسلام السياسى سُدَة الحكم، ومطاردة الجيش له.
فالصحافة البريطانية اشتملت على الرمز للعنف والإرهاب فى مجلة «الإيكونوميست» وصحيفة «الجارديان» بنسبة ٧٪ لكلٍ منهما، تليهما كل من صحيفة «الديلى تليجراف» البريطانية ومجلة «التايم» الأمريكية بنسبة ٣.٥٪ لكلٍ منهما. فيما تساوت كل الصحف الأمريكية والبريطانية عينة الدراسة فى عدم استخدامها للصورتين الرمزيتين السيف والقنبلة.
أما استخدام رمز «الجلباب» فجاء فى المركز الأول فى مجلة «الإيكونوميست» البريطانية بنسبة ٧٪، تليها كلٌ من مجلة «التايم» الأمريكية وصحيفتا «الجارديان» و«الديلى تليجراف» البريطانيتان بنسبة ٣.٥٪ لكلٍ منهما، فيما اتفق كلٌ من مجلتى «التايم» الأمريكية و«الإيكونوميست» البريطانية فى نسبة ٧٪ لرمز «اللحية» تليهما صحيفة «الجارديان» البريطانية بنسبة ٤٪.
الاستعارات المستخدمة
أشارت نتائج الدراسة إلى أن الصحافة الأمريكية والبريطانية عينة الدراسة استخدمت استعارات بنسبة ٥٩.٥٪ بالصحافة الأمريكية، مقابل ٤٠.٥٪ بالصحافة البريطانية؛ وذلك لتوضيح وتيسير المعنى المراد توضيحه ضمن إيحاءات عقلية تعمل فى إطار شبكات من المعانى عن صورة الإسلام السياسي.
وخَلُصَت الدراسة إلى أن الإعلام الغربى لديه منهجية فى التعامل مع تيار الإسلام السياسى بصفةٍ خاصة والإسلام والمسلمين بصفةٍ عامة، ويكمن الغرض من هذه المنهجية فى إعادة ترتيب أوضاع المنطقة العربية طبقًا لإيديولوجيات يتحكم فيها الصراع، ويصنع صورًا ذهنية مقصودة فى عيون الغرب حول الإسلام والمسلمين فى إطار مرتكزات الأصولية الإسلامية والإسلام الراديكالي، وهذا ما يؤثر على رمزية الصورة المقدمة عن الإسلام السياسى فى الصحافة الغربية البريطانية والأمريكية وصناعة القرار السياسي.