الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

الأوراق المبعثرة بعد قرار واشنطن الانسحاب من الاتفاق النووي

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أعلن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، أمس، انسحابه من الاتفاق النووى الإيراني، الذى تم إبرامه فى ٢٠١٥، بين طهران والمجموعة الدولية (٥+١)، لكونه «اتفاقًا كارثيًا»، وأشار إلى إعادة العقوبات الأمريكية؛ محذرًا الدول من مساعدة طهران فى طموحها النووي، من إمكانية تعرضها لعقوبات من قبل واشنطن، فى إشارة غير مباشرة لردع حلفاء طهران من مساعداتها سرًا.
وفى هذا الإطار؛ أوضحت وزارة الخزانة الأمريكية، أن العقوبات المتعلقة بالعقود القديمة فى طهران، ستسرى بعيدًا عن قرار «ترامب»، خلال فترة انتقالية من ٩٠ إلى ١٨٠ يومًا. كما أبدى مستشار الأمن القومي، جون بولتون، استعداد بلاده لإعادة التفاوض بشكل موسع مع طهران. 
قرار «ترامب» وحلفاء «طهران»
أثار القرار الأمريكى حالةً من الاستياء الدولي، فقد عبرت موسكو عن موقفها، معلنةً فى بيان رسمي، من قبل وزارة الخارجية، شعورها بخيبة أمل لانسحاب واشنطن من الاتفاق النووى الإيراني، من جانب واحد، وإطاحة «ترامب» بكافة الالتزامات الخاصة بخطة العمل المشتركة، ضاربًا كافة الأعراف والمواثيق الدولية عرض الحائط.
فيما أعربت الصين عن أسفها عن القرار، داعيةً الأطراف المعنية بالتحلى بالمسئولية، لأن القرار من شأنه إثارة الصراعات الداخلية فى الشرق الوسط؛ موضحةً أنها ستحمى الاتفاق، وفقًا لما أفاد به المتحدث باسم الخارجية الصينية. 
وعارض حلفاء طهران الموقف الأمريكى بشدة، لأنه سيساهم فى خلق ساحة جديدة من الصراع فى مناطق النفوذ، بين القوى الدولية والإقليمية، علاوة على أن عودة العقوبات الأمريكية سينعكس بشكل سلبي، على العلاقات الاقتصادية، والتعاون العسكرى بين طهران وحلفائها.
وهنا لابد من توضيح نقطة مهمة، وهى أن الموقف الروسى من البرنامج النووى الإيرانى يأتى فى سياق تقنين البرنامج حتى لا يخرج عن السيطرة، فمازالت موسكو تتعامل مع طهران كحليف عبر سياسة الاحتواء، كما أنها غير داعم لامتلاكها أسلحة دمار شامل قد تضر بمصالحها فى المنطقة.
فعلى الرغم من التوافق حول بعض الملفات المثارة على الساحة الدولية إلا أن الجانبين متنافسين على مناطق النفوذ فى سوريا تحديدًا التى تمثل نقطة ارتكاز تواجدهم الدائم فى الشرق الأوسط.
أوروبا.. بين التنديد وإعادة التفاوض
توافق الموقف الأوروبى بشكل كبير حول رفض القرار الأمريكى أُحادى الجانب، حيث أعلنت كلٌ من فرنسا وألمانيا وبريطانيا، فى بيان مشترك، التزامهم باستمرار تنفيذ الاتفاق النووى الإيراني، رغم إعلان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، انسحاب بلاده منه، لضمان استمرار الفوائد الاقتصادية المرتبطة بالاتفاق للشعب الإيراني، فى سياق رفع العقوبات؛ مطالبين إيران بالوفاء ببنود الاتفاق.
وأعرب الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، عن إصراره على العمل المشترك، فى إطار أوسع يشمل البرنامج النووي، ومرحلة ما بعد ٢٠٢٥، والاستقرار فى الشرق الأوسط؛ موضحًا أن النظام الدولى لمكافحة الانتشار، فى مهب الريح بعد هذا القرار.
فيما أشارت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغريني، إلى تمسك الاتحاد الأوروبى بالاتفاق النووي؛ لأنه استطاع ردع الطموح النووى الإيراني؛ ووصفته بأنه من أكبر نجاحات الدبلوماسية الدولية.
ويكمن الموقف الأوروبي، فى الرغبة فى كبح نشاط طهران النووى والصاروخي، كما يحمل ملامح مواجهة تلوح فى الأفق بين الغرب وواشنطن، تحديدًا بعد التحذيرات المتكررة للشركات الأوروبية العاملة فى طهران، من تعرضها لعقوبات من قبل واشنطن بعد قرار الانسحاب. 
دعم إقليمى ومخاوف تركية
أثار قرار «ترامب» حالة من التناقض فى المحيط الإقليمى لطهران، فقد عبرت بعض القوى الإقليمية عن ترحيبها بالقرار لإعادة فرض العقوبات الاقتصادية على طهران، التى سبق أن تم تعليقها بموجب الاتفاق. جاءت فى مقدمة هذه الدول، القوى الخليجية (المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة، ومملكة البحرين)، حيث أعلنت كل دولة منها، فى بيان رسمي، تضامنها مع القرار الأمريكي.
وقالت هذه القوى الخليجية، إن طهران استغلت قرار رفع العقوبات، فى إثارة الفوضى وعدم الاستقرار، داخل المنطقة العربية، بما يمثل تهديدًا مباشرًا للأمن القومى الخليجي، الذى يعتبر جزءا لا يتجزأ عن الأمن القومى العربي. وبالفعل تزايدت نشاطات إيران التخريبية فى الآونة الأخيرة، فضلًا عن دعمها للميليشيات المسلحة فى المنطقة مثل «الحوثيين»، فى اليمن لحماية مصالحها، وطموحاتها التوسعية، فى منطقة الخليج العربي.
يحمل الترحيب الخليجى فى طياته، الرغبة فى إعادة التفاوض مرة ثانية مع طهران، ليس فقط فيما يتعلق بالبرنامج النووي، ولكن يشمل كافة السياسات العدائية بما فيها دعم التنظيمات المسلحة، وأعمالها التخريبية فى المنطقة، علاوة على تدخلاتها فى الشأن الداخلى العربي–(لبنان، سوريا، اليمن، العراق). لذا حثت القوى الخليجية، المجتمع الدولي، على الاستجابة والتفاعل مع الموقف الأمريكي، للمساهمة فى إخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، بما يعزز الأمن والاستقرار الإقليمى والدولي.
على صعيد آخر؛ أيد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، القرار الأمريكي، باعتباره قرارًا شجاعًا وصحيحًا، واصفًا الاتفاق بالكارثة للسلام والأمن العالمي. ويجسد الموقف الإسرائيلى الرغبة الكامنة فى مواجهة النفوذ الإيراني، فى منطقة الشرق الأوسط، الذى مثل تهديدًا مباشرًا لمصالح «تل أبيب»، علاوةً على التصعيد المستمر، من قبل طهران فى سوريا باستهدافها.