الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

الأنبا مكسيموس مطران القليوبية الناسك المُطيع

أثناسيوس جورج
أثناسيوس جورج
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى ذكرى نياحته الـ26، نذكر الأنبا مكسيموس، مطران القليوبية الراحل، فقد كان خادمًا وشاهدًا بعلمه وبساطته فى آنٍ واحد، متقنًا للغات، أستاذًا وعالمًا للغة القبطية من علامات مدرسة الرهبان فى حلوان، وهو أيضًا المرشح البطريركى بعد نياحة البابا يوساب الثاني، وقد حصل على أعلى أصوات الناخبين، لكنه وفى هذه جميعًا كان الراهب الفقير والناسك المطيع طاعة الأطفال، والمتزين بلباس الإسكيم والجهاد ضد بأس أدوات مظاهر وأُبهة رئيس هذا العالم.
تمنطق بالأوريم والتميم على صدره كرئيس كهنة، ليعرف أنوار إرادة الله وحنانه وتدابير كمالاته، ملاكًا من قِبَل الله، يرشد ويقود ويبنى ويدشن، لا بذراعه ومشوراته البشرية بل ببرهان القدرة والنعمة الإلهية التى حملته، وأعطته مهابة ووقار لدى جميع الذين عرفوه.
وسيطًا بالاتضاع والدِعَة وغسل الأرجل. بالأوريم والتميم، حاملًا المسيح له المجد على ساعديه ذبيحة حية عنا، وفيه تحققت خدمة بر الكهنوت، وأسقفية الصلاح والإحسان، ومطرانية المساكين بالروح. وقد مسح مسيحنا هامته بزيت الابتهاج، وجعل وجهه مشرقًا بنعمة الفرح ليكون صورته وأيقونة مثاله فى جيلنا. رابحًا للنفوس ولما أعطى له من وزنات منذ أن اختاره الرهبان ليكون وكيلاً لديره بالعذراء المحرق (١٩٥٢)؛ كذلك عندما اختير أمينًا لمكتبة البطريركية بالقاهرة؛ ثم اختيار البابا يوساب الثانى (١١٥) له ليكون سكرتيرًا روحيًا؛ حتى صار أول كاهن قبطى فى دولة الكويت ؛ معمرًا للمواضع التى شغلها؛ رافعًا قلبه إلى السماء. حسبما كان يردد قائلًا: (أنا طالع القلاية اللى فوق)؛ قاصدًا أعتاب الملكوت والمظال الأبدية. 
اتسم بسمة الانحجاب الواعى الذى هو سمة القديسين، فعندما صارت أزمة الدولة التى عينت آنذاك اللجنة الخماسية لتقوم بدور الأب البطريرك - المتنيح البابا شنودة الثالث - هرب من الفخاخ قائلًا: «اسمه كرسى مارمرقس مش دكة مارمرقس»، وهذه هى فطنة القديسين ووفائهم للتقليد الأصيل، لا يصيح ولا يسمع أحد فى الشوارع صوته، رمزًا للوحدانية والكمال. 
رافق البابا كيرلس السادس، منذ أن كان راهبًا، وكان خير سند عند تعمير دير مارمينا، مؤازرًا للأنبا مينا آفا مينا الذى اتخذه هو أيضًا أخًا وأبًا وعضدًا ومدبرًا لمسيرة الرهبان السبعة الأُوَل فى برية مريوط. حتى صار اسمه معادلًا لهذا الموكب الظافر. أسقفًا للرسامات وللتدشين ولتدريس اللغة القبطية، ثم داعمًا ومحبًا للبابا الراحل شنودة الثالث الذى أحبه حبًا جمًا، وسامه بيده الرسولية مطرانًا للقليوبية ومركز قويسنا.
منحه الآب السماوى شفافية تُعيد إلى الأذهان صورة الأولين، لذا سَرَت روحانيته بتلقائية عجيبة فى أوساط المؤمنين الذين كانوا يلتمسون بركته، فيجدوه ساكنًا هادئًا وناظرًا لهم نظرة الآب السماوى. وبينما هو خادم لكرسى القليوبية، إلا أننا فى الإسكندرية عرفناه أسقفًا للسيامات الكهنوتية وللتكريس ولتدشين الكنائس والبيع الطاهرة التى كان يكلفه بها البابا انبا كيرلس السادس، كذلك كان كاهنًا لكنيسة الملاك ميخائيل (بمنطقة غربال)عند تأسيسها فى البدايات عندما كان القمص أنجيلوس المحرقي. وظل حاضرًا بمواظبة فى السيامات الرهبانية والتذكارات لدير مارمينا بمريوط، حاملًا ترس الاتضاع وحبور الفرح، راكضًا ليرضى من جنده، مرتفعًا بسمو فضيلته وبذله لا بامتياز رتبته ووظيفته الكهنوتية. 
لقد عمل أعمالاً كثيرة فسمنت نفسه المجتهدة، هاربًا من أهواء الفضول كسفر مفتوح يشع صدق عشرة القدوس، جالسًا وسط أبنائه ليقرأ الإنجيل معهم بهذيذ، مرددًا كتاب الإبصلمودية الذى حفظه عن ظهر قلب، ومعلمًا للغة القبطية فى مجالسه التى حولها وكأنها على مثال الكتاتيب القبطية القديمة.