الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

سياسة

تراجع نتائج "تيار المستقبل" تجبر زعيمه على الاتفاق مع "حزب الله" لتشكيل الحكومة

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بعد يوم انتخابى طويل، جرت خلاله أول انتخابات برلمانية فى لبنان منذ تسع سنوات، استفاق اللبنانيون على نتائج شبه نهائية للتصويت، من شأنها أن ترسم خريطة جديدة للتحالفات داخل البرلمان اللبنانى الجديد، وإن كانت لا تقلب المشهد السياسى فى هذا البلد، فى ظل التوازنات الطائفية المشكّلة لنظامه السياسي.
الانتخابات البرلمانية، التى جرت للمرّة الأولى منذ ٩ سنوات باعتماد صيغة معدلة للنظام النسبي، من خلال ما يسمى «الصوت التفضيلي» والتقسيم الطائفى للمقاعد الانتخابية، جاءت نتائجها بعكس ما أراد عرابو القانون الانتخابى الجديد، لا سيما «تيار المستقبل» الذى يتزعمه رئيس الوزراء سعد الحريري، والذى تكبد خسارة كبيرة فى العاصمة بيروت، و«التيار الوطنى الحر» المسيحي، الذراع السياسية للعهد الرئاسي، والذى يتزعمه وزير الخارجية جبران باسيل، زوج ابنة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذى أسس «التيار البرتقالي» وقاده حتى انتخابه رئيسًا للبلاد فى أكتوبر ٢٠١٦.
فى المقابل، فإن «حزب الله»، كان الرابح الأكبر فى هذه الانتخابات، إلى جانب «حركة أمل»، المنضوية معه فى تحالف تاريخي، بعدما ثبتت اللائحة المشتركة لهذا الثنائى مواقعها الانتخابية فى الدوائر التى تشكّل معقلًا لها، وتعد خزّانها البشري، فى جنوب لبنان والبقاع، وإيصال ممثلين له فى العاصمة بيروت، وعدد من حلفائه فى دوائر أخرى، حتى إن البعض فى لبنان وصف النتيجة الانتخابية التى حققها بـ«٧ أيار البرلماني»، فى إشارة إلى أحداث السابع من أيار/ مايو عام ٢٠٠٨، حين تحرّك «حزب الله» عسكريًا ضد خصومه، لا سيما «تيار المستقبل»، فى بيروت وعدد من المناطق اللبنانية، فى واحدة من أخطر الأحداث الميدانية عنفًا منذ انتهاء الحرب الأهلية فى لبنان عام ١٩٩٠.
وشارك أقل من نصف الناخبين المسجلين فى لبنان فى عملية الاقتراع التى جرت للمرة الأولى بموجب قانون جديد يقوم على النظام النسبي، ما دفع القوى السياسية إلى تحالفات غير تقليدية جمعت حتى بين الخصوم.
وأعلن وزير الداخلية نهاد المشنوق أن «نسبة المشاركة بلغت ٤٩.٢٠٪، مقارنة مع ٥٤٪ العام ٢٠٠٩»، معتبرًا أن «عملية الانتخاب كانت بطيئة جدًا» نتيجة القانون الجديد بعد عقود اعتمد فيها لبنان النظام الأكثري، وبلغ عدد الناخبين المسجلين الذين يحق لهم الاقتراع أكثر من ٣.٧ مليون شخص، وتنافس ٥٩٧ مرشحًا بينهم ٨٦ امرأة، للوصول إلى البرلمان الموزع مناصفة بين المسيحيين والمسلمين فى البلد الصغير ذى التركيبة الطائفية الهشة.
ولم يلب إقبال المواطنين طموحات الأحزاب السياسية، وهو ما ساهم فى اهتزاز المشهد الانتخابى لدى مختلف القوى السياسية الكبرى، فى ما عدا تحالف «حزب الله وحركة أمل»، الذين تمكنا من حشد الناخبين.
وفى العموم، وبحسب النتائج شبه النهائية غير الرسمية، تراجعت حصة «تيار المستقبل» فى الانتخابات الحالية، من ٣٦ نائبًا فى برلمان عام ٢٠٠٩، إلى ٢٠ نائبًا فى البرلمان الجديد، ومع ذلك، فقد احتفظ التيار الأزرق بموقعه كأكبر كتلة ممثلة للطائفة السنية فى لبنان، ما يؤهل زعيمه سعد الحريرى إلى تشكيل الحكومة اللبنانية مجددًا، وهو ما تجمع عليه الأطراف السياسية المختلفة فى البلاد.
الحزب التقدمى الاشتراكى والقوى الأخرى، حافظت على كتلته النيابية بعد فوز معظم مرشحيه فى مختلف الدوائر برئاسة النائب وليد جنبلاط، كما فاز حزب القوات اللبنانية الذى يرأسه سمير جعجع، الذى استطاع أن ينجح بشكل ملحوظ من خلال الفوز بـ١٥ مقعدًا، وهذا تقريبًا مضاعف عن كتلته فى السابق، كما عزز تيار المردة برئاسة الوزير السابق سليمان فرنجية حضوره وحصد مع حلفائه ٤ مقاعد.
ومع بدء ولاية المجلس النيابى الجديد، وبعد اكتمال هيئة مكتبه تدخل حكومة سعد الحريرى فى مرحلة تصريف الأعمال، وستتبدّى مفاعيل هذه الانتخابات والقانون النسبى الهجين الذى جرت على أساسه، خلال الأسبوعين المقبلين، الفاصلَين عن نهاية ولاية المجلس النيابى الحالى فى ٢٠ مايو، حيث سيكون المجلس الجديد فى هذا التاريخ على موعد مع انتخاب رئيسه والذى بات شبه محسوم تمتع «نبيه برّي» زعيم حركة أمل بأوفر حظ للعودة على حصان أبيض إلى منصب رئيس البرلمان الذى يشغله منذ العام ١٩٩٢م.
وتشهد الحالة الداخلية اللبنانية مزيدًا من الحضور القوى للتيارات الشيعية فى ظل تراجع ملحوظ للقدرة الحزبية المناهضة لها، وهو ما سوف يلقى الضوء على دوائر لبنان الداخلية والخارجية، وإعادة رسم خريطة تحالفات جدية تفصح عنها النتائج الحالية.